صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الفوائد الجنية من الهجرة النبوية (13)

سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com

 
الخامس عشر : بالصبرِ واليقينِ تُنالُ الإمامةُ في الدين .
يقولُ ابنُ القيمِ رحمه الله " اليقينُ من الإيمانِ بمنزلةِ الروح من الجسد " ويقول ابنُ تيميةَ رحمه الله " الصبرُ نصفُ الإيمان ، واليقينُ الإيمانُ كلُه " إن المسلمينَ اليوم ، وهم يمرونَ بمرحلةٍ عصيبةٍ من مراحلِ تاريخهم المعاصر وتكادُ تغلِبُ في هذه المرحلةِ عواملُ اليأسِ ومشاعرُ الإحباطِ لهم بأمسِّ الحاجةِ إلى التمسكِّ بالدين ، والعضِّ عليه بالنواجِذ ؛ لأن الاستسلامَ لليأسِ يقتلُ الهممَ ويُخَدِّرُ العزائمَ ويدمِّرُ الطموحات ، وهذه المعاني هي التي تُحَرِّكُ الإراداتِ إلى بذلِ الجهد ، ورغمَ تتابُعِ الفتنِ وتنوُعِهَا وتكاثُرِها فإن نصرَ الله آتٍ لا محالةَ كما وعدنا سبحانه شريطةَ أن نتمسكَ بدينِنا ونعتـزَّ بشريعتِنا ويكونَ ولاؤنا لله ولرسولِه صلى الله عليه وسلم ولِمَنْ ولانا الله تعالى أمرهم " وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " " لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرينَ على الحقِ لا يضُرُهم من خَذَلَهم ولا من خَالَفهم حتى يأتَي أمرُ الله وهم ظاهرون " و" لا يزالُ هذا الدينُ قائماً يُقاتِل عليه عِصَابةٌ من المسلمينَ حتى تقومَ الساعة " ومع تكاثُرِ أعداءِ الإسلام ، وتكالبِهم على هذا الدينِ ، والكيدِ له ولأهله ، إلا أن النصرَ والتمكينَ بمشيئةِ الله لحملةِ هذا الدينِ المبشرينَ بالثناءِ والتمكينِ كما مُكِّنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حياتِه وأذعنت له الأمم ، كيف لا وهو القائل " إن الله زوى ليَ الأرضَ فرأيتُ مشارقهَا ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغُ مُلكُهَا ما زُوي لي منها " كيف لا .. وهو القائل " ليبلغّنَ هذا الأمرُ ما بلغ الليل والنهار، ولا يتركُ الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدينَ بعز عزيز أو بذُلِّ ذليل ، عزاً يعز الله به دينَ الإسلام ، وذلاً يُذِلُ به الكفر "

إن عِزَّ هذه الأمةِ ، ورِفْعَةَ أهلِ الحقِّ لا تتِمُّ ولنْ تكونَ إلا بالعضِّ على هذا الدينِ بالنواجذِ عقيدةً وشريعةً ، صدقاً وعدلاً ثباتاً في الموقفِ وصدقاً مع الله " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتمُ الأَعْلَوْنَ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " " وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ "
إن تَرَقُّبَ النصرِ القادمِ الذي وعدَ الله عبادَه وعداً لا يُخْلِفُه في قوله " وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْـمُؤْمِنِينَ " من أجلى ينابيعِ الأملِ وأقواها لدى المسلم ، حيث تدفَعُه نحوَ العملِ لدينِه المنصورِ ومبدئه الظافر " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " ولقد أعلنها صلى الله عليه وسلم بعد هجرته في وقتِ الشدةِ لتشَّتَدَّ أنظارُ المؤمنينَ إلى المستقبلِ المحتوم ؛ مهما كان الواقعُ يفرِضُ على الناسِ أقسى الظنون ، فعن البراءِ ابن عازبٍ رضي الله عنه أنه قال " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفرِ الخندق ، وعرض لنا صخرةٌ في مكانٍ من الخندقِ لا تأخذ فيها المعاوِل ، فشكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم هبطَ إلى الصخرةِ فأخذَ المِعْوَل فقال : بسمِ الله فَضَرَبَ ضربةً فَكَسَرَ ثُُلُثَ الحجر ، وقال : اللهُ أكبر ! أُعطيتُ مفاتيحَ الشام ، والله إني لأُبْصِرُ قُصُورَهَا الحُمْرَ من مكاني هذا ، ثم قال : بسم الله ، وضرب أخرى فكُسرت ثُلُثُ الحجر فقال : الله أكبر ! أعطيت مفاتيحَ فارس والله ! إني لأبصر المدائنَ وأبصرُ قَصْرَها الأبيضَ من مكاني هذا ، ثم قال : بسم الله ، وضرب أخرى فقلع بقيةَ الحجر ، فقال : الله أكبر ! أعطيت مفاتيح اليمن ، والله ! إني لأبصرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا "

أيها الأخوة الكرام ..
إن حتميةَ البلاءِ الذي كتبه الله على عبادِه منبعٌ للأمل ، فلا يُدْهَشُ المؤمنُ بنزولِ البلاء ، ولا ينهارُ ولا يُحْبَطُ حينَ يواجِهُ الكروبَ .
إن تقريرَ حتميةِ البلاءِ يجعلُ المؤمنَ متَرَقِّباً للشدائدِ مستعداً لها ومدركاً لحِكمتِها ، ومدركاً أنّ مقَدِّرَها هو القادرُ على دفعها " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْـجَنَّةَ وَلَـمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ " ولذلك كان الصحابةُ رضوانُ الله عليهم يُدركونَ هذا الأمرَ إدراكاً جيداً ، فهم يبادرونَ في تحليلِ الموقفِ وِفْقَ هذا الاعتبارِ " وَلَـمَّا رَأَى الْـمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلاَّ إيمَاناً وَتَسْلِيماً " ورحم الله ابنَ القيم يوم قال

والحقُ منصورٌ ومُمْتَحَنٌ فلا *** تعجب فهذي سنةُ الرحمن
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سلمان المالكي
  • مـقـالات
  • رفقا بالقوارير
  • المرأة والوقت
  • الخطب المنبرية
  • إلى أرباب الفكر
  • وللحقيقة فقط
  • الهجرة النبوية
  • فتنة الدجال
  • الصفحة الرئيسية