صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ألم يأن الأوان لدراسة الغرب والشعوب الأخرى؟

د.مازن بن صلاح مطبقاني
‏@mazinmotabagani


بسم الله الرحمن الرحيم


كثيراً ما يسأل السائلون ما المقابل لدراسة الاستشراق، أليس هو الاستغراب؟ ربما يكون الجواب صحيحاً ولكن الأهم من ذلك هو أننا يجب أن نتساءل لماذا تأخرنا في دراسة الشعوب والأمم الأخرى وبخاصة الغرب الذي قتلنا دراسة؟ إن المسلمين حينما خرجوا من جزيرة العرب كانوا على معرفة بالشعوب والأمم الأخرى منها من حدثهم بها القرآن الكريم ومنها من كسبوا المعرفة به من خلال التجارة والرحلة. ثم انطلقوا لمعرفة تلك الشعوب عن طريق الاحتكاك المباشر وظهر رحالة مسلمون كتبوا عن مختلف شعوب العالم حتى أصبحت كتاباتهم مرجعاً عالمياً في دراسة الشعوب الأخرى.
وقد بدأت أوروبا بإنشاء مراكز ومعاهد وأقسام علمية لدراسة العالم الإسلامي منذ عدة قرون بل إنها خصصت عدداً من أبنائها لدراسة الشعوب والأمم الأخرى جميعها فكما أن لديهم أقساماً لدراسة العالم الإسلامي فلديهم المتخصصين في الصينيات وفي دراسة اليابان بل إن كل دولة أوروبية تقوم بدراسة الدول الأوروبية الأخرى فمثلاً لدى بريطانيا (بجامعة لندن) معهد الدراسات الأمريكية الذي يمنح درجة الماجستير في دراسة الولايات المتحدة الأمريكية، ويوجد في ألمانياً أضخم مركز للدراسات الأمريكية يسمى مركز كنيدي للدراسات الأمريكية، كما أن كندا الملاصقة لأمريكا لديها دراسات أمريكية وفي بريطانيا يدرسون الولايات المتحدة وتعطى جامعة لندن درجتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات الأمريكية الشمالية والجنوبية.
ونظراً للسمعة العلمية التي حققتها هذه الدراسات توجه أبناء الدول المختلفة للدراسة في تلك البلاد حتى إنهم يتخصصون في الدراسات المتعلقة ببلادهم في أوروبا أو أمريكا من النواحي العقدية والتاريخية والاجتماعية والثقافية والسياسية والحضارية والثقافية.
والمسلمون الذي جاء كتابهم الكريم يدعو إلى التعارف بين الشعوب في قوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) أهملوا هذا الجانب في العصر الحاضر فأصبحوا من قرون عديدة موضع الدرس لدى الأوروبيين والأمريكيين، وقد وصل الغربيون في معرفتهم لنا أن عرفوا التفاصيل الدقيقة عن الأمة الإسلامية في المجالات العقدية، والتشريعية، والتاريخية ومعرفة المجتمعات العربية الإسلامية في العصر الحاضر معرفة تفصيلية حتى أصبحوا كما ذكر أحد الباحثين يعرفون التفاصيل وتفاصيل التفاصيل.
ودراستنا الغرب لا شك ستختلف عن دراسة الغرب لنا، ذلك أن الغرب بدأ الاستشراق فيه منطلقاً من توجيهات وأوامر البابوات لمعرفة سر قوة المسلمين وانتشار الإسلام في البلاد التي كانت خاضعة للنصرانية. وكان القصد ليس فقط معرفة الإسلام والمسلمين، ولكن كانت أيضاً لهدفين آخرين: أحدهما تنفير النصارى من الإسلام، والثاني إعداد بعض رجال الكنيسة للقيام بالتنصير في البلاد الإسلامية.
أما نحن فحين نريد دراسة الغرب ومؤسساته وهيئاته فأولاً نحن بحاجة للأخذ بأسباب القوة المادية التي وصلوا إليها، أليس في كتابنا الكريم ما يؤكد هذا{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}(الأنفال 60)
والأمر الآخر أننا حين ندرس الغرب فليس لدينا تطلعات استعمارية، فما كان المسلمون يوماً استعماريين. ولكننا نريد أن نحمي مصالحنا ونفهم طريقة عمل الشركات المتعددة الجنسيات التي ابتدعها الغرب وأصبحت أقوى نفوذاً من كثير من الحكومات.
والأمر الثالث وهو أمر له أهميته الخاصة، أن هذه الأمة هي أمة الدعوة والشهادة؛ فإن كان الأنبياء قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يُكَلّفون بدعوة أقوامهم بينما الدعوة الإسلامية موجهة إلى العالم أجمع، قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة)وقد كلّف المسلمون جميعاً بحمل هذه الأمانة،(قل هذه سبيلي أدع إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن)، وجاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فبلغها إلى من لم يسمعها؛ فربّ مُبَلّغٍ أوعى من سامع أو رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه). ونحن أمة الشهادة فكيف لنا أن نشهد على الناس دون أن نعرفهم المعرفة الحقيقية؟!
ولن يكون علم الاستغراب لتشويه صورة الغرب في نظر العالم، ذلك أننا ننطلق من قوله تعالى {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله}، ولنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصف ملك الحبشة بالعدل ووجه المسلمين للهجرة إلى بلاده ولم يكن مسلماً حينذاك، وقد اقتدى به الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه حين وصف الروم بقوله: "إنّ فيهم لخصالاً أربعاً: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرّة، وخيرهم لمسكين ويتيم وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك".

فمتى تستيقظ حكوماتنا فتجعل من أولوياتها التوجيه بدراسة الشعوب والأمم الأخرى بدلاً من الاعتماد على غيرنا أو على الدراسات الجاهزة؟
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د. مازن  مطبقاني
  • الكتب والبحوث
  • المقالات
  • مقالات حول الاستشراق
  • تقارير المؤتمرات
  • دراسات الغرب - الاستغراب
  • للتواصل مع الدكتور
  • الصفحة الرئيسية