اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/mashal/93.htm?print_it=1

حدث في رمضان (2)

د.مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
@Malfala7i


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد
بينما أنا أتجوّل في أحاديث الصيام استوقفتني هذه القصة : بعثت أم الفضل بنت الحارث كُريب من المدينة إلى معاوية بالشام لحاجة لها فاستهل عليه رمضان وهو في الشام فرأى الهلال ليلة الجمعة ثم قدم المدينة في آخر الشهر فسأله ابن عباس رضي الله تعالى عنه متى رأيتم الهلال ؟ فقال له : ليلة الجمعة فقال ابن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه . فقال له كريب : أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . ما استوقفني في هذه القصة كلمة هذا العلم المثير في رحاب العلم ابن عباس وهو يجيب على تساؤل كريب رضي الله تعالى عن الجميع ( هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وما حاجة الأمة اليوم إلى شيء حاجتها إلى روح هذا الوحي وتمثّل كلمة هذا الحَبْر : (هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ماذا لو كانت الأمة اليوم تتحرّك بكافة أفرادها ومسؤولياتها وأنظمتها من خلال هذا المعنى ( هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وقد قال الإمام مالك رحمه الله كلمته الشهيرة ( لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ) ولم يعد خافياً اليوم تلك المحاولات التي يرقق فيها دين الله تعالى باسم الفقه والتيسير وفهم الواقع ومسايرة العصر وهي في ذات الوقت مدافعة لمفهوم تلك الكلمة المتينة في الواقع .ما دفعني لذلك القول ما رأيته في أوساط ثلة من الأخيار الذين لم يعد الواحد منهم يتحرّج من الأخذ من لحيته حتى لم يبق لها سوى صورة ، ومد ثوبه حتى جاوز به الكعب ، ولم تعد الموسيقى عنده ذات شأن ، وتوسّع في بيعات الربا بحجة فتيا لا واقع لها . ورقق الحجاب في أوساط نسائنا حتى بات لثمة تستر جزءاً من وجهها فحسب ، وكل ما كان بالأمس محظوراً عاد لا بأس به ، وفيه خلاف ، والمسألة فيها قولان . وإذا كان هذا في شأن المتمثلين للدين في الأصل فما الشأن في غيرهم ! وما سقته هنا مجرد أمثلة ونصوصها الشرعية في غاية الصحة ومع ذلك طالتها أيدي التأويل وتسويغ المخالفة ووجود الأعذار الكافية لإزاحة معانيها ويمكن مد هذه الصور إلى أكثر من نص شرعي .

متى يارفاق تجري هذه الشريعة بأحكامها في قلوبنا ومشاعرنا وواقعنا كالماء الزلال ! متى نتمثّل أحكامها والعز يدفع بنا إلى عنان السماء ! رضي الله عنك يابن عباس وجزاك الله تعالى ما جزى عالماً ومصلحاً عن أمته وردنا وسائر هذه الأمة إلى مباهج هذه الشريعة الغراء .


د / مشعل الفلاحي
الأربعاء ١٤٣٧/٩/٣

 

مشعل الفلاحي
  • الكتب والبحوث
  • رسائل موسمية
  • رسائل
  • تنمية الذات
  • للتواصل مع الشيخ
  • الصفحة الرئيسية