بسم الله الرحمن الرحيم

تَحْريرُ المَقَال في عُشَّاقِ طَلاَل
 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين . أما بعد :
اعلم أخي المسلم أن الناظر في حال الأمة الإسلامية ـ لا سيما هذه الأيام ليعلم أن الأمرَ جدُّ خطير، بل إخالك إذا عاينت تلكم اللحظات الحرجة، والظروف العصيبة التي تعيشها الأمة؛ لتحزنَ كلَّ الحزن ! .
وفي خضمِّ هذه النكبات والجهالات التي لم يزل المسلمون بعدُ يتجرعون غصصها؛ إذ بالصحف تطالعنا، والأخبار توافينا بحادثةٍ وخيمةٍ؛ أزعجت المسلمين بنارها وشرارها، حيث أثار بعضُ سدنةِ الإعلام المُغرضين حادثةَ موتِ رجلٍ رقيعٍ ممَّن أشربوا في قلوبهم حبَّ الغناء؛ وهو المدعو : طلال مدَّاح؛ كما خرج أخيراً ملحقٌ لإحدى الجرائد، تحت عنوان " وترحل يا طلال"( ) !.
فما كان لي أن أُشغلَ وقتي، أو أُجهدَ ذهني في الحديث عن أهل العفن الفني الهابط الساقط ممَّن قتلوا الفضيلة، ونشروا الرذيلة، ولكن لمَّا عملت أيدي الفساد، وتكلَّمت الرُّوَيبضات، وخرجت الأفاعي من جحورها تنفثُ سمومها، وتتلوَّن بألسنتها ... عبر قنوات الإعلام التي لم تزل تفوح بروائحهم النتنة التي تزكم الأنوف!، وذلك حينما قاموا مثنى وفرادى في تقليب الحقائق، والتلاعب بالألفاظ الشرعية، وامتهان شرفها وقداستها، والاستخفاف بآداب ومشاعر أهل التوحيد في هذه البلاد الطاهرة ...!، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
في حين كان من الواجب على المسؤولين أن يوقفوا هذا العبث الإعلامي؛ وذلك ماثلٌ في خَرسِ ألسنة العابثين، وكَسْرِ أقلامهم، وهَتْكِ أستارهم لكلَّ ذي عين؛ جزاءً وفاقاً، لأجل هذا وذاك احتسبتُ هذه الوريقات في نصرةِ دينِ الله تعالى، ودفعِ عادية أهل الباطل - إن شاء الله - .
الإعلام في سطور
أمَّا الإعلامُ فلا شكَّ أنَّه مجالٌ خطيرٌ في حياةِ البشرية، وأداةٌ قويةٌ في توظيفِ أخلاق الأمم، كما أنَّه في الوقت نفسِه مُعَبِّرٌ عن أيَّةِ أُمَّةٍ من الأمم في قوتِها أو ضعفِها، وتقدُّمِها أو تَخلُّفِها، ووعيها أو جهلِها؛ كما تستطيعُ من خلالِه أن تَتَعرَّفَ على عُمقِ كلِّ أمةٍ في نظرتِها للكون والحياة؛ حتى بمقدورِك الحكم على أعظمِ ممتلكاتِها : كدينِها وعقيدتِها وأخلاقِها ... إنَّه الإعلام، وما أدراك ما الإعلام ؟! .
فأقول : إنَّ الحديثَ عن العبث الإعلامي، والانهزام الذي يعيشه سدنته واضحٌ ملموسٌ يُرى بالعين المجردة !، لذا سنكتفي بذكر بعض صوره الانهزامية :
ـ منها تخبط سدنة الإعلام في دياجيرِ الَحْيرةِ والتَّيْهِ، حتى أنك تجدُ الرجلَ منهم يسير بلا منهج مدروسٍ ولا عقلٍ واعٍ؛ وأقلُّ ما يُوصف به أكثرهم بالبلاهة، والغباء، و"الببَّغاوية"، نعم؛ إنَّ هذا نذيرُ شرٍّ حين انقلبت أيضاً وسائل الإعلام إلى مجردِ عرضٍ، لا وسائلَ بناءٍ وتعليمٍ وتوجيهٍ، وتثقيفٍ وإعلاء !، وهذا كافٍ في ضياع الهويةِ الحقيقةِ للأمةِ الإسلامية، فحسبُنا أن نُلقي نظرةً عابرةً فيما يَعرضُه "التلفاز"في أكثرالبلاد الإسلامية!، فما عساه يا تُرى سيعرض ؟، إنَّ الحقيقةَ مؤلمةٌ؛ بل قاتلةٌ حينما يعلمُ الجميعُ أنه يَعرض للمسلمين أكبرَ عددٍ من برامجِ الهدم، ومسلسلاتِ الإثارة، وتقويضِ أُسُسِ الأخلاقِ والفضيلةِ بما تطفح به : من عُرِيٍّ وشِبْهَ عُري، وخلواتٍ محرمةٍ، ولقاءاتٍ عابرةٍ، وغير عابرةٍ، وهمساتٍ ولمساتٍ، وأحاديثَ شجيةٍ، وقصصِ حبٍّ وغرامٍ، وتأوُّهاتٍ وغمزاتٍ ولمزاتٍ ..الخ، في تحسين ذلك كلِّه في أعينِ أبناء المسلمين!. ـ ومن أشد تلك المظاهر الانهزامية في مجال الإعلام خطراً؛ تقديمُه للساقطين والساقطات من المغنين والمغنيات، والممثِّلين والممثِّلات للأمة على أنهم النُّخبةُ والصَّفوةُ، وإطلاق الألفاظ الضخمة عليهم مثل "النجوم"، والأبطال"، وإضفاء مزيد من الهالة والتفخيم عليهم، وتسليط الضوء على حياتهم الخاصة والعامة، ليكونوا مُثُلاً للناشئة من أبناء المسلمين؛ فيحرصَ المخدوعون من أولئك الشَّباب والشَّابات على تقليدِ أولئك الرُّقعاء ، وتتبُّعِ أخبارهم، وملاحقةِ أنشطتهم الهدامة، والتشبه بهم ...! .
فليست وفاةُ الرقيعِ " عبد الحليم حافظ" عنَّا ببعيد؛ حيث انتحر لأجل وفاته خمسةَ عشر شاباً وشابةً؛ وهذا كلُّه من أثار الإعلام الهدَّام( ).
وكذلك سيرُ ربعِ مليون إنسان في عاصمة من أكبر عواصم العالم الإسلامي في جنازة ممثلة يهودية( ) ! .
طلالٌ في سطور
وبعد هذا كان لي بعض الملاحظات على وفاة طلال مداح، بثثتها على وجه الاختصار، والاعتبار .
الأولى : وقبل الشروع في ما نريد؛ كان ينبغي علينا أن نُبيِّنَ الحكم الشرعي للغناء الهابط الذي طفحت به المسارح، وضجَّت به الدنيا : بأنه حرامٌ كما دلَّت عليه النصوص الشرعية، ويكفينا فيه قول الله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ... " الآية، فلهو الحديث هنا هو : الغناء، قاله أكثر المفسرين، كابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ – رضي الله عنهما -، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ليكوننَّ من أُمَّتي قومٌ يَستَحِلُّون الحِرَ، والحَريرَ، والخمرَ، والمعازفَ ..." رواه البخاري( )، والمعازف هنا : آلاتُ اللَّهو كلُّها .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " يكون في أمَّتي قذفٌ، ومسخٌ، وخسفٌ "، قيل : يا رسول الله !،ومتى ذلك ؟ قال : " إذا ظهرت المعازفُ، وكثرت القيانُ، وشربت الخمورُ " رواه الترمذي( )، والقيان : جمع قينة، وهي : المغنِّية من الإماء .
الثانية : مَنْ طلالُ مداح ؟! .
هو طلال بن عبده الشيخ بن أحمد الجابري (1359-1421هـ)، من أسرةٍ حضرميةٍ .
فقد نزح والدُه عبده الشيخ من قريته الصغيرة من حضرموت إلى مكةَ المكرمة عام (1355هـ)، حزناً وكمداً على سوء حظِّه، وتعاسته بعد أن فشل من الزواج من إحدى بنات عمومتِه، ثمَّ سكن في حي أجياد بمكة، ليبدأ مرحلة عملٍ قاسيةٍ حيث كان يعملُ ساقياً للماء، فاستطاع أن يجمع خلالها مبلغاً من المال ساعده على الزواج من كريمة عبد المحسن بخاري، إلاَّ أن فترة الزواج هذه لم تستمر سوى تسعة أشهر، حيث انتهت بوفاةِ والدةِ طلالٍ حيث ماتت من معاناة ولادتها؛ حين وضعت مولودَها الأولَ طلالاً!.
أما نسبتُه لعائلة المدَّاح فهي من التساهل المذموم شرعاً؛ فهو يعود إلى اسم زوج خالته : علي المصري المدَّاح، حيث أسلمه والدُه إلى زوج خالته المصري ليتولَّى تربيتَه، وكانت عائلة المدَّاح تعرف بالمدَّاحين؛ أي مدَّاحي النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا شك أنه من إفرازات الصوفية !، فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا رأيتُم المدَّاحينَ فاحْثُوا في وُجُوهِهم التُّرابَ " رواه أحمد( ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تَطروني كما أَطْرتِ النَّصارى عيسى ابنَ مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا : عبدُ الله ورسولُه " رواه البخاري( ) .
وترعرع طلالٌ في هذه الأسرة، وشبَّ على الغناء منذ صباه؛ حتى أُشرب في قلبه حبُّ الغناء، وهكذا حتى أصبح من كبار المغنيين الساقطين الرقعاء، الذين أفسدوا أكثر ممًا عمَّروا، فقضى زهرةَ شبابِه حتى آخر لحظة من حياته وهو يعصي ربَّ العالمين بغنائه الهابط( ) .
نعم؛ وبكلِّ أسفٍ هذا طلالٌ !؛ أربعين سنةٍ قضاها في أسوء حالٍ ومات على أسوء حال، فَحُقَّ لنا أن نقول كما قال الصحفيون وزيادة : وتِرحلْ يا طلال على أسوء حال !، اللهم نسألك حسن الختام، اللهم آمين .
الثالثة : ماذا قدَّم طلالٌ لأمته ؟! .
لقد قدَّم طلالٌ ما يستحي المسلم من ذكره؛ إنه قدَّم بكلِّ أسفٍ : مائتين وألفَ أُغنيةٍ؛ ما بين وصفٍ للخدود، والقدود، والعيون، والشعور، ومحاسن الشباب، وتوريد الخدود، والوصل، والصَّد، والتجنِّي، والهجران، والعتاب، والفراق، والهيام، والعشق،... الخ ! .
فما قدَّمه طلالٌ كافٍ في تخدير الأمةِ، وتعطيل أخلاقها، وسقوطها في أوحالِ السَّفاهةِ والتَّيهِ، ومسخ هويتها وحيائها ! .
لقد قدَّمتَ يا طلال لأمتك ما لم يقدِّمُه ألفُ عدوٍ محاربٍ، يوم قوَّضتَ أخلاق الأمة بألفٍ ومائتين أُغنية هابطة ! .
الرابعة : كيف مات طلالٌ ؟!.
لا يخفى الجميع كيف مات طلالٌ !، إلاَّ أني أحببتُ أن أذكر شيئاً عن حال موته للاعتبار والعظة لمن ألقى السمع وهو شهيد
نعم؛ صَعَدَ طلالٌ خشبةَ المسرحِ في الثلث الأخير من الليل – حين ينزل الربُّ إلى السماء الدنيا ليتوبَ عن التائبين، ويُجيبَ دعوةَ السائلين ... وهذا في ليلةٍ مباركةٍ طالما أحياها الصالحون بالسجود والاستغفار – وأبناءُ المسلمين !؛ حوله يُصفِّقُون ويُصفِّرُون ترحيباً به؛ وهم في غاية الصفاقة والمجون، وهكذا بدأ يغني طلالٌ للساقطين والساقطات بعضَ أغانِيه الهابطة التي يدعوا فيها اللهَ : أن يَرُدَّ أهلَ العشقِ والغرامِ والمجون بعضَهم إلى بعضٍ، والكلُّ يُؤمِّنُ ويترنَّمُ ... وذلك عندما يقول : " الله يردْ خِطاك لدروب خِلاَّنك "، وبينما التَّابعُ والمتبُوعُ في سكرتِهم يَهِيمون ويتمنَّون؛ إذ بمَلَكِ الموتِ يأتي على قَدَرٍ يا طلال؛ حتى إذا ما وصلَ هذا الرجل عند أسْوَءِ سَوْءةٍ في أُغْنيتِه وهي قوله: " يا معذِّبي "( )؛ إلاًّ ومَلَكُ الموتِ قد انتزع منه الروحَ، بعد أن تحجرج الصوت واختفى، ثمَّ ما هي إلاَّ لحظاتٌ حتى سقطَ طلالٌ صريعاً على عوده – قيثارته – محتضناً له بكلِّ حرارة، فلمَّا أدركه الطبيبُ المرافقُ تفاجأ بأنه قد أزْرَقَّ وَجْهُهُ، وتوقَّف نبضُه( )؛ هكذا مات طلالٌ !، اللَّهم رحماك، اللَّهم رحماك .
فكان من الخِزْيِ والخسرانِ، والحسرةِ والنَّدامةِ أن يموتَ المسلمُ على سوء خاتمةٍ - عياذاً بالله - لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يُبعثُ كلُّ عبدٍ على ما مَاتَ عليه " رواه مسلم( )، وفي رواية : " مَنْ مات على شيءٍ بَعثَه اللهُ عليه " رواه أبو يعلى( )، فهكذا؛ الحاجُ يبعثُ ملبياً، والشهيد يبعثُ وجُرحُهُ يتفجَّرُ دماً، والسكرانُ يُبعثُ مخموراً، والمغنيُّ يُبعثُ مغنِّياً ! .
الخامسة : ماتَ طلالٌ، فماذا كان ؟! .
لا شك أنَّ هذا الرجل ممَّن ذاع أمرُه، وشاع خبرُه عند القاصي والدَّاني؛ فكان جديراً أن تختلف عنده الآراء، وتتباين حوله الأقوال، وكلٌّ بحسب مشاربِه ونحلِه، فكانوا عنده طرفين ووسطاً؛ لذا أردت أن أقف مع هذه الأقوال بشيء من الاختصار.
الأقوالُ حَولَ طَلال
الطرف الأول : سَدَنةُ الإعلام؛ الذين استباحوا الصحف والمجلات في ترويجِ باطلهم، وغَشِّ أمتهم، وخداع السُّذَّج من أبناء المسلمين !، وهذا كلُّه ضمن كلماتهم المزوَّرة، وعباراتهم المنكرة، يوم قالوا عن طلال : شهيد الفن، فقيد الفن، المرحوم، المناضل، قدوة المغنيين، صاحب رسالة، فنان العرب، قيثارة الشرق، صوت الأرض، أستاذ الفنانين، حتى جاء أشقاهم وقال عنه : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً ... إلى غير ذلك من الكلمات المستنكرة !، والله المستعان على ما يصفون .
فحديثنا مع هؤلاء السفهاء الحمقى؛ بأن نذكرهم بقول الله تعالى : " ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم مَّن يكون عليهم وكيلاً " الآية، فإذا استطعتم أيُّها الإعلاميون أن تجادلون وتنافحوا وتدافعوا عن أهل الغناء الساقط في حياتكم الدنيا عبر صحفكم؛ فمن ذا الذي سيجادل ويدافع عنهم يوم القيامة ؟! .
وأذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم :" من وَلِيَ من أمورِ المسلمين شيئاً فغشَّهم فهو في النَّار " رواه الطبراني( )، فلا شكَّ أنَّ سدنةَ الإعلام قد تَوَلَّوا فِكرَ الأمة، وتثقيفَ عُقولَ الناشئةِ؛ فصنائعُهم هذه هي : عَينُ الغِشِّ، والخديعةُ للمسلمين ! .
ونقول لهم - أيضاً - : إذا اعتقدتم أن طلالاً شهيداً؛ فهل تقولون بلازم قولكم : وهو أن تَدْفُنوا طلالاً بملابسِه، وعودِه، ولا تُصَلُّوا عليه؛ لأنه شهيدٌ، والشهيدُ هذه حاله ؟!، إلاَّ أني أعلم أنكم ناكثون لعهودِكم !.
الطرف الثاني : أهل الغناء، الذين يُجعجعون بالثناء والتمجيد على فقيدِهم وأستاذِهم طلالِ مداح، فكم من مقابلةٍ صحفيةٍ حاكوها، ومقالةٍ سخيفةٍ صاغوها، وتعزيةٍ هزيلةٍ تباكوها، وحِواراتٍ ساخنةٍ أشعلوها ... الخ !، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
أمَّا حديثنا مع هؤلاء الرُّقعاءِ الساقطين، بأن نذكرهم بقول الله تعالى : " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشةُ في الذين أمنوا لهم عذابٌ أليم " الآية، وقوله تعالى : " تَبغُونَها عِوجاً وأنتم شهداء، وما الله بغافلٍ عمَّا تعملون " الآية، وقال تعالى : " سيريكم آياته فتعرفونها، وما ربك بغافلٍ عمَّا تعملون "، أي : لله الحمد الذي لا يعُذِّبُ أحداً إلاَّ بعد قيام الحجة عليه، والإعذار إليه؛ ولهذا قال : " سيريكم آيته فتعرفونها "، فكان من آياته وعظاته تعالى ما حدث لكبيرهم الذي علَّمهم الفنَّ !، وقوله : " وما ربك بغافلٍ عمَّا تعملون "، أي : بل هو شهيدٌ على كلِّ شيء تعملونه أيها السَّاهون اللاَّهون ( ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " ... إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمةِ من سَخَطِ الله لا يُلقي لها بالاً يَهوي بها في جهنَّم " رواه البخاري( ) .
فحسبكم هذه الكلمات التي أسخطتم بها ربَّ العالمين، وآذيتُم بها المسلمين، فهل أَمِنْتُم بعد هذا أن يُؤاخذكم الله بما تقولون ؟! .
ثمَّ نذكِّرهم بقوله صلى الله عليه وسلم : " المَرْءُ مَع مَنْ أحَبَّ " رواه الترمذي( )، فيا أهل الغناء : إذ كنتم صادقين فيما تقولون : بأنكم تُحبُّون طلالاً؛ فادعوا الله تعالى أن يَحشُرَكم معه، وأن يُميتَكم كما مات عليه !، ونحن من ورائكم – إنْ شئتُم – نُؤمِّنُ على دعائِكم، وإنْ كان هذا يَعزُّ علينا !، إلاَّ إني أعلم كما يعلمُ الجميعُ أنَّكم تَعلمون بأنَّنا نَعلمُ أنكم كاذبون فيما تقولون، ولكن لا تعمى الأبصارُ، ولكنَّ القلوب تعمى، وتهوى .
القول الوسط : أهل العلم، الذين يُبَصِّرون الأمة سواء الطريق، ويخرجونهم من الظُّلمات إلى النُّور، ويحذِّرُونهم من أيام الله تعالى .
فهؤلاء هم علماء الأمة فقولهم في طلال، ومن هو على شاكلته واحدٌ، لا تعصفُ بهم الأهواء، ولا تَتَحكَّمُ فيهم الشبهات والشهوات ... خلافاً لأهل الأهواء والبدع، كمحرِّري الصحافة، ومروِّجي الخرافة ! .
لذا كان موقفهم ممَّن مات من أهل الكبائر وهو مجاهرٌ بفسقه، مصرٌ عليه، داعٍ إليه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم؛ حينما مرَّ بجنازةٍ فقال: " مستريحٌ، ومستراحٌ منه" قالوا يا رسول الله؛ ما المستريح، وما المستراح منه، فقال : " العبد المؤمنُ يستريحُ من نَصَبِ الدنيا، والعبدُ الفاجرُ يستريحُ منه العباد، والبلاد، والشجر، والدَّواب "( ) .
أمَّا قولهم في طلال؛ فكما يلي : إنَّه من أهل الكبائر ممَّن مات مجاهراً بمعصيته !، وهذا لا ينتطحُ فيه عنزان؛ إلاَّ جاهلٌ بليد، أو مكابرٌ عنيد ! .
أحكام أهل الكبائر في الحياة وبعد الممات
لأهل الكبائر المجاهرين إذا ماتوا على فسقهم، كالغناء مثلاً؛ أحكامٌ كثيرةٌ استخلصتها من كلام أهل العلم تبصرةً للصَّالحين، وتحذيراً للعاصين؛ فهاك بعضَها على اختصار( ) :
أنّه مسلمٌ، ناقصُ الإيمان، عاصٍ بمعصيته، داخلٌ تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذَّبه، وإن شاء غفر له، ولا يشهدون لأحدٍ بجنةٍ ولا نارٍ إلاَّ ما شهد له الشرع( ) .
واختار ابن تيمية وغيره : جوازُ الشهادةِ على من اتفقت الأمة على الثناء أو الإساءة عليه( ).
أنَّ خاتمتَهُ خاتمةُ سوءٍ، عياذاً بالله، وهذا لا يعني أنه كافر، ما لم يستحلَّها ! .
أنَّ من جاهر بمعصيةٍ كبيرةٍ كالغناء مثلاً ولم يتبْ منها؛ فإنه يُبغضُ على قدر ما معه من المعاصي؛ لأنَّ قضيةَ الحبِّ والبغضِ – الولاء والبراء – من أصولِ هذا الدين؛ لذا وجب على المؤمن أن يكون حبُه وبغضُه لله تعالى، فيزداد حبُّه لأولياء الله، وبغضه لأعداء الله، وربما يجتمع في العبد الواحد حبٌّ وبغضٌ؛ بحيث يُحبُّ من وجهٍ ويُبغضُ من وجهٍ وذلك بحسب ما في الشخص من خصالِ الخير والشر ! .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " وإذا اجتمع في الرجل الواحد خيرٌ وشرٌ وفجور، وطاعةٌ ومعصيةٌ، وسنةٌ وبدعةٌ : استحق من الموالاة بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكراه والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا ... هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة "( ) .
لكن هذا الحبُّ قد لا تظهر آثارُه على الجوارح إن كانت خصالُ الشرِّ في ذلك الشخص طاغيةً على خصال الخير، أما أصلُ المحبةِ والبغضِ فموجودان في القلب لا يلغي أحدهما الآخر؛ ما كان أصلُ الإيمان موجوداً في الشخص( ) .
أمَّا قضيةُ الولاء والبراء هذه الأيام – فلا حول ولا قوة إلا بالله – فقد ذابت، وتلاشت عند أكثر المسلمين؛ حتى أنك تجدُ بعضَهم يصرِّحُ عبر الصحف : بأنه يحبُ من يُحبُّ من الناس لأجل معصيتِه !، فكم قائلٍ مُرتكسٍ في حبِّ طلالٍ : أنه يحبُّ طلالاً لا لشيء؛ إلاَّ إنه إمامُ المغنين، وقدوةُ الفنانين ! .
فهل سمعتم معاشر المسلمين بعد هذا : بأنَّ حبَّ المصيبةِ وأهلِها ولاءٌ يُشكرُ عليه، أو قولٌ يُحمد عليه ؟!، اللهم لا تُؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا ! .
أنَّ من جاهر بمعصيةٍ كبيرةٍ كالغناء ولم يتبْ منها؛ فإنه إذا مرض لا يُعاد هجراً له، وزجراً لغيره لا سيما إذا كان ثمَّة مصلحةٌ راجحةٌ في ذلك .
وقد نصَّ أئمتنا الحنابلة على ذلك بقولهم : " يَحرمُ عيادة مجاهرٍ بمعصيةٍ إذا مرض، بل يسن هجرُه ليرتدع ويتوب .
ونقل حنبلٌ : " إذا عُلم من رجلٍ أنَّه مُقيمٌ على معصيةٍ؛ لم يأثم إنْ هو جَفاهُ حتى يَرجعَ، وإلاَّ كيف يُبَيِّنَ للرجلِ ما هو عليه إذا لم يرَ مُنْكِراً عليه ! ولا جَفوةً من صديقٍ"( ).
وهو قول شيخنا العثيمين : " وأمَّا الفاجرُ من المسلمين بكبيرةٍ من الكبائر، أو بصغيرةٍ من الصغائر وأصرَّ عليها : ففيه تفصيل أيضاً، فإذا كنَّا نعوده من أجلِ أن نَعرضَ عليه التوبة، ونرجو منه التوبة فعيادتُه مشروعةٌ، إما وجوباً، وإما استحباباً، وإلاَّ فإن الأفضل ألاَّ نعوده "( ) .
أنَّه إذا مات لا يُصلِّى عليه وَلِيُّ الأمر، وإمامُ كلِّ بلدٍ، وأئمةُ الدِّين، والوجهاءُ من عِليةِ القوم، وأيضاً لا يُدعى له؛ زجراً لغيره لا سيما إذا كان ثمَّة مصلحةٌ راجحةٌ في هذا الترك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " ولا يجوز لأحدٍ أن يترحَّمَ على من مات كافراً أو من مات مُظهراً للفسقِ مع ما فيه من الإيمان كأهل الكبائر .
ومن امتنع من الصلاةِ على أحدهم زجراً لأمثاله عن مِثلِ فعله؛ كان حسناً، ومن صَلَّى على أحدهم يرجو رحمة الله، ولم يكن في امتناعه مصلحةٌ راجحةٌ؛ كان حسناً، ولو امتنع في الظَّاهرِ ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين كان أولى من تفويت إحداهما "( ) .
قال المرداوي : " واختار المَجْدُ، أنَّه لا يُصَلَّى على كلِّ من مات على معصيةٍ ظاهرةٍ بلا توبة . قال في "الفروع" : وهو مُتَّجَهٌ "( ) .
وقال صاحب المطالب : " ولا يُسنُّ للإمام، الإمامِ الأعظم، ولا إمام كلِّ قريةٍ وهو واليها في القضاءِ الصلاة على غَالٍ نصاً ... لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاةِ على رجلٍ من المسلمين؛ فقال صَلُّوا على صاحبِكم "؛ فتغيرت وُجُوه القومِ، فقال : " إنَّ صاحبَكم غَلَّ في سبيلِ الله "، ففتشنا متاعَه فوجدنا فيه حِرزاً من حِرزِ اليهود ما يُساوي درهمين " رواه النسائي( )، ولا على قاتلِ نفسِه عمداً؛ لِما روى مسلمٌ عن جابرِ بن سمرة " أنَّ رجلاً قتلَ نفسَه بِمَشَاقِصَ؛ فلم يُصَلِّ عليه " رواه أبو داود( )، وفي روايةٍ للنسائي قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أمَّا أنا فلا أُصلي عليه"( )، فامتنع النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الصلاةِ على الغالِ، وقاتلِ نفسِه، وهو الإمامُ، وأمر غيرَه بالصلاة عليهما، وأُلْحِقَ بهما ما سوى ذلك، لأنَّ ما ثبت في حَقِّه ثبتَ في حقِّ غيره، ما لم يَقُم على اختصاصه به دليلٌ "( ) .
وقال العثيمين : " ولو قال قائلٌ : أفلا ينبغي أن يُعدَّى هذا الحكمُ إلى أميرِ كلِّ قريةٍ، أو قاضيها، أو مفتيها، أي : من يحصل بامتناعه النَّكال، هل يتعدى الحكمُ إليهم؟.
الجواب : نعم يتعدى الحكمُ إليهم؛ فكلُّ من في امتناعه عن الصلاة نكالٌ فإنه يُسَنُّ له أن لا يُصلي على الغالِ، ولا على قاتلِ نفسه "، وهذا اختيار ابن تيمية وغيره من أهل العلم ( ) .
وقد سُئل الشيخُ عبدُ الله بنُ الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، هل تُكره الصلاةُ على غير الغالِ ؟وقاتلِ نفسه ؟ .
فأجاب : الصلاةُ تُكره على غير الغالِ وقاتلِ نفسِه، مثلِ المجاهرِ بالفسقِ والكبائرِ "، وقال – أيضاً - : " والمراد بكراهةِ الصلاة على أهل الكبائر للإمامِ خاصةً، أو لأهل العلم، والدِّين المقتدى بهم "( ) .
قال العثيمين : " مسألةٌ : هل يُلحق بالغالِ، وقاتلِ النفس من هو مثلُهم، أو أشد منهم أذيةً للمسلمين، كقطاع الطرق مثلاً ؟ .
فقال : ... إنَّ من كان مثلُهم، أو أشدُّ منهم، إنه لا يُصلِّي الإمامُ عليه؛ لأن الشرعَ إذا جاء في العقوبةِ على جُرمِ من المعاصي، فإنه يُلحقُ به ما يُماثله، أو ما هو أشدُّ منه "( ) .
وكذا يقول الشيخ المحدث الألباني - رحمه الله - : " الفاجر المنبعث في المعاصي والمحارم مثل تارك الصلاة، والزكاة مع اعترافه بوجوبهما، والزاني ومدمن الخمر، ونحوهم من الفساق؛ فإنه يُصلى عليهم؛ إلاَّ أنه ينبغي لأهل العلم والدين أن يدعوا الصلاة عليهم عقوبةً وتأديباً لأمثالهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم "( ) .
أما ما يتعلقُ به الأقزام من سماسرةِ الإعلام بأن الشيخ العثيمين يرى الدعاء والصلاة على المجاهرين من أهل الكبائر على إطلاقه، فليس الأمر كذلك؛ لأن السؤال الذي أجاب عليه الشيخ كان مطلقاً، أي : حكم الصلاة على من مات على معصية !، أما المجاهر من أهل الكبائر المصرُّ عليها فليس لولي الأمر وكلِّ من يحصل بامتناعه مصلحةٌ الصلاةَ عليه، كما نصَّ عليه العثيمين وغيره من أئمَّةِ السلف أنفاً، فتأمل .
أنَّه إذا مات وهو مجاهرٌ بالمعصية، وظهر لغاسله شرٌ أن يُظْهرَه ولا يَسْتُرَه ليرتدعَ غيرُه، ويعتبرَ مقلِّدُوه .
قال صاحب الكشاف، وغيره : " وعلى غاسلٍ سَترُ شَرٍّ رآه؛ لأنَّ في إظهارِه إذاعةً للفاحشة ... ثمَّ قال : " قال جمعٌ محققون : إلاَّ على مشهورٍ ببدعةٍ، أو فجورٍ ونحوه ككذب، فَيُسنُّ إظهارُ شَرِّه، وسترُ خيرِه ليرتدعَ نظيرُه "( ) .
وقال المرداوي : " وقال جماعةٌ من الأصحاب : إن كان الميتُ معروفاً ببدعةٍ، أو قلةِ دينٍ، أو فجورٍ ونحوه؛ فلا بأس بإظهارِ الشَّرِّ عنه، وسترِ الخيرِ عنه لتجتنبَ طريقتَه"( ) .
وبنحوه قال العثيمين في صاحب البدعة : " ومن رأى على وجهِهِ مكروهاً، فإنه ينبغي أن يُبيِّنَ ذلك حتى يَحذرَ الناسُ من دعوتِه إلى البدعةِ؛ لأن الناسَ إذا علموا أنَّ خاتمتَه على هذه الحالِ، فإنهم ينفرون من منهجِه وطريقِه، وهذا القولُ لا شك أنه قولٌ جيدٌ وحسنٌ؛ لما فيه من درءِ المفسدةِ التي تحصلُ باتباع هذا المبتدع الداعية "( ) .
7ـ وللمسلمين إساءةُ الظنِّ بمن مات مجاهراً بمعصيته .
قال محقِّقُ المذهب البهوتي وغيره : " ولا حرجَ بظنِّ السوءِ بمن ظاهرُه الشَّرُّ "( ).
وقال شيخنا العثيمين :" وأمَّا من عُرف بالفسوق والفجور ، فلا حرج أن نُسيءَ الظَّنَّ به؛ لأنه أهلٌ لذلك "( ) .
وهناك أحكامٌ كثيرةٌ تتعلَّق بالمجاهرين من أهل الكبائر عدلتُ عنها؛ سأذكرها – إن شاء الله – في كتابنا " تنبيه ذوي البصائر بأحكام أهل الكبائر "، والله الموفق .
الدِّين النَّصيحة
وقبل الانتهاء من وريقاتي كان من الواجب أن أوجِّه نصيحةً لعامة المسلمين؛ لذا فقد نظمتُ نصيحتي في ثلاثة عقود؛ كما يلي :
الأول : إلى أهل الغناء خاصةً، وغيرهم من أهل المعاصي : أن يتوبوا إلى الله تعالى ممَّا هم فيه، وأن يأخذوا العبرة من أستاذهم وقدوتهم، وأن لا ينخدعوا بما يقوله سدنة الإعلام بأن طلالاً رحل وترك لنا إرثاً عظيماً، وأنه قدَّم لأمته فناً حميداً وعملاً مشكوراً؛ فإني أقول لهم : إن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلاَّ طيباً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله طيبٌ لا يقبل إلاَّ طيباً ... "رواه مسلم( )، والغناء لا شك أنه خبيث، كما أعيذكم بالله أن تأخذكم العزَّةُ بالإثم، وأن تصرُّوا على الحنثِ العظيم .
الثاني : إلى أهل الصلاح والمصلحين، إياكم أن تنهزموا أمام الواقع المرير، أو تقفوا مبرِّرين لأهل المعاصي المجاهرين، أو أن تحكِّموا عواطفكم في مثل هذه المواقف العصيبةِ التي نحنُ وغيرُنا أحوج ما نكون إلى كلمةِ صدقٍ منكم تشفي الصدور، أو وقفةِ حقٍّ تقصمُ ظهورَ أعداءِ الدين، وتكشفوا للمسلمين زيوف العابثين؛ اللهَ، اللهَ ! .
هذا إذا علم الجميع أننا في زمنٍ علا فيه أهل الفجور، ودعاة الرذيلة، في حين أنَّ أهل الحقِّ أمثالكم قد حُرموا من أعظمٍ ما يملكون وهو : قولُ الحقِّ، وغيرُه كثيرٌ كثيرٌ!! .
الثالث : إلى أهلِ طلالٍ، وذويه، وكلِّ مصابٍ من أقاربه : أن يحذروا من سماسرةِ الإعلام في غشِّهم بأنَّ طلالاً يعتبرُ رمزاً وثروةً ينبغي الحفاظ عليها، وإخراجها للأجيال... وغير ذلك من الخرافات الباردة، وأن يحذروا السعي خلفَ كلِّ من يُريد أن يتمسَّح بحبِّ طلالٍ، أو يُسكبَ الدموعَ على أعتاب بابكم بالتَّعازي ... فكلُّهم يريد أن يصطادَ بِمُصابِكم شُهرةً، أو تزلُّفاً، أو ضَريبةَ فنٍّ يؤدِّيها أمامَ الفنانين ... إنَّ هؤلاء وغيرهم لم يكونوا يَخْفَوْن عليكم !؛ فبالأمس القريب كانوا يصفِّقون لطلالٍ ويزمِّرون حوله حتى أسقطوه ضحيةً للفنِّ؛ أمَّا اليوم فيريدون أن يقولوا لكم : نحن أحباءُ طلالٍ، وطلابُه زيادةً في الغشِّ والكذب، فقلوا لهم : إن كنتم أحباءه ومريديه؛ فَتَمنَّوْا الموتَ على ما مات عليه إن كنتم صادقين، ولن يتمنَّونه أبداً بما كسبت أيديهم، والله محيطٌ بالظالمين، وغيرهم من العُصاة المجاهرين .
كما أوصيكم أن تسْعَوا حثيثاً في سحبِ ما يمكن سحبه من الأغاني، سواء من الإعلام، أو غيره من التسجيلات الغنائية؛ تبرأةً للذِّمة وبِرَاً بأبيكم ... ويرجى أن يكون هذا عبر الصحف – إذا سمحت ! – والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
وأوصيكم - أيضاً - بتقوى الله في السِّرِ والعلن، وأن تدعوا لأبيكم أناء الليل وأطراف النهار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا ماتَ الإنسانُ انقطَعَ عنه عملُهُ إلاَّ من ثلاثٍ : إلاَّ من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتَفعُ به، أو وَلَدٍ صَالحٍ يَدْعو له" رواه مسلم( ) .
والحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلاَّ على الظالمين

وكتبه : أبو صفوان
ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
الطائف، ص . ب ( 1979 )