اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/slman/39.htm?print_it=1

إلى أرباب الفكر وحملة المنهج (3)

سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com

 
إلى أرباب الفكر وحملة المنهج (2)

ومن المعالم في تربية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه

خامساً : سبق النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوسائل التي يتنادى إليها التربويون اليوم ومن ذلك.
ضرْبه صلى الله عليه وسلم الأمثال وهو كثير ، ومن ذلك : تشبيه المؤمن بالنخلة [ في حديث البخاري برقم 61 من حديث ابن عمر ] والمجتمع بالسفينة [ في حديث البخاري برقم 2540 من حديث النعمان بن بشير ] الصاحب السيء بنافخ الكير [ في حديث البخاري برقم 5214 من حديث أبي موسى] ومن الوسائل في تعليمه : تحفيز الأذهان بالسؤال وهذا كثير فقد قال يوما لأصحابه " أتدرون من المفلس..." [ رواه مسلم برقم 2581 من حديث أبي هريرة ] وقال " أتدرون ما الغيبة..." [ رواه برقم 2589 من حديث أبي هريرة] وقال : أتدرون أي يوم هذا.." [ رواه البخاري برقم 1654 من حديث أبي بكرة] ومن الوسائل أيضا : تحفيز الأذهان بذكر معلومة أو خبر لم يذكر مقدمه أو أوله ، ومن ذلك أنه قال : رغم أنف ، ثم رغم أنف ، ثم رغم أنف ، قيل من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما ، فلم يدخل الجنة " [رواه مسلم في صحيحه برقم 3551 من حديث أبي هريرة] ومرّ بجنازة فأُثنى عليها خيراً فقال نبي الله " وجبت وجبت ، ومر بجنازة فأثنى عليها شراً فقال نبي الله : وجبت وجبت، قال عمر : فدىً لك أبي وأمي ، مر بجنازة. .) [ رواه مسلم برقم 949 من حديث أنس. ] وذات مرة قال صلى الله عليه وسلم " أُحضروا المنبر ، فحضرنا ، فلما ارتقى درجة قال : آمين ، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال : آمين ، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال : آمين ، فلما نزل قلنا يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه.. " [رواه الحاكم من حديث كعب بن عجرة ] ومن الوسائل أيضا : قلة الكلام وإعادته ليتمكن في قلب السامع ، تقول عائشة رضي الله عنه " إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحدث الحديث لو شاء العد أن يحصيه أحصاه " [ رواه أبو داود برقم 3654 من حديث عائشة ] ويقول أنس رضي الله عنه " كان إذا سلم سلم ثلاثاً ، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً " [ رواه البخاري برقم 94] وفي رواية أخرى للبخاري زاد " حتى تفهم منه " [ رواه البخاري برقم 95 ] ولهذا فإني على المعلم المثالي أن يكون أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعرف نهجه وكيف ربى أصحابه .

سادسا :
ومن المعالم أيضا في تعليمه صلى الله عليه وسلم : الصبر وطول النفس .
يسهل على الإنسان أن يتعامل مع الآلة الصماء ، ويستطيع الباحث أن يصبر ويكافح في دراسة هذه الظاهرة المادية أو تلك ، لكن التعامل مع الإنسان له شأن آخر وبعد آخر ، ذلك أن الناس بشر لا يحكم تصرفاتهم ومواقفهم قانون مطرد ، فتراه تارة هنا وتارة هناك ، تارة يرضى وتارة يسخط ، ولهذا أجمع المختصون بأن الظاهرة الإنسانية ظاهرة معقدة ، وأن البحث فيها تكتنفه صعوبات عدة فكيف بالتعامل المباشر مع الإنسان والسعي لتقويمه وتوجيه سلوكه ، ومن يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يرى كيف صبر وعانى حتى ربى هذا الجيل المبارك ، كم فترة من الزمن قضاها صلى الله عليه وسلم ؟ وكم هي المواقف التي واجهها صلى الله عليه وسلم ومع ذلك صبر واحتسب وكان طويل النفس بعيد النظر إن البشر مهما علا شأنهم فلن يصلوا إلى درجة العصمة ، وهل أعلى شأناً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهاهم يتنزل فيهم في بدر [ لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ] وفي أحد [ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ] وفي حنين [ ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ] وحين قسم صلى!
الله عليه وسلم غنائم حنين وجد بعض أصحابه في نفوسهم ما وجدوا ، وكان صلى الله عليه وسلم يخطب فجاءت عير فتبعها الناس فنزل فيهم قرآن يتلى ، ومع ذلك يبقى هذا الجيل وهذا المجتمع هو القمة ، وهو المثل لأعلى للناس في هذه الدنيا
فكيف بمن دونهم بل لا يسوغ أن يقارن بهم ، إن ذلك يفرض على المربي أن يكون طويل النفس صابراً عالي الهمة متفاءلاً .

سابعا :
الخطاب الخاص .
فكما كان صلى الله عليه وسلم يوجه الخطاب لعامة أصحابه ، فقد كان يعتني بالخطاب الخاص لفئات خاصة من أصحابه ، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم حين يصلي العيد أن يتجه إلى النساء ويخطب فيهن ، كما روى ذلك ابن عباس -رضي الله عنهما- قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبل ولا بعد ، ثم مال على النساء ومعه بلال فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن ، فجعلت المرأة تلقي القلب والخرص [رواه البخاري (1431) ومسلم (884) ] بل تجاوز الأمر مجرد استثمار اللقاءات العابرة ، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه- أن النساء قلن لرسول الله صلى الله عليه وسلم :غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوماً من نفسك ، فواعدهن يوماً فلقيهن فيه فوعظهن وأمرهن ، فكان مما قال " ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجاباً من النار " فقالت امرأة : واثنين فقال " واثنين " [ رواه البخاري ( 101 ) ومسلم ( 2633 )] وقد يكون الخصوص لقوم أو فئة دون غيرهم ، كما فعل في غزوة حنين حين دعا الأنصار وأكد ألا يأتي غيرهم ، وكما بايع بعض أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئاً .

إلى أرباب الفكر وحملة المنهج (4)

 

سلمان المالكي
  • مـقـالات
  • رفقا بالقوارير
  • المرأة والوقت
  • الخطب المنبرية
  • إلى أرباب الفكر
  • وللحقيقة فقط
  • الهجرة النبوية
  • فتنة الدجال
  • الصفحة الرئيسية