بسم الله الرحمن الرحيم

بالأمس القريب .... حصلت لي هذه الحادثة ...
أدعوكم لقرائتها بتأمل ... !!!


عجبي والله من هذه الدنيا الدنيــة الزائلة ...
أناس تقبل على الخير ... وأناس تدبر !
أناس تبحث عنه ولو من تحت الحجر ....
وأناس تتهرب منه ولو كان أمامها على طبق من فضة !
عجبي والله ...
لم أزل والله وحتى هذه الوهلة أتعجب من ذاك الشاب الذي أقبل عليّ عند بوابة أحد مراكز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
بالأمس القريب ... وعند الساعة ( 11,15 ) مساءً ... كنت خارجاً من أحد مراكز الهيئات متوجهاً لسيارتي بعد أن قضيت ليلةً ماتعة مع أحبابنا رجال الهيئات ...
أقبل عليّ ذلك الشاب ووجهه مستبشراً متهللاً ...
وكأنه وجد ضالته ...
عانقني بشدة ... ووالله إن لفي وجهه نور عظيم ...
ولكن لم أستطع أن أميز بشرة وجهه لما تلك الدموع التي سكبت على وجنتيه ...
والله إن لدموعه أكثر بكثير تساقطاً ممن مات له قريباً ....
دموع عظيمة إنتشرت في وجهي جرّاء ذلك العناق الشديد ....
قال لي وبعظمة لسانه ((( أريدك لا أريد غيرك ))) فقد تعبت ... والله تعبت ... !!!
هدأت من روعــه وأجلسته على الأرض بعد أن أبعدته عن أعين النـــاس ...
بدأ يلومني بشـــدة وكــأني قد أخطأت في حقه ....
كان يقول لي لوماً (( أين أنتم عنّا )) ... أين أنتم ... أين أنتم ... أم أنكم صرتم حباً للخير على أنفســكم ...
هالتني والله كلماته ... وكأنها وقعت على جرح أغور !
جلست معه لحظات بعد أن أخذ نفســــاً عميقاً ... محاولاً إرجاع كلماته إليه ... ولكن دموعه ترده عن كل حرف ينطقه .... !
توجهت به إلى سيارتي ...
فبدأ يحدثني عن حياته ....
يقول لي ((( كل شيء جربته ... كل شيء وقعت فيه ))) ...
الكل يعرفني بسوئي وضياعي ...
وقت فارغ ...
مال زائد ...
شباب طائش ...
صحبة سيئة ...
... فماذا ترتجي منّي ... !!!!!!!!
يقول لي ...
ما من مكان أقع فيه .. إلا وسبل الضياع تسبقني .... تُقدم لي عاجلاً غير آجل ...
كأنها تبحث عنّي كي أقع فيها ....
يقول لي ...
بالأمس صمت التاسع من هذا الشهر الكريم ... محاولاً كبح جماح فسادي عن الولوغ فيها ...
وهاأنا أستعد لصيام عاشوراً ... كي أكفر ما وقع في العام المنصرم من معاصي وذنوب ....
ولو ذكرتها هنا ... لانبهرت أيها القارئ الكريم من هولها .... !!!
ولكن عزائنا في ربنا ورحمته وحلمه ...
جلست معه وقت طويـــل ... وأنا مستبشر مسرور بعودته إلى الخير وبحثه عنه ....
وأن الله أحبه .... وإلا لما جعله يعود حيث مأوى الخير ... وطريق الرشاد ... ونبراس الجنان ... !!!
وجهه يتهلل خيراً .. مع ما ظهر منه ملامح لا ترضي الله ... ولكنه هذه التهلل هو (( الخير والتوبة )) والتي أقبل عليها ...
فهنئياً له هذا الإقبـــال ...
وهنيئاً له هذا الخير ....
وهنيئاً له هذا الرجوع والتوبة ....
هنيئاً له ...
هنيئاًَ له ...
هنيئاً له ...
في نهاية لقائي به .. وعدني خيراً ... بعد أن أخذ رقم هاتفي ...
ووعدني قائلاً ....
(( إلى لقاء آخر يا أبا سليمان ... ولا تنسانا من دعائك بالهداية والثبات ))
أسأل الله لنا وله الهدايــة والثبات وأن يجعلنا ممن عرف طريق الخير فلزمه وسار عليه حتى يلقى وجهه الكريم .. برحمة منه وكرم .. آمين
وأنا هنا لا أعجب من عودته ....
ولكن أعجب كل العجب ... ممن ذاق طعم الهداية ... ثم نكس ورجع ....
( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) (ابراهيم:27)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم المحب في الله : المسلم العربي - أبو سليمان -

الصفحة الرئيسة