صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







السلف وسنة المعصوم صلى الله عليه وسلم أحوال وحالات

سلمان بن يحي المالكي

 
 أخي الكريم .. أختي الكريمة ..
من تمام محبة المعصوم صلى الله عليه وسلم وتعظيمه : الحرص على نشر سنته وتبليغها وتعليمها الناس وهو باب عظيم من أبواب محبته عليه الصلاة والسلام ، لما في ذلك من سعي لإعلاء سنته ، ونشر هديه بين الناس ، والحرص على إماتة البدعة ، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " بلغوا عني ولو آية " [ رواه البخاري ، ح 3274 ] والناظر بعين البصر والبصيرة في هذا الزمن يرى الجفاء الحقيقي والبعد العميق في تطبيق سنته صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا ، في أحوال كثير من الناس ، قولية كانت أو فعلية ، ليس عند العامة فقط ، بل لدى كثير من طلاب العلم إلا من رحم الله ، إما بتحويل تلك السنن والعبادات إلى عادات ، ونسيان احتساب الأجر فيها من الله تعالى ، أو ترك متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه ، والمحبة القلبية الخالصة له ، ونسيان السنن وعدم تعلمها ، أو البحث عنها ، وعدم توقيرها أو الاستخفاف بها ، حتى صارت السنة عند البعض كالفضلة ، و أصبح الغريب حقيقة من يعمل بها ويطبقها ، فطوبى للغرباء الذين يمسكون بكتاب الله حين يترك ، ويعملون بالسنة حين تطفأ ، وهنيئا لهم على لسان رسولهم يوم قال لهم " طوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنتي " [ رواه الترمذي ،ح 2630] ورحم الله يونس بن عبيد يوم قال " ليس شيء أغرب من السنة ، وأغرب منها من يعرفها " [ كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة لابن رجب ص 28 ] ولعمر الله لا يستقيم قلب العبد حقيقة حتى يعظم السنة ويحتاط لها، ويعمل بها ، ولذلك فإنك تصدقني القول ، وتشاركني المأساة ، حينما نكون في مجالسنا ومنتدياتنا فلا نعطي اهتماما لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم وحديثه ، وكأنها سيرة عابرة ، أو قصة سائرة ، أو حديث شاعر ، فلا أدب ، ولا توقير ، ولا احترام ، ولا استشعار لهيبة الجلال النبوي نعم . إنه الجفاء الروحي الذي يتضح في نزع هيبة الكلام حين الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه ، لقد كان عبد الرحمن بن مهدي إذا قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحاضرين بالسكوت ، فلا يتحدث أحد ، ولا يُبرى قلم ، ولا يبتسم أحد ، ولا يقوم أحد قائما ، كأن على رؤوسهم الطير ،أو كأنهم في صلاة ، فإذا رأى أحدا منهم تبسم أو تحدث لبس نعله وخرج " [ سير أعلام النبلاء 9/201 ] وإليك طرفا من أحوالهم رحمهم الله في هذا الجانب .
1. هاهو جعفر بن محمد كان كثير الدعابة والتبسم ، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفرّ لونه ، وما كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو على طهارة . [ رواه البخاري ، 3584 ]
2. وذكر مالك عن محمد بن المنكدر أنه قال " لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا بكى حتى نرحمه" [ حلية الأولياء 3 / 147 ] .
3. وقال عمرو بن ميمون " اختلفت إلى بن مسعود سنة فما سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه حدّث يوما فجرى على لسانه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم علاه كرب ، حتى رأيت العرق يتحدر من جبهته ، ثم قال : هكذا إن شاء الله ، أو فوق ذا ، أو دون ذا ، ثم انتفخت أوداجه ، وتربّد وجهه وتغرغرت عيناه " [ الشفاء بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه سلم للقاضي عياض ، 2/599 ]
4. وبلغ معاوية أن كابس بن ربيعة يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما دخل عليه من باب الدار قام عن سريره وتلقاه وقبّل بين عينيه ، وأقطعه المرغاب ، لشبهه صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم " [ المصدر السابق 2/ 610]
5. وهاهو صفوان بن سليم ، كان من المتعبدين المجتهدين ، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى ، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه " [ المصدر السابق 2 / 598 ]
6. وكان مالك رحمه الله تعالى أشد تعظيما لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا جلس للفقه جلس كيف كان ، وإذا أراد الجلوس للحديث اغتسل وتطيب ولبس ثيابا جددا وتعمّم وقعد على منصته بخشوع وخضوع ووقار ، ويبخر المجلس من أوله إلى فراغه تعظيما للحديث " [ تذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 196 ] فأين نحن من سيرة أولئك الأطهار ؟ الأئمة الأعلام ؟ وأين حالنا من حالهم ؟ بل وما حقيقة الحب عندنا ؟ وما أثره عندهم ؟ لقد غاب عنا الحب وإن ادعيناه ، ونسينا السنن فكأنها أحاديث الذكريات ، والله المستعان ..

وكل يدعي وصلا بليلى          وليلى لا تقر لهم بذاكا
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سلمان المالكي
  • مـقـالات
  • رفقا بالقوارير
  • المرأة والوقت
  • الخطب المنبرية
  • إلى أرباب الفكر
  • وللحقيقة فقط
  • الهجرة النبوية
  • فتنة الدجال
  • الصفحة الرئيسية