اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Doat/slman/63.htm?print_it=1

إلى أرباب الفكر وحملة المنهج (8)

سلمان بن يحي المالكي
slman_955@hotmail.com

 
إلى أرباب الفكر وحملة المنهج (7)

ومن المعالم في تربية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه

الرابع عشر : التعويد على المشاركة والعمل .
اعتاد كثير من ناشئة المسلمين اليوم أن يُكفى كل شيء ، فهو في المنزل يقدم له الطعام والشراب ، ويتولى أهله تنظيم غرفته وغسل ملابسه ، فساهم ذلك في توليد جيل كسول لا يعرف العمل والمسئولية ، وفي المدرسة وميادين التعليم اعتاد التلاميذ الكسل الفكري ، وصار دورهم مجرد تلقي المعلومات جاهزة دون أي جهد ، وحتى حين يُطلب منهم بحث أو مقالة فلابد أن تحدد لهم المراجع ، وبأرقام الصفحات ، وقل مثل ذلك في كثير من المحاضن التربوية ، إننا حين نريد تخريج الجيل الجاد فلابد من تعويده من البداية على المشاركة وتحمل المسئولية : في المنزل بأن يتولى شؤونه الخاصة ، وفي المدرسة بأن يبذل جهداً في التعلم ، وعلى القائمين اليوم في المحاضن التربوية أن يأخذوا بأيدي تلامذتهم ، وأن يسعوا إلى أن يتجاوزوا في برامجهم التي يقدمونها القوالب الجاهزة ، وأن يدركوا أن من حسن تربية الناشئة أن يمارسوا المسئولية ، وألا يبقوا كَلاً على غيرهم في كل شيء ، فينبغي أن يكون لهم دور ورأي في البرامج التي يتلقونها ، وحين نعود لسيرة المربي الأول والمعلم الأمثل محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه سنرى نماذج من رعاية هذا الجانب ، فهو صلى الله عليه وسلم يعلم الناس أن يتحملوا المسئولية أجمع تجاه مجتمعهم ، فليست المسئولية لفرد أو فردين ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : مثل المداهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به فأخذ فأساً فجعل ينقر أسفل السفينة ، فأتوه فقالوا : ما لك ؟ قال : تأذيتم بي ولا بد لي من الماء ، فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم [رواه البخاري (2686)] ومن ذلك أيضاً استشارته صلى الله عليه وسلم لأصحابه في كثير من المواطن ، بل لا تكاد تخلو غزوة أو موقف مشهور في السيرة من ذلك ، وفي الاستشارة تعويد وتربية لهم ، وفيها غرس للثقة ، وفيها إشعار لهم بالمسئولية ولو عاش أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على خلاف ذلك ، أتراهم كانوا سيقفون المواقف المشهودة في حرب أهل الردة وفتوحات فارس والروم ؟بل كان صلى الله عليه وسلم على المستوى الفردي يولي أصحابه المهام ، من قيادة للجيش وإمارة ودعوة وقضاء وتعليم ، فأرسل رسله للملوك ، وبعث معاذاً إلى اليمن ، وأمَّر أبا بكر على الحج ، بل كان يؤمر الشباب مع وجود غيرهم ، فأمر أسامة على سرية إلى الحرقات من جهينة [رواه البخاري (4269) ومسلم (96) ] ثم أمره على جيش يغزو الروم [رواه البخاري (4469) ومسلم (2426) ] وولى عثمان بن أبي العاص إمامة قومه [رواه مسلم(468)]... وهكذا فالسيرة تزخر بهذه المواقف ، فما أجدر الدعاة والمربين اليوم أن يسيروا على المنهج نفسه ليخرجوا لنا بإذن الله جيل جاد يحمل المسئولية ويعطيها قدرها.


إلى أرباب الفكر وحملة المنهج (9)
 

سلمان المالكي
  • مـقـالات
  • رفقا بالقوارير
  • المرأة والوقت
  • الخطب المنبرية
  • إلى أرباب الفكر
  • وللحقيقة فقط
  • الهجرة النبوية
  • فتنة الدجال
  • الصفحة الرئيسية