صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الإجازة والبنوك

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلاماً على نبيه الذي اصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن بسنته اقتدى ، وبهديه اهتدى . . وبعد :
في مثل هذه الأيام من كل عام ، يتجه فئة من الناس ممن أضلهم الشيطان وأغواهم وزين لهم المعصية ، ورغبهم في غير التوجه الصحيح ، وللأسف أنهم انساقوا وراء ترهات الشيطان ، واقتفوا أثره ، واتبعوا ضلاله ، فوقعوا في الضلال والعمى ، والغي والبغي ، فظلموا أنفسهم وأهليهم في الدنيا ويوم القيامة وذلك بما نراه اليوم من تهافتهم على مقر أعمالهم في بداية الإجازة الصيفية ، على ما يسمى بأوراق التعريف ، معرفاً فيها مقدار راتبهم ، مستعينين به على معصية الله في إقحام أنفسهم بمعاملات ربوية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار .
من اجل الإجازة يحارب العبد ربه والعياذ بالله ، من أجل الإجازة وثورات الأهل والزوجة والأولاد يتنازل أحدهم عن دينه ، ويبيعه بعرض من الدنيا زائل ، بل ربما تورط في عملية ربوية ثم مات بعد إنجازها ولم يتمتع بذلك المال الحرام ، والحرام يجر بعضه بعضاً ، حتى يوبق العبد نفسه وتقحم النار على بصيرة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
كم نسمع اليوم من معاملات محرمة تدور في أروقة البنوك ، تسهل للناس الوقوع في الربا والعياذ بالله ، والله تعالى قد حرمه عليهم في قوله تعالى : { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة275 ] .
لقد توعدهم الله بالنار ، من هو العاقل الذي يشتري النار ، ويبيع الجنة ؟
ألم يعلموا أن الله حرم عليهم الربا ؟ { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } .
ألم يعلموا أن مآل صاحب الربا إلى النار ؟ { فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .
ألم يعلموا أن الربا ممحوق البركة ، تذهب بركته ، وتبقى حسرته ؟ قال الله عز وجل : { يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } [ البقرة276 ] .
صاحب الربا معذب في الدنيا والقبر وفي الآخرة ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " أَتَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِي عَلَى قَوْمٍ بُطُونُهُمْ كَالْبُيُوتِ فِيهَا الْحَيَّاتُ تُرَى مِنْ خَارِجِ بُطُونِهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرَائِيلُ قَالَ هَؤُلاَءِ أَكَلَةُ الرِّبَا " [ رواه ابن ماجة ] .
وفي صحيح البخاري من حديث سمرة يمتد عذابه من موته إلى أن تقوم القيامة .
صاحب الربا ملعون ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ " [ رواه البخاري ومسلم واللفظ له ] .
الربا أشد من الزنا ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " دِرْهَمُ رِباً يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلاَثِينَ زَنْيَةً " [ رواه أحمد ] .
آكل الربا كمن ينكح _ زنى _ أُمه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " الرِّبَا ثلاث وسَبْعُونَ باباً أَيْسَرُهَا مثل أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ " [ رواه ابن ماجة وصححه الألباني بمجموع طرقه في الصحيحة ] .
انتشار الربا دليل على الهلاك العام ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلاَّ أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " [ رواه أحمد وحسنه الألباني ] .
عاقبة الربا إلى قلِّ وخسارة ، والواقع يشهد لذلك ، وسأل أهل الربا ومن تعاملوا به فعند جهينة الخبر اليقين ، ودليل ذلك ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنَ الرِّبَا إِلاَّ كَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ إِلَى قِلَّةٍ " [ رواه ابن ماجة وصحح إسناده البوصيري وصححه الألباني ] .
الربا من أكبر الكبائر ، ومن أعظم الجرائم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبعَ الموبقات ، قيل : يا رسولَ الله ، وما هُنَّ ؟ قال : الشركُ بالله ، والسِّحْرُ ، وقتْلُ النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ، وأكلُ مال اليتيم ، وأكل الرِّبا ، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
والموبقات : الذنوب المهلكات .
فاتقوا الله أيها المسلمون واتركوا الربا ، واصبروا عن معصية الله حتى تلقوا ربكم تبارك وتعالى ، فالمعاصي موجبة للنار والهلاك ، والربا من أعظم أبواب النار ، فهل أنتم منتهون ؟

 

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية