صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عود على القيادة
دراسة القضية

د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه


بسم الله الرحمن الرحيم


المرأة رقم كبير في المجتمع، فعدد سكان المملكة حوالى العشرين مليونا وزيادة، نصفهم من الإناث، وإذا استبعدنا الكبيرات والصغيرات، فالنسبة التقديرية لمن هن في سن القيادة، يمكن أن يصل إلى الخمس؛ أي حوالى 2 مليونا.
وهذا رقم كبير، وأي قرار بشأنه فهو مصيري وخطير في الوقت نفسه، فلا يجوز أن يتأسس على مجرد مطالبات من بعض الصحفيين أو غيرهم، أو رغبة جامحة من مجموعة من النساء والرجال.
إنما على دراسات في الجانب الشرعي، ينظر فيه في آراء المانعين والمؤيدين ويرجح بينهما بطريقة شرعية صحيحة، وهذه النظرة الشرعية لن تكمل وتصح إلا بدراسات مفصلة معمقة مختصة بما له صلة بموضوع القيادة، مثل الجانب والأثر الأخلاقي والسلوكي، والنفسي، والاجتماعي الأسري، ثم الاقتصادي، والأمني، والمروري، وكل هذه لها تعلق.
مع أهمية أن يلحق بها دراسة أثر قيادة المرأة في الدول المجاورة (= دول الخليج العربي)، المتفقة في الدين واللغة والثقافة والعادات والتقاليد. وكذلك الدول العربية والإسلامية، حتى الدول الغربية المتقدمة في هذا المجال؛ لمعرفة مدى التأثير الإيجابي أو السلبي لأي قرار متعلق بهذا الشأن، يقوم بها مختصون بإمكانات كاملة؛ لتعطي الدراسات نتائجها وافية كاملة.
ثم بعد ذلك تبنى النتيجة على ما غلب، وهذه قاعدة شرعية عقلية، فالحكم بالمنع أو الإباحة لا يبنى على مجرد وجود المفسدة أو المضرة، فكل شيء فيه ما ينفع وما يضر، بل بغلبة أحدهما، فإن غلب المضرة فالمنع، وإلا فالإباحة، وقد قال تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعها}. فتحريمهما إنما حصل لأجل غلبة المضرة والإثم عليهما.
باستعمال هذه الطريقة المنهجية العلمية، يمكن الوصول إلى نتيجة صالحة مبيحة أو مانعة للقيادة، وبدونها وبتجاوزها، سنقفز إلى المجهول المظلم، حيث لا ندري أين سنضع أقدامنا ؟!.
وبحد علمي لم تحصل – إلى حد الآن – دراسة من هذا النوع، وهي جديرة، منعا لمشكلات ستكون عصية على الحل، كما سنرى.
 

نظرة أولية

فالنظرة الأولية تنبيء عن نتائج كارثية، فما يتحدث به أهل البلاد المجاورة وغيرها من أخبار غير سارة بسبب قيادة المرأة، أمر مريع وشنيع، يستحق الالتفاتة، وهي تدخل تضمن دائرة الاعتبار والاتعاظ، بحسب المصطلح القرآني، وفي دائرة الاستفادة من تجارب الآخرين، بحسب المصطلح العرفي الدارج.
فإذا استحضرنا كون القيادة سبب لوجود المرأة وحدها؛ فمشكلات التحرش بالمرأة والاغتصاب كثيرة جدا، أعجزت المحاكم والشُرَط عن تتبعها والحكم فيها، ففي أمريكا وحدها، تغتصب 78 امرأة كل ساعة، كان ذلك في قبل بضع سنوات، أما الأخبار الجديدة فتقول: امرأة كل ثانيتين.
وفي مصر أجرى المركز المصري لحقوق المرأة في العام 2009 تحت عنوان: "غيوم في سماء مصر"، استطلاعا بين 1100 فتاة مصرية وغير مصرية، وجد أن نحو 83% من النساء تعرض للتحرش، و98% الأجنبيات. وقد اشتهر في الآونة الأخيرة التحرش الجماعي بمصر، حتى إن صحيفة الجادريان البريطانية، دعت إلى الفصل بين الجنسين، كما نقلت ذلك صحيفة الشروق المصرية. 
وقد كشفت نهاد أبو القمصان رئيسة الجمعية المصرية لحقوق المرأة عن مشروع قانون لمواجهة عمليات التحرش.  [أمان- المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة. الانترنت].
كل ذلك بسبب وجود المرأة في الشوارع وحدها. ولا شك أن السماح بالقيادة، سيوفر الظروف للمرأة لأن تتواجد وحدها في الطرقات بكثرة؛ إذ وجود المركبة يسهل ويزيد من خروجها من البيت.
وتلك الأحوال وإن كانت في بلاد أخرى، إلا أن إعجاب الرجل بالمرأة، ورغبته وميله إليها، أو الغريزة الجنسية، قاسم مشترك بين جنس الإنسان، فكل تجربة للمرأة في خروجها، واختلاطها، وسفورها وتبرجها، صالحة لأن يقاس على نتائجها، مهما اختلفت البلاد والأديان.
لأجله صحت الاستفادة من تجارب الآخرين، قربوا أم بعدوا في مجال قيادة المرأة، مع الحاجة إلى دراسات خاصة، تراعي حالنا، باعتبارنا نمثل الحرمين الشريفين، ونحن أهله، بما أكرم الله تعالى من احتضان هذين البلدين المعظمين، فعلى أهله من الحمل والأمانة ما ليس على غيرهم، فما كان مستحبا أو واجبا في حق غيرهم، فهو في حقهم أشد، وما كان مكروها أو محرما فهو في حقهم أشد، وهذا مما لا يختلف عليه أحد عنده علم وعقل.
عندما تقود، ستخرج من بيتها وحيدة، وذلك يعني أنها معرضة للتحرش والأذى، ولسنا بدعا من الأمر، ونحن نرى من ذلك ما يندى له الجبين، مما استطار خبره، وفي إحصائيات الهيئة للعام الفائت بلغ عدد قضايا النساء ما يزيد على 200ألف، ما بين خلوة وتحرش وغير ذلك.
والمطالبون يسلطون الضوء على نقطة واحدة في القيادة، هو قضاء الحوائج، لكن ما يحدث لها من حين تخرج حتى تعود، هذا مغفل عنه في حديثهم، فالمرأة إذا كانت وحدها، فهي معرضة لصنوف المشكلات، عند الإشارة، ومحطة الوقود، وحين التوقف، والتعطل، والمخالفة المرورية، وسجلات الشرط في الدول المجاورة مليئة وطافحة بمثل هذا النوع المشكلات، التي يعجز عن ملاحقتها القضاء والمحاكم ومراكز الشرطة؛ لحصولها الدائم والمستمر والكثير.
هذا بفرض ما لو كان عاقلة فاهمة عفة، لكن المراهقات شأنهن عظيم، حركاتهن غير محسوبة، ومن غير تقدير لعواقب الأمور، قد تنساق إلى ما لا يحمد، فتقع فريسة لنظرة معجبة، وإذا كنا قد نعجز مع المراهق حينا، فالفتاة المراهقة لن تكون حينئذ أحسن تقديرا للعواقب من المراهق.
نعم الفاسدة، لا تحتاج في فسادها إلى قيادة، لكن القيادة تفتح لفساد عريض، بسبب واحد هو: أن الفتاة أو المرأة ستكون وحيدة. وهي فرصة لكل زائغ مريض، فإما أن يزين ويغري الفتاة ويخدعها بالكلمة والابتسامة، فإن كانت صلبة واعية، فلا أقل من أن يؤذيها بالتحرش، أو حتى بالاغتصاب، فلم نوفر البيئة الخصبة لمثل هذه الحالات، ونحن عاجزون – بحسب ما نرى –  عن حماية المرأة.
ثم إن سياقة المرأة سيزيد من العبء المروري، فالسعودية أكثر دول العالم اقتناءا للسيارات، في الرياض وحدها كل  ألف (1000) يملك (350) مركبات، بينما في بريطانيا (306)، وقد تضاعفت أعداد المركبات منذ عام 1391- 1413هـ 38 ضعفا. [مبررات منع المرأة من قيادة المركبات].
فالحل في النقل العام، وهو أسلوب حضاري مدني، تعمل به دول متقدمة، ففي أوربا 40 % من الوسائل نقل عام، لكن في الرياض لا يتجاوز 7 %.  وقد جاء في توصيات الندوة العلمية الأربعين في الرياض في 1417هـ، وشاركت فيها ثلاث عشرة دولة: "ضرورة التوسع في وسائل النقل الجماعية".
والدعوة للقيادة ناعمة، لكن القيادة نفسها قاسية، مهما بدت المركبات مرفهة، فالطرق محفوفة بالخطر، وضحايا الحوادث في المملكة يوميا ما يزيد على عشرين نفسا تموت، وفي العام أكثر من 7 آلاف ضحية، دع عنك المعاقين والمكسرين والمرضى، والخسائر الفادحة في الآليات والأموال، فياليت شعري كيف هو الحال، لو قادت المرأة وهي الأقل خبرة ودراية بمهارة القيادة والطرق ؟.
المرأة لم تخلق للقيادة، وفطرتها وخلقتها ونفسها غير مهيئة لذلك، ووجود نساء أتقن هذه المهارة، هو كوجود نساء مصارعات أو رافعات أثقال، أو غير ذلك، هو استثناء وليس بأصل، فجنس النساء غير قادرات على حمل هذا العبء، وليس من العلمية بناء النتائج على الحالات الاستثنائية والفردية، ومن فعل ذلك فقد أبطل كل القواعد والأصول والأسس، لصالح الفروع والاستثناءات.
في دراسة بريطانية على مجموعة من السائقات، توصلت إلى 58% منهن يتوفين قبل الأربعين، و60% يصبن أمراض نفسية، قال الدراسة: "إن قيادة المرأة للسيارة لا تليق ولا تتناسب معها". [مبررات منع المرأة من قيادة المركبات – عدنان باحارث].
ذلك لأن المرأة تعاني من الدورة الشهرية وتبعاتها، تنخفض فيها حالتها الصحية، فتصاب الصداع والاضطراب وفقدان التركيز في حاسة السمع والبصر خصوصا، وهما أهم أداتين في القيادة، كل ذلك بسبب النزيف، وهذا يحدث معها كل شهر، وهو مؤثر سلبا في القيادة.
والمطالبون يتحدثون عن ضوابط للقيادة، لمعرفتهم بالسلبيات، لكن التجربة أثبتت أن الضوابط متلاشية عبر الأيام، كما حدث في البحرين وقطر وغيرهما، بل حدث عدوان على الحجاب نفسه؛ إذ ضيق على المحجبات المنقبات بالمنع من القيادة، وأجبرن على الكشف.
فمن الضوابط المذكورة: القيادة في النهار، وفي داخل المدن، غير أن في دراسة محلية في المملكة، كشفت أن 79% من حوادث السير تحدث داخل المدينة، و 65 %  في النهار، و65 % منها وقعت بمركبات صغيرة الحجم.
وبعد: فهذه نظرة أولية تكشف لنا جوانب غير محمودة في قيادة المرأة، فالدراسات المتعمقة المختصة مهمة لاستكمال الوقوف على حقيقة ما يمكن أن يكون حال قيادتها.

مطالبون بلا مقدمات.

لا بد أن نقول بأن المطالبين بالقيادة، سلكوا في طلبهم طرقا غير منطقية ولا معقولة، فأخطئوا في أمور أخطاء جسيمة، فبالنظر إلى مبرراتهم يتضح جليا أنهم لم يبنوا مطالبهم على تخطيط صحيح ودراسة علمية، بل مجرد رغبات، ومسايرة للعالم، ومحاكاة لواقع جديد، وتقدير شخصي، دون النظر في العواقب والسلبيات، التي يجب أن لا تمر على حريص على هذه البلاد وخيراتها، ونسائها ورجالها.
فاستدلوا على صحة القيادة بما ليس دليلا صالحا، فقالوا:
أولا: لا نص يمنع من القيادة.!!.
ابتغوا آية أو سنة فيها تحريم القيادة باللفظ، وفي حال عدم وجودها، فمباح إذن.
وهذا تنطع وتعجيز بلا عقل؛ ومن يقول به مغالط أو جاهل، فهذا الدخان أطبق الناس على تحريمه، ولا دليل على تحريمه نصا، إنما حرم بالقياس على الانتحار. وكذلك قيادة الطفل للسيارة، وتجاوز الإشارات الحمراء، يُطْبِقُ الناس على المنع منه؛ لما يدركون من خطره، مع أنه لا نص يمنع منه.
إن المحرم قد يكون بالنص كالانتحار، وقد يكون بالقياس كشرب الدخان، حيث يفضي إلى الهلاك، كما أن المحرم منه ما هو لذاته؛ أي لمعنى في نفسه، كالانتحار. ومنه ما هو لغيره؛ أي لأنه يفضي إلى محرم، كقطع الإشارات والسرعة الزائدة؛ لأنه يؤدي إلى التلف البدني والمالي.
فالمنع من القيادة جاء من طريق شرعي صحيح، هو أنها محرمة لغيرها، لما تفضي إليه من محرمات، فمن كان معترضا، فليعترض في كونها تفضي إلى محرم، هنا يمكن أن يناقش ويجادل. أما زعمه أن التحريم لا يكون إلا بنص، فهذا يخرجه عن دائرة العلم والمعرفة.
وإن مما استدلوا به أيضا، قولهم: إن النساء في عهد النبوة وبعدها، كن يقدن الدواب.
وهذه مغالطة تاريخية كبرى، وخلط بين الركوب والقيادة، فهن كن يركبن، كما يركب النساء اليوم، إما على الظهور، أو في الهودج، أما القيادة فلا يعرف أن النساء كن يردن الأسواق ومجامع الرجال يقدن الخيل، إن كان شيء من هذا، ففي الفيافي حيث لا مجامع ولا رجال، كما يحدث الآن. وهذه عائشة رضي الله عنها لما أرادت الاعتمار، أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر، فأردفها وراءه على الدابة، ولم تكن تقودها، ومثل هذا كثير.
فهذه الاستدلالات تضعف موقف المطالبين؛ ليظهروا بمظهر المتلاعب بالتاريخ، والجاهل بطريقة بناء الأحكام. والأحسن أن يتمسكوا بما هو منطقي ومعقول من الأدلة في هذه القضية، كالقول: إن الأصل فيها الإباحة. ثم لهم أن ينازعوا في كونها محرمة لغيرها؛ أي كونها تفضي إلى محرمات، حينها تكون الدراسات ونتائجها حكما فيصلا بين المختلفين المانعين والمؤيدين.
حينئذ يكون الكلام علميا، يستحق البحث والنظر والمدارسة، لكنهم للأسف ما فعلوا هكذا.

ثانيا: مما استدلوا به، مما فيه استعانة بالحكم الشرعي: أن قيادتها خير من خلوتها بالسائق.
وخطأ هذا الاستدلال: تصويره المانعين قابلين لهذه الخلوة بديلا. وهذا تلبيس؛ إذ إنهم هم من حارب الخلوة، وأصدروا فيها فتاوى عديدة، وقد طرحوا حلولا بديلة، مثل قيام وليها بذلك، فإن لم يمكن، فالحل في تيسير وتسهيل وسائل نقل عامة، وغير ذلك.

ثالثا: ومن أدلتهم: أن في قيادتها استغناء عن السائقين، مما يوفر على الاقتصاد أموالا كثيرة.

وهذا كلام عار من الصحة، لم يصدر عن دراسة، فإن بنظرة حسابية بسيطة يتبين أن الخسارة الاقتصادية بالقيادة أكبر، فالسائق يكلف نحوا من 30 ألف ريال في السنة، لكن سيارة واحدة تكلف 60 ألف، بزيادة تكاليف الصيانة وقطع الغيار، دع عنك إصلاح التلفيات، هذا في حال اكتفاء العائلة بسيارة واحدة، هذا مع الحاجة إلى إنشاء مرور نسائي بكامل متعلقاته، من مقار ووظائف نسائية، وتكاليف ذلك أكثر من بكثير من السائق. فأين التوفير ؟.
ثم لو فرض أن ذلك سيكلف الاقتصاد، وقد تحققنا ضرر القيادة على المرأة، فالمرأة أعز علينا من المال.
وأما أن في قيادتها استغناءا عنه السائقين، فهو ظنون وأوهام، فهاهي دول الخليج مليئة بالسائقين.

رابعا: مما استدلوا به: أن القيادة من حاجة المرأة.

فإن قصدوا كل امرأة، فهذا لا يصح، فهنالك قطاع كبير لا يحتاج، لو لم يكن إلا الممانعات، ونساء الممانعين. مع اليقين أن غيرهن كذلك ممانعات، وأي استفتاء في هذا يظهر النتيجة الصحيحة. وقد أظهر استفتاء أجراه الحرس الوطني: أن 88% من النساء يرفضن القيادة.[1][1]
وإن قصدوا بعض النساء، حينئذ لم تعد المشكلة عامة، تستدعي هذا الضجيج.
ثم إنهم استبعدوا خيارات أخرى، كالنقل العام الميسر، وتحكموا بحل واحد لا غير.
كل هذه المطالب لم تكن منطقية، ولذا لم ينجح المطالبون بإقناع المجتمع، ولن ينجحوا في هذه المهمة، إلا باستعمالهم ما هو صحيح عقلا وشرعا، ربما نجحوا بوسائل ضغط، لكن ليس من طريق الإقناع.

منطلق القيادة
الحقيقة أن منطلق المطالبة: إيمان المطالبين بالمساواة المطلقة بين الجنسين. فليست القيادة إلا مطلب واحد، والغاية الوصول إلى نفي التمييز بالكامل، بالخروج والعمل، والمشاركة الكاملة المختلطة.
وفكرة المساواة المطلقة مضللة للغاية، ظاهرها الرحمة، وباطنها من قبله العذاب، تنضح بالعدوان والظلم؛ فالمساواة المطلقة في الحقوق عدل، بشرط المساواة في الواجبات، وإلا فظلم، والمرأة والرجل كلاهما ليسا بمتساويين في كافة الواجبات، فإن عليها الأمومة والحضانة دونه والرعاية، وعليه النفقة والسعي والحماية دونها، فكيف يساوى بينهما في الحقوق المتعلقة بهذه الواجبات ؟..
والقيادة من حقوق السعي والنفقة، الساعي المنفق لا بد له من قيادة حتى يحقق الواجب عليه، وبما أن المرأة ليس عليها ذلك، فليس من حقها إذن المساواة معه، إلا فيما اتفقا فيه، فتحملا واجبا واحدا، وفرق بين أن يكون حقا، حرمانها منه إثم، وأن يكون مباحا، فالقول إن القيادة مباحة في حقها، أقرب إلى المعقول، لكن تبقى نتائج الدراسات المقررة منفعتها من مضرتها، هي الحكم والفيصل.

فإذا قيل: إن المرأة اليوم عاملة، تسعى وتنفق، فالقيادة إذن من حقها.
فالجواب:
إن سعيها ونفقتها خلاف التشريع الإلهي، فلم يطلب إليها ذلك إلا تطوعا، وبشرط آخر هو: ألا يتسبب في تخليها عن وظيفتها الأولى التي اختصت بها؛ الأمومة والحضانة والقيام بشئون البيت. فإن فقد الشرطان – وهذا ما حصل - فهو خطأ يجب أن يعالج بالإصلاح، لا بالتأكيد والإصرار، وهذا ما يحصل حين يقنن لها القيادة، ويفتح لها الباب.
إن عملها كالرجل حمّلها عملا آخر خارج البيت، والقيادة ستعمق هذا الخطأ؛ إذ ستضيف عملا جديدا إلى عملها الإضافي، هو القيادة؛ فإذا ما قننت قيادة المرأة، فذلك يعني مزيدا من التخلي عن المسئولية من قبل الرجل، ونحن نشهد اليوم رجالا عاطلين، ينفق عليهم الزوجات والبنات، غير أنهن مكفيات من سوى ذلك، لكن مع القيادة سيوكل إليهن مهام الذهاب والإياب إلى العمل، وقضاء حوائج البيت والأولاد وسائر ذلك، حينئذ سيكون قيامها بكل هذا ضرب لازم، كما صار عملها وإنفاقها ضرب لازم، وسترون ذلك.
وليس بالضرورة أن تنزل هذه النتيجة المأساوية بكل امرأة تعمل وتقود، لكن وجودها كظاهرة نسمع عنها ونقرأ كل حين، يدل على أنها من المشكلات المستعصية التي ستواجه قطاعا كبيرا من النساء حين يقدن المركبات، فهذا نتائج دراسات أولية، ومع الدراسة المتعمقة ستتضح الحقائق كما هي.
مسكينة هي المرأة؛ باتت تشقى والرجل إلى مزيد من الراحة والمتعة، حملت عنه وشاركته في السعي والنفقة، ثم الآن ستحمل عنه القيادة، وما يتبعها من قضاء الحاجيات، فالمرأة ستقوم بمهام الرجل، كمجتمع المفترسات، فاللبوات تقوم بكل شيء، بالحمل والحضانة والرعاية والحماية، والصيد والإطعام، ثم تأتي الأسود لتأكل من الوليمة أولا، وتستأخر اللبوات، حتى يقضي الأسد نهمته من صيد لم يشارك فيه.



-----------------------------------
[1] - في دراسة ميدانية نشرت نتائجها صحيفة (الجزيرة) في عددها رقم (د12337)، وقام بها جهاز الإرشاد والتوجيه في الحرس الوطني على عينة عشوائية من النساء السعوديات وعبر عدد من المتخصصين، شملت مختلف الأعمار والفئات، أوضحت الدراسة أن 88% من النساء يرفضن قيادة المرأة للسيارة، و 92% يرفضن سفر المرأة إلى الخارج للدراسة من دون محرم، و90% منهن يرفضن العمل المختلط بالرجال الأجانب في المجمعات السكنية والفنادق ونحو ذلك، وحول ظلم المرأة كشفت الدراسة أن قطاعات كثيرة من النساء لا ترى ثمة فرقاً بينها وبين الرجال في نسبة احتمالات التعرض للظلم.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.لطف الله خوجة
  • محمد صلى الله عليه وسلم
  • المرأة
  • التصوف
  • الرقاق
  • الآخر
  • معالجة
  • وصية
  • قطرة من الروح
  • الصفحة الرئيسية