صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







القارة العجوز

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد  

عبدالسلام بن سعيد الشمراني

 
التأمل عبادة عظمى يندر من يتقرب بها مع سمو منزلتها بل قد لا يقوم كثير من الفروض والواجبات إلا بها ، فضلاً عن استحالة الوصول إلى مراكز القيادة للدنيا والدين بدون نصيب منها ، وأحسب أن العالم الغربي أبرز ما ساد وقاد به التأمل حتى وإن كان في ظاهر من الحياة الدنيا ، وما تخلف أهل الرسالة إلا بتأخرهم في أمور كثيرة من جملتها التأمل في أمور الدين والدنيا ، والعجيب في الأمر أنه لا يوجد في أمة من الأمم في دستورها ولا قوانينها من يجعل التفكر والتأمل ومشتقاتها عبادة تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة مثل دين الإسلام ولك أن تنظر وتحصر كم وردت تلك الكلمات ومشتقاتها في الكتاب والسنة وسير السلف وتطبيقهم وأقوالهم ومآثرهم وذلك لعلمهم أن الذي أمر بالتوحيد والأركان هو الذي أمرهم بالنظر والتفكر والتدبر فلا يستقيم الأمر لمن أخذ الأمر بذاك وترك الأمر بهذا .
إن التأمل والنظر والتدبر والتفكر في التأريخ وفي أحوال الأمم وفي الأحداث عبادة فقدت عند كثير من أهل القدرة على ذلك مع تميزهم في جوانب عبادية أخرى هي صنو هذه العبادة وإن كانت الأمة في أحيان كثيرة أحوج لعبادة التأمل والنظر والتفكر أكثر بكثير من حاجتها إلى كثير من النوافل الأخرى وإن كان الجمع بينها يسير ولكن المسألة إهمال أكثر منها تنازع ، فعبادة التأمل والنظر والتفكر عبادة مهمة قد كانت مع انشغال أهل القدرة فلا يحتاج فهم المسألة إلى إعمال فكر في كيفية التوازن والموازنة بين عبادة التفكر والنظر والتأمل وبين بقية النوافل والفروض .

ولكن المشكلة هي في ترك المأمور به مع أن ترك المأمور أعظم من فعل المحذور من أكثر من ثلاثين وجهاً ذكرها أهل العلم بالتفصيل والبيان .
إن الوقوع في ترك هذا المأمور ظلمة أضيفت إلى ما قبلها من الظلمات التي وقع فيها أهل الإسلام . والأمل في الله وحده أن يجعل لأمتنا وقيادتها الفكرية والعلمية والدعوية والتربوية وغيرها نورا يمحو به تلك الظلمات .
وتدريباً للنفس على المحاولة للقيام بهذه العبادة كانت هذه القراءة التأملية لتقسيمات وجه هذا الكوكب والله قادر على أن يسدّد ضعيفاً ويعزّ ذليلاً فإن فتوحاته لا حدّ لمنتهاها ومن خذل فلا مكرم ولا معز له ، فله سبحانه الأمر من قبل ومن بعد ، وله الحمد في الأولى والآخرة ، لا يُعزّ إلا لحكمة ولا يذلّ إلا لحكمة ولا يرفع ولا يخفض ولا يعطي ولا يمنع إلا لحكمة سبحانه رضينا بقدره وبما يرتضيه لهذا القول ولهذه المحاولة ، وإن كانت الرحمة والتسديد والتوفيق والقبول والإخلاص هي أعظم ما نرجوه من كريم عفو ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
 

" القارة العجوز "

الحكم بالشيخوخة على صاحبة التجاعيد حتى وإن تصابت لا تحتاج إلى فراسة !!
تشدُّ خديها بكفيها .
وتفتح عينيها بأناملها لتكبر استدارتها .
وترفع الأجفان وتلونها حتى تملأ حقويها .
لتطمس معالم الشيخوخة على المتلمس الأعمى .
والبصير المعجب .
ليستمر الإغراء والجذب .
ولكنها يئست من إغراء من أبصرها وهي لم تخرج بعد من غرفة التزوير .
تمدُّ يدها لتمسك بخيوط الشروق .
جهلت أنها سائرة إلى الغروب .
أحبت ظلام الغروب .
وخشيت من الأفول .
فاستدار وجهها إلى الوراء .
فأصبح أمامها هو الوراء .
واطمأنت .
أن خيوط الشروق .
لا زالت تلامس .
ما بقي معها من مفاتن .
في صدرها المدبر .
تريد أن تغري .
فتضحك .
فتبدوا أنيابها المسمومة .
إنها تترنح .
ولكنها لا تزال عالقة بأهداب المعجبين القدامى البررة الذين رضعوا منها بشهوة .
تحاول أن تتسلق الأهداب لتعود لنصب خيامها في الرؤوس .
ولكنّ سواعدها وهنت .
فنكست أصحابها على الرؤوس .
واستقرّت هي على الأجفان .
ليتعانقوا معاً بصحبة الأفول .
******
وفكرت .
وقررت
وقُتلت من ذلك التقدير .
كي تعجب العشيق .
تجردت من ثوبها الطويل .
تراقصت .
تمايلت .
وانطلقت .

في رحلة الانتكاس .
ورفعت شعارها .
يا معشر العشاق .
من كان فيَّ معجباً .
فليخلع الرداء والإزار .
ولينتكس حتى أراه .
في صورة سوية .
وانطلقوا جميعهم إلا القليل .
هيا بنا .
واتجهوا معي نحو الظلام .
في ظلمة السرداب .
تعلقوا .
ولترفعوا الأقدام .
ولتنكسوا الرؤوس .
لأن قائد المسيرة .
حبيبنا المنكوس .
قائدنا الخفاش .
واستمعوا .
وأنصتوا .
مطربنا الجميل .
بشكله الجميل .
وصوته الجميل .

مطربنا الغراب غنّى قائلاً :
نعاقي القبيح
زينه الخفاش
فاستمعوا
لتطربوا
من صوتنا الجميل
وأوصدوا أذانكم
عن صوت بلل قبيح
محتشم في ثوبه
يدعوكمُ لترجعوا
في سجن الاحتشام
فصفق الجميع
وولول الجميع
في صحبة العشيقة العجوز
قد ملّها الجميع
إلا صديقها المغني
غرابها الجميل
وقائد مستثمر
في ظلمة السرداب

* * *
أفعالها مبادئ
إنها تصنع مبادئها من أفعالها المشينة .
والمبادئ المتحركة قد تسود ولكن لا تبقى .
الخائف يجعل المتحرك ثابتاً خوفاً على الثابت أصلاً فيتقوقع .
والعابث يحرك كل شيء خوفاً من الجمود فينسلخ .
وصاحب الرؤية لا يحرك الثوابت .
ولا يثبت المتحرك
فسار باتزان
إلى الشاطئ الأخير
والآخران غارقان
في لجة الجمود
أو لجة الهلاك
* * *
عاشقة مغرمة
لبقاء مدبر
لم يصدق دموعها
ولم يجد توسلها
لأنه يراها
في أحضان الهلاك
فأدركت إفلاسها
لما رأت قذارة الضجيع
فحاولت
لملمة الثياب
حتى تُرى طاهرة
من أيّما اتساخ
فلم تجد لباساً
لأنه تمزق
من رميه
مع العصور البالية
* * *
عاتبها أبناؤها
يا أمنا كفى
رضاعنا مجون
لباسنا سفاح
كفى صعوداً في مدارج الهلاك
يظنه صعوداً
لأنه منكوس .
* * *

في دار هذه العجوز
قد عاش أصناف البشر
بيض وسود
فشارد إلى الهلاك
وشارد من الهلاك
وعاقل وجاهل
وصادق مخدوع
ومستغل للفرص
ومعجب معتوه
لا يتقن اللعب
مع عجوزه الشمطاء
* * *
من بين هؤلاء
صنف من البشر
يسير في الرمضاء
ويستجير منها باللهب
لأن ما أمامه
إلا البقاء في الفناء
لعل داره التي له بها
إخوانه المشاكسون
إخوانه المنسلخون
وأخته العميلة

لصالح الخفاش
لعل تلك الدار
يكشف فيها العملاء
ويدفن النفاق
ويخرج السجين المتهم
بتهم عديدة لا تغتفر
أعظمها
أنواره المبهرة الشديدة
تؤذي صديقنا الخفاش
لعل تلك الدار تستقر
وكل خائن يفر
هناك نترك العجوز
هناك قد نعود
أما فناء هذه العجوز
أن دامت الأحوال
فليس لي منها مفر
* * *
إذا تعاليت عن الخوض في الطين فإن بياض ثيابك يوجه الشتائم المتتالية التي لا تتوقف إلى أولئك الخائضين .
فكن بعيداً فلا بد أن يرجموك لأن طهارتك تؤذيهم بقوة ازدرائها لما هم فيه .
وهذه تهمة عظمى جدير صاحبها بالرجم أو الطرد في مجمع كله متسخ "إنهم أناس يتطهرون" .

لأنه يعيش بطهارته القديمة في عصر تقدمي متسخ .
ومن استدبر السماء عانق الطين فنافس الديدان ، وتفنن في تمجيد طينيته ، وإبادة منافسيه ، واكتشاف المبيدات لها ، ويحسب أنه على شيء وهو يبدع في قتل نفسه قبل خصمه ، علم كل شيء عن لا شيء وجهل كل شيء عن طريق خروجه من طينه الذي دس أنفه فيه فلم يشبع ، إن العلم يسمو إذا عانق السماء ، وإن صادمها وصادم أنوارها احترق واحرق أصحابه ، فيُسلب منه النور ويبقى له دخانه ورماده وسمومه المهلكة .
هذه العجوز استدبرت هي وأبناؤها العُمي ـ بفضل الخفاش ـ النور السماوي ، ومن استدبر السماء ونورها ، ازدادت رغبته في حفر نفق أعمق في غبار طينه لتزداد ظلمته حتى لا يؤذيه بريق أنوار السماء ، ويبقى من نفق إلى نفق ومن حفرة إلى حفرة ويبالغ في إحداث متاهات حتى لا يجيد أحد من النادمين الخروج إن أفاق . تماماً كقدوتهم الفأر الذي أصبح رمزاً عظيماً من رموز حضارة هذه العجوز وذلك الخفاش المتأصل فيه بغض القطط وحب الفأر لأن عدو صديقك عدو لك .
وتجهل تلك العجوز أن مصيرها المحتوم سيكون هناك وأن ما تبيده من الديدان سيتخذ من جسدها القبيح مسرحاً يتصارع فيه بدلاً من تصارعه في الطين .

تلك العجوز نافست الديدان في دارها فأصبح جسدها داراً لها فعلمها الذي تباهي به لتعجب المغرمين العُمي ما سار بها إلى قمم النجاة بل صيرها مسرحاً للديدان ، وصديقة لفويسق وفويسقة ، وتلميذة للغراب والبوم ، وفريسة للخفاش .
أرادت البقاء ففرت منه في أحضان الفناء .
"تلك حضارة الفناء عندما تستدبر السماء ."
* * *
تظاهر العاقل بالنوم ينجيه من فأس عدوه المتحين ليقضته ،واستمراره ذلة ، والنجاة في تحيُن غفوات المتربص .
من استمد بقاءه من نائم ، فمن يرعاه حين ينام .
ومن استمده من قيوم قد ضرب لمناجاته موعداً فمستقبله البقاء . فمن نام عن الموعد فليستعد لضربات المتربصين .

كثير من العقلاء استحلوا التظاهر بالنوم لينجوا وما تحسسوا غفوات المتربص ، فاستيقظ وهم كذلك .
فاستشعر تظاهرهم فأباد من تبين ، والبقية ينتظرون غفوة أخرى أو إبادة .
وإن العجوز المتصابية
تتابع زفراتها تحت ركام الغبار وهي تلمح الخفاش يعانق ربيبتها ويطلقها بل يلوح بأسرارها إن لم تشاركه الأفراح .
إن خصام العجوز والربيبة غفوة سنحت فأين العقلاء .
* * *
إنها أخلاق "العقل الجمعي"
بل قل ثقافة القطيع البقاء للأقوى ، فلا تواصل ولا معروف ولا إحسان يبقيك ، إنما يبقيك ما تملكه من عضلات فتقضي على سواك حتى وإن كان أباك .
ولا غرابــة .
فمن كان ثمرة للظلماء فكيف يعرف والديه أو من أحسن إليه
إنه خطيئة
ومن رجس الخطيئة
ورضاعه وفصاله بأيد متلوثة
فكيف يرى نور الأمومة
ويتلذذ بأحضان الحنان
ويثمر البر .
وهو في ظلمات بعضها فوق بعض .


* * *
تلك العجوز
كانت ربيبتها معها وهي تخادن الخفاش فرضعت الفسوق
وعانقت الرذائل من طفولتها
والعجوز تزين منها ما أفسده الدهر
وغفلت عن ربيبتها وهي تغازل خدينها وأمنت مكرها
وما علمت أنها أرضعتها الفسق والفجور والخديعة والمكر
والتنازل عن العفاف
فكانت النهاية
أن أصبحتا مطيتين للخفاش
يخادن من شاء
متى شاء
فهما حبل الخفاش
الذي يستمد منه بقاءه
وإلا ليس أهلاً لأن يقود
فمكانه اللائق
هناك في الأدغال والكهوف
وليس بين الأسوياء
ومتى نُكس الناس على الرؤوس ساد كل زنيم

* * *
أيقنت بالفناء عند ضعف الإغراء وعند وجود الأشهى
وانكشف الغطاء عندما طفت الفضائح
وما كان يقال في السراديب عند العناق والاتصال
ما أصبح سراً
على شعاع النور القادم من الشرق رأى العجوز ابناؤها
على حقيقتها فعجزت عن الاستمرار في الخداع
وكانت ستستمر لو بقي الخفاش لها خالصاً
ولكنه عانق الربيبة بأنفاس ألذ
فعلمت أنه لا إغراء مع أنفاس عجوز عفنة
فقررت المراجعة لا التراجع لأنها لا تملكه
* * *
عندما شبّت الربيبة عن الطوق وسابقت الشمطاء أدركت الأخيرة أنها أخذت أسوأ ما فيها:
(المخادنة وسرقة خبز الفقراء)
فكانت تبدي مفاتنها لجذب المعجبين وتلفّ الأعناق عن أمها وكان تصرفها أكثر طيشاً لصغر سنها ولم ترث فضلات أفكار أمها الدينية المهشمة
وكانت أوضح خبثاً وأكثر إعجاباً وأقل عقلاً ودهاءاً
وللحديث عن ذلك كله تفصيل قريب
* * *

عُقد الاجتماع
أمنا تشتكي من الصغيرة التي كانت معنا
وجيراننا من الناحية الشرقية غازلتهم الصغيرة
وأكلت خبزهم وهو يلعقون بأعينهم جمالها لعلهم يشبعون وغفلوا عن خبزهم حتى أُكل ََ، فإذا هم جوعى يتبعونها لجمالها البديع ، ولخبزهم المسروق .
وموضوعنا اليوم
كيف نعيد ليَّ أعناقهم حتى نستبقي ونحافظ على خبز الفقراء المساكين لنأكله وحدنا فيشبعون .

أولاً :
ضموهم إلى صدوركم حتى تهشموا رؤوسهم من كثرة الحنان .

ثانياً :
ارقصوا لهم على أسقف دورهم حتى تسقطوها على النائمين فيها ليرقصوا معكم فتسلوهم على خبزهم المسلوب لغيرنا .

ثالثاً : ....
مقاطعة : ..... لو سمحت لقد كُلفنا من الحنان ما لا نطيق ... !!
ـ أرجو الهدوء ودعني أكمل
ـ أكمل
ثالثاً : إنهم جوعى فأكثروا لهم المبيدات
التي تقضي على مزارعهم التي سببت لهم المتاعب والعناء

رابعاً : ....
مقاطعة: ..قالت الكبرى وهي أشبه ما تكون بأمها العجوز والكلمة الأولى والأخيرة لها وهي أبدنهم وأطولهم عمراً حتى لكأنها أكبر من أمها
ـ إن حلولكم التي سمعت لهي من الأهمية بمكان وإن جيراننا الشرقيين يستحقون أكثر مما تكرمتم به، ولكن هناك من سيكفيكم في خدمة جيراننا ،إنها ابنتي البارة "رجسة الخراب" .
هي من يجيد الضمّ برحمة ساحقة
وتجيد من الرعاية ما لا يخطر لكم على بال وخصوصاً في إراحة الأطفال من عناء البكاء من لظي الجوع بإسكانهم الأرض الحنونة لتضمهم ضمة أرقى ما تكون وداعة وسكونا .
وما سيدهش الجميع أن رجسة الخرب هي بنت الفراش لأمنا العجوز من الخفاش المنكوس لنستميل قلبه إلينا ونتقرب إلى الربيبة المشاكسة فإنها حميمة لرجسة الخراب لأنها من نفس الضراب من غبار التراب في ظلمة السرداب .

فصفق الجميع وقُضي الاجتماع وتعانق الخفاش والربيبة وشاركتهم في الليلة الفضية رجسة الخراب الحبيبة .
وكانت أول هدية للجيران من رجسة الخراب، إنارة الشوارع بأنوار القنابل الجميلة التي تخرّ لها الدور سجداً ولها غبار لشدة الانبهار .
وكانت الهدية الثانية أشدّ دهشة وعجباً .
إبادة الأشجار والأحجار والأزهار وطمر الآبار لأنها قديمة .
ثمارها قديمــة
وشكلها قديم
وأهلها قدامى
فحقهم إبادة
وقتلهم عبادة
من عانق الظلام منهم فاتركوه
ومن أصرّ لقبوه
بكل ما يشين نوره القديم
فإنه قديم
ونوره قديم

وطهره قديم
وعفة قديمة
فنحن في عصر الرقي والحضارة
(فربنا أنزلنا عراة
فينبغي ألا نلحّف الأجساد
كساءنا الصفيق
فإنها تغطية لخلقة الرحمن "فرويد أو داروين")
هذا حديث أنصح الأبناء
في خطبة رنانة
لأنه نتاج تلك الغرفة الظلماء
وهل ترجي حكمة
من كلّ ساقط زنيم
* * *
هيا أرسلوا بحوثكم لجارنا الشرقي
هيا أرسلوا روائح الظلماء
هيا انسجوا لهم ملابس الحضارة
ملابس الإثارة
فقد تجمدوا في ثلج عفة قديمة
أما ترون ما نراه من حرارة
في كهف أمنا الشمطاء

هيا ارسلوه
يصلوا كما وصلنا
لما وصلنا
من قمم الحضارة
من قمم الإثارة
من قمم العشق الذي
من ذاقه لن يستفيق
إلا في رماد النار
هناك يحلو الدفء للعشاق
ويستريحوا من عناء
بصحبة الرئيس
وها هو الرئيس
صاحبنا إبليس
في منبر جميل
من جمر نارنا الجميلة
فوحدوه مجدوه
هناك
يستهل باكياً
ومعلن البراءة
فينظر العشاق للوراء
لا وراء
لا أمام

لا يمين لا يسار
لا علو في السماء
فليس عندهم سماء
* * *
هناك تظهر المبادئ
هناك ينتهي الخفاش
ويخرس الغراب
ويكتسي العراة
تسربلوا جميعهم
بالجمر والقطران
لأنهم قد كانوا
في سالف الأزمان
تسربلوا الإثارة
تسربلوا الحرارة
إن العقاب دائماً
يشاكل العمل
* * *
وتفاجأن العجوز وبنتها الكبيرة أن رجسة الخراب هي فكرة الخفاش ، ونهاية أمله ، وأن العجوز وجميع بناتها ما كانت إلا مطية مرحلية لرجسة الخراب ومعهم الربيبة الفاسقة التي هددها الخفاش إن لم ترع الرجسة العفنة بالمقاطعة و المخادنة لغيرها .

لان عشيقاته كثيرات ، وهو يصنع ما يشاء وقت ما يشاء بوجه دولاره الجميل .
فالعشيقات لا ينظرن إليه وهو منكوس وإنما ينظرن لدولاره وهو يتدحرج ، فيتدحرجون ، والمتدحرج لا يتحكم في توازنه حتى يقف ، ولن يقف أبداً حتى يشبع ، وكيف يشبع من يرضع الجوع والمسغبة .
* * *
نجح الخفاش في استحمار العجوز وبناتها
وأسرجهن جميعاً للرجسة العفنة
التي امتطت متن العجوز الصغرى بنت العجوز الشمطاء ، وسارت بها نحو الشروق ، لأن الرجسة هي المرشحة لنشر ظلام أبيها الخفاش وبدأت الرهبة العفنة في أذية الجيران كعادتها ، برائحتها النتنة ولعابها النووي .
ودماها الحشرية الطائرة في السماء والتي لا تفتأ تسقط على رؤوس أطفال جيرانها من الناحية الشرقية ، ولا يهدأ لها بال حتى تفتح رؤوس الأطفال الضعفاء الجوعى ، لتخلع جلودهم التي لم يبق لهم من الفقر إلا هي، وتُلبس لعبها لباساً أحمر اللون ، من ذلك اللون السائل في عروق المساكين حتى تبدو اللعب بشكل أزهى وأجمل .

* * *

وبدأ الأطفال الصغار الجوعى المهملون من أبائهم وأمهاتهم الذين شغلوا بالتأمل والاندهاش من مفاتن العجوز وبهاء أنيابها المسمومة ، وجمال الرجسة العفنة ، واستنشاق رائحتها العالية الخبث والعفن ، والهرولة إلى أحضان العجوز الصغرى ، وجلد الأبناء الكبار وإهمال تربيتهم حتى هربوا للظلام المنبعث من سراديب الخفاش وعجوزه وبناتها وربيبتها ، هربوا للظلام حتى لا تراهم أعين الأباء والأمهات وهم يزيلون عن جلودهم بقايا العفة الشرقية ويلبسون عرى الرذيلة ويتنفسون الصعداء في لباس العري الفضفاض الواسع الذي لم يصل إليه طموح الجد الأكبر إبليس وما ظن أن نجاحه يصل إلى ما وصل إليه .
قرر الأطفال الصغار أن يحموا أنفسهم بأيديهم من ألعاب جارتهم الرجسة العفنة المدللة ، كثيرة البكاء إذا لم يتحقق لها ما أرادت .
وضع الصغار كفوفهم على رؤوسهم ، وصنعوا لهم حبالاً من ثيابهم الممزقة وملأوها بالحجارة الصغيرة التي تستطيع سواعدهم الصغيرة على حملها ، وبدأوا في رجم الدخان والنار المشتعلة في مزارعهم وبيوتهم ورؤوس أخوانهم وأمهاتهم .
وعندما رأت ذلك المدللة العفنة بكت بكت وولولت
ولي ولي يا ويللي
كما قال الأصمعي .
وبدأت العجوز البنت وتدعمها أخواتها بتوجيه أمهم العجوز بالدفاع المستميت عن المدللة العفنة ضد الأطفال المتوحشين الذين لا يسمحون للمسكينة العفنة بممارسة هواياتها في رؤوسهم يا لهؤلاء الأطفال المتوحشين من قساة جبارين على المدللة العفنة التي تكاد تموت من العطش لدماء هؤلاء الأطفال المتوحشين وهم يرفضون أن يتصدقوا عليها بجرار الدماء .
ودافعت العجوز الصغيرة دفاعاً مستميتاً لإرضاء عشيقها وعشيق أمها لأن رضاه في رضا المدللة العفنة التي أتت لنشر رسالته ( ظلام الغرام والغرائز والكؤوس ) ومن لم تستعمره فستغضب عليه وتبكي بكاء يبكي له العالم وتحترق الدنيا كلها بنيران ألعابها التي يزيد تطايرها إذا غضبت ، تحترق الدنيا حزناً على جرح مشاعر المدللة العفنة .
وهنت عضلات العجوز المهترية لكثرة مشاغباتها وأدركت عجزها
وأدرك الخفاش عجزها
فصاح في ربيبة العجوز
يا أيها الفتية
عشيقتي الجميلة
طلقت أمك العجوز
حتى وإن بقيت عندها
في حضنها في معظم الليالي
فإنك حبيبتي
فرمشك جميل
وساعد قوي
ومتنك الشهي

أريد منك خدمة
إذا أردتي ودنا
فأدركي المدللة
فإنها رضاي
وقرة لعيني
إذا أبيت إنني
سأرفع النداء
سأكشف المستور
وما جرى في داخل الظلماء
من لذة العناق
لا تنسي يا حبيبتي
بأن ثوبك القصير قد تمزق
من كثرة السفاح
وإن تحاولي تمرداً
ستخرجين عارية
وقد نحت صورتي
من كثرة القبل
في كل جسمك المسفوح
* * *
لم ينتظر كثيراً
لأنه قد كان يعرف الجواب

تراقصت تمايلت لتغري الخفاش
وتقهر العجوز
وأظهرت ما كان خافياً في داخل الظلماء
وأصدرت قرارها الخطير
قرارها الأخير
قرارها الذي في طيه
بداية النهاية
تعاظمت تفاخرت
بأنها قد قررت
أن تطفئ الأنوار
وتغزو الأقمار
وتحجب الشموس
وتملك الفضاء
وتحرب السماء
وتنقذ الأكوان
من عفة قديمة
منيرة مخيفة
تعانق الشروق
كساؤها طويل
جمالها مسجون
ما ذاقه الخفاش

هيا اقرعوا الطبول
وعانقوا الأفول
وحاربوا الأنوار
وعانقوا الظلماء
واستدبروا السماء
هيا اسلكوا الطريق
من دونما نقاش
السامري شاده
من عهدنا القديم
فواصلوا لا تيأسوا
فموعد الفلاح
وموعد النجاح
الموعد الأخير
في روضة من نار
في صحبة الخفاش
والسامري جدنا
إمامنا إبليس
يباركوا المسير
والكل في انتظار
هيا إلى الجحيم
* * *

تذمر الأبناء
يا أمنا الربيبة
ألم تري المصير
لخالتي العجوز
فراجعت ضميرها
وفكرت وقدرت
وقتلت من ذلك التقدير
والقائد المنكوس
يراقب القرار
بل يضع القرار
وليس من فرار
من عقله المنكوس
وقوله المنكوس
لأن جهده الطويل
قد عاش في الرؤوس
وهشّم التفكير
فليس للقرار
من أمره فرار

تيقنت إفلاسها
من أيما استقلال
وعند قولها القرار
قد دحرجت تفكيرها
إلى مكان لا يليق قوله
في خالد الأقوال
* * *
وبدأت ربيبة العجوز
مشوارها الطويل
لتطفئ الشروق
وحاولت جاهدة
في سلب نوره القديم
وبدأت تظليم كل قادم
من خيط تيك الشمس والقمر
وأفسدت حتى أحاديث السمر
ما بين تيكم النجوم
وخاطت الثياب العارية
حتى العري يستحي
من لبس ثوبها المشين
لأنه أشد فتنة
من قبحه المكشوف
* * *

وخطط الخفاش والربيبة
لقتل ذلك الشعاع
فما استطاع
فقال :
شوهوه !!
لونوه !!
بدلوه !!
أما القتال مستحيل
إن استطعت أيها الربيبة
فعانقي أبناءه الكبار
ليفسدوا الصغار
إن استطعت أن تعاشريهم فافعلي
لا يُطفئ الأنوار
لا يقطع الخيوط من أصولها
حتى تصير مظلمة
سوى طريق واحد
أن يحضنوا الظلماء
هيا أرسلي لكل خيط نور ساطع
كسفاً من السرداب
حتى لا يرى
إياك أن تحيد خيط نور واحد
حتى يراه ذيلنا الطويل

لأن من ساروا وراءنا
لو أبصروه لافترقنا
من بعد جهدنا الطويل
في صنع ذيلنا الجميل
وهاهم الاتباع يركضون
حتى ينالوا شرف التسريح
شعور ذيلي الجميل
* * *
أثناء غفوة الخفاش
عانقه أستاذه الكبير
هناك قارة فتية
حاصرها الشروق
فارم لها الشباك
وامدد لها يديك
في صدرها العظيم
جذور ذاك النور
والبعث والنشور
أحشاؤها قد دحيت
بكل ألوان الغنى
بكل ألوان الذهب
من أسود وأصفر وكل ألوان الربيع

إن سلمُت خطام قلبها لنا
فذاك أقصى ما نريد
لأن ابني البار
موطنه هناك
مبعثه هناك
وإن أبت فالويل كل الويل
النار والشنار
العار والدمار
بكف طالبي النجيب
أخيك يا خفاش
وأنت لن تكون قائداً
متى أتى الدجال
فإنه النهاية
نهاية الخراب
ومنتهى فسادنا الجميل
وقمة الخراب
وليس عندي بعده أمل
من ندَّ منه هارباً
فليس لي عليه من سبيل
* * *

ما أنت أيها الربيبة
ما أنت إلا مطرقة
في معصم الخفاش
ليوصل التمهيد
للقائد الكبير
إمامنا الدجال
ما أنت إلا معبر للقارة الفتية
أما النهاية
فإنها نفس نهاية أمك العجوز
فأحسني التلميع
لرجستي وجزمتي
وأستطيع أن أقول
بأنها مستقبل الجميع
فلا حياة لا رفاه
لا أنس لا نماء
إن خافت الجميلة
ففيها سر كلِّ شيء
وفيها شرُّ كل شيء
لمن يحارب الظلام
أو يكره الخفاش
أو ينتشي محذراً
من سيدي الدجال

ـ يا أيها الربيبة
ـ لبيك يا خفاش
ـ إليك نشرة سريعة
عن هذه الفتية
فنورها في غربها
وفي شمال تلك الجائعة
وفي شمالها هي
بقية من نور
حاولت طمسه من زمن بعيد
حاولت دفنه لكنه نما
حاولت قتله في داخل القيود
حاولت خنقه بسائر الفتن
حاولت بل حاولت ثم إنني
لم يبق لي سوى
أن أستمر في العناق للسراب
أن ألثم الغبار
وألعق الشنار
لأطفئ اللهيب باللهيب
وليس لي من رجعة
حتى ألاقي سيدي الخطيب
في ذلك الجحيم

ـ يا أيها الربيبة
ـ لبيك سيدي الخفاش
ـ لا بد لي أن أنطق الحقيقة
قد باء بالوبال والشقاء
من حارب السماء
لكنه طريقي المرسوم
من سيدي الخطيب
* * *
في غرب تلك القارة الفتية
وفي جنوبها الغربي
هناك مهد النور
حاولت أن أهديه رمادي
فأرسل الأنوار حول كوخي الجميل
فخفت أن يرى الأنباء ما يخفى من الجمال
ولو رأوه لنجلى الغطاء
أرسلت رجستي في داخل الأضواء
فحاولي أن تصنعي من دامس الظلام
ودامس الضلال
ما لم تطق تصنيعه
مومستي العجوز
فلا تحاربيهم أبداً جهارا
فالفوز مستحيل

قد غير الشروق فكرهم
حتى تسابقوا للموت
وهل هناك من سبيل
حتى يخاف من يرى في الموت متعته
* * *
هيا اسمعيني أطربيني وأنشدي
هيا اكشفي ومزقي وعانقي
يا أيها الربيبة ما أنت صانعة ؟
* * *
فلملمت أفكارها الربيبة
وبللت شفاهها الندية
تبخترت لأنها فتية
وزمجرت لأنها قوية
وفي قيامها أرادت التشمير للإزار
فسقط الرداء
تعانق الإزار والرداء في الطريق
وواصلت ربيبة الخفاش
زمجرة دون كساء
فلم تُرد أن تقطع العناق للإزار والرداء في النفاية

وعبّرت في ثقة يحفها التصفيق
لنشر ما تراه قادراً لنصرة الضلال
وقوة الظلام
والكل في انتباه
ماذا عساها قائلة
وهل تراها قادرة
أن تجعل الخفاش يبتسم
وبدأت في جرأة غريبة
قراءة الخطط
يا ويحها هل علمت لمن تحارب ؟
ومن تحارب ؟
كلا . لأنها لا تملك القرار
وبدأت كشف لثامها عن نابها الجميل
وسمها اللذيذ
وبدأت كأنها الغسق
زاحفة لتخنق الشروق
ومن رآها تحمل الأقلام
يظنها صاحبة التخطيط
لكن رآها حارس الخفاش خلسة
تعانق الرئيس
وتنحني تعانق الأقدام

وبحلقت وشدَّها
ما ينطوي في تكلم الصحيفة
أولها " أن تختفي الشروق
أن تقطعي خيوطه الممددة
وشوهي أنواره
ومجدي الظلام كي يرى من غير ما سواد
ولوني الشروق لوناً قاتماً
حتى يُرى من أقبح الألوان "
وتمتمت في نفسها وأحجمت
فزمجر الخفاش مغضباً
هل ذا اعتراض ؟
قالت أبيت اللعن إني معجبة
في هذه العدالة
وذلك التحرير
فقال ويلك اذهبي ونفذي المكتوب
من قبل أن يراك حارسي الكفيف
قالت أبيت اللعن قد رآني
فقال لا يضير
لأنني أريد أن يراك
حتى يكون شاهداً في لحظة البلوغ
أخشى بأن تمردي

فتنسجين غير ما رسمنا
تذكري بأن حارسي رآك
في حالة السجود تلعقين قدمي
وتأخذين خططي
قالت وهل تشك في ولائي
فقال كلا غير أن منهجي الإذلال
ولذتي التركيع
وهمتي أن يطمح الجميع
أن يراني أمتطيه
ويحسبوها قمة الكرامة
وسوف تذهلين
إذا رأيت ذلك التنافس الرهيب
ومن يفوز ساعة بلقب الحمار
قالت وكيف تستطيع سيدي
تجميل سيء الألقاب
فقال إني أملك المهارة
مهارة التزوير
مهارة التزيين
مهارة التكميم
مهارة التضليل

مهارة التبديل
وإن أردت جمعها جميعاً
فلتعلمي بأنني
أصبحت أملك الإعلام
قالت وهل صورتني في لحظة السقوط
لأني لا أريد أن أرى
من دون قبعة
فإنه ما عاد لي سواها
من كسوتي القديمة
فقال ذاك ما أريد
أريد منك مشية جميلة
مقبلة مدبرة مهرولة
وما استطعت أن تحركي فحركي
بل واقفزي نحو الفضاء
حتى أرى ما لم أرى
ولتحرصي على غطاء رأسك الجميل
وحدثي الجميع
أن ذاك قمة احتشام
وما سواه عودة
للجة الظلام
وبعد هذه النصائح العريقه

تطاولت لأنها سيدة الحمير
قائدة القطيع نحو حتفه المرسوم
وشحذت ريشتها الدقيقة
ريشتها الرقيقة
ومزجت ألوانها السوداء
لتبدأ الطلاء
وحاولت إلباس كل ناظرٍ نظارة عمياء
حتى يرى القبيح عالي البهاء
وعندما بدا الصباح متمطياً
أراد أن يقوم من سباته العميق
ممدداً خيوطه نحو الغروب
وطارداً جحافل الظلام
فصادفت خيوط نوره الجديد
فرشاتها بأقبح الألوان
فحجبت ألوانها خيوط ذاك القادم الجميل
وحبست أتباعها عن التأمل
في كونها الفسيح
وجعلت على مشارف الآذان حاجباً قوياً
حارسها الضجيج
ونثرت ألعابها النارية
فكل من تراه واجماً

أو صارفاً عنها اهتمامه
ألقت عليه لعبة لترضيه
وأحدثت من حوله ضجيجاً
كي تؤنسه
لأن صمته في عزلة
يصيبه بمرض التأمل
من لم تراه داخلاً مدينة الألعاب
مدت إلى جيرانه حبالا
وألبستهم ذهباً ومالا
وعلمتهم كيف يكرموا جيرانهم
ويشعلوا نيرانهم على الحدود
يهدموا على المزارع السدود
كي يكرموا الجيران تارة بالماء
وتارة أخرى بذرهم رمادا
وهكذا يبقى البعيد سائراً
بين انفجار النار والسدود
وهكذا سار بها طريقها المرسوم
لجمرها الجميل
ونارها الجميلة
* * *

يا عجبا ما هذه العقول
أوصلها التفكير للفضاء
أوصلها إعمال فكرها إلى القمر
أوصلها لأن تسود غابة البقر
أوصلها لقمة الرقي في البشر
علمها أن تصنع الدمار
علمها أن تخنق القرار
علمها من صنعة الخداع قمته
لكن لذة المعاشرة
غطت على تفكيرها العطيب
فعجزت عن التأمل
نعم أجادت في صناعة الفناء
وفي صناعة الشقاء
ولم تر ما خسرت من الحياة
بل لم تجد صناعة الحياة
* * *
ألم تر ألم تفكر لحظة من الزمن
من زين السماء بالنجوم
من الذي قد قدر الحياة
بكل ما تعنيه كلمة التقدير
فجاذبية قد قدرت
والشمس تجري بقدر

والقمر الجميل يجري لاهثاً وراءها
لمستقرها الأخير
والأرض ترويها دموع هاتيك السماء
يهتز صدرها الحنون في ارتواء
شاكرة واهبها الحياة
غاضبة على العصاة
فالكون كله يسعى إلى السماء
وينتشي لما يراه نازلاً من السماء
إن كان غيث الوحي أو غيث المطر
لكنه يهاب ما يراه في جبينها من التجهم المخيف
وكل ذرة لا تستطيع أن تخالف
وما تراه فوقها من الزلل
لا ترتضيه بل تدونه
لأنها قد خلقت شاهدة رقيبة
ولم تكن كما تحدث المستدبرون خالقة
يا ويلهم فكيف يحكمون
بل كيف يجرؤون
وكيف تجرؤ الربيبة
قد فكرت في كل شيء حولها
ولم تفكر لحظة في آخر الطريق
قد أحكمت على بنات فكرها الحجاب

حجابها الفولاذ والحديد
فلا ترى القبيح والجميلا
صارت تراها كلها سواء
وهذه نتيجة حتمية
لكل معرض عن الصعود للسماء
وحافر في طينة الشقاء
ومن يدس أنفه الرماد
إن شئت دقة في الوصف قل
تباً لعالم وعلم
يستدبر السماء
ويعشق الفحشاء
فلا يليق بالجميع
سوى اللقاء في الجحيم
وأنصت الجميع للخطيب
فأعلن البراءة
وأغلق الستار
وغادر الطريق تاركاً معاشر العشاق
في لذة العناق للهيب
وليس حكراً للعجوز والخفاش والربيبة
وإنما لكل سالك أعجبه الطريق
فهذه النهاية

أليس ذاك كله
تقدير عالم خبير
لكن كيف يستقيم علم من يستدبر السماء
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 عبدالسلام الشمراني
  • مقالات تربوية
  • ثمرات الأوراق
  • مسائل فقهية
  • خواطر
  • دروس تربوية
  • دروس ومحاضرات
  • عروض بوربوينت
  • السيرة
  • قصائد
  • الصفحة الرئيسية