اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/samer/5.htm?print_it=1

(( ذو الوجهين ))

سمير بن خليل المالكي

 
الحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً ، أحمده سبحانه على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة ، فهو سبحانه أهل للحمد والشكر ، في السر والعلانية ، في السراء والضراء ، فله الحمد حتى يرضى وبعد أن يرضى ، وله الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ماشاء من شيء بعد .
أما بعد ، فقد قرأت ، وليتني لم أقرأ ، ما كتبه الدكتور عدنان البار مدير عام الشئون الصحية بمنطقة مكة المكرمة ، في صحيفة عكاظ يوم 13 / 12 / 1423هـ تحت عنوان (( ولنا كلمة : خدمة الحاج )) .
وأنا أعرف الدكتور منذ زمن بعيد ، والتقيته أكثر من مرة ، منها قبل أكثر من عشر سنوات ولمست منه غيرة على الدين وثقافة ومعرفة بمسائل كثيرة فقهية وعقدية ، واهتماماً خاصاً بالصوفية ، وتكلمنا في ذلك المجلس عن معاناتنا نحن أهل مكة ، خاصة من تربطهم علاقة وطيدة بكبار أقطاب التصوف .
وانتظرت من الدكتور أن يكون عوناً لدعاة السنة بعد أن وصل إلى ما وصل إليه من علم في تخصصه (( الطب )) وبعد أن ابتلي بهذا المنصب ، انتظرت منه أنا وغيري أن يسخر ما آتاه الله لنصرة الدين والسنة والحفاظ على المحارم وتغيير المنكرات الكثيرة التي تعج بها (( وزارة الصحة )) من اختلاط وغيره مما نعلم بعضه ويعلم الأطباء مالا نعلمه .
وظننت أن الدكتور سيقول في هذه الكلمة المشار إليها ما ينفع الحجاج بعد قضاء حجهم ومناسكهم ، من مسائل دينية عامة كالتنبيه على أخطاء في الاعتقاد أو في أحكام متعلقة بالحج أو على الأقل أن يوجه نصائح متعلقة بتخصصه في الطب ، كونه مسئولاً عن ذلك ، وهذا من التعاون على البر ، وفيه نفع للمسلمين مما يؤجر عليه المرء ، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرقى (( من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل )) لكن الدكتور للأسف الشديد ، خيب ظني كله ، وخرج علينا بكلمة عرجاء عوجاء لا لون لها ولا طعم إلا طعم النفاق والتزلف .
فالمقالة من أولها إلى آخرها ، مدح وحمد وتبجيل واستعراض للإنجازات ، بما اعتدنا سماعه وقراءته وملت أسماعنا وأبصارنا من تكراره بالليل والنهار بمناسبة وبغير مناسبة ، وهي سنة سيئة لم يكد يسلم منها إلا النزر اليسير ممن منَّ الله عليهم بالعافية في الدين والعقل .

شهادة الزور

ثم شهادتك يادكتور لإنجازات (( الصحة )) مجروحة ، كما لا يخفى ، فأنت مسئول رفيع فيها ، فهل يشهد المرء لنفسه ؟
ولا أدري ما فائدة هذه الأرقام في تعداد الإنجازات مثل عدد السرر المهيأة للمرضى .. الخ ..؟
إنها تحتاج إلى أمور وقرائن حتى تكون ذات فائدة .
منها ، مثلاً ، ذكر النسبة ، فيقال لكل كذا حاج عدد كذا من السرر .
أو تذكر الموازنة مع بعض الدول السابقة في هذا المجال .
ثم من المستفيد يادكتور من هذا المقال ؟ الحجاج المغتربون ؟
أتريد أن تمنَّ عليهم ؟ أم القاطنون في هذه الديار الذين خبروا أحوال (( الصحة )) وتقصيرها في كافة الجوانب ، ولا يمكن أن ينطلي مثل هذا الزور عليهم ؟

مخالفة الكتاب والسنة وسلف الأمة

ولا ريب أن هذه الطريقة الممجوجة التي دأب عليها الكثير ، مخالفة لكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين وأئمة السلف الماضين .
قال الله تعالى (( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء )) وقال (( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ))
والمعنى لا يزكي بعضكم بعضاً .
وفي الصحيح (( احثوا في وجوه المداحين التراب )) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سمعه يمدح رجلاً (( قطعت عنق أخيك ))
وقال البخاري : باب مايكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غير ذلك .
ثم ذكر أثر ابن عمر رضي الله عنهما حينما سأله أناس فقالوا (( إنا ندخل على سلطاننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم ، قال : كنا نعدها نفاقاً ))
واسند البخاري عقبه حديث أبي هريرة مرفوعاً (( إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه )) .
وانظر شرح هذا الباب في فتح الباري [13 /170 ] فإنه نافع .
ولا يخفى على من شم رائحة العلم والسنة ، أن سنة الصحابة وسائر أئمة السلف كانت في ترك مدح الأمراء والرؤساء ، مع أن أمراءهم في تلك الأزمنة هم خير الناس وأفضلهم وأعلمهم .
بل كانت طريقتهم هي مناصحة الولاة وتبصيرهم بعيوبهم والإنكار عليهم إذا خالفوا ، وترك الثناء عليهم .
فلما حصل النقص في الأمة وسرى في الأمراء ، أحبوا الثناء وكرهوا الإنكار والنصيحة ، واستغل المرتزقة من الشعراء وبطانة السوء هذا الأمر فزينوا للولاة باطلهم وصدقوهم بكذبهم وأعانوهم على ظلمهم،وكتب التاريخ مليئة بالقصص والحوادث الكثيرة .
وقصة المهدي مع الكذاب الذي زاد في حديث السبق (( أو جناح ))مشهورة ،وفي آخرها قال المهدي: (( أنا ألجأته إلى هذا )) .
وما أحوج الأمة اليوم إلى الرجوع إلى سنة الأخيار وترك محدثات المرتزقة من الشيوخ والوزراء والوجهاء وبطانة السوء ، هؤلاء هم سم هذه الأمة وسوسها ومنافقوها ، لا همَّ لهم إلا مناصبهم وتحسين معايشهم ، ولو أنهم كانوا صادقين ناصحين للأمة لتركوا هذا الهراء وانشغلوا بإصلاح عيوبهم وعيوب رؤسائهم فهل هم فاعلون ؟
لعلي أغلظت المقالة يادكتور ، وذلك لمكانة لك في نفسي لما عهدته عنك ولأني مشفق عليك ، وأقول لك كما قلت لصديق سابق من قبل :
قد هيأوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملوأقول لك أيضاً ما قاله القاضي علي بن عبدالعزيز الجرجاني الفقيه الشافعي المتوفى سنة 392هـ :

ولم أقض حق العلم إن كان كلمــا *** بدا طمع صيرته لي سلمــــــــــا
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي *** لأخدم من لاقيت لكن لأخدمـــــا
أأشقى به غرســـاً وأجنيــه ذلة *** إذن فاتباع الجهل قد كان أحزمـا
ولو أن أهل العلم صانوه صـانهم *** ولو عظموه في النفوس لعظمـــــــا
ولكن أذلوه جهــــــــاراً ودنسوا *** محياه بالأطماع حتى تجهمـــــــا

وأرجو أن يكون هذا كافياً لك ولأمثالك من الأخيار ، ورادعاً لكم عن الانحطاط إلى مستوى الجهال والمرتزقة والعوام الذين وصفهم علي بن أبي طالب بأنهم (( همج رعاع أتباع كل ناعق لم يستضيئوا بنور العلم ولم يركنوا إلى ركن وثيق )) أو كما قال .
ولا أدري يادكتور كيف ستنكر على الصوفية من أقربائك ومعارفك حين يبالغون في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وآل بيته ، وأنت واقع في أشد من ذلك ؟
ثم إنك في مقام القدوة لغيرك من الأطباء والمسئولين في القطاع الصحي وغيره ، فكان الأجدر بك أن تترفع عن هذه السفاسف ، فإن الله (( يحب معالي الأمور ويكره سفسافها )) .
وأقول لك : إن كنت تريد بمثل هذه المقالة ونحوها مما سبق أن قلته في مقالات سابقة ، وبما قد تكرره لاحقاً ،وإن كنت تريد بذلك وجه الله والدار الآخرة ، فقد ضللت الطريق .
أوردها سعد وسعد مشتمل *** ما هكذا تورد ياسعد الإبل
ثم إنك تعلم أنك تقول غير الحقيقة (( أي : تكذب )) في ذكر إنجازات (( الصحة )) التي تعاني من أمراض مزمنة أضحت معها عاجزة عن القيام بنفسها وبشئونها فضلاً عن أن تقيم غيرها ، وهي أحوج إلى العلاج والدواء ، بل إلى عمليات استئصال لكثير من الزوائد الدودية والغدد السرطانية المتفشية في جسدها الهزيل .
بل إنها تحتضر ، ولولا رحمة الله تعالى أن سخر لها بعض التجار الأخيار لكانت في عداد الأموات ، واسأل المتبرعين من أهل الخير ، بل اسأل مدراء المستشفيات يأتوك بالخبر اليقين .
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

وإن كنت يادكتور عدنان ، عذراً يا أ . دكتور عدنان ، إن كنت تتقرب إلى المسئولين بمثل هذا الكذب والنفاق فاعلم أنهم سيكونون خصماءك يوم الدين ، ولن تحظى منهم في الدنيا بأكثر مما كتبه الله لك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف .
أسأل الله العلي القدير بأسمائه الحسنى أن يثبتنا وإياك على الهدى والصراط المستقيم حتى نلقاه لا مغيرين ولا مبدلين ، والحمد لله رب العالمين .

أخوك : سمير بن خليل المالكي
16/12/1423هـ


مقال : أ. د عدنان البار
ولنا كلمة : خدمة الحاج

في هذه الأيام المباركة يحتفل المسلمون بمناسبة إسلامية عظيمة وتجمع إسلامي كبير .. ألا وهو (( الحج )) وفي هذه المناسبة تستنفر حكومة المملكة كافة طاقتها وتجند عددا كبيرا من أبنائها وتبذل جهودا كبيرة من خلال جميع قطاعاتها ..رغبة في إنجاح هذه المناسبة المباركة وتقدم الخدمة المتميزة والسهر على راحة الحجيج منذ وصولهم إلى هذه البلاد وحتى مغادرتهم لها سالمين آمنين بإذن الله تعالى ..ووزارة الصحة السعودية كأحد أهم هذه القطاعات الممثلة للدولة في خدمة ضيوف الرحمن .. سخرت جميع طاقاتها من منشآت وتجهيزات وكوادر بشرية لخدمة هذا التجمع الكبير ..ومن أهم الإنجازات في هذه البلاد المباركة تمتع الحجاج في كل المواسم عموما وفي هذا الموسم على وجه الخصوص بحالة صحية طبية ولله الحمد ..
وتعتبر منظومة الخدمات الطبية المتكاملة التي يحظى بها حجاج بيت الله الحرام خلال تأديتهم لمناسك الحج انعكاسا للنهضة الشاملة التي وصل إليها قطاع الصحة في المملكة بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل الرعاية الكريمة والاهتمام المتواصل الذي يحظى به هذا القطاع من لدن القيادة الرشيدة لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني يحفظهم الله الذين يحرصون على أن تكون المنشآت الصحية في المملكة مزودة بأحدث تجهيزات التقنية الطبية في مختلف التخصصات حتى أصبحت تعمل وفق معايير مرموقة .
وفي موسم حج هذا العام حظيت القطاعات الصحية بميزات ودعم كبير ساهمت بشكل كبير في تحقيق هذا النجاح للخدمات الصحية والتي يستفيد منها الحجاج مباشرة من خلال منظومة من المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في كل من العاصمة المقدسة والمشاعر والتي تتوزع بشكل مدروس تحتضن مكة المكرمة منها ((7)) مستشفيات بسعة سريرية إجمالية تصل إلى ((1897)) سريرا ترتفع عند الحاجة إلى ((2710)) أسرة بالإضافة إلى ((38)) مركزا صحيا وخمسة مراكز داخل الحرم المكي الشريف وسبعة مراكز صحية موسمية .. وكذلك سبعة مستشفيات في المشاعر المقدسة ((4)) في منى و((4)) في عرفات بسعة سريرية إجمالية ((1374))سريرا يمكن أن ترتفع إلى ((2697)) سريرا عند الحاجة وهنالك ((84))مركزا صحيا موزعة على المشاعر المقدسة حسب احتياج كل مشعر وبطريقة علمية مدروسة وهذه المستشفيات والمراكز حظيت في هذا العام الجديد بعدد غير قليل من المشاريع الإنشائية والتجهيزات التطويرية لكي تتواكب مع هذا الحدث الكبير .. كما ركزت الوزارة على العمل الكاملي لأعمال وجهود منشآتها الطبية العاملة في المشاعر المقدسة حيث تم تطوير وتوسعة شبكة الاتصال اللاسلكي بما يكفل شمول التغطية وأصبحت الاستفادة منها كبيرة الأمر الذي أسهم في تفعيل دور النقل الاسعافي والطلب الميداني وحقق نجاحات خدمية مميزة تتناسب مع قدسية المكان وقيمة المخدومين ومكانة المملكة وتعكس الأهداف السامية للقيادة الرشيدة والجهود الكبيرة والطموحة لتحقيقها على أرض الواقع اسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعا لخدمة ضيوفه والسهر على صحتهم وسلامتهم وان يخلص نياتنا ويجزل المثوبة لولاة الأمر في هذا البلد وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني .
كما أتوجه بخالص الشكر لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا وصاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية ولمعالي وزير الصحة على المتابعة الدؤوبة والمستمرة لأعمال الحج عموما ولدعم المرافق الصحية والخدمات المقدمة للحجاج والمواطنين في هذا المرافق على وجه الخصوص .
(( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )) .
وكل عام وأنتم بخير

 

سمير المالكي
  • الكتب والرسائل
  • الصفحة الرئيسية