بسم الله الرحمن الرحيم

اليمين الغموس

 
- اليمين في اللغة :
- قال ابن فارس : في معجم مقاييس اللغة " اليمين : الحلف سُمي الحلف يميناً لأن المتحالفين كأن أحدهما يصفق يمينه على يمين صاحبه .
- وقال صاحب مختار الصحاح : اليمين القسم والجمع أيمُن و أيمان . قيل سميت بذلك لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه .
- وقال صاحب المعجم الوسيط : اليمين : من معانيها القسم .
- وأما اليمين شرعاً :-
- فهي توكيـد حكـم بذكـر معظـم على صفـة مخصـوصة .

- وأما الغموس في اللغة :
- - "غمس" قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : "والغين والميم والسين أصل واحد صحيح يدل على غطّ الشي يقال غمس الثوب واليد في الماء إذا غططته فيـه ... إلى أن قال اليمين الغموس : قال قوم معناه أنها تغمس صاحبها في الإثم0 وقال قوم الغموس النافذة والمعنيان وإن اختلفا فالقياس واحد لأنها إذا نفذت فقد انغمست 0
- وقال صاحب المعجم الوسيط : الغموس اليمين الغموس : الكاذبة تغمس صاحبها في الإثم وفي الحديث " اليمين الغموس تذر الديار بلاقع" (1)
- وقال صاحب مختار الصحاح :- اليمين الغموس هي التي تغمس صاحبها في الإثم .

- وأما اليمين الغموس عند الفقهاء :-
فقد قال الجمهور :- هي التي يحلفها على أمر ماض كاذباً عالماً
قال الشيخ خالد المشيقح في كتابه" أحكام اليمين بالله عزّ وجلّ ص147 ""
وقد نص فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وبن حزم وشيخ الإسلام رحمهم الله على أن المراد باليمين الغموس " اليمين التي يحلفها على أمر ماض كاذباً عالماً ويدخل في ذلك من باب أولى اليمين التي يحلفها كاذباً ليقتطع بها مال امرئ مسلم أو يظلم غيره
وأضاف الحنفية اليمين التي يحلفها في الحال كاذباً فعتبروها من اليمين الغموس وكذا ألحق المالكية بالغموس إذا حلف على الماضي شاكاً أو ظاناً ظناً غير قوي وكذا اليمين على الحال عندهم غموس فيها الكفارة ... [ قلت وفي كلام الشيخ خالد نظر واضح يخالف ما هو ظاهر من النصوص التي تدل على أن المراد بالغموس ما كان فيه اقتطاع حق امرئ مسلم ]

ولهذا قال بعض العلماء :-
- اليمين الغموس هي التي يحلف عليها ليقتطع بها حق امرئ مسلم فقط
فقال الإمام الصنعاني في سبل السلام: وقد فسرها في الحديث بالتي يقتطع بها مال المرء المسلم فظاهره أنها لا تكون غموساً إلا إذا اقتطع بها مال امرئ مسلم لا أن كل محلوف عليه كاذباً يكون غموساً ولكنها تسمى فاجرة .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في كتابه" فتح الرحيم الملك العلاّم في علم العقائد والتوحيد والأخلاق والأحكام المستنبطة من القرآن ": فالحالف إن كان على أمر ماض وهو كذب قد تعمده صاحبه فعليه من الإثم ما على الكاذبين فإن كانت اليمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم فهي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار .

وقال شيخنا الشيخ محمد بن عثيمين عليه رحمة الله في شرحه لرياض الصالحين ": فإن حلف على يمين وهو فيها كاذب فإن كان يقتطع بها مال امرئ مسلم ولو يسيراً فإنه يلقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان مثال ذلك : إنسان ادعى عليه شخص قال أنا أعطيتك ألف ريال قال :لا ليس لك عندي شي والمدعى عليه ليس عنده بينة فقال القاضي للمنكر احلف أنه ليس له عندك شي فحلف فقال والله ماله عندي شي القاضي سيحكم بأنه لا حق له عليه لأن البينة على الدعي واليمين على ممن أنكر فهذا الرجل الذي حلف وهو كاذب يلقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان والعياذ بالله ... إلى أن قال وأما ما يتعلق بنفسه مثل أن يقال له إنك فعلت كذا فقال : والله ما فعلت وهو كاذب فهذا إذا كان كاذباً فإنه لا يستحق هذا الوعيد لكنه والعياذ بالله آثم جمع بين الكذب وبين الحلف بالله عزّ و جلّ كاذباً أهـ وكذا قال الشيخ في شرح البلوغ والبخاري .

وقد قال صاحب الزواجر عن اقتراف الكـبائر ج 2ص299 : ( الكبيرة التاسعة والعاشرة والحادية عشر بعد الأربعمائة : اليمين الغموس واليمين الكـاذبة وإن لم تكن غموساً وكـثرة الأيمان وإن كان صادقاً ... إلخ )
- وقد تتبعت حسب استطاعتي الأحاديث الواردة في اليمين الغموس ولم أجد في آية أو حديث ما يدل على ما ذكره الجمهور وهو أن الوعيد الذي جاء في اليمين الغموس يكون لمن حلف وهو كاذب على أمر ماض بل الأحاديث التي جاء فيها الوعيد كلها فيمن اقتطع حق امرئ مسلم .
- قال الشيخ الألباني حديث " ( ليس شيء أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم ، وليس شيء أعجل عقابا من البغي وقطيعة الرحم ، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع ] . ( صحيح ) . ( بلاقع : جمع بلقع ، وهي الأرض القفراء التي لا شيء فيها )  - سلسلة الأحاديث الصحيحة ج2 ص

عامر العتيبي

الصفحة الرئيسة