اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/shaya/4.htm?print_it=1

الإيجابيات والسلبيات في عمل المرأة في الصيدليات العامة

خالد بن عبدالرحمن الشايع
مستشار شرعي ـ عضو الجمعية الدولية لتاريخ الطب الإسلامي

 
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن تخصص الصيدلة الذي يُعنى بتصنيع الأدوية ومعرفة خصائصها العلاجية وتداخلاتها الكيميائية ، وما يتصل بهذه القضايا من التخصصات الدقيقة والمهمة ، قد عُني بها الإنسان منذ وجد على وجه هذه البسيطة .

وإن من يعلم ما لدى جنس النساء من البراعة في الأمور الدقيقة يدرك أن تخصص الصيدلة مجالٌ رحبٌ لإبراز براعة المرأة ودقة نظرها وإفادتها لمجتمعها ، ولأجل هذا فقد حفظ التاريخ أسماء نساء رائدات في المجالات الدوائية ، ولم يملك الناس إلا الشهادة لهن بذلك .

وفي زمننا المعاصر اتجه النساء إلى كليات الصيدلة دارسات وباحثات فأبلين بلاءً حسناً .
وبالنظر إلى كون ( الصيدلي ) من الرجال أو ( الصيدلية ) من النساء ، كل منهما صاحب مهنة يحتاجهما الناس ، فقد وجدت الوظائف لهما وباحتياج متواكب .

وقد برز تساؤل شرعيٌّ حول مدى مناسبة هذا التخصص للمرأة دراسةً ابتداءً ، ثم وظيفة ثانياً.
والعالم بحدود ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يدرك ما يلي :

في مجال الدراسة : ليس ثمة ما يمنع المرأة من التخصص في مجال الصيدلة ، بل هو محبذٌ ومطلوب ، ولا يطلب من المرأة في هذا الإطار غير ما يطلب من بنات جنسها ومن الرجال أيضاً ، وهو توقي الأمور الممنوعة شرعاً ، من مثل الاختلاط والخلوة المحرمة ، وليس هذا خاصاً بمجال الصيدلة ، بل هو في عامة الأمور .

في مجال عمل المرأة بعد تخرجها في مهنة الصيدلة : وهذا في مجالين أيضاً :
أ/ داخل صيدليات المستشفيات :
وهذا لا حرج فيه ، بل إن الحاجة ملحة به ، بحيث تعمل بين بنات جنسها ، فلا تختلط بالرجال الأجانب عنها في مكان عملها ، أي داخل الصيدلية ، ولا تخلو بأحد منهم .
وأما صرفها للدواء فالمتعين أن تكون متخصصة في قسم خاص بالنساء ، بحيث تتعامل بين بنات جنسها ، ولا تتجه لصرف الدواء للرجال إلا في حدود ضيقة ، تفرضها ظروف العمل في إطار مؤقت .
ب/ عملها في الصيدليات التجارية في الأماكن العامة :
وهذا المجال من العمل للمرأة ، بحيث تنشئ صيدلية خاصة بها ، أو تعمل بائعة للأدوية في صيدلية عامة ، على نوعين :
1/ فمنه الممنوع والمحرم شرعاً : وهو عملها في صيدلية عامة تصرف وتبيع فيها الدواء لعموم الناس رجالاً ونساءً ، وإنما قلنا بمنع هذا النوع بالنظر إلى أنه سيحوجها إلى الاختلاء بالرجال تارة ، وإلى الاختلاط بهم تارات أخرى ، وسنينشأ جراءه ذرائع موصلة إلى الإخلال بحقوق المرأة ومسئولياتها وكرامتها ، إضافة إلى سلبيات أخرى ليس هذا محل تفصيلها .
2/ ومنه ما لا نستطيع تحريمه ، بل هو محلٌّ للنظر والتأمل ، وقد يكون مطلوباً ومهماً ، وهو أن تتولى المرأة بيع الدواء وصرفه في صيدلية نسائية خاصة ، يقتصر دخولها على النساء ، ويمنع دخول الرجال ، ومما يحمل على تحبيذ هذا المجال أن ثمة من العقاقير الطبية والمستحضرات التجميلية والمنتجات النسائية الخاصة مما يحتاجه النساء ما لا يصلح مع الحياء أن تطلبه من صيدلي رجل . خصوصاً أن طائفة من النساء هنَّ اللاتي يشترين حاجاتهن تلك بأنفسهن ، بالنظر لعدم تفرغ أزواجهن ، أو عدم معرفة الأزواج بتلك الأشياء ، أو بالنظر لاستحياء غير المتزوجات أن يطلبن تلك الأشياء من محارمهن ، أو لغير ذلك من الأسباب .
فمثلاً : شراء المرأة للحفائظ النسائية أقرب للحياء أن تبتاعها من امرأة لا من رجل .
وكذلك شراؤها لحبوب منع الحمل أو لما يسمى ( اللولب ) ومعرفتها لكيفية الاستعمال والمناقشة في سلبيات ذلك الأقرب للحياء أن يكون مع امرأة مثلها .
وهكذا شراؤها لبعض العقاقير الطبية والدوائية الخاصة بموضع العورة من النساء الأقرب للحياء أن يكون ذلك من امرأة مثلها .
وهكذا أيضاً أدوات ومستحضرات التجميل التي تعج بها الصيدليات الأقرب للحياء أن يكون ذلك في محيط نسائي .
وأمثلة أخرى عديدة .

لكن نجاح هذا الاتجاه ، وهو تخصيص صيدليات نسائية ، يديرها ويبيع ويشتري فيها النساء فقط ، متوقف على مدى جدية الإجراءات الإدارية من الجهات المعنية كوزارة الصحة والبلديات والجهات الرقابية الأخرى في أن تلاحظ الضوابط الشرعية ، وكذلك ملاحظة الضوابط الفنية التي تضبط العمل ومكانه وتجعله متلائماً مع حيازته لعقاقير طبية ، وأن تلاحظ أيضاً فترات العمل ، حيث لا تصلح أن تكون مماثلة للصيدليات العامة ، حيث لا يتطلب ذلك استمرار العمل طيلة ساعات الليل والنهار .
وبإمكان تلك الجهات الرقابية التي تتابع معايير السلامة وغيرها أن تطلب من صاحب الصيدلية الحضور في وقت محدد لإجراء المتابعة ، أو أن تطلب من المرأة مالكة الصيدلية أن تقترح أحد محارمها ليحضر مع المراقبين ، وذلك لتجنب الخلوة والاختلاط مع موظفي الرقابة .
وما لم يتم الوفاء بالضوابط الشرعية والفنية فسيكون الاتجاه المشار إليه إضافة لمزيد من الأعباء والأخطاء .

وبعد : فإن ما تقدم ليس على سبيل الفتوى مني ، وإنما هو مناقشة للسلبيات والإيجابيات ، ولذا فإن مثل هذه الخطوة تتطلب فتوى شرعية من مرجعها وهي دار الإفتاء حتى تكون صائبةً مقبولة .
والله الموفق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .


27/8/1426هـ
khalidshaya@hotmail.com

 

خالد الشايع
  • الدفاع والنصرة
  • مقالات دعوية
  • شئون المرأة
  • أخلاقيات الطب
  • بر الوالدين
  • ردود وتعقيبات
  • بصائر رمضانية
  • الصفحة الرئيسية