صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حقوق المرأة

يحيى بن موسى الزهراني

 
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه وخليله أفضل البشر أجمعين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه وسار على نهجه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين . . . أما بعد :

فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل ، فالتقوى أساس الإيمان ، ودليل الإحسان : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً " .
أمة الإسلام : لقد أتى على المرأة حين من الدهر ، لم تكن شيئاً مذكوراً ، ولم تقم لها قائمة ، فكانت تائهة عائمة ، مسلوبة الإرادة ، محطمة العواطف ، مهضومة الحقوق ، مغلوبة على أمرها ، متدنية في مكانتها ، مُتَصَرَّفاً بشؤونها ، فكانت عند الرومان تعد من سقط المتاع ، وعند اليهود تعتبر نجسة قذرة ، واحتار فيها النصارى أهي إنسان له روح ؟ أم إنسان بلا روح ؟ ثم انتهى بها الأمر إلى وأدها في مهدها .

وبعد تلك الويلات ، وإثر تلك النقمات التي كانت تعيشها المرأة ، جاء الإسلام وأشرق نوره في جميع أصقاع المعمورة ، فأعلن مكانة المرأة ، ورفع قدرها ، وأعظم من شأنها ، فأخذت كامل حقوقها ، ومن أعظم ذلك الصداق وهو المهر ، فالمهر ملك لها وحدها تقديراً لها ، ورمزاً لتكريمها ، ووسيلة لإسعادها ، وثمناً لاستمتاع الزوج بها ، لها في مهرها حرية التصرف بضوابطه الشرعية ، فهو ملك لها ، وليس لأحد من أوليائها أن يشاركها فيه ، ومن أخذ من مهرها ولو شيئاً يسيراً بغير إذنها ورضاها ، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الظلم والتعسف ، وأكل الأموال بالباطل ، قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة " [ رواه البخاري ] . وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام . فاتقوا الله أيها الأولياء في بناتكم ومن ولاكم الله أمرهن من الأخوات وغيرهن ، أحسنوا إليهن ، وأكرموهن ، وأعطوهن مهورهن ، فهذا هو الشرع المطهر ، والنور المبين .

معاشر المسلمين : المرأة ليست سلعة تباع وتشترى ، وليست عنزاً حلوباً يحلبها صاحبها متى شاء ، المرأة إنسانة مكرمة ، ذات مشاعر وأحاسيس مرهفة ، تحمل بين جنباتها قلباً عظيماً ، وفؤاداً طيباً ، ولقد أوصى الإسلام بها وصية كبيرة ، ورغب في ذلك ، وجعل جزاء ذلك دخول الجنة دار الأبرار ، والبعد عن النار دار الفجار ، قال صلى الله عليه وسلم : " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين " وضم أصابعه [ رواه مسلم ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من ابتلي ـ أي اختبر ـ من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار " [ متفق عليه ] ، وحذر الشارع الكريم من إهمال حق البنات ، أو عدم العناية بهن ، قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أحرج حق الضعيفين ، اليتيم والمرأة " [ رواه النسائي وغيره بإسناد حسن ] ، ومعنى ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم يلحق الإثم بمن ضيع حقهما ، وحذر من عاقبة ذلك تحذيراً بليغاً ، فاتقوا الله أيها الناس في النساء .

عباد الله : لما ضعف الإيمان ، وقل اليقين ، وطغت على الناس الماديات ، ولما انجرف كثير من العباد وراء المغريات والملهيات ، فآثروا حب الدنيا على الآخرة ، ونتيجة لتفشى الجهل بين كثير من الناس ، هبت عاصفة المدنية الحديثة ، والتحضر الزائف ، فأحدث الناس أموراً عجيبة ، وعادات غريبة ، بعيدة كل البعد عن الدين ، ومن هذه العادات الباطلة ، التغالي في مهور البنات ، حتى وصلت إلى مئات الآلاف من الريالات ، والبنت لا حول لها ولا قوة ، لقد أعادوا عادات الجاهلية السحيقة ، وأحيوا جذوة نار الظلم والجور التي كانت تعاني منها المرأة في الأزمنة الغابرة ، وأدوا البنت حية ، لم يدفنونها في قبرها ، ولكن هالوا عليها تراب الجحيم في سجن زوج لا تطيقه ، ولا تريده ، من أجل حفنة قذرة من المال ، سبحان الله العظيم ، أنرضى بعادات الجاهلية لنا ديناً وقد أبطلها محمداً صلى الله عليه وسلم ، أنحن أفضل من رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في مهر بناته وزوجاته أمهات المؤمنين ، كلا والله ، لسنا بأفضل منه ، فهو القدوة والأسوة التي يتحذى به ، قال عليه الصلاة والسلام : " خير الصداق أيسره " [ رواه الحاكم ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن من يُمن المرأة تيسير خطبتها ، وتيسير صداقها ، وتيسير رحمها " [ رواه الإمام أحمد ] ، قال ابن القيم رحمه الله : " المغالاة في المهر مكروهة في النكاح ، وأنها من قلة بركته ، وسبب عسره " ، قال الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه ، فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " [ رواه الترمذي وحسنه الألباني ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيراً " [ متفق عليه ] ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " ألا لا تُغلوا في صُدُق النساء ، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله عز وجل ، كان أولاكم به النبي صلى الله عليه وسلم ، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأة من بناته حتى يكون لها عداوة في نفسه ، وحتى يقول كُلفت لكم علق القربة " [ رواه الخمسة وغيرهم وهو أثر صحيح ] ، ومعنى كلفت لكم علق القربة : يعني يقول لزوجته : تكلفت وتحملت لأجلك كل شيء حتى حبل القربة أحضرته لك ، فكلما أخطأت المرأة كالها المكاييل ، وأذاقها ألوان العذاب ، عندما يتذكر ما سببته له من ديون ، وإنفاق أموال بالباطل ، ألا فاعلموا أن زواجاً يكثر مهره ، ويعظم همه ، ويزداد غمه ، وتكثر تكاليفه ، فاشل أوله ، ومؤلم آخره ، والواقع خير شاهد على ذلك ، إن المغالاة في المهور والإسراف والبذخ ، والتقليد الأعمى والسطو على مهر المرأة ، وصرفه في المظاهر البراقة الخداعة ، وإنفاق الأموال على الشعراء والشاعرات ، وإهمال الفقراء والمساكين ، كل ذلك وراء عزوف الشباب عن الزواج ، وسبب لعنوسة البنات ، مما ينذر بوقوع شر عظيم في الأمة والمجتمع ، من فعل للفاحشة ، وانتشار للجريمة ، وتعقيد لبناء الأسرة المسلمة .

أيها المسلمون : نحن في زمن قلت فيه فرص الوظيفة ، وتدنى فيه مستوى المعيشة ، وزاد فيه مستوى البطالة ، فقليل من الشباب الجامعي من يجد وظيفة ، فضلاً عمن لا يملك الشهادة الجامعية ، وإن وجدت الوظيفة ، فالراتب لا يفي بالغرض ، إجار مرتفع ، ومعيشة غالية ، ومهر باهض ، وأنى للشباب الإتيان بكل تلك التكاليف ، فهنا يجب أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا من تسهيل للمهور ، وتيسير للزواج ، وصيانة لأعراض البنين والبنات ، ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا بتطبيق الرجال قول الله تعالى : " الرجال قوامون على النساء " ، وبتطبيق قوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " [ رواه البخاري ] ، فالقوامة بيد الرجل ، والحل والربط بيد الرجل ، أما المرأة فهي تابعة لزوجها ، لا تخرج عن رأيه ومشورته قيد أنملة ، ولا بأس بمشاورة المرأة في أمر زواج ابنتها من الخاطب حتى تبدي رأيها في ذلك ، لكن أن يترك لها زمام التصرف ، والتفاوض ، فهذا غير مشروع وخصوصاً في وقتنا هذا ، الذي طغت فيه الفضائيات وحب التقليد ، وتقمص الأفلام والمسلسلات ، حتى تغالت في المهور الأمهات ، وأرهق كاهل الشباب بطلبات تنوء بحملها الجبال الراسيات ، فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات في أبنائكم وبناتكم ، سهلوا المهور ، يسروا الزواج ، ارضوا بالخاطب الكفء ، اخطبوا لبناتكم قبل أولادكم ، كونوا قدوة صالحة ، ومثالاً طيباً ، أخرج النسائي وأصله في الصحيحين ، أن أبا طلحة خطب أم سليم ، فقالت : والله يا أبا طلحة ما مثلك يُرد ، ولكنك رجل كافر ، وأنا امرأة مسلمة ، ولا يحل لي أن أتزوجك ، فإن تُسلم فذاك مهري ، وما أسألك غيره ، فأسلم فكان ذلك مهرها . ورجل تزوج بامرأة بما معه من القرآن ، فيعلمها ويكون ذلك مهرها ، كان ذلكم مثالاً لمهور نساء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع المثل لأمته في شأن المهر والصداق ، وتيسيره لصداق بناته دليل ناصع على رغبته في تقرير هذا المعنى بين الناس ، إن الصداق مجرد رمز لا ثمن سلعة ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية
الحمد الله واهب النعم ، كثير الخيرات والعطايا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أعطى وأمر بعدم الإفراط والتفريط ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، وعلى آله وصحبه الغر الميامين . . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله وامتثلوا أوامر ربكم تنجو بأنفسكم ، وإياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة .
معاشر المسلمين : لقد كانت المرأة في العصور الجاهلية القديمة تعد من سقط المتاع ، فلا ميراث لها عند أولئك الكفرة الفجرة ، أولئك الجهلة الظلمة ، إلى أن جاء النور المحمدي الشريف من لدن رب العزة والجلال ، فرفعت المرأة رأسها ، وأشرفت على الناس أجمعين ، شامخة أبية ، فقد أنصفها الدين الإسلامي وأعطاها كامل حقوقها ، ومن أعظم تلك الحقوق حقها في الميراث ، قال تعالى : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " ، فالمرأة في الميراث تأخذ نصف ميراث الرجل ، لأن الرجل هو المسؤول عن الإنفاق ، وهو المكلف بجلب المهر للمرأة ، أما المرأة فلا نفقة عليها للزوج ، ولا مهر له عليها ، لذا كان نصيبها من الميراث نصف ما للرجل ، وهذه حكمة عظيمة بالغة من لدن حكيم خبير ، والمصيبة العظمى ، والطامة الكبرى التي لا مثيل لها عندما نجد بعض المسلمين ممن ينتسبون إلى هذا الدين ، وهم يغالطون أنفسهم ببعدهم عن خالقهم ، وتركهم لسنة نبيهم ، وذلك بهضم حقوق المرأة في الميراث ، وعدم إعطائها أياً من حقوقها جهلاً بحقوق المرأة التي حفظها الإسلام ، وتساهلاً بأوامر الدين ، فالمرأة لها من الميراث ما قضى به الشارع الحكيم ، فإما أن تكون بنتاً ، أو أماً أو أختاً أو زوجة أو غير ذلك ، فلكل واحدة نصيبها من الميراث وفق الشرع ، ويحرم هضم حقوق المرأة من الميراث ، أو كتابة الوصية للذكور دون الإناث ، ويحرم إعطاء البنات جزءاً من أرض ، وتخصيص الذكور بالأجزاء الكبيرة من الميراث ، لما في ذلك من ظلم للبنات ، بل الصواب في ذلك أنه لا وصية لوارث ، كما صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والحذر كل الحذر من ظلم الإناث ، أو أكل حقوقهن ، أو عضلهن ، أو منعهن من الميراث ، فكل ذلك حرام ، لم تحله الشريعة الإسلامية ، بل أبطلت مثل تلك العادات الجاهلية ، وعلى الولي والأب أن يتق الله في نفسه ، فهو قادم على ربه تبارك وتعالى ، فلا يلقى ربه وعليه مظلمة لأحد من الناس ، فكيف إذا كان المظلوم ابنته التي هي من صلبه ، فهذا من أعظم الظلم ، ومن أعظم الاعتراض على كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فعلينا معاشر المسلمين أن نعتز بديننا ونفخر بشريعتنا ، التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة مما يحتاجه المسلم والمسلمة في أمور دينه إلا وبينته بياناً شافياً كافياً ، فلله الحمد من قبل ومن بعد .

أيها المسلمون : لقد ألحق النبي صلى الله عليه وسلم الضرر والحرج والهلاك على من ضيع حق اليتيم ، بل وألحقه الإثم ، لأن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الأيتام في آيات كثير من كتاب الله تعالى ، حيث قال تعالى : " فأما اليتيم فلا تقهر " يقول بن سعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية : [ أي لا تسيء معاملة اليتيم ، ولا يضيق صدرك عليه ، ولا تنهره ، بل أكرمه وأعطه ما تيسر واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك ] ، وقال تعالى : " فذلك الذي يدع اليتيم " يقول بن سعدي : [ أي يدفعه بعنف وشدة ، ولا يرحمه لقساوة قلبه فهو كالحجارة أو أشد قسوة ، ولأنه لا يرجو ثواباً ولا يخاف عقاباً ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أحرج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة " [ رواه أحمد وغيره بإسناد حسن ] . وقال صلى الله عليه وسلم : [ أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين ] وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرج بينهما ، ( رواه البخاري ) . ووالله إن شر البيوت البيت الذي يساء فيه إلى يتيم ، وخير البيوت البيت الذي يحسن فيه إلى يتيم ، وأخص بذلك المرأة اليتيمة لأنه لا حول لها ولا قوة إلا بالله تعالى ، فاحذر أيها المسلم ، احذر أن تجعل لك خصماً يوم القيامة ، وهناك من الناس من يحرم اليتيمة من الزواج لأكل مالها إن كانت صاحبة مال ، أو يحرمها الزواج من أجل الاستيلاء على راتبها إن كانت موظفة ، ومنهم من يجبرها على الزواج من أجل أكل مهرها ، وكل ذلك من أكل المال الحرام ، قال تعالى : " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً " ، قالت عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى : " وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن " قالت : هذا في اليتيمة التي تكون عند الرجل ، لعلها أن تكون شريكته في ماله ، وهو أولى بها فيرغب أن ينكحها ، فيعضلها لمالها ، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في مالها . [ رواه البخاري ] ، وقالت في هذه الآية : " ويستفتونك في النساء . . . . . " قالت : هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب أن يتزوجها ، ويكره أن يزوجها غيره ، فيدخل عليه في ماله فيحبسها ، فنهاهم الله عن ذلك .
فيحرم على الولي أن يحرم اليتيمة من الزواج لأجل أكل مالها ، وأن ذلك من الذنوب العظيمة ومن الكبائر الجسيمة التي تؤدي بصاحبها إلى النار ، ولقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم آكل مال اليتيم بالعذاب الأليم ، وعُد ذلك أيضاً من السبع الموبقات المهلكات التي تهلك صاحبها ، وتورده نار جهنم والعياذ بالله ، فقال عليه الصلاة والسلام : " اجتنبوا السبع الموبقات ، وذكر منها : وأكل مال اليتيم " [ متفق عليه ] .

معاشر المسلمين : كم هن الفتيات اللاتي يعشن مع زوجات آبائهن ، ويجدن ضيق العيش ، وشدة الحياة ، وقسوة المعاملة ، والأب الظالم لا يتحرك لقمع العدوان ، ولا لدفع الظلم ، الحاصل لبناته فاقدات الأم ، فاتقوا الله أيها النساء ، واتقوا الله آيها الآباء ، فالظلم ظلمات يوم القيامة ، وسيكون خصمك ربك وخالقك ، ومن كان خصمه ربه ، فقد خسر وخاب ، وسيندم حين لا ينفع الندم ، وعاملوا الفتيات بالطيب والعناية ، عاملوهن كما تحبون أن يعاملكم الناس ، وأحبوا لهن من الخير ما تحبون لأنفسكم ، فمن لم يفعل ذلك ، فليس من الله في شيء ، ولا إيمان لديه ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ، هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، فقد أمركم الله بذلك في آيات تقرأ وتتلى ، فقال جل وعلا : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً " ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، وعلى الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر الصديق ، وعمر الفاروق ، وعثمان ذو النورين ، وعلي أبي السبطين ، وعلى الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، . . ..

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام الجامع الكبير بتبوك
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية