صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







النيجر: مهج تذوب ، وأمة تتفرج!!

 


واجب المسلمين نحو مجاعة إخوانهم في النيجر
خطوات عملية لإغاثة المتضررين
خالد بن عبد الرحمن بن حمد الشايع
 

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين .

وصلى الله وسلم على المبعوث رحمةً للعالمين ، نبينا محمد ، وعلى إخوانه من النبيين ، وعلى آل كلٍّ وسائر الصحابة والتابعين ، أما بعد :

فهذه أسطر أحررها حول المجاعة المتفاقمة اليوم في دولة النيجر ، أخاطب بها كل من يعنيه الأمر ، والحامل على تحريرها براءة الذمة ، والنصح لإخواني المسلمين الممتحنين بهذه النازلة ، والنصح لإخواني المسلمين ممن يستطيعون عون إخوانهم ، من مسئولي الحكومات ، أو عامة الناس ، سائلاً الله تعالى أن ينفع بها ، وأن يرفع الغمة عن إخواننا في النيجر ، وفي غيرها من البلاد .

1/ النيجر : الموقع الجغرافي والانتماء الديني :

النيجر دولةٌ مسلمة ، وعضو في منظمة المؤتمر الإسلامي .

وتقع في وسط أفريقيا ، وهي المنطقة الانتقالية بين ساحل غرب أفريقيا المداري والصحراء الكبرى ، ويحدها من الشمال الجزائر وليبيا، ومن الشرق تشاد ، ومن الجنوب نيجيريا وبنين ، ومن الغرب مالي وبوركينا فاسو .

وتعتبر منطقة النيجر جزءاً من الصحراء الكبرى ، وتنتشر فيها المساحات الصخرية والرملية الواسعة ، مع وجود بعض الواحات .

ويقدر عدد السكان بين عشرة وأحد عشر مليون نسمة ، ونسبة المسلمين فيها متفاوتة بحسب الإحصاءات بين ( 85% إلى 96% ) ، وشعب النيجر لديه عاطفة دينية إسلامية ، تتجلى في حرصهم على تعلم الدين برغم انتشار الفقر ، ولذا لا تخلو مدينة أو قرية ، ولا حتى مضارب البدو من كُتَّاب لتعليم القرآن الكريم ، فكل الأسر تحرص كل الحرص على أن تُحفِّظ أبناءها القرآن الكريم ، وبعض المدارس القرآنية الحديثة نوعاً ما تدرس للفتيات أيضاً ، تدرسهن اللغة العربية وقليلاً من الفقه ، ومن مظاهر تعاطف شعب النيجر مع إخوانهم المسلمين أن الحكومة أعلنت قطع علاقاتها مع إسرائيل ، استجابة للشعب في أعقاب مظاهرات قام بها عشرات الآلاف في شوارع العاصمة نيامي خلال عطلة نهاية الأسبوع ، احتجاجاً على العمليات التي تقوم بها ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية لتصبح بذلك أول دولة تقوم بذلك منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية. وكانت النيجر ذات موقف مشرف أيضاً حين قطعت علاقاتها مع ( إسرائيل ) في أعقاب حرب ( 1973 ) بين إسرائيل والعرب. قبل استئنافها عام ( 1996 ) .

إجمالي مساحة النيجر ( 1267000 كم2 ) وهي بلد غير ساحلي ، وتتحدث اللغة الرسمية (الفرنسية) ، والناتج القومي (2016) مليون دولار . وتعد البلد الثالث في استخراج اليورانيوم ، بعد كندا واستراليا . ومع ذلك فلم يجلب لها رخاءً ولا غنى ، حتى إن ترتيب النيجر بين الدول الفقيرة هو (173) من (174) ـ أي قبل الأخيرة ـ وعامة الشعب تحت حد الفقر الذي قدر بـ (75,000) (فرنك سيفا) حوالي ( 150 ) دولار سنوياً للفرد البالغ.

وتبرهن المؤشرات الإجتماعية الأساسية على المستوى التنموي الضعيف للبلد , حيث لم تتجاوز نسبة التعليم ( 41% ) سنة ( 2005 ) , كما بلغت نسبة الأمية ( 80% ) سنة ( 2000 ) ميلادية ,كما تقدَّر نسبة الوفيات عند الولادة ب126من كل ألف وفي إحصائية منظمة الصحة العالمية لعام ( 2003 ) قدرت وفيات الأطفال بـ ( 249 إلى 256 ) من كل ألف , ومتوسط العمر ( 48 ) سنة .

2/ توافد المنظمات الإغاثية مع ضعف الحضور الإسلامي :

تعمل على أرض النيجر عدة منظمات وجمعيات ، منها : لجنة مسلمي أفريقيا الكويتية ، (جمعية العون المباشر) و"منظمة بوربانك" الإغاثية الإسلامية ومقرها في كاليفورنيا ، وغيرها . وللكنيسة الإنجيلية حضور في النيجر ، وكذلك منظمة أوكسفام البريطانية ، ومنظمة أطباء بلا حدود ، إضافة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ، وغيرها من المنظمات الغربية المتخصصة ، ولا يزال الحضور الإسلامي ضعيفاً .

3/ حجم المجاعة :

حسب الإحصائيات الرئيسية هناك ( 2988 ) قرية ضربتها المجاعة ، وإن كانت أرقام المؤسسات الإغاثية العالمية هناك ترتفع بعدد القرى إلى أكثر من ثلاثة آلاف وخمس قرى ، ويسكن هذه القرى مابين (3.5 ) إلى ( 4 ) ملايين نسمة ، أي أكثر من (40% ) من سكان البلاد ، وقد ارتفعت أسعار الحبوب الغذائية بصورة لم يسبق لها مثيل ، مع ضعف القدره الشرائية للأهالي الذين ليس لهم أي دخل ثابت .

تقول بعض الجمعيات العاملة هناك : إن العائلات في النيجر تطعم أطفالها أعشاباً وأوراق أشجار ؛ من أجل إبقائهم على قيد الحياة.

وتقول منظمات الإغاثة : إن عشرات آلاف الأطفال يموتون كل يوم في مراكز توزيع المؤن.

ويقول سفير النيجر لدى دولة الكويت ( أسومان جياوري ) : هذا النقص أدى إلى أزمة غذائية حادة ، لاسيما في المنطقة الزراعية والرعوية ، حيث بلغت نسبة النقص ( 100% ) في بعض الأماكن.

لقد بلغ إجمالي القرى المتضررة 2988 قرية من عدد 10000 قرية تحتويها الدولة ويقطنها حوالي (3293648 ) نسمة ، تم تسجيلهم ضمن المعرضين لأزمة غذائية حادة، ولا تزال الأزمة قائمة ولكن مساعدات الأمم المتحدة بدأت بالوصول.

ونظراً لخطورة الأزمة الغذائية وجَّه رئيس الوزراء في ( 28 مايو 2005 ) نداء الاستغاثة إلى المجتمع الدولي للحصول على عون غذائي عاجل. كما وجهت منظمات الأمم المتحدة تحذيراً للمجتمع الدولي من احتمال وقوع ( كارثة صامتة في النيجر ) مشيراً إلى ( 800000) طفل تقل أعمارهم عن 5 سنوات يعانون المجاعة، ( 150000 ) منهم في حالة خطيرة. بناء على ذلك وجهت المنظمة دعوة للعون بحوالي (16 مليون ) دولار لصالح النيجر.

وبقي أيضاً أن تبذل جهود أخرى من أجل هؤلاء الأطفال الذين يموتون جوعاً.

ولا ننكر الاستجابة من الدول العربية ولكنها لا تقضي على الأزمة المزمنة. انتهى كلام السفير .

(مجلة الفرقان ، العدد 355 ، 8/8/2005 ) .

3/ أسباب الأزمة :

تعزو المنظمات الإغاثية بعد قضاء الله إلى جملة من الأسباب منها :

أولاً : قلة أو انعدام تساقط الأمطار ، وهذا أدى إلى سوء الموسم الزراعي وانعدامها تماماً في معظم المناطق .

ثانياً : انتشار الجراد والحشرات الضارة التي أتلفت مساحات كبيره من الأراضي الزراعية بنسبة (100% ) في كل من مناطق ( تيلادي وطاوا ومرادي وزندر ) .

ثالثاً : الرياح الرملية القوية التي غطت مساحة كبيرة من الحقول الزراعية في عدد من المناطق ، وقد نفدت كمية الحبوب حتى تلك التي تستخدم غذاء للحيوانات .

4/ فضل الإنفاق في الشدائد، ونماذج من أحوال السلف :

لا ريب أن الجود في حال الشدائد له مزيته على غيره ، فقد دلت نصوص الكتاب والسنة على ذلك دلالة أكيدة ، كما أن النفوس تتشوف في حال الشدائد إلى من يجعله الله سبباً في تفريج كَربِها وتيسير أمرِها .

ومن دلائل فضل الإنفاق والمعروف والجود في أحوال الشدة : قول الله تعالى : (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ . أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ . أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ) (سورة البلد ، الآيات : 11ـ 16 ) .

قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ : قوله تعالى : (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) قال ابن عباس : ذي مجاعة ، وكذا قال غير واحد ، والسَّغَب هو الجوع .

وقال إبراهيم النخعي : في يومٍ الطعامُ فيه عزيز .

وقال قتادة : في يومٍ يُشْتَهَى فيه الطعام .

وقوله تعالى : (يَتِيماً ) أي أطعم في مثل هذا اليوم يتيماً (ذَا مَقْرَبَةٍ ) أي : ذا قرابة منه قاله ابن عباس وغيره ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنان صدقة وصلة " .

وقوله تعالى: (أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ) أي فقيراً مُدْقِعَاً لاصِقَاً بالتراب، وهو الدَّقْعَاء أيضاً.

قال ابن عباس : ذا متربة هو المطروح في الطريق ، الذي لابيت له ، ولا شيء يقيه من التراب .

ودل على فضل نفقة الشدة أو حال الضَّن بالمال وإمساكه قول الله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ) [ سورة الإنسان : 8] .

وفي الصحيح : " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح ، تأمل الغنى وتخشى الفقر" .

أي : في حال محبتك للمال ، وحرصك عليه وحاجتك إليه ، ولهذا قال : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) .

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نفَّس عن مؤمنٍ كُربةً من كُرب الدنيا ، نفَّس الله عنه كُربةً من كُرب يوم القيامة .. " الحديث.

وروى البيهقي من طريق الأعمش عن نافع قال : مرض ابن عمر فاشتهى عنباً أول ما جاء العنب ، فأرسلت صفية ، يعني امرأته ، فاشترت عنقوداً بدرهم ، فاتَّبَعَ الرسولُ سائلٌ ، فلما دخل قال السائل : السائل. فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه ، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت عنقوداً ، فاتبع الرسول السائل ، فلما دخل به قال السائل : السائل ، فقال ابن عمر : أعطوه إياه ، فأعطوه إياه ، فأرسلت صفية إلى السائل فقالت : والله إن عدت لا تصيب منه خيراً أبداً ، ثم أرسلت بدرهم آخر فاشترت به .

ومن تأمل في سِيَر الأجواد يجد أن جودهم شامل كذلك لأوقات الحاجات وحال المُلمات ، ومثل هؤلاء هم الذين يسعد بهم مجتمعهم، وتهنأ بوجودهم وجودهم أمتهم ، وبلا امتراء فإن المقدم منهم هو سيدي محمد بن عبد الله رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم ، وسيرته الشريفة دالةٌ على ذلك .

وفي ضوء هذه النصوص ودلالاتها أُثر عن السلف قولهم : خير السخاء ما وافق الحاجة .

ومما يبين فضل الجود وقت الشدائد : أنَّ به يتمايز الناس في معادنهم وصدق سرائرهم ، وفي مثل هذا يقول الشاعر :

وليس أخي مَنْ ودَّني بِلسانِهِ  *** ولكنْ أخي مَنْ ودَّني في النوائب
ومَنْ مالُهُ إذا كنتُ مُعدِماً  ***  ومالي لهُ إن عضَّ دهرٌ بغـارب
فلا تحمَدَنْ عند الرخاءِ مؤاخِياً  ***  فقد تنكر الإخوان عند المصائب

ومن أخبار سادة الأجواد في هذا الباب ـ أيضاً ـ ما ذكره الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ حيث قال :

خرَّج الإمام أحمد من حديث بنت الخبَّاب بن الأَرَتّ قالت : خرج خَبَّاب في سرية ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهدنا ، حتى يحلب عَنْزَةً لنا ، في جَفْنَةٍ لنا ، فتمتلئ حتى تفيض ، فلما قدم خباب حلبها فعاد حِلابُها إلى ما كان . تشير إلى بركة رسول الله عليه الصلاة والسلام .

وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ، فلما استخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى ، وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله ، أو كما قال .

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد الأرامل يستقي لهن الماء بالليل ، ورآه طلحة رضي الله عنه مرةً بالليل يدخل بيت امرأة ، فدخل إليها طلحة نهاراً ، فإذا هي عجوزٌ عمياءُ مقعدة ، فسألها : ما يصنع هذا الرجل عندك ؟ قالت : هذا مذ كذا وكذا يتعاهدني ، يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى ! فقال طلحة : ثكلتك أمك يا طلحة ، أعوراتُ عمر تتبع !.

وكان أبو وائل رحمه الله يطوف على نساء الحي وعجائزهن في كل يوم ، فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن .

وخرج عبد الله بن المبارك رحمه الله مرةً إلى الحج ، فاجتاز ببعض البلاد ، فمات طائرٌ معهم ، فأمر بإلقائه على مزبلة هناك ، وسار أصحابه أمامه ، وتخلف هو وراءهم ، فلما مرَّ بالمزبلة إذا جاريةٌ قد خرجت من دار قريبة منها ، فأخذت ذلك الطائر الميت ، ثم لفَّته ، ثم أسرعت به إلى الدار ، فتبعها وجاء إليها فسألها عن أمرها وأخذِها الميتة ؟!.

فقالت : أنا وأخي هنا ليس لنا شيءٌ إلا هذا الإزار ، وليس لنا قُوتٌ إلا ما يُلقى على هذه المزبلة ، وقد حلَّت لنا الميتة منذ أيام ، وكان أبونا له مال ، فظُلِم ، وأُخِذَ مالُه وقُتل !!.

وأما هذه الحال المؤثرة ، كيف صنع ابن المبارك ؟!.

لقد أمر برد أحمال القافلة ، وقال لوكيله الذي معه المال : كم معك من النفقة ؟ قال : ألف دينار . فقال : عُدَّ منها عشرين ديناراً تكفينا للرجوع إلى مَرْو ( بلدته ) ، وأعطها الباقي ، فهذا أفضل من حجنا هذا العام ، ثم رجع .

أيها الفضلاء : إن هذه الفتاة لها نظائر كُثيراتٌ وكثيرات اليوم في بلاد المسلمين ، مع وجود الثروات الهائلة بأيدي المسلمين والتي تقدر ( زكواتها ) بالمليارات !!

ولكن الفرق : أن هذا المال يحتاج لنَفْسٍ كريمة نبيلة ، كنفس عبد الله بن المبارك .

وكان حسَّانُ بن سعيد المنيعي رحمه الله قد عمَّ الآفاق ببرِّه وخيره ، وكان من جملة ذلك أنه كان يكسو في كل شتاء نحواً من ألف نفس . رحمه الله وألبسه من حلل الجنة .

وكان زبيد بن الحارث التابعي رحمه الله إذا كانت ليلة مطيرة طاف على عجائز الحي ، ويقول : ألكم في السوق حاجة ؟ .

هذه بعض أخبار الأجواد في جودهم وإحسانهم حال نزول الحاجات ووجود الفاقات ، ولا ريب أن هؤلاء هم الذين تحتاجهم المجتمعات وهؤلاء هم الذين يفقدون عن الدنيا إذا رحلوا .

وأما من يكتنز المال ولا يجود به ولا تحدثه نفسه بالجود والسخاء في تلك الأحوال فماله في منزلة أولئك من نصيب .

5/ السعودية وقادتها والسجل الأبيض في غوث المحتاجين :

تابعت بعض الطروحات المهمشة التي قيلت عن المملكة العربية السعودية وموقفها نحو مجاعة النيجر ، وينبغي ألا يغيب عن الحسبان أنه وبفضل الله لم تزل المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها ساعية في نشر الخير بين العالمين ، بالعلم والتعليم، وبالمساعدات المادية والغذائية والدوائية ، وغيرها من مستلزمات الحياة.

والجهود السعودية خلال عشرات السنين الماضية ملحوظة ومباركة ، ليس فقط على صعيد العمل الإغاثي والمساعدات الإنسانية ، بل أيضاً في مجال المساعدات الاقليمية والدولية حتى أضحت المملكة تتبوأ مركزاً متقدماً في المجتمع الدولي في مجال منح المساعدات الخارجية ، وذلك وفق أحدث بيانات صادرة من وزارة المالية ، والتي تشير إلى أن المملكة العربية السعودية تعد الدولة الأولى في العالم من حيث نسبة ما تقدمه من مساعدات خارجية إلى إجمالي الناتج القومي الوطني .

ففي حين أوصت الأمم المتحدة الدولَ المانحة للمساعدات بألا تقل نسبة ما تقدمه من مساعدات عن ( 0.07 % ) من دخلها الوطني ، فإن المملكة العربية السعودية قدمت خلال (27) سنة (1973-2000م) نحواً من ( 283 ) مليار ريال سعودي أي مانسبته ( 4% ) من المتوسط السنوي الإجمالي للناتج القومي في تلك الفترة .

وقد استفادت من هذه المساعدات (73) دولة ، منها :
(41) دولة في أفريقيا .
و(23) دولة في آسيا.
و (9) دول نامية أخرى.

أما من حيث نسبة ما تقدمه من عون إنمائي إلى إجمالي الناتج القومي فقد جاءت المملكة العربية السعودية الأولى في العالم أجمع ، والمركز الثاني من حيث القيمة المطلقة للدعم المادي المقدم ، وذلك بعد الولايات المتحدة الأمريكية كما أن المملكة تحتل المركز الأول في منح المساعدات الدولية ضمن مجموعة دول ( أوبك) .

#### وأما بالنسبة للمجاعة الحالية في النيجر فنشير إلى أمرين لهما دلالتهما على ما وراءهما :

الأول : ما أعلنته وكالة الأنباء السعودية من استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله في مكتبه بالديوان الملكي بقصر السلام بجدة لدولة رئيس وزراء جمهورية النيجر حما أحمدو ، وذلك يوم الثلاثاء 2 شعبان 1426 هـ ، الموافق 6 سبتمبر 2005م وأنه جرى بحث مجمل الأحداث والتطورات ، وظننا في ولي أمر المسلمين أنه خير من يسند إخوانه في النيجر .

وليس لازماً أن يقف كل أحد على الإجراء المتخذ ، فهذا خاضع لما يراه ولي الأمر ، وفق ما يراه من المصلحة .

الثاني : لجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة ، وهي من المؤسسات الخيرية التي نبعت من المملكة العربية السعودية ، منبع الخير والجود ، لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وقد كان بداية نشاطها في دولة النيجر، وامتد إلى دول أخرى (مالي، تشاد، إثيوبيا؛ ملاوي، جيبوتي، طاجيكستان).

وسبب إنشاء هذه له دلالاته العميقة ، حيث إن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان ابن عبد العزيز ـ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ـ شاهد على إحدى القنوات التليفزيونية عجوزاً إفريقية فقيرة من دولة النيجر مسَّها وعيالها الضر ، بسبب جدب الأرض ، فخرجت إلى الصحراء لتظفر بورق الشجر لتسكن مسغبة أبنائها من الجوع ، ولكنها وجدت بيت نمل ، فراحت تحفر وتأخذ قُوتَه ، وقد صادفت تلك اللقطات قلب سلطان الخير فأمر بتكوين لجنة للوقوف على المناطق المتضررة من الجفاف في دولة النيجر، وكانت البداية عام 1418 هـ ، ولا زالت اللجنة تساهم في رفع المعاناة وتخفيف المصيبة بتوزيع المساعدات الغذائية والدوائية وحفر آبار مياه الشرب وإقامة المخيمات الطبية والمشاريع التنموية من بناء المساجد والمدارس والمستوصفات الطبية ، ومسماها القائم اليوم ( مشروع باذلي الخير ) وخاصةً بعد الوقف الضخم الذي تبناه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز ، جزاه الله خيراً الجزاء في الدنيا والآخرة .

( ينظر : مجلة الجندي المسلم ، العدد 114 ، 1/1/2004 ) .

وبرغم هذين الأمرين ، ومع إدراكنا أن هذه الدولة السعودية وقادتها لن يستطيعوا سد كل الحاجات ، ولا إجابة كل الاستغاثات ، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، إلا أن آمال المسلمين المعلقة بعد الله على الدولة السعودية وقادتها لا حد لها ، أعانهم الله وسددهم .

6/ فقراء المسلمين وموقعهم من ثروات أغنيائهم :

نشرت مجلة الكوثر في عددها 19، ربيع الأول1422هـ إحصاءً حول الأموال العربية، جاء فيه:
ـ الأموال العربية في دول السوق الأوروبية المشتركة ستمائة وخمسون مليار دولار .
ـ الأموال العربية في الولايات المتحدة الأمريكية تسعمائة وخمسة وسبعون مليار دولار .
ـ مجموع الأموال العربية داخل وخارج البلاد العربية ألفان ومائتان وخمسة وسبعون مليار دولار .
ـ زكاة الأموال العربية سنوياً ستة خمسون ملياراً وثمانمائة وخمسة وسبعون ألف دولار .
ـ عدد أصحاب البلايين في باكستان البلد الإسلامي الفقير سبعة عشر بليونيراً ، وعدد أصحاب الملايين فيها خمسة عشر مليونيراً .

وبحسب قائمة أصدرتها مؤسسة ( ميريل لينش المالية ) ونشرة معلومات النشر التقني ، ونشرتها جريدة عكاظ في عددها (الإثنين - 1/8/1426هـ ) تضمنت أسماء ( 50 ) ثرياً عربياً ، بلغ إجمالي ثروتهم ( 138 مليار دولار ) أي ما يعادل ( 517 مليار ريال) .

فهذه ثروات العرب والمسلمين ، مال جعله الله في أيديهم ، وقال لهم : ( وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) [النور : 33] فهل يستجيبون .

7/ لماذا تجب المبادرة بإغاثة شعب النيجر :

أولاً : القيام بواجب الأخوة الإسلامية ، الذي تحتمه نصوص الكتاب والسنة ، قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [التوبة : 71] .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : أي يتناصرون ويتعاضدون ، كما جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " وشبك بين أصابعه ، وفي الصحيح أيضاً عنه عليه الصلاة والسلام قال : " مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " .

ثانياً : وقاية الشعب المسلم في النيجر من سطوة الجمعيات التنصيرية ، التي تستغل المجاعات والأمراض والكوارث لتنصير الشعوب الإسلامية ، وهذا ما ظهر في مناسبات متفرقة ، في البوسنة والهرسك والشيشان والعراق وتسونامي جنوب شرق آسيا وفي عدد من دول أفريقيا ، حيث يقدم الدواء والغذاء بيد ، والإنجيل باليد الأخرى ، بل وتم ترحيل عدد من الأطفال اليتامى أو الذين عجز ذووهم عن رعايتهم إلى جمعيات متخصصة في الغرب ليتم تربيتهم على ملتهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

8/ كيف نغيث شعب النيجر الجائع :

يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بواجبه نحو إخوانه المكلومين بحسب ما يستطيعه ، ويمكنه ذلك عبر عدد من الأساليب ، ومنها :

أولاً : دعاء الله تعالى لهم ، وهو أعظم الأسباب وأجلها شأناً ، فقد أمر الله به في كتابه ، وبين حسن عاقبته ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفزع إلى ربه في كل الملمات ، كما كان في بدر وحنين ، وكما في دعائه بانجاء المستضعفين بمكة ، ودعائه في سرية القراء ، وفي غيرها مما هو ثابت في الصحاح والمسانيد والسنن .

ثانياً : توجه الجمعيات والمؤسسات الإغاثية من الدول الإسلامية إلى النيجر لمباشرة الإغاثة بأنفسهم .

ثالثاً : تبرع تجار المواد الغذائية والدوائية والإيوائية بما يناسب إخواننا في تلك الديار ، والترتيب لشحنها إليها بالتعاون مع الجمعيات الإغاثية العاملة هناك .

رابعاً : التبرع النقدي عبر الجهات المرخصة من قبل الحكومات الإسلامية ، وينبغي على حكومة النيجر أن تعلن الجمعيات التي رخَّصت لها بالعمل على أراضيها ، حتى يتم ضبط الأمور ، ولا تستغل التبرعات لأغراض أخرى .

خامساً : التغطية الإعلامية عبر ما يمكن من وسائل الإعلام ووسائل الاتصال لمحنة إخواننا في النيجر .

سادساً : يتعين على رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ، ومؤسساتها المعنية ، وكذلك منظمة المؤتمر الإسلامي أن تكون كل منهما ، مجتمعتين أو منفردتين ، فريق عمل يتبنى ترتيب أعمال التبرع والإغاثة ، بالتنسيق مع الحكومات الإسلامية ، حتى تتم المبادرة لإغاثة إخواننا في النيجر ، ولأجل قطع الطريق على المشككين في التبرع ، وكذلك قطع الطريق على من أراد استغلال التبرع لمقاصد وأغراض شخصية أو غيرها .

وختاماً :

أسأل الله الكريم أن يغيث إخواننا في النيجر ، كما أسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يؤلف بين قلوبهم ويجمعهم على الحق ، وأن يصلح ولاة أمور المسلمين ، ويوفق ولاة أمورنا لما نفع الإسلام والمسلمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

تحريراً في 29/7/1426هـ
 



النيجر: مهج تذوب ، وأمة تتفرج!!
عبدالله بن عبدالعزيز المبرد


إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا.
عباد الله؛ عليكم بالتقوى فهي سعادتكم في الدنيا ونجاتكم في الآخرة " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" أيها المؤمنون يقول ربكم عز وجل: "قُل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين"
قال المفسرون: أي إن الله -عز وجل- يوسع هذا الرزق على من يشاء من عباده ويقدره ويضيقه على من يشاء، وليس في بسطه دليل على رضاه سبحانه ولا في قدره دليل على سخطه، ولكنه الابتلاء بالنعم والنقم بالخير والشر ، باليسر والعسر ...، ثم إن الله –سبحانه- يبتلي عباده بالقلة ليمتحن صبرهم وعفتهم، ويبتلي آخرين بالجدة واليسر لينظر كيف يعملون في مال الله الذي استخلفهم فيه .. أجل أيها المؤمنون؛ إنه من عظيم حكمة الله -عز وجل- أن يرزق أناساً دون أناس، وأن يشبع جارٌ دون جاره، وأخٌ دون أخيه، وجيلٌ دون الذي يليه، وشعبٌ دون شعب .. ليمتحن الله هذه القلوب ليبتلي ما فيها من الرحمة والإيمان والثقة بما عند الله عز وجل .. وإن مما ابتلينا به، ونخاف على أنفسنا من تبعاته يوم القيامة هذه الأموال التي بين أيدينا، هذا الرزق الذي يأتينا عفواً صفواً ونحن أوفر ما نكون راحة وأمناً واستقراراً.. بينما نسمع ونرى كيف يعيش المسلمون من حولنا، شعوب تمزقها الحروب، وأخرى يفتك بها الفقر والجهل والوباء.
أيها المسلمون، هل أتتكم أنباء الجوع الفاتك الذي يطوي اثني عشر مليون مسلم في النيجر ؟! هل سمعتم بالأمة المسلمة هناك التي تذوب تحت وطأة الجفاف ؟. إنهم أيها المسلمون يستغيثون منذ أربع سنوات، حينما أجهدهم الجدب وألح عليهم القحط؛ فهزلت مواشيهم واصفرت زروعهم، ثم اجتاحهم الجراد فأكل الهشيم الذي خلفه الجفاف، وعدت عليهم الكوليرا فنخرت في أجسادهم. كل ذلك وهم يستصرخون إخوانهم في مشارق الأرض ومغاربها، ويستصرخون العالم المتحضر ولا رجع ولا أثر . لم يكن لأنينهم صدى؛ لأن فضائيات المسلمين تترنح بالفحش و الغناء، لم يبلغنا نحيبهم؛ لأن الصليبيين لم يأذنوا لإعلام المسلمين بنقل مآسي المسلمين، ولم يأذنوا لنا أن نسمع لإخواننا. أما لـمَّا طرقهم الإعصار ملأوا الدنيا ضجيجاً لما أصابهم بعض ظلمهم وفجورهم أوصلوا أصواتهم لكل أذن ورأتهم كل عين!! توقعوا موت عشرة آلاف، فناحوا وناحت الدنيا معهم، ويطوِّق الجوع أكثر من ثمانمائة ألف طفل مسلم في النيجر، وأكثر من ثلاثة ملايين مسلم ومسلمة، ولا يحس بهم أحد. سؤال محزن كبير لابد أن يجيب عليه سدنة الإعلام، وحملة الأقلام: لماذا يتباكى العالم على ضحايا كاترينا و مسلمو النيجر لا بواكي لهم؟! لماذا تهمي سحائب الجود العربي لإغاثة دولة متجبرة متكبرة، بطرة، أشرة، ملأت الدنيا ظلماً وجوراً، وروت أرضنا بدماء أبنائنا، ثم إذا استغاث الضعفة والمساكين والأبرياء من المسلمين لا تمتد إليهم يد رحمة، ولا يلين لهم قلب، ولا تَسُحُّ عليهم عين؟! ولقد جاء في الحديث عن رب العزة جل جلاله أنه يقول يوم القيامة: «يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني!! فيقول: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين، فيقول: استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟!...»، أين مدَّعو حقوق الإنسان الذين اتخذوا حقوقه ذريعة لإفساد نسائه؟ أين هم عن اثني عشر مليون إنسان يفريهم الجوع، وتفتك بهم الأمراض؟!. وإذا كانت النساء هنَّ شغلهم الشاغل، فأين هم عن المرضعات الجائعات، اللواتي جفت أثداؤهن من الجوع، وصغارهن يتضاغون في حجورهن؟! أين هم من الحوامل يمتن هزالاً؟! أين هم عن الصبايا المحصنات يساومن على أعراضهن بحفنة شعير أو دخن؟ ألا ويل لقطاع الطرق ومغاليق الخير ومفاتيح الشر الذين عرقلوا عمل الجمعيات الخيرية، وخنقوا أموالها، وحاصروا وفودها، فقد كانت تلك الجمعيات تكفُّ عنا بعض اللائمة، وتعفينا من بعض المسؤولية، كان بعض شبابنا يقوم بشيء من واجبنا لإخواننا في مشارق الأرض ومغاربها، واليوم وبعد أن شنشن عليها أهل العلمنة والنفاق، من هم سفراؤنا إلى إخواننا؟ من يحمل لهم مشاعرنا وبعض ما تسخو به نفوسنا؟ من يحتسب على الله ويخرج ليزاحم جمعيات التنصير، ومافيا الأطفال والبغاء، وتُجَّار الأعضاء البشرية؟! من يحتسب على الله، ويخرج إلى الضعفة المساكين، ويقول لهم: إن إخوانكم هناك ما نسوكم ولم يتجاهلوا مصيبتكم؟ هل سيخرج إليهم المنافقون الذين حاربوا جمعيات الخير ومؤسسات الإغاثة؟ أم أنهم مشغولون بالبكاء على ضحايا كاترينا؟! اتسعت إنسانيتهم لأعدائنا، ورحبت حتى شملت كلابهم وقططهم، ولكنها ضاقت عن إخوة التوحيد وأشقاء الإسلام، ناحت أقلامهم على كل عدو ومبتدع، ولكنها خرست إزاء أمة مسلمة أخمدتها المسغبة والبأساء.

أيها المسلمون:
انفذوا إلى إخوانكم بأية وسيلة، عن طريق البعوث الفردية أو الجمعيات التي لا زالت قائمة. أغيثوهم فإنهم يموتون منذ أربع سنوات، كل ما وصلهم لم يزد على ثلاثين مليون دولار، في حين وصل ضحايا كاترينا في أربعة أيام ما قد علمتم. هؤلاء المساكين لن يغيثهم المراؤون ولا أهل المصالح، ليس لهم إلا أهل الصدق الذين يقولون: "إنما نُطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً * إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً"، أجل أيها المسلون: أطعموهم فكلكم جائع إلا من أطعمه الله، واكسوهم فكلكم عارٍ إلا من كساه الله، قال صلى الله عليه وسلم: «أيما مسلم كسا مسلماً ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلماً على جوع أطعمه الله تعالى يوم القيامة من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم» رواه أحمد وأبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً»، وعن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام».
أيها السلمون: إن وراءكم يوماً عبوساً، وعقبة كؤوداً، لا ينجو منها إلا من اقتحمها، "فلا اقتحم العقبة* وما أدراك ما العقبة* فك رقبةٍ* أو إطعام في يومٍ ذي مسغبةٍ* يتيماً ذا مقربةٍ* أو مسكيناً ذا متربةٍ". فيوم الجوع والمسغبة والفقر والمرض الشديد الذي يمر بإخواننا هناك هو فرصة الخائفين من النار، والمشفقين من عذاب الله، هو باب النجاة.
أخرج صاحب الدر المنضود: أنه أصاب الناس قحط في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فلما اشتد بهم الأمر جاؤوا إلى الصديق، وقالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم!! إن السماء لم تمطر، وإن الأرض لم تنبت، وقد توقع الناس الهلاك، فما تصنع؟ فقال: انصرفوا واصبروا، فإني أرجو الله ألا تمسوا حتى يفِّرج الله عنكم، فلما أصبحوا خرجوا يتلقونها، فإذا هي ألف بعير موثوقة برًّا وزيتاً ودقيقاً، فأناخت بباب عثمان رضي الله عنه فجعلها في داره، فجاء إليه التجار، فقال: ما تريدون؟ قالوا: إنك تعلم ما نريد، فقال: كم تُرْبحونني؟ قالوا: الدرهم بدرهمين، قال: أعطيت زيادة على هذا، قالوا: أربعة، قال: أعطيت أكثر، قالوا: خمسة، قال أعطيت أكثر، قالوا: ليس في المدينة تجار غيرنا فمن الذي أعطاك، قال إن الله أعطاني بكل درهم عشرة دراهم، أعندكم زيادة؟ قالوا: لا، قال: فإني أشهدكم الله تعالى: أني جعلت ما حملت العير صدقة الله على الفقراء والمساكين»، باعها لله، والله اشترى، جعلها في أكباد الجائعين، وأهل المسغبة المساكين. فاستدفعوا عذاب الله بالصدقة، واستجلبوا رضاه بالإحسان، "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد* الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرةً منه وفضلاً والله واسع عليم".

(الخطبة الثانية)
الحمد لله رب العالمين
أيها المؤمنون: اتقوا ربكم، واعلموا أن لمبادرات الخير في الإسلام شأناً عظيماً، فالشرع العظيم يشيد بالمبادرين الذين يفتحون أبواب الخير أمام الناس ويدلونهم عليه، وينصبون من أنفسهم قدوات ونماذج إحسان تُحتذى. عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدر النهار، قال: فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النِّمار أو العباءة متقلدي السيوف عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً –رضي الله عنه- فأذن وأقام، فصلى ثم خطب، فقال: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةً..." إلى آخر الآية "إن الله كان عليكم رقيباً"، والآية التي في الحشر "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" «تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة»، فقال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت يده تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتهلل كأنه مذهبة، فقال صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أو زارهم شيئاً»، فبادروا -رحمكم الله- إلى إنقاذ مهج مسلمة ليس لها إلا أهل الصدق والإيمان، وسارعوا إليها قبل أن تسبقكم عصابات التنصير ولصوص الأعراض ... ولله در مسلم شمر لتأسيس عمل منظم يكون له أجره وأجر من عمل فيه من بعده، واعلموا أن المنظمات العالمية الكبرى إنما هي في أصلها، فكرة فرد أصر عليها، وحشد لها حتى تعاظمت فصارت كياناً له أثره.
 


يا إخوتنا في النيجر..
 

الحمد لله ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين ...
أيام خلت كنت لا أستطيع أن أغادر فراشي من أمر ألم بي .. وكانت لا تنقطع عن مخدعي صنوف المأكولات والمشروبات ..وحلوى الزائرين الفاخرة ..في هذه الأثناء كان جوالي تتعاقبه رسائل تحث على التبرع لإخواننا من أهل النيجر ممهورة برقم حساب الدكتور عبدالرحمن السميط ..الرسائل تنوعت في عباراتها إلا أنها اتفقت على نفس الختامة " رقم حساب الدكتور "..الإجماع على هذه الخاتمة أشعرني بيأس حاد وحصار داخلي قاتل لا أدري لماذا !! ربما شعرت بأن هذا عنق الزجاجة الضيق ليتنفس المخلوق المهان في دواخلنا من خلاله بعد أن أغلق الإتجاهات الواسعة ..ربما !!

لاتتنفسوا بشكل طبيعي ..سمعت بعدها أن حساب الدكتور جمد !! من جمده!! ولماذا !! لا أدري ..وأرجو ألا يكون الخبر صحيحا مع أنني أشك في ذلك..

 أحسست بطعم المر والوجع في فمي ..كنت أنظر للفاكهة والمأكولات حولي وأتأمل كم أنا محظوظ ..ثم أشيح  بوجهي إلى رسالة الجوال تقول : ملايين من البشر يقفون على حافة الموت من الجوع !!

ياه أي إنسان بليد كنت ،، ..ويالقلبي!! أي قلب هذا !!

ليس المطلوب أن نموت مثلهم ..أعرف ذلك ولا أقصد هذا المعنى .. لكن تماثلت في ذهني صورة ذلك الصحن الصدأ به بضعة أوراق حطتها شجرة معمرة كانت تلعنها شمس الصحراء في اليوم أكثر من عشر مرات .. الدود قد أكل  أطراف هذه الأوراق وعاث السوس بيخضورها فتكومت على بعضها مبالغة الحد في الجفاف و اليبوسة فبدت للرائي كلفافة تدخين مهترئة ،، فارغة من كل شيء إلا من المرض .. بجوار هذا الصحن شبح صغير تراه لأول وهله فيدعوك الفضول إلى عد عظام قفصه الصدري من بعيد، الأسمال التي يرتديها  ممزقة.. بالكاد تغطي عورته القبلية ..وهو على هذا الحال قد دلى إلى الصحن مايشبه يد حيوان صغير.. فتعوث هذه اليد في الصحن فتحمل براحتها أخف هذه الأوراق وزنا معتقدا  بهذا الفعل أنه يسلك طريق نجاة محقق من هلاك أكيد..يحمل الورقة فيغمض عينيه من التعب تمهيدا لإبتلاعها فلا تصل إلى فمه إلا ويستقبل هذه اللقمة جيش من البعوض السام  ، الذي تحزب هو  والجوع لحصار الحياة في عيون هذه الهياكل العظمية التي تبحث عن بصيص الأمل في مثل هذا الأكل الملوث ..والذي يشبه روث حيوان بري جرب !!

نعتذر يا أهلنا في النيجر ...

أنتم لستم أمريكا لتهديكم الدول هباتها الجزيلة ..وعطاياها الوفيرة ...وبراميل النفط المجانية ..

هذا قدركم ..

وقدر الحكومات أن قبلتها "لأمريكا" ..

و قدر أمريكا أنها صنعت لها عبيد ودمى ..وخيوط ..لا تنسوا الخيوط ،، فبدون الخيوط لا تتحرك الدمى أمريكا صنعت من نفسها "إله"..فلها تقدم القربات ..ولها تنحني جباه ..وهذه الجباه لها تأريخ وتوريث ..وأيام تشهد على أنها تسجد بإخلاص .. !!

يامسلمي النيجر ..

لا تجلسوا أمام التلفاز كثيرا  ليس هناك حملة تبرعات لم يأت الأمر بعد ..!! أقصد أستأذنا ولم يأت الإذن بعد !! بوش لا يستطيع الرد حاليا ..فهو مشغول بجمع سخايا الكويت وملايين آرامكو ..و"أيادي خفية" تتبع حديث "  تنفق يمينك مالا تعلم شمالك "!!

أيضا من الصعب أن يتحدث مشائخنا في شأنكم الآن ..راعوا ظروفهم !! منهم من لم يفق بعد من أحزانه وآلامه على ضحايا "كاترينا" ..

يا إخوتنا في النيجر..

دعونا نفكر في حلول أخرى ..

جربوا مثلا أن تلعبوا الكرة  .. دربوا ابنائكم عليها منذ الصغر .. دعوهم يتابعون "رولاندينيو" و" توتي" وانتبهوا جيدا لقصة شعر بيكام .. تقلدوا السلال الذهبية في حلوقكم مثلهم  فهذه من السنن الحسنة ..!

افتحوا النوادي ..واقيموا معسكرات بدول أوروبية ..حاولوا أن تلعبوا كل وقت ..اشتغلوا بها صباحاً ومساءً ، أنا أضمن لكم لدينا أثريا كثير يشترون اللاعبين بالملايين ...

11 هللة كفيلة بإنقاذ حياة " مسلم " من الموت..هذا صحيح لكن سندرس هذا الموضوع لاحقاً إن شاء الله !!

المهم لا تموتوا من الفرح نحن نشتري اللاعب بالملايين ،،  بـ30 مليون ريال لايهم !! بـ45 مليون عادي !!

أظن أن مثل هذه المبالغ لن تحل أزمتكم فقط بل ستنقذ القارة السمراء 20 سنة للأمام ...

حل آخر ... حاولوا أن تتبرعوا بإحدى العشش المبنية من الخيزران .. واقيموا بها " ستارا أكاديمي" ..وزجوا بفتياتكم وصبيانكم إليها .. ووزعوا الكميرات في دورات المياه وغرف النوم.. وانتظروا النتيجة!!

 اصرخوا في الصحاري من الجوع ..لاتقلقوا ولا تملوا من الصراخ ..هذا مفيد وبعد فترة سيكون لديكم حناجر ذهبية ..هذه من استغلال الفرص ..لا تفوتوا الفرص ..!

أيضا فيه أقتراح بس لا أدري هل ينفع معكم أولا ..

هو بصراحة مش بطال ..حيدر عليكم فلوس كثير ..

حسناً .. سأقوله لأني أجزم أنه سيدفع  بعضنا إلى السخاء ..والإنفاق منقطع النظير ..

هل عندكم رقاصة ..!! بشرط أن يكون لديها جدول للنوم كل ساعة مع رجل مختلف ..!! إذا فيه مبروك حلت الأزمة ..وإذا لم يتوفر حاليا ..فعليكم بالرقص فإن الرقص من شيم النساء..!!

نحن لدينا من يدفع للزواج منها 100 مليون ..صدقوا أو لاتصدقوا ..فقط سلطوا عليها الضوء شوي ..لأننا نحب الشهرة ونبذل لأجلها كل شيء ...!!

ضاربوا في الأسهم ... واتبعوا قاعدة خبراء الأسهم وزعوا بيضكم في أكثر من سلة .. بس تأكدوا من حكم الشركات المختلطة !!

أووووه عفوا..عفوا ،، آسف نسيت ماعندكم رأس مال وأنا لم أفرغ من كتابة الحلول !!

يا أهل الإسلام ..

يا أخوة الدين ..

يامن أعتذرتم عن نصرة المجاهدين ودفع الكافر المعتدي وهو يحتل بيضة الإسلام بحجة "الشبهه" و "عدم وضوح الراية "..

ما عذركم اليوم ..!!

وفروا من قيمة العشاء الفاخر ..وأجمعوا من ريالات الملاهي وأندية السياحة ..فهناك على الطرف القريب

نفوس تموت قهرا من هذه الأخوة ..قبل أن يقتلها الجوع ..!!

لا ..انتبهوا ،، يا الله كيف نسيت ..!!

 أخلقوا الأعذار حتى لا يموت الإنسان البليد في داخلنا .. ذلك الإنسان المهين الذي عودناه ألا يبالي ولا يتفاعل ..لا توقظوه ..

انتبهوا لاتتبرعوا لإخواننا في النيجر ..قد لا يكونوا مسلمين حقيقيين ..!! يمكن عقيدتهم "ماتريدية" ..!! يمكن مايصلون الفجر في المسجد ..يمكن !!

احذروا التبرعات ..

 الأموال التي تجمع لغير أمريكا ..مشبوهه قد تستغلها أيدي خفية تمول الإرهاب ..الم أقل لكم كم  هي خطيرة هذه الأيدي الخفية ..تعوذوا بالله من الأيدي الخفية .. لابد أن تمر عبر قنطرة الصليب الأحمر العالمي ..وقطعة خبز مع نسخة من الإنجيل ..!!

وهذه العناوين لمن أراد الإكتتاب فى هذه الأسهم الرابحه

 حساب لجنة مسلمي أفريقيا في بيت التمويل الكويتي الفرع الرئيسي بالكويت :

1- رقم الحساب بالدينار الكويتي ( 011010054686 ) .

2- رقم الحساب بالريال السعودي ( 011010230093 ) .

3- رقم الحساب بالدولار الأمريكي ( 011010202707 ) .

4- رقم الحساب باليورو ( 011010527037 ) .

معلومات عامة : يرجى عند الانتهاء من التحويل إشعار اللجنة عن طريق الهاتف أو الفاكس أو البريد الإلكتروني مع تحديد نوع التبرع (إغاثة) وكتابة العنوان بالكامل ليتم المتابعة وإرسال سند القبض .

البريد الالكتروني amanakw@hotmail.com

الفاكس : 009652528399

أرقام هواتف اللجنة :

المركز الرئيسي 009652528355

فرع خيطان 009654764888

فرع الفحيحيل 009653923066

فرع الجهراء 009654550697

من داخل الكويت 866888 الموقع برعاية طريق الإسلام www.islamway.com

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لفعل الخير والدلالة عليه ،وأن يمن علينا بالإحتساب ، وأن يجعلنا من الدعاة الصادقين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين

 

المقال منقول( بتصرف ) من الساحات السياسية للكاتب أبو معاذ الناصر
 



المجاعة في النيجر: رواية شاهد عيان !
خالد بن محمد الطويل / الرياض
عضو شعبة أفريقيا ( مكتب الرياض ) بالندوة العالمية للشباب الإسلامي
 

الدوافع التي دعتنا للقيام بهذه الرحلة :
- دعوة من رئيس وزراء النيجر للوقوف على المجاعة في بلاده .
- توالي الأخبار من شرق وشمال غرب تشاد عن بوادر حدوث مجاعة .
- خطاب تكليف رسمي من مؤسسة الندوة العالمية للشباب الإسلامي شعبة أفريقيا ( مكتب الرياض ) للقيام بالمهمة .
- ما يربطنا بتلك المناطق من أواصر الدين وعلائق العروبة التي تجمعنا ببعض سكان تلك المناطق .

* تاريخ الرحلة :
يوم الجمعة الموافق 7/7/1426هـ وانتهت يوم الجمعة الموافق 28/7/ 1426هـ .

* أهداف الرحلة :
- الوقوف على أحوال المنكوبين ميدانيا وتقصى الحقائق وتوثيقها .
- نقل مشاهداتنا عن الكارثة إلى ديوان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله وللمؤسسات الخيرية وإلى جميع الشرفاء وأهل النخوة في العالم الإسلامي والعربي .

* أعضاء الرحلة :
المحافظ السلطان علي كولوتو من تشاد .
- خالد الطويل عضو شعبة أفريقيا بالندوة العالمية للشباب الإسلامي ( مكتب الرياض ).
- المصور خالد زاكي الدين ( سوداني ) .
- الصحفي علي بوسامة ( من النيجر ) استقبلنا في النيجر على الحدود مع تشاد .

* طريق الرحلة :
( أنجمينا – ماو – الرقرق – دبوا – أنقيقمي – ديفا – قوري – زندر – تيساوا – مرادي – ماداوا – كوني – دوتشي – دوسو –نيامي – تيلابري – والم ... حدود مالي وبوركينافاسو .

هل ما يحصل في النيجر مجاعة حقيقية ؟
أولاً : أسباب المأساة :
- توالي سنوات الجفاف حتى هلكت كثير من المواشي فالذي كان عنده 500 رأس من الإبل أو البقر- مثلا - لم يبق لديه إلا النزر اليسير منها !
- موجات الجراد التي قضت على الأخضر واليابس في بعض المناطق .
- الطيور ( العصافير ) أفسدت كثيراً من المحاصيل الزراعية .
- التصحر وزحف الرمال أهلك الكثير من المزروعات .
- تراكم الديون على هذا الشعب الفقير أصلاً فلا يستطيع كثير منهم شراء البذور للزراعة.
ثانياً : الوضع الحالي : ( وصف عام وإجمالي لما يحدث هناك )
- في شمال غرب تشاد في ( كانم ) تضاعف سعر الغذاء الرئيسي ( الذرة ) إلى أربعة أضعاف وفي ( الرقوق ) و (دبوا ) القريبة من حدود النيجر تنعدم الغلة والناس في حالة صعبة ويعيشون على ما ترسله الحكومة كل شهر .
- في ( دبوا ) القريبة من حدود النيجر ( 60 كم ) أفاد المسئولون بأن كثيراً من الناس ترك المدينة ولم يبق إلا من لا يستطيع السفر لارتباطه بعائلات كبيرة وأطفال .
- وفي النيجر يزداد الوضع سوءاً بدءاً بالحدود الشرقية مع تشاد وشمال النيجر وحتى الحدود مع مالي وبوركينافاسو غربا .
- تفيد إحصائيات ( منظمة أطباء بلا حدود ) الفرنسية بأن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ، أكثر من ( 30.000 ) ثلاثين ألف طفل وحسب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ( 200.000 ) مئتي ألف طفل .
وحسب الواقع من خلال زيارتنا لمخيمين في مناطق ( مرادي وداكورو ) فإن الأمر يبدو مروعا ، ففي مخيم داكورو للأطفال التابع لمنظمة أطباء بلا حدود تم استقبال 400 حالة خلال أربعة أشهر مات منهم 80 طفلا أي أن كل يوم تقريباً يموت طفل مسلم في هذه القرية ، وفي مخيم مرادي 5 ٪من الأطفال يموتون ولا يمكن إنقاذهم لأنهم يصلون وحالتهم سيئة جداً فكيف بآلاف القرى حيث يموت كثير من الأطفال من سوء التغذية ولم يدخلوا في الإحصائيات للبعد وعدم وجود مواصلات .
- بالنسبة للعائلات من حدود النيجر الشرقية مع تشاد وحتى العاصمة نيامي في أقصى الغرب بالقرب من حدود مالي وبوركينافاسو ( على امتداد طريق طوله ما يقارب 1800 كم تقريباً توقفنا على حالات كثيرة ، بأن الناس يعيشون على أوراق الشجر والحشائش منذ شهرين أو أكثر بعد نزول الأمطار .
- الناس يأكلون بعض الحشائش السامة والمرة بعد غليها في الماء لمدة أربع أيام حتى يستطيعوا أكلها بعد أن تخف مرارتها .
- القبائل في شرق وشمال النيجر إذا وجدوا قيمة شراء الطعام فإن أكثرهم لا يستطيع نقله إلى عائلاتهم في عمق الصحراء لقلة الطرق وسوء الموجود منها .
- الهبوط الحاد في قيمة المواشي فالبدوي يبيع أجود إبله وبالكاد تأتي لـه بكسوة أو غلة .
- أكثر المتضررين هم الأطفال الرضع وذلك لعدم قدرة كثير من العائلات على الحصول على الحليب المجفف فالأمهات يعيشون على أوراق الشجر والحشائش فلا يجد الطفل الرضيع حليباً في صدرها مما يجعله يواجه الموت جوعاً .
- بعض القرى اضطر الناس فيها لحفر بيوت النمل بحثا عن بقايا الحبوب داخلها .
- نفاذ المخزونات الاحتياطية لدى الحكومة النيجيرية واعتمادها على المساعدات العاجلة وخاصة من الدول الغربية .
- الدول العربية والإسلامية لم تساهم إلا بـ1200 طن أي ما يعادل 2٪ من المساعدات، بينما الغرب 98 ٪ حسب إفادة رئيس الوزراء في النيجر .
- رئيس النيجر وجه انتقادا لاذعاً للمؤسسات الغربية واتهمها بالمتاجرة بدماء الشعب النيجري وأن حجم ما ينفق في الواقع لا يوازي ما يعلن عنه في الإعلام ، وأن تدخلها جاء متأخراً حتى تضاعفت المأساة .
- لا يوجد تحرك واضح للمؤسسات الخيرية السعودية فكأنها تعيش حالة من الاحتضار وفي السابق كانت هذه المؤسسات سباقة إلى الميدان ترفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وهي راية المملكة أما الكويت فهناك تحرك من قبل لجنة مسلمي أفريقيا وللدكتور عبد الرحمن السميط قصب السبق في الوصول للمنطقة وتحريك الناس وهناك تحرك ولكنه ليس بحجم الكارثة من قطر والإمارات وليبيا والمغرب .
- الحكومة النيجرية تقوم بجهود جبارة رغم قلة إمكانياتها وتجاهد من أجل التقليل من مضاعفات الكارثة .
ثالثاً : الوضع المستقبلي المتوقع :
- إن المأساة قد تستمر طويلا نظراً لخسارة كثير من المزارعين لمحاصيلهم للأسباب التي سبق ذكرها وليس هناك أي مخزون للمستقبل .
- إن كثيرا من المزارعين لا يتوقع أن يكفيهم محصولهم الجديد أكثر من 4 أشهر مما يعني استمرار المأساة . وجزء من هذا المحصول سيكون سداداً للديون .
- حجم المساعدات القادمة من الخارج لا يناسب حجم الكارثة .

وقفات :
- شيوخ القبائل العربية في شمال غرب تشاد وشمال شرق النيجر من عرب المحاميد والقرعان والفلاتة وقبائل الحساونة والمغاربة وقبائل الورفلة والزويا وقبائل أولاد سليمان وأولاد مالك وأولاد راشد وقبائل خزام يناشدون وفد الندوة إيصال رسالتهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز .
- شيوخ قبائل الهوسا والبرنو والبدومة والحدادة والندا والكانمبو والطوارق يدعون خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ويناشدونه التدخل لإنقاذهم وأطفالهم من الموت جوعاً .
- يعتصر القلب ألماً ويتقطع الفؤاد حسرةً عندما يناديك أخوك المسلم العربي في تشاد والنيجر ويقول أنا وأطفالي نموت جوعا ولا تستطيع أن تفعل لهم شيئاً .!!
* الرحلة من عاصمة تشاد إلى عاصمة النيجر وحتى حدود مالي وبوركينا فاسو كانت طويلة وشاقة إلا أنها مكنت الوفد من الوقوف على الأوضاع بعمق وكما هي على الطبيعة .

* الوقفة الثانية :
لم يستطع الوفد إكمال الرحلة إلى مالي لانعدام الأمن براً على الحدود بين النيجر ومالي والوضع ليس بعيدا عن أحوال النيجر ، أما حدود بوركينا فاسو فالأودية قطعت الطريق ولم يبق بين الوفد والحدود إلا عشرات الكيلو مترات .
- أكبر المتضررين من المجاعة هم الأطفال وخاصة الرضع منهم ففي تصورنا أن الأطفال المتوفين أو المصابين بسوء التغذية في المناطق البعيدة لم يدخلوا في الإحصائيات الرسمية وإعدادهم كبيرة .
- شعب تشاد والنيجر يتساءل بحيرة واستغراب أين هويتنا الإسلامية وقبلتنا المملكة العربية السعودية ومؤسساتها لماذا تأخروا في الوصول إلينا ؟ وهل يعقل أنهم يعرفون ما يجري لنا ويتفرجون؟ هذا ليس من قيم المملكة العربية السعودية ومؤسساتها وليس من عادات الشعب السعودي الكريم .
- إمرأة عجوز تقطف أوراق الشجر وتنظفها استعداداً لطبخها ... قلت لها هل من كلمة توجهينها للشعب السعودي فقالت سلم على الملك عبدالله والشعب السعودي ... ، وإن لم فقلت هل تنادينهم بتقديم مساعدات ؟ فقالت إن كان باستطاعتهم أن يساعدوننا فجزاهم الله خيراً يستطيعوا فليس عليهم حرج ، فيكفي أنك جئت من مكان بعيد لتزورنا .
- فكما أن الأطفال في النيجر كثير منهم أصبح عبارة عن هيكل عظمي من سوء التغذية وفقدان الحليب فإن المؤسسات الخيرية السعودية أصبحت بعد الهجمة الهمجية الغربية على المملكة ومؤسساتها كالأجساد بلا أرواح تعاني من الحصار وضعف الموارد وصعوبة التحويلات المالية وتقف في عجز وحرج أمام الشعوب والحكومات الأفريقية .
- يقف المرء حائراً وخجلاً ولا يستطيع أن يضرب مثلاً للعجز الذي أصاب المؤسسات الخيرية السعودية فمؤسسة سعودية دولية عضو بالأمم المتحدة لا يجد مدير مكتبها قيمة البنـزين حتى يلبي دعوة حكومة دولية إفريقية مسلمة ليقف على حقيقة كارثة إنسانية معنية .

* المقترحات لحل الأزمة : -
أولاً : - مناشدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للقيام بحملة تبرعات عامة في المملكة كحملة التبرعات لكارثة سونامي .
ثانياً : - القيام بحملة عاجلة لتوزيع المساعدات وخاصة ( الحليب + الذرة ) .
ثالثاً : - فتح مكاتب للمؤسسات السعودية بمؤسسة الندوة العالمية للشباب الإسلامي ومؤسسة مكة المكرمة الخيرية وهيئة الإغاثة والإعمار العالمية .
رابعاً : - القيام بمشروعات إنمائية بالتعاون مع حكومة النيجر والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق التنمية السعودي والصندوق العربي للتنمية مثل ري المزروعات على ضفتي نهر النيجر .
خامساً : - على المهتمين بأفريقيا التركيز على النيجر في الفترة الحالية حتى تتجاوز أزمتها.

* آلية العمل : -
- تقسيم العمل إلى مناطق :
المنطقة الأولى في تشاد :
ويكون مركز التوزيع في مدينة ماو شمال تشاد لشمل ماو وما حولها إلى الحدود مع النيجر باتجاه الشمال الغربي ( الرقوق ودبوا ) .

المنطقة الثانية في النيجر : - وهنا نقترح فتح خمسة مراكز لحجم الكارثة ، واتساع المأساة
المركز الأول : في نيامي ليخدم المناطق حول نيامي وحتى الحدود مع مالي وبوركينا فاسو لقربها.
المركز الثاني : في مرادي ليخدمها وقرية داكورو وما حولها .
المركز الثالث : في ديغا .
المركز الرابع : في أنقيقمي يخدم أنقيقمي وأنقرني وجراي وما حولهم وهذا المركز مهم للغاية نظرا لاتساع هذه المنطقة .
المنطقة الثالثة في دولة مالي : لصعوبة تغطيتها من النيجر لغاب الأمن على الحدود المشتركة بينهما .


المصدر : الإسلام اليوم



فلاش عن إفريقيا
 


صور من المأساة


















 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

منوعات الفوائد

  • منوعات الفوائد
  • الصفحة الرئيسية