اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/mashal/94.htm?print_it=1

حدث في رمضان (3)

د.مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
@Malfala7i


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
ما حاجة الأمة اليوم إلى شيء حاجتها لمعرفة سنة نبيها صلى الله عليه وسلم وهديه في الحياة ، كم ستكون مباهج هذه الأمة لو عنيت بتدبر وفقه سيرة نبيها صلى الله عليه وسلم ! حاول الإعلام وما يزال جاهداً في خلق قدوات جديدة تعلّقت بها أجيال الأمة وتعرفت على سيرها وحفظت لحظاتها اليومية وقرأت عنها تفاصيل دقيقة للدرجة التي باتت أسماؤها حديث المجالس والسمار ! والمؤسف أن هذا الجهد الإعلامي كان على حساب القدوة الأصل فغابت معالم الهدي والنور الإلهي بقدر حضور هذه الأسماء في عقول أبناء الأمة كل يوم . ولعلي اليوم وأنا أقص أحداث رمضان من خلال الوحي أنقل لأجيال هذه الأمة مشهداً كانت يحدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وينير أرجاءه ويثير مباهج الأنس والفرح والطمأنينة فيه وهو ما روته عائشة رضي الله تعالى عنها : (كان رسول الله يقبّل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه )هكذا كان صلى الله عليه وسلم في بيته يثير مباهج الحياة ويصنع من اللحظات العارضة أنساً وذوقاً وجمالاً في حين يقوم بإدارة الحياة ويصنع تاريخ البشرية في حقبة من أصعب حقب التاريخ على الإطلاق ، ولم يتعارض معه أنس زوجه ومباهج بيته وصناعة مساحات الربيع مع تلك الهموم التي كان ينوء بحملها ، وتلك الأثقال التي كانت ترهقه . وكأنه يقدّم رسالة لكل فرد في الأمة أن التوازن ليس خياراً مطروحاً في إدارة شؤونك اليومية وإنما قضية أساسية الخلل فيه خلل في إدارة حياتك كلها . مؤسف أن بعضنا يعيش لمشروعه الشخصي أو يثير مباهج عمله ولكن في المقابل على حساب بيته وأسرته وحياته العائلية ، وهذا مجرد نموذج لخلل يجتاح حياتنا بشكل مخيف . فإذا ماأمعنت النظر قليلاً رأيت كيف كان صلى الله عليه وسلم يعيش الحب ويجد له تطبيقات كثيرة في بيته ويثير مباهجه في صور تستدر عواطف الشوق إلى أبعد الحدود ويجد في لحظات الجوع والعطش فُسحاً كثيرة لمباهج الحب ولواعج الشوق ! في حين يضن كثيرون بكلمة حب أو رسالة شوق أو هواتف ذكرى لزوجة تجتاحها مشاعر الحب ولا تجد مجرد محاولة لإشباع تلك اللحظات فيها وتعود البيوت شبيهة لحد كبير بالسجون التي لا ترى فيها إلا مشاهد القسوة والعنف والإهمال ! إن جملة كبيرة من حوادث الشكاوى في المحاكم بين الأزواج وحالات الطلاق والفراق في مثل زماننا سببها فقدان مباهج الحب وانشغال كل واحد من الزوجين عن الآخر وكان يمكن لكلمة حب ورسالة شوق وحديث مشاعر أن يحيل بيوتنا إلى ساحات من الجمال نجد فيها رواء الحياة التي نتمناها فكيف لو كانت هذه المشاعر تطول الأسرة كلها ويجد فيها الأبناء حصانة فكرية ونفسية وعاطفية تقيهم غائلة المتربصين بهم والمترصدين لأعراضهم في كثير من الأحيان . إنني أود أن أقول في الختام لسنا بصدد اتهام بعضنا ورمي كل طرف منا للآخر بالتقصير وإنما بحاجة إلى مد مشهد البيت النبوي إلى بيوتنا ، بحاجة أن نبدأ هذا المساء خطوات الحب من جديد ، بحاجة أن نجرب إثراء بيوتنا بكلمات الحب ورسائله وتطبيقاته وتحويل تلك المساحات التي طالتها الصحراء في زمن طويل إلى ساحات ربيع . من فضلك أيها الزوج لترى منك هذه الوردة في بيتك مشاعر وجدانك وعاطفتك ، اسمعها من فضلك مشاعر حبك ، قل لها ما زلتي خياري الأول لم يتغيّر بعد ! وأنتي أيتها الوردة دلليه ردي له مشاعر أشواقه بأوفى ما يكون ، قولي له أنت روح هذه الحياة ورسول حبها الكبير ، كوني معه في فرحه وحزنه في حال حضوره وغيابه أشعريه أنه كل شيء في بيته وسيكون لك أوفى ما يكون . صلى الله عليك يارسول الله كلما حاولت أن أقفل دائرة الحديث وأختم مقالي تبدّى لي مشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يداعب زوجه ويؤانسها بالتقبيل في لحظات الجوع والعطش والتعب وتساءلت : إذا كان هذا المشهد في رمضان فكم هي مشاهد الحب التي كانت تدار في غير رمضان !! واشوقاه لذكرياتك يانبي الله !


د / مشعل عبد العزيزالفلاحي
الخميس 1437/9/4


 

مشعل الفلاحي
  • الكتب والبحوث
  • رسائل موسمية
  • رسائل
  • تنمية الذات
  • للتواصل مع الشيخ
  • الصفحة الرئيسية