صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الضحية يبكي على الجاني

أ.د / أحمد بن محمد الشرقاوي
أستاذ التفسير وعلوم القرآن بالجامعة الإسلامية
المدينة المنورة وجامعة الأزهر

 
الضحية يبكي على الجاني 1 - 5


من المضحكات المبكيات أنك ترى شعبا يبكي على لصوصه وقتلته وجلاديه ، وآخرين يبكون على من ضلَّلهم وكابد حياتَه ونافح عمره من أجل بقائهم على الشرك ، وشرَّق وغرَّب وطار وسَبَح ، وصال وجال ، في سبيل حجب النور عنهم .
{ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) } [التوبة : 32 - 34] .
 



الضحية يبكي على الجاني 2 - 5


اتشحت الجموع بالسواد وهي تحمل الشموع الشاحبة تودع من كرَّس حياته لتعميتها ومحاصرة من رأى النور فأبصر الحقيقة ، والحكم على من اختار طريق الإيمان وخلع ربقة الكفر وأغلاله بالسجن المطبق والعذاب الأليم ، دون الحاجة لمحاكم التفتيش فالسجن في الأديرة تقضي به قوانين الرهبنة ، وما وفاء قسطنطين وكامليا شحاته وغيرهما ببعيد !
 



الضحية يبكي على الجاني 3 - 5


تزاحمت الحشود وتدافعت على موكب كبير المضللين ، يزفونه ولا يدرون إلى مثوى الظالمين ومأوى الكافرين ، إلى جهنم ولبئس المهاد ، إلى النار وبئس الدار .
بعد عمرٍ مديد وإنجازات لا تكاد تحصى ، وإخلاصٍ منقطع النظير ، وسعيٍ دؤوب لنشر عقيدة شاءول اليهودي وطمس عقيدة المسيح عليه السلام ، عقيدة التوحيد الخالص : { وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) } [المائدة : 72 ، 73] .
وأخيرا قابل الرب ، ليس الرب الذي ينشده ويردد اسمه في صلواته وضَلَوَاتِه بل الله خالق كل شيء ومليكه ، الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .
 



الضحية يبكي على الجاني 4 - 5


عزائي الحار للنصارى لا على فقد وموت كبيرهم ودفنه في التراب بل على فقد عقولهم وموت قلوبهم ودفن رؤوسهم في التراب كيلا ترى النور ولا تبصر النُّذر .
{ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا } [الكهف : 4 ، 5 ]
إني أعزيهم على أعمار قضت وساعات انقرضت في الكذب والافتراء ، إني أعزيهم على فقدان أعز ما يملكه الإنسان وحرمانهم من أحلى نعمة في الأكوان ، نعمة الإيمان بالواحد الديان ، لا رب غيره ولا معبود سواه .
 



الضحية يبكي على الجاني 5 - 5


التوحيد حق أبلج ، ونور بيِّن ، وفطرة نقية ، وسعادة أبدية وسكينة وطمأنينة ، وصفاء وطهر وسموٌّ وارتقاء .
أما الشرك والتثليث فكذب وهراء وسخافة وتشويش وتناقض وتشتت وحيرة وأوهام وسقوط وانحطاط .
التوحيد طريق الجنان وهداية الرحمن ، وروح وريحان .
أما الشرك فشقاء وحرمان وإقصاء وإبعاد ، وتخبط وانتحار .
التوحيد طريق واضح لا لبس فيه ولا غموض ولا ازدواجية ولا تعددية ، ولا تضارب ولا تعارض ، ولا يحتاج لفلسفة أو لحذلقة .
أما الشرك فيركن دعاته إلى الفلسفة والترميز والتعمية والتلغيز ، وكل ما يساعدهم في زخرفة الأباطيل حتى تحولت الكنائس إلى متاحف ومسارح ، صور وتماثيل ورسوم وزخارف ، ونحوت وتخوت ، وموسيقى وألحان وأبهة وفخامة وصولجان ، وقباب وأبراج ، وثريَّات وأثاثات ، وبخور وأضواء تخطف الأبصار ، وحركات وإشارات ومكاء وتصدية ، ورياش وصلبان ، وحرير وفرق وسحر وشعوذة ومرح ولهو هذه هي حججهم ، وتلك هي براهينهم على أعظم فرية في التاريخ ، قاتلهم الله أنى يؤفكون .


كتبه العبد الفقير : أحمد بن محمد الشرقاوي
أستاذ التفسير وعلوم القرآن .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أحمد الشرقاوي
  • بحوث ودراسات
  • مقالات ورسائل
  • قصص مؤثرة
  • الصفحة الرئيسية