اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/mehran/62-7.htm?print_it=1

وقفات مع الأذكار والدعوات
(7)
من أدعية الكرب

د. مهران ماهر عثمان


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»([1]).
ما معنى الكرب؟
الكرب والكُرْبَةُ بالضم: الغمّ الذي يأخذ بالنفس
والمكروب هو المغموم
ولا شك أنّ المؤمن في هذه الحياة لابد أن يتعرض للشدة، قال تعالى: }الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ{ [العنكبوت 1-2].
ومما يحمل على الصبر على الكرب أنّ فيه كفارة لذنوبنا..
فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، عَنْ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم  قَالَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»([2]).
وعن صهيب الرومي  رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «عجبا لأمر المؤمن، إن أمره له كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»([3]).
ولهذا نجد في القرآن الكريم قول ربنا: }قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا{([4])، ولم يقل: علينا؛ لأن أمر المؤمن كله خير.
وقد اشتمل هذا الذكر على أربع جمل:
الأولى: «اللهم رحمتك أرجو»
ومعنى «اللهم»: يا الله.
ومعنى «رحمتك أرجو»: لا أرجو إلا رحمتك، فإن فيه تقديما وتأخيرا.
ورحمة الله ترجى، وليس لأحد أن ييأس منها، قال تعالى: }قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ{ ([5]). والمعنى: قال إبراهيم عليه السلام للملائكة: لا ييأس من رحمة ربه إلا الخاطئون المنصرفون عن طريق الحق.
الثانية: «فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين»
طرفة عين: لمحة. وفيه من حسن الاعتماد والتوكل على الله ما فيه.
ومن وكله الله إلى نفسه كان الهلاك أقرب إليه من روحه.
الثالثة: «وأصلح لي شأني كله»
وهذا من جوامع الأدعية، وقد كان من هدي النبي  صلى الله عليه وسلم  الدعاء بجوامع الكلم.
ويشمل هذا أن يصلح الله شأنك مع نفسك، ومع الناس، ومع ربك سبحانه.
الرابعة: «لا إله إلا أنت»
أي: لا معبود بحق إلا أنت، فمن عبد من دون الله عبد بالباطل.
وأعظم فائدة اشتمل عليه هذا الحديث: أن يلجأ من أصيب بالكرب إلى الله تعالى، وألا يلتفت إلى غيره.


----------------------------------------------------------
[1] / رواه البخاري في الأدب المفرد، و أحمد، وأبو داود
[2] / الشيخان
[3] / مسلم
[4] / التوبة: 51
[5] / الحجر: 56


 

د. مهران ماهر
  • الخطب المنبرية
  • المقالات
  • البحوث
  • الردود
  • برامج إذاعية
  • المواعظ والدروس
  • الصفحة الرئيسية