بسم الله الرحمن الرحيم

الدروس والعبر المستفادة من رمي اليهود بالحجر


الحمد لله القائل في كتابه : (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر الميامين الذي جاهد في الله حق جهاده، فأقام به الملة ورفع آية التوحيد وحذر أمته من تركه فقال : " ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلوا ".
وعلى آله وصحبه أجمعين الذين ضربوا بجهادهم أروع الأمثلة وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السير قدماً في مسيرة الجهاد فقالوا :
نحن الذين بايعوا محمدا *** على الجهاد ما حيينا أبداً
وعلى من اقتفى أثرهم في مسيرة الجهاد إلى يوم الدين أما بعد :
يتعرض الشعب الفلسطيني المسلم اليوم وعلى تراب الأرض المقدسة إلى أبشع ألوان القتل والتعذيب والتنكيل والتشريد من أحفاد القردة والخنازير اليهود ، وهذا القتل وهذه المجازر تعرض لها شعبنا علي مدار تاريخه الجهادى وفي مقدمتها مذابح المسجد الأقصى ،وما من قرية ومدينة في فلسطين إلا وكان لها نصيب من هذه المجازر على مرأى ومسمع العالم، ولا تمر سنة من السنين إلا ويرتكب فيها اليهود مجازر جماعية ومجازر فردية، وها هي المجازر اليوم ترتكب في كل مدينة وقرية وشارع وزقاق على أرض الإسراء والمعراج ، ولكن مع بشاعة الجريمة التي يرتكبها اليهود بكل غطرسة إلا أن جميع أفراد الشعب مصممون على مواصلة الطريق حتى يندحر على الأقل أذى الاحتلال عن أرض فلسطين فضلاً عن تحرير كل شبر من أرض فلسطين بما في ذلك المسجد الأقصى ومدينة القدس.
وبات واضحاً لكل الشعوب الإسلامية وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يواجه غطرسة الاحتلال وهمجيته أن لا بديل عن مواصلة الجهاد لأن الاتفاقيات التي تسمى باتفاقيات السلام لم تحقق على أرض الواقع إلا مزيداً من القتل والتعذيب والاعتقال ومصادرة الأراضي وتدنيس المقدسات والدمار الاقتصادي والفساد الاجتماعي وتمزيق شمل الأمة الواحدة.
ولذا فإن الأمر الذي يترسخ لدى الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة نتيجة الشعور بالاضطهاد والظلم هو مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة ومواصلة الطريق ولو أريقت الدماء وأزهقت الأرواح.
وقد تحققت للأمة العربية والإسلامية دروس وعبر وثمرات جلية تعتبر بمثابة معجزة يجنيها ذوو العقول والأبصار، لو رسمت لها خطة وبدأ بتنفيذها ما كان ليتحقق لها بعض هذه العبر، ولو أمضت فيها عقوداً من الزمن ومليارات من الدولارات ولكن قبل الخوض في بيان هذه الدروس والعبر تريد أن نبين السبب الحقيقي للصراع على ارض فلسطين .
السبب الحقيقي للصراع بيننا وبين اليهود على أرض فلسطين :
يحلو للبعض أن يصور الصراع بين المسلمين في فلسطين وبين اليهود صراعاً سياسياً واقتصادياً ويغفلون أو يتغافلون عن السبب الحقيقي للصراع إلا وهو اختلاف الدين كما قال الله تعالى : (( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا )) وقال تعالى : (( ولو شاء الله ما اقتتل الذي من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات فمنهم من آمن ومنهم من كفر)) والذين يريدون إبعاد الناس عن السبب الحقيقي للصراع يظلمون أنفسهم وغيرهم ويورطون الأمة في مصائب لا حصر لها ويحرمونها من ثواب الدنيا بالنصر والتمكين، ومن تراب الآخرة برضوان الله ودخول جنات النعيم، ففكرة حصر هذه القضية في الفلسطينيين وحدهم أو في منظمة هي فكرة خبيثة، الهدف من ورائها تجنب الصراع مع مليار مسلم على وجه الأرض ولكن اقتضت حكمة الله جل وعلا أن يكون المسجد الأقصى بؤره الصراع لينال كل مسلم على وجه الأرض شرف المشاركة في الجهاد للدفاع عن المسجد الأقصى والأرض المقدسة، فلم تأت قدسية المسجد الأقصى والأرض المقدسة من كوننا فلسطينيين أو كنعانيين، وإنما ترسخت هذه القدسية في قلوبنا لأننا مسلمون نؤمن بما جاء في كتاب ربنا تعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم من مكانة للمسجد الأقصى والأرض المقدسة وبيان ذلك فيما يلي :
1) منزلة المسجد الأقصى والأرض المقدسة في دين الله :
إن لفلسطين والمسجد الأقصى بمدينة القدس مكانة عظيمة عند المسلمين فقد سمى الله أرض فلسطين بالأرض المقدسة وهي جزء من الأرض المباركة في عدة مواضع في القرآن قال سبحانه عن نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (( ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ))(الأنبياء 71). ولما خرج موسى بقومه بنى إسرائيل من مصر قاصداً أرض فلسطين قال لهم : (( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين )) (المائدة 21).
ولما نكلوا عن دخولها حرمها الله عليهم أربعين سنة وضرب عليهم التيه في أرض سيناء، فلما نشأ فيهم جيل على شظف العيش ومكابدة الصحراء وأصبحوا مؤهلين للجهاد في سبيل الله استحقوا الدخول إلى الأرض المقدسة وتحقيق موعود الله على يد نبي الله يوشع بن نون عليه السلام : (( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا )) (الأعراف 137)
وبين القرآن بركة أرض فلسطين بجبالها وسهولها وطيورها بالتسبيح والتهليل والتكبير إذ أسمع الله نبيه داود ذلك بقوله (( يا جبال أوبي معه والطير)) وبتسخير الريح لسليمان ((ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها )) (الأنبياء81)
وعظمت بركة أرض فلسطين وازداد شرفاً بمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتبط المسجد الأقصى بالمسجد الحرام بأوثق رباط إلى يوم القيامة وبقيت أرض فلسطين وستبقى مرتبطة بمنهج الإسلام وعقيدة التوحيد ، هذا المنهج هو منهج الأنبياء في رحاب المسجد الأقصى، يقول الله تعالى : (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير )) (الإسراء 1)
وتحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن رحلة الإسراء والمعراج فقال : " أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت ركعتين ثم عرج بي إلى السماء " رواه مسلم.
والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المساجد بعد الحرمين (1) فقد توجه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته إليه في صلاتهم ثمانية عشر شهراً ثم حولت القبلة إلى المسجد الحرام كما قال تعالى :
(( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ))
والمسجد الأقصى أحد المساجد التي تشد إليها الرحال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) رواه البخاري ومسلم.
ويعظم أجر الصلاة فيه كما جاء في حديث رسول الله : " لما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثاً : " حكماً يصادف حكمه،وملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، وألا يأتي هذا المسجد أحد ، لا يريد الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " فقال النبي : " أما اثنتان فقد أعطيهما ، وأرجوأن يكون قد أعطى الثالثة " رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وأرض فلسطين قلب أرض الشام التي جاءت الأحاديث تبين فضلها ومكانتها ومن ذلك قول رسـول الله صلى الله عليه وسلم : (طوبى للشام طوبى للشام، قال زيد بن ثابت راوي الحديث : قال مابال الشام؟ قـال : الملائكة باسطوا أجنحتها على الشام " رواه الترمذي وأحمد والحاكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة " رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
2) أرض فلسطين تتنازعها الديانات :
يتنازع على أرض فلسطين المسلمون واليهود والنصارى ،أما اليهود فيزعمون حسب كتبهم المحرفة أنهم أصحاب الحق في هذه الأرض ومن هذه النصوص :
أن نوحاً قال لسام الذي يعتبره اليهود أباهم : " ملعون كنعان (جد قبائل فلسطين الكنعانية) عبد العبيد يكون لأخويه، فقال : مبارك الرب إله سام، وقال: ليكن كنعان عبداً لهم" (سفر التكوين / الأصحاح 9)
ومنها أن الله قال لإبراهيم " أقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهداً أبدياً لأكون إلهاً لك ولنسلك من بعدك، أرض غربتك، كل ارض كنعان ملكاً أبدياً " (سفر التكوين / الأصحاح 12)
ويرون أن هذا الوعد خاص بأبناء اسحق دون أبناء إسماعيل فقد جاء في التوراة قولها : ولكن عهدي أقيمه مع إسحاق الذي تلده سارة في هذا الوقت من السنة الآتية) (سفر التكوين / الأصحاح 17)
وتوضح التوراة حدود الأرض التي منحت لبني إسرائيل " لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " (سفر التكوين / الأصحاح 15)
ويعتبرون أن سكناهم في أرض فلسطين تغفر لهم ذنوبهم حيث جاء في التوراة عن أرض فلسطين (الشعب الساكن فيها مغفور الاثم " (سفر أشعيا / الإصحاح 33) ولذا تقول جولد مائير رئيسة وزراء دولة اليهود : " ومن يعيش داخل أرض إسرائيل يمكن اعتباره مؤمناً ، وأما المقيم خارجها فهو إنسان لا إله له"
ولذا يرتكب اليهود أبشع الجرائم وينتهكون الأعراض ويدنسون المقدسات ويقتلون الأطفال والشيوخ وينهبون الأموال ويصادرون الأرض من سكانها الفلسطينيين المسلمين ظلماً وعدواناً ويعتبرون أنهم بذلك يرضون إلههم .وهنا سأذكر عبارتين من كتبهم المحرفة تشكلان العقيلة اليهودية الإجرامية.
في التوراة " وكلم الرب الإله إسرائيل قائلاً : سأنزل يا إسرائيل ، وأضع السيف في يدك، واقطع رقاب الأمم واستذلها لك" وعبارة التلمود " الأمميون (2) هم الحمير الذين خلقهم الله ليركبهم شعب الله المختار وكلما نفق حمار ركبنا حماراً آخر ".
أما النصاري فإنهم على الرغم من اختلافهم الكبير مع اليهود في الدين فإنهم يؤمنون بحق اليهود في فلسطين وبظهور المسيح ثانية في فلسطين ليقودهم إلى النصر المبين، ويرون أن قيام دولة إسرائيل شرط في رجوع المسيح الذي سيحكم أرض إسرائيل في رجوعه الثاني، فيما يعتبر اليهود أن القادم ليس هو مسيح النصارى بل آخر يأتي لأول مرة، وفي التبشير بهذا القادم تقول التوراة " يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه،ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أبدياً رئيس السلام، لنمو رياسة وللسلام ، لانهاية على كرسي داود (عرش فلسطين) وعلى مملكته ليثبتها ولا يعضدها، بالحق والبر، من الآن إلى الأبد، وغيرة رب الجنود تصنع هذا " (سفر إشعيا / الإصحاح التاسع )
يقول المبشر المسيحي أوين " إن إرهابيين يهوداً سينسفون المكان الإسلامي المقدسي وسيستفزون العالم الإسلامي للدخول في حرب مقدسة مدمرة مع إسرائيل ترغم المسيح المنتظر على التدخل".
ويقول رونالد ريجان رئيس أمريكا الأسبق " أجد في التوراة أن الله سيلم شمل بنى إسرائيل في أرض المعاد، وقد حدث هذا بعد قرابة ألفى سنة، ولأول مرة فإن كل شيء مهيأ لمعركة مجدو والمجئ الثاني للمسيح" ومعركة مجدو هي (المعركة النهائية التي يتوقع النصارى أن ينتصروا فيها هم واليهود على عدوهم).
أما نحن المسلمين فنقول : إن الله وعد إبراهيم عليه السلام ببركة واستخلاف في ذريته حين طلب ذلك من الله : (( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنـي جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين )) (البقرة 124) ، وكـان هذا الوعد الإلهي مشروطاً بالصلاح،وقد تكرر هذا الشرط عندما سأل إبراهيم ربه أن يرزق أهل البلد الحرام من كل الثمرات : (( إذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير)) (البقرة 126)، فالتمييز يكون باعتبار الصلاح والفساد ،قال الله عن اسماعيل (( وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين )) (الصافات :113) وعلى ذلك نقول إن الصالحين المؤمنين من ذرية إبراهيم هم الذين يستحقون البركة والاستخلاف وهذا لا يتحقق إلا فيمن آمن برسالات جميع الأنبياء وآخرهم محمد ، وبين الله كذب اليهود في ادعاء أن لهم خصيصة ومزية على الناس بقوله تعالى: (( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )) (الأنبياء 105 ) ، وقوله تعالى : (( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم ، بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض ومابينهما وإليه المصير)) (المائدة 17)، .وقد كان استخلاف بني إسرائيل في الأرض المقدسة مشروطاً بإقامة منهج الله في الأرض، أما وقد كفروا بالله وخاتم رسله محمد وناصبوه العداء وألبوا عليه قوى الكفر والطغيان وحسدوه على نبوته وعملوا جاهدين على قتله والتخلص منه فإنهم بذلك فقدوا استحقاقهم لاختيار الله واصطفائه، ونقل هذا الاصطفاء والاختيار إلى الأمة الإسلامية التي تعبد الله وحده وتقيم دينه وشريعته قال الله سبحانه : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون )) (آل عمران 110) وتمضي الآيات توضح حال اليهود وبيان السبب الذي من أجله نزع الاصطفاء والتفضيل منهم فتقول : (( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )) (آل عمران 112).

الدروس والعبر المستفادة من قذف اليهود بالحجر :
بعد هذا الإيضاح المختصر جداً عن بعض المفاهيم المتعلقة بحديثنا نود أن نستقي الدروس والعبر مما ابتلينا به لنواصل معاً وسوياً سبيلنا لتحرير أرضنا المقدسة ومسجدنا الأقصى من دنس اليهود .فإن الله تعالى قص علينا في القرآن قصة يهود بني النضير وما أحل بهم غضبه عليهم وإجلائهم عن ديارهم ثم أرشدنا قائلاً : (( فاعتبروا يأولي الأبصار )) ولأخير فينا إن لم نتعظ ونعتبر وننظر في سنن الله في الأرض :-
1) إن طريق الجهاد هو طريق عزة المسلمين : وقد أمرنا الله جل وعلا به في آيات كثيرة من كتابه منها قوله تعالى : (( انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) التوبة 41. وحذر سبحانه عن التقاعس والنكول عن الجهاد فقال : (( إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولاتضروه شيئاً ، والله على كل شيء قدير )) التوبة 39. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ماترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا ذلوا ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ) أخرجه أبو داود والبيهقي وهو حديث حسن. وحينما نتكلم عن الجهاد إنما نعني به الجهاد الوارد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومنهج سلف الأمة ، الجهاد الذي ترفع به راية التوحيد وتحمى به الديار وتأمن به السبل وتحفظ به الأرواح والدماء والأعراض والأموال ، وتهيأ به السبل للدعوة إلى الله لينعم الناس بالعيش في ظلال الإسلام (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ))،فإن منهج الإسلام هو المنهج الحق الذي من سار عليه لا يضل ولا يشقى ومن خالفه فإن له معيشة ضنكى ، وذلك كله (( ليهلك من هلك على بينة ويحي من حي عن بينة)).
2) أن الأمة الإسلامية تملك قدرات وإمكانيات هائلة لو أحسنت استغلالها لساهمت مساهمة فعالة في تغيير واقع الأمة من الضعف إلى القوة : فهاهم الأطفال والشباب في فلسطين على الرغم من سوء الأوضاع التي يعيشونها وقلة ذات اليد إلا أنهم لا يهملون أي وسيلة تردع العدو عن غطرسته ولو كان حجراً لا يقدم ولا يأخر بالنسبة للأسلحة الفتاكة التي يستعملها اليهود ولكنه علامة خزي وعار لأعداء الله ، وللمجاهدين أسوة في ذلك نبي الله داود عليه السلام حينما وقف في وجه عدو الله جالوت وقذفه بمقلاع كان في يده فأصابه في أم رأسه فقتله ، ولذا فإن المسلم لن يعدم الوسيلة في قتال الأعداء مهما بدت في نظر الآخرين ضعيفة وغير مجدية ، فالمهم أن ينالوا من عدوهم ويشعروه بأنه مهدد دائماً قال الله تعالى : (( …ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح…)) (التوبة 120) ومن هنا نجد التركيز القرآني على الثقة بالنفس والثبات على الحق ،فإن شر الهزيمة هي الهزيمة النفسية التي تعقبها الهزيمة العسكرية ، والأمة الإسلامية تملك إلى جانب الأمور المادية قواعد إيمانية دونها الجبال الراسيات قال الله تعالى : (( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )) وقال سبحانه : (( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون )) .
3) أن السلام مع اليهود ضرب من العبث : فالسلام الذي يريده اليهود هو سلام أمنهم وأرواحهم وممتلكاتهم ، فهم يستترون وراء هذا السلام المزعوم لإخفاء كل أنواع المكر والخديعة للوصول إلى أهدافهم ومآربهم ، ولاشك أن أي مسلم يحب السلام ولكنه السلام القوي الذي يستند إلى شريعة الرحمن لا إلى إملاءات اليهود ، فاليهود لم يسالموا رب العالمين كما حكى عنهم القرآن (( وقالت اليهود يد الله مغلولة )) و(( قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )). ولم يسالموا الأنبياء حيث قتلوهم واتهموهم بالفواحش وأثاروا عليهم قوى الكفر والطغيان ،فقد أهدوا رأس نبي الله يحيى عليه السلام إلى بغي من بغاياهم ، أفننتظر منهم بعد كل هذا أن يسالمونا ، هذا شيء عجاب .
4) إنقاذ الشعوب الإسلامية من التهور في بناء علاقات مع اليهود : فما يكتوي بناره الشعب الفلسطيني لا نريد أن يكتوي به أي شعب مسلم على وجه الأرض، فاليهود داء عضال يبدأ أول ما يبدأ ضعيفاً ثم يستشري شيئاً فشيئاً حتى يعم الجسم كله، كالشيطان يدلك على سبعين باباً من أبواب الخير ليصل بك إلى باب واحد من أبواب الشر، ولا تستطيع أن تخلص نفسك منه بعد ذلك .
5) أن اليهود لايحسبون للمسلمين حساباً ماداموا متفرقين : وهم يسعون جاهدين لتفريق كلمة المسلمين وبث الخلافات بينهم ، ولكن الله جل وعلا سيخيب آمالهـم ، فها نحن نرى –بحمد الله – كلمة المسلمين بدأت تتوحد وجهودهم تتظافر وخلافاتهم تذوب عملاً بقول الله تعالى (( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تتفرقوا )) وستتوج هذه الوحدة –بإذن الله تعالى – حينمـا تجتمع الكلمة على خليفة واحد ،وسيكون ذلك بمشيئة الله كما أخبر رسول الله  بقوله: " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون ،ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها،ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت " رواه أحمد ، نرجوا أن يكون ذلك قريباً.
6) أن إرادة الشعوب لا تقهر إذا ترسخت لديها العزيمة على التغيير : فكيف إذا منحت قدراً كافياً من الوعي والتوجيه فإن القوة ستتضاعف وتأتي بآثار طيبة قال الله تعالى : ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) وقال سبحانه : (( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة )).
7) أن الأمة الإسلامية هي الأمة المؤهلة لقيادة العالم ورعاية شئونه : فإن الله ائتمنها على ذلك إذ جعلها خير الأمم (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) وجعلها خيار الأمم والشهيد عليها (( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً )) وجعلها أمة الدعوة (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) وهي أمة الجهاد في سبيل الله (( وجاهدوا في الله حق جهاده )) ولذا فإن الأمة الإسلامية هي الأمة المؤتمنة على إقامة دين الله في الأرض الذي تحفظ به العهود والمواثيق والمقدسات والأرواح والدماء والأعراض والأموال من العبث والتخريب والدمار .
8) أن الأمة مستهدفة في دينها ، ودينها هو أساس عزتها وكرامتها : فإن ضيعت دينها كانت لغيره أضيع . وإقامة الدين تحتاج إلى قوة علمية وقوة مادية ، وذلك ليتقوى الدين بقوة الحديد ،وينضبط الحديد بقوة الدين ،وقد وضح الله ذلك في كتابه العزيز بقوله : (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز )) .
9) تحطمت لدى اليهود فكرة التعايش السلمي مع العرب في فلسطين : حيث كانوا يراهنون على أبناء الجيل الذي نشأ بعد حرب 1967 أن يشكلوهم حسب العقلية اليهودية وقد تحقق لهم بعض ما يريدون ولكن جاءت هذه الأحداث المتلاحقة وإذا بهذا الجيل هو الذي يتصدى لليهود ويقارعه ويواجهه بالحجر ويصرخ في وجهه بالتكبير والتهليل ويكيل له الصاع صاعين .حقاً إن هذا الجيل آية من آيات الله الباهرة ، إنه جيل لا يخشى الموت ولا يرهب الردى ، جيل يتمنى الشهادة في سبيل الله ، جيل يعلو بإيمانه وعزيمته على كل ألوان الغطرسة والهمجية اليهودية ، فلعله يكون هو الجيل أو مقدمة للجيل الذي شرفه الله بالإضافة إلى نفسه في جهاد اليهود كما كان سلفهم الأول من الصحابة الكرام رضي الله عنهم (( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ماعلوا تتبيراً )).
10) أن على الأمة أفراداً ودولاً أن تكون على استعداد تام في حالات السلم والحرب لمواجهة أي طارئ يحدث لها حتى لا تؤخذ على حين غرة : وهذا يعني إعداد العدة التي أمر الله بها في كتابه حيث قال (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )) فكل عدو لله فهو عدو لنا ، وأشكال الإعداد التي ترفع بها راية الحق وتخفض بها راية الباطل كثيرة ومتنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر بناء الجامعات والمعاهد والمدارس والمشافي وأقامة الحصون والتدريب المستمر على كافة أنواع السلاح ،وبناء مصانع السلاح ومصانع الأغذية واستصلاح الأراضي وزراعتها بالزراعات الأساسية للفرد والتخلي عن سياسة الاستيراد من الدول الأخرى والاهتمام بوسائل الإعلام لتؤدي دورها في نشر الفضيلة والبعد عن الرذيلة،وعلى كل فلن يعدم المسلمون وسائل الإعداد التي يقهر بها العدو ويعز بها الإسلام والمسلمون ويتحقق بها النصر المبين على الكفرة المجرمين أعداء الدين ، وما ذلك على الله بعزيز.
11) أن ارتكاب المعاصي سبب تسلط اليهود على المسلمين في فلسطين : ودليل ذلك عدم الاستجابة لتحذير العلماء والخطباء والوعاظ والمرشدين والغيورين على الدين من مفاسد الصيف ، إذ كثرت الحفلات الموسيقية في الأفراح طوال الليل وكأن الناس ليس فيهم من قتل له قتيل أو أصيب له مصاب مازال يعاني الويلات وهو يتردد على أبواب المؤسسات يسأل عمن يمد له يد العون والمساعدة ، ومن أغرب ما أرقنا وقض مضاجعنا وخشينا نزول الغضب علينا هو عدم الاتعاظ والشعور بمصائب الآخرين حينما يقف المشيعون للجنازات على المقابر وهم يدفنون ميتهم وآلات الموسيقى وأصوات المغنين بالليل والنهار تصك آذانهم ، وأمام الفساد والانحلال الخلقي الذي بدأ ينخر في جسد الأمة نردد مع أصحاب العاهات والمصائب والنكبات التي أصابت أمتنا وشعبنا في فلسطين قول الله تعالى :
( حسبنا الله ونعم الوكيل ) وانتشرت الصالات التي ترقص فيها الراقصات شبه عاريات ويدار بكئوس الخمر فيها على الشاربين ، يفعل كل هذا من لا خلاق لهم بينما اليهود في انتفاضة الأقصى الماضية تعلموا درساً قاسياً فحصنوا مستوطناتهم ومواقعهم وأعدوا عدتهم لمواجهة كل طارئ فسارعوا منذ اللحظة الأولى التي اندلعت فيها المواجهات إلى الضرب بيد من حديد لكل من يقف في وجوههم فهل نتعظ ؟؟ ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
نسأل الله تعالى أن يشتت شمل اليهود، ويفرق كلمتهم ويجعل الدائرة عليهم، ويقينا شرهم ، ونسأله تعالى أن يوحد كلمتنا ويسدد رمينا ويصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ويصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ويجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر وأن يرزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة إنه ولي ذلك والقادر عليه، آمين آمين.

كتبه ناصح أمين للإسلام والمسلمين

=============
(1) توسع الناس في إطلاق كلمة الحرم على الكثير من المساجد ومنها المسجد الأقصى بل قالوا عن ساحات الجامعات بأنها حرم وهذا خطا، فالحرم لا يطلق إلا على المسجد الحرام والمسجد النبوي ومعنى أنها حرام.أنه لايقطع شجرها ولايصاد صيدها ولاينفر طيرها
(2) الأمميون عند اليهود هم غيرهم من الأمم

الصفحة الرئيسة