بسم الله الرحمن الرحيم

عبد الله : كيف كان عبد المال ثم صار عبد الله
 أضواء على الطريق


ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار . ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد

حضرات الأخوة الكرام ؛ حضرات الأخوات الفاضلات
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
أما بعد فأن أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم و شر الأمور محداثتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.
اللهم إنا نستعين بك و نستهديك و نستغفرك و نتوب إليك و نؤمن بك و نتوكل عليك و نثني عليك الخير كله ؛
نشكرك و لا نفجرك و نخلع و نترك من يكفرك ؛ اللهم إياك نعبد و لك نصلي و نسجد و إليك نسعى و نحفد
نرجو رحمتك و نخشى عذابك ؛ إن عذابك الجد بالكفار ملحق و صلى الله على البشير النذير و على آله و صحبه و سلم ؛
و ارحم الله مشايخنا و أختى و زوجها و كل شهدائنا و شهداء المسملين أجمعين ثم أما بعد:
بما أن الله قد من علي و هيّأ لي من الأسباب ما شرح صدري للإسلام بعد إذ كنت من الهالكين ؛
فإن بعض الأخوة قد يتساءلون عن ذلك الأمر و عن كيف اهتديت لما أنا عليه ؛
مما دعاني إلى أن أخط لحضراتكم بعض السطور , فيها إن شاء الله سأكتب عن حياتي ما قبل الإسلام و كيف اهتديت
ثم بعد أن أسلمت و الظروف التي مررت بها و الصعوبات و الأفراح و الأحزان و الجهاد و النصر و الهزيمة و الإصابة و الإعاقة و الأخوة في الله ثم الزواج و الإستقرار حيث أنا.
تلك إن شاء الله هي باكورة مقالاتي و سوف أوالي كتابة أجزاء أخرى تباعًا.
و لكن يجدر بي الذكر أن أنبه إلى ملحوظتان هامتان أتمنى من الله أن لا أنزلق إليهما و أن لا ينزلق أحد إليهما كذلك.
الأولى هي أنني أنا الذي استفدت بأن أسلمت و لم أضف إلى دين الله شئ ؛
لذلك أرجو من حضراتكم أن تنظروا للأمر من هذا المنطلق .
أضاف الإسلام إلى عبد الله و لم يضف عبد الله للإسلام من شئ.
الثانية هي أن الجزء الأخير من تلك السلسلة سوف يتضمن نقل لوقائع ما زالت حية و ما زال لها أثرها في أرض الجهاد ؛
لذلك سوف أحاول إن شاء الله أن أتجنب الخوض في الأسرار العسكرية و لو استطعت فسوف أضع بعض الأخبار المضللة لأعداء الله ؛
و أقول قد أفعل إذ لست واثقًا من كيف سيسير سياق الحديث ؛ و حتى لا يهنأ عدوكم و عدوي بمعلومات لا يستحقها.
أخيرًا قد لا أستطيع تذكر كل شئ و قد لا أكون ملمًا بكل الأسئلة التي تدور في رؤوسكم ؛
لذلك أدعو حضراتكم أن تعاونوني على أن ألم بالموضوع من جميع نواحيه ؛
فقد يكون في خلدكم أسئلة لا أعلمها و لا أجيبها , لذلك اسئلوا و لا تترددوا سأجيبكم.
طبعًا مع مراعاة الإبتعاد عن ما قد يحرجني شخصيًا ما تمكنتم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أخوكم/
عبد الله الوليد
المملكة في 26 محرم 23


ما قبل الإسلام:
أما عن ما قبل الإسلام فإني قد ولدت في أسرة بريطانية بمدينة برادفود في مقاطعة يوركشير بشمال إنجلترا.
أبي كان عاملًا بالسكك الحديدية و قد كان يعمل بمناجم الفحم بويلز قبل ذلك.
و والدتي كانت تعمل مدرسة للأطفال.
أبي من يهود المغرب , ارتحل هاربًا من جيوش القائد الألماني روميل عام 1936-1942 م
و قد كان يعمل من قبل في تجارة الأقمشة بمدينة أجادير.
أما أمي فكانت من أسرة هاجرت أيام محاكم التفتيش من أسبانيا إلى أيرلند,
انتقلت من أيرلند إلى شمال إنجلترا بمقاطعة تشيشير. ثم بقت وحدها تعيش في تلك المقاطعة بعد ذلك.
في عام 1952 تزايدت الضغوط على كل اليهود الأوروبيين للسفر إلى أرض الميعاد ؛
فكانت أمي ممن انتقلوا للعيش بفلسطين (إسرائيل المزعومة آنذاك)
قبل ذلك كان أبي قد وصل إلى مصر هاربًا من روميل و مارًا بالجزائر و تونس و ليبيا.
فلما انتهت الحرب , قام الضابط المصري عبد الناصر بتجميد حركة اليهود المقيمين؛
فهرب أبي من مصر إلى ما كان في هذه الفترة يسمى عصابات ها خانياه أساس ها إرتزيسل.
و يترجم ذلك إلى تقريبًأ "هي عصابات تسعى لبناء دولة إسرائيل"
التقى أبي بأمي في منطقة بيرشيبا في صحراء نجف و قد حدث ذلك في كيبوتس إسمه هاخليت
و الكيبوتس هو معسكر إعدادي يهودي يمر به كل من يُستَقْدَم من مهاجرين ليتم تهيأته للحياة في تلك البلاد.
ما كان يحدث في الكيبوتس تلك الأيام ليس مطلقًا ما يحدث الآن ؛ لقد تغير ذلك جذريًا
و أقول ذلك لأني لما إلتحقت بالكيبوتس نفسي كان الوضع يختلف تمامًا ؛
على كلٍ فسوف أحاول تبيان ما الكيبوتس لحضراتكم:
لا يخفى عليكم أن الشعب اليهودي كان في تلك الفترة (1949 - 1952)م كان اليهود قد خرجوا لتوهم من فترة الإضطهاد على يد النازي هتلر في أوروبا,
فلما أُقيمت دولة إسرائيل المزعومة فإن الحكومات الأوروبية سعت سعيًا حثيثًا لإقناع الشعب بالسفر إلى أرض الميعاد؛
فكان أن لما طُلِبَ ذلك إليهم , كان الشعب يعرض عن تلبية الطلب ؛
إذ كيف تقنع اليهودي الخارج لتوه من الإضطهاد أن يذهب لكي يضطهده عدو آخر هو العرب؟
في بلاد صحراء جرداء لا زرع فيها و لا ماء!
ثم أن جل اليهود كانوا فقراء فكانوا يعملون يوم السبت و الأحد أيام العطلات ؛
كيف بعد ذلك تطلب منهم الحياة في دولة دينية لا عمل فيها يوم السبت؟
أقول كان إقناع هؤلاء بترك الحياة في أوروبا و الذهاب إلى أرض الميعاد من ضروب المستحيلات و لكن تمكنوا من ذلك.
فمن الذي سافر؟
تقول أمي أن فلسطين كانت ممتلئة عن آخرها باليهود البولنديين و هؤلاء هم الذين كانوا فقراء مدقعين و لا أمل لهم في تحصيل المال حتى لو تم تعمير بولند.
بولند كانت في تلك الفترة مقسمة بين روسيا و بولند و لذلك تجد أن القادة القدامى لإسرائيل المزعومة مثل شامير و شارون و لوتف و برجينسكي كلهم من يهود شرق أوروبا و بولند على وجه التحديد.
لذلك كان دخول هؤلاء القوم لأرضنا العزيزة في فلسطين لا بد أن يُقَدَّمْ له باللكيبوتس.
في الكيبوتس كانوا في تلك الفترة يعلمون الناس الفلاحة و الصناعات اليدوية الصغيرة
و لا يؤجر العامل هناك بل يعمل مقابل الإقامة و الطعام و بعض الملابس.
بعد ذلك تعطى كل أسرة مكان إقامة في البلاد فلما التقى أبي بأمي فإنهما أصبحا لا يحتاجان إلى سكن مفرد بل إلى سكن عائلة لأنهما قررا الحياة معًا.
(كان في إسرائيل المزعومة قانون ضد أن يعيش الرجل و المرأة بغير زواج و هو ليس موجودًا الآن على حد علمي)
فقيل لهما تزوجا أولًا ثم سنعطيكما سكن عائلي بعد ذلك.
فحاولا أن يفعلا ذلك و فشلا في إيجاد حياة كريمة ملائمة فقررا العودة إلى أوروبا.
في عام 1960 إنتقل الزوجان إلى بريطانيا و لمقاطعة يوركشير على وجه التحديد
ثم في عام 1964 حدث أن قررا الإنجاب و قد جئت للدنيا في ديسمبر من ذلك العام
و عشت حياة طبيعية لا شئ يجذب الإنتباه فيها سوى أنني كنت مداوم على حضور المناسبات الدينية و مراعاة الشبات.
الشبات Sabbath ليس كما يظن البعض يوم السبت الذي تعرفونه و لكن هو يوم السبت كما شرعه الله سبحانه و تعالى على يهود.
فهو من غروب الشمس يوم الجمعة و حتى إنتصاف الليل في اليوم التالي و ليس من 12 إلى 12 كما أخبرني بعض العرب أنهم يظنون ذلك.
على كل حال فهناك إختلافات جوهرية في تقدير ذلك بين الأوروبيين و الشرقيين و الأفارقة اليهود و لكني قلت لكم كيهودي لفترة من الزمن تاب الله عليه.
تلقيت دراستي الإبتدائية في مدرسة San Paul's Primary School و أنهيت الدراسة ثم درست المستوى الإعدادي O'Levels
في مواد اللغة الإنكليزية و الرياضة و العلوم و التاريخ و المدنية. (ليس تشريفًا لنفسي و لكن حزت على A+ ev في كل المواد)
بعد ذلك درست المستوى المتقدم و أنهيت كل الدراسة التأسيسية في عام 1983
بعد أن جلست إمتحانات في علوم اللغة الإنكليزية و (متقدم) الأدب الإنكليزي و (متقدم) الجبر و (متقدم) الهندسة و علوم و الكيمستري و الفيزيكس و البيولوجي و الديانة اليهودية
في عام 1984 سافرت أكتسب خبرات بالسفر حول العالم فقضيت العام و العام التالي أستزد من الخبرات.
فزرت بعض دول أوروبا ثم إلى مصر فكينيا فيوجاندا فجنوب أفريقيا
و من هناك سافرت إلى استراليا و نيوزيلاند ثم إلى الولايات المتحدة و كندا و عدت عام 1986.
في ذلك العام بدأت دراستي الجامعية بجامعة برونل بغرب لندن بكلية الهندسة
قسم الكهرباء و الأليكترونيات و أنهيت الدراسة عام 1990 م بتقدير A . 2:1 (شرف)
بعد إنتهاء الدراسة سافرت إلى مقاطعة إسكس بشرق البلاد للعمل بشركة ServoMex كمهندس
و عملت بها حتى عام 1993 ثم تركت العمل و قررت بعد ذلك أن أسافر إلى إسرائيل.
كانت تلك أول أجازة لي من العمل و كنت في تلك الفترة أشعر أنني سأكون أسعد في إسرائيل .
و ذلك لأن الدعاية التي كنت أراها كانت مغرية جدًا ,
فبينما الحياة في بريطانيا تجعل المرء يشعر أنه ترس في ماكينة لا قيمة له ؛
لا يفعل سوى أن يدور مع باقي التروس الأخرى بدون قيمة روحية.
شعرت أن الحياة في إسرائيل تشابه جنة عدن ؛ لا روتين و لا مشاكل.
مهما كان الحال بالنسبة لليهود في أوروبا فإن هناك أوقات عليهم فيها أن يتهودوا
و يخرجوا من الحياة الكافرة.
لكي أكون دقيقًا سأشرح مقصدي:
دول أوروبا تعد دول علمانية لا دين لها ,
و بذلك فإنك السنوات تمر بغير أن تسمع أحدًا يتحدث عن الدين ,
فلا ترى أحدًا يقول أنه صائم مثلًا رغم أن الصيام مكتوب على اليهود و المسيحيين معًا
و لا أحد يستأذن لأداء الصلاة بالرغم من أن الصلاة أيضًا مفروضة على كلاهما.
و لا يتحدث أحد عن الذهاب للمعبد أو الكنيسة .
و لا يسألك أحد عن دينك و لا يهتم أحد أصلًا بذلك.
في نفس الوقت فإنك ترى مثلًا فرصة لسرقة شئ من العمل (سامحوني فقد يخونني التعبير)
أقصد أنك قد ترى أنه لا شئ لديك لتفعله فتقرر العودة لبيتك و ترك العمل.
في نفس الوقت أنت تعلم أنك بذلك تخالف "قانونًا" ما.
هذا ال"قانون" , قد يكون قانون العمل , قد يكون عقدك مع أصحاب العلم ,
قد يكون إتفاقك مع رئيسك المباشر على أداء العمل بشرف و أمانة.
أو قد يكون ضميرك ... فالمال الذي سوف تتقاضاه ... مال حرام.
مهما جمَّلت الكلمة فما زالت هي الوحيدة التي تصف الحال.
مال حرام ....... مال حرام ........ مال حرام ......... لا مناص من ذلك.
هنا يتوقف المرء و يتسائل ... هل أنا أخشى أحد؟ فلا يجد أحدًا يخشاه
إذن فما الذي يمنعني من التمادي؟
أنا أذهب للعمل في الصباح الساعة التاسعة و أعود الخامسة.
أنا أقدر أن أقول لصاحب العمل أني سوف أعمل من البيت. (ممارسة طبيعية في بريطانيا أن يعمل المرء من بيته في بعض الأحيان)
و لكني أجلس لمشاهدة التلفاز أو ألعب مع كلابي في الحديقة و لا أعمل.
و لن يعلم صاحب العمل بشئ .
و سأقبض مالي تمامًا كما أقبضه كما لو كنت قضيت اليوم في مقر عملي.
من الذي سيحاسبني؟
يقول الرب في التوراه أن السرقة حرام .
إذن هناك وازع يجب أن لا نتجاهله ... إنه الله
في إسرائيل شعرت براحة نفسية لم أعهدها و وصل بي الحال أن قررت أن ألتزم
و الإلتزام في الديانة اليهودية ليس كما في الإسلام تمامًا و إن كان يتشابه معه في كثير.
أمر الله المسلمين على لسان رسوله أن يتخذوا مظهرًا معينًا و يصادف ذلك أنهم يتعرضون لكثير من المضايقات في أعمالهم و حياتهم العادية.
بينما كان ذلك لا ينطبق على الحال في بريطانيا (أظنهم الآن يضايقون من يطلق لحيته)
و لا ينطبق قطعًا في المملكة هنا , فإن في مصر مثلًا و دول أخرى كثيرة يعتبر إطلاق اللحية سببًا وجيهًا لأن يضاف صاحبها لقوائم المطلوبين للعدالة .
و أذكر قصة طريفة حدثت لأخي و أستاذي الحاج أحمد مسلم حيث جندوه بالجيش المصري
ذهب أول يوم مرتديًا بذة الضباط و لحيته مقدار قبضة يد ؛
فجوزي الضابط الذي قيده و أعطاه البذة رغم علمهم أنه سبق له أن اعتقل في سبيل الله.
كما أن ذلك كذلك ؛ فإن الإلتزام في تلك البلاد التي تحارب شرع الله يعتبر جهادًا.
و في إسرائيل أيضًا توجد أمور مثل ذلك.
فعلى الرغم من أن الدولة دينية بحتة و أن الدين اليهودي هو العامل الأول المؤثر في كل ما يحدث بالبلاد و كل القوانين ,
فإن الدين لا يساعد المجتمع من وجهات كثيرة ,
و سأضرب مثالين يبيبان مقصدي ؛
هناك يوم في العام العبري لا يصح فيه أن يملك إنسان أي شئ , حتى دولة إسرائيل نفسها
تصبح خروجًا على الدين.
في ذلك اليوم تباع دولة إسرائيل بالكامل كلها لشخص ما , ثم بعد اليوم تسترد.
و ذلك يذكرنا بعدوان اليهود على الشباث كما قال الله في القرآن. يتحايلون على الدين.
و ذلك اليوم مر منذ أسابيع و قرأت عنه و إن كنت أعلم بذلك من قبل.
المثال الثاني , قد لا يعلم البعض أن يوم الشاباث تتوقف فيه الحياة في الدين اليهودي عن النبض.
و بالرغم من ذلك فإن الدولة لا تفعل ذلك حيث تستمر المطارات في العمل و أجهزة الدولة من شرطة و جيش إلخ.
لذلك قلت أن الإلتزام ليس سهلًا في حياة اليهودي فعليه الإلتزام بأشياء تنافي المنطق
و ليس فقط إطلاق اللحية .
كما توجد بعض المظاهر الواجب مراعاتها مثل إطالة الشعر على جانبي الرأس و تضفيره
كما يتحتم لبس الكيباه أو اليارمولوشكا .
مراعاة الطعام تعتبر أيضًا من المشاكل التي لا تشجع على الإلتزام
فكما أن المسلم لا يأكل بعض الأطعمة و يأكل البعض الآخر لأن الله فرض ذلك ؛
فإن اليهودي لا يأكل إلا ما كان كوشر. Kosher
كلمة كوشر تعبي في الآرامية و العبرية "نظيف" أو "نقي" قريبة لكلمة "حلال"
لمن لا يعرف ما "الكوشر" أقول,
في كل بيت يهودي يوجد مطبخان (لا تتعجبوا فتلك حقيقة)
ينظف المطبخان حتى لا يبقى فيهما ذرة من تراب ثم يؤتى بالراباي فيبارك المطبخ
بعد ذلك يغلق المطبخان و تسد كل الثغرات فلا يمكن لذبابة أو غبارة أن تدخله.
إذا جيئ بطعام للبيت فإنه يدخل المطبخ الأول فيتم تطهير الطعام ثم ينقل للمطبخ الآخر
فيطهى فيه الطعام, فإذا تصادف و دخلت المطبخ ذرة من نجس فإنهم يعلنون أن المطبخ قد فسد و لا يستعمل بعد ذلك حتى يطهر.
و يستأنف العمل بالمطبخ لما يأتي الراباي ليطهره و يباركه.
أما أنواع الطعام الجائز أكلها و المستحبة و الممنوع أكلها فذلك يتطلب مقال آخر
و لكن كلنا يعلم أن لحم النوق ليس مسموحًا به كما يمنع أكل اللحم و اللبن معًا.
هل يذكر أحدكم الإضطرابات التي فعلها يهود يوم افتتح ماك دونالدز لأول مرة؟
كانوا يعترضون على ما يسمى McBurger و لكن هل عرفتم لماذا؟
لأن المأكول يحتوي على لحم و جبن ... أي لحم و لبن.
توجد كثير من الأشياء الأخرى التي لا يأكلونها و لكن كما قلت إنها كثيرة حتى قال ربكم
"و ما حرم ربك على إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه"
فإنهم حرموا الكثير و الكثير من الأشياء.
أظنكم قد زهقتم و مللتم من حديثي عن إسرائيل و لكن أرى من واجبي التبيه لمثل هذه الأشياء من باب إعرف عدوك.
الشيئ التالي الذي أرى وجوب معرفته هو أن يهود يدينون بدين الرابايز.
و ليس دين الله , كيف ذلك؟
أقول
إن يهود الذين يعيشون حاليًا في أرضنا و في العالم كله بوجه عام ,
هم نتاج عشرات السنين من التجارب الأنثروبولوجي
أولًا من المعروف عنهم أنهم بخلاء و أنهم أغنياء و لكن ذلك لم يأت من فراغ.
لعلنا نذكر كيف طردهم الفاروق رضي الله عنه و قد طردهم قبله و بعده كثير من القواد
فقد طردوهم من إنكلترا في القرن الخامس عشر و من فرنسا و من ألمانيا و من المجر و من النمسا.
و من أسبانيا و من البرتغال من قبل.
لذلك ترى يهود دائمًا و أبدًا يخاف من المستقبل , يظن أنه يعيش في حقيبة ملابسه؛
يدرك و يؤمن أنه لا ينتمي للبلد الذي به يعيش , و ينتظر يوم طرده بخوف.
لذلك فإنه في قرارة نفسه يعمل دائمًا على تجميع المال من كل الجهات بشتى الطرق.
لأنه يعلم أن المال هو صديقه الوحيد الذي يلجأ إليه لذلك تجدهم حريصين على المال.
أضيف بقول أن كثير من إخواني العرب لم يكونوا يعرفون أن يهود يؤمن بتناسخ الأرواح
أي أنهم يعتقدون أنهم بعد موتهم يبعثون في جسد آخر و يذهب جسدهم لغيرهم.
لذلك فإنهم في الحروب لا يهدأ لهم بال إلا لما يدفنون موتاهم كاملين
و السر في ذلك أنهم يعتقدون أن المرء لو دفن منقوصًا فسيولد مرة أخرى في جسد آخر و سيكون ذلك الجسد أيضًا منقوصًا.
مما هو جدير بالذكر عن يهود أيضًا أنهم ملتزمون إلتزامًا غير محدود بغير فهم.
فهم يؤمنون بأن المسيح صلى الله عليه و سلم لم يأت الأرض بعد ؛
و أنه سوف يجيئ للأرض من نسل يهود و سوف ينقذ الأرض من كل الشرور و يقتل كل عدوهم.
و رغم ذلك فإن الرابايز الأوائل و العالمون بالدين ليسوا واثقون من شئ.
تراهم يقررون منسكًا ثم يقررون منسكًا مخالف بعدها و يلتزم اليهود بالإثنان.
حتى أنهم رغم أنهم لا يؤمنون بعيسى صلى الله عليه و سلم فإنهم لم ينسوه رغم مرور 2000 عام
هناك صلاة مخصوصة لليهود في مساء الشاباث يلعنون فيها عيسى بن مريم.
و لم يسأل أحد منهم نفسه لماذا يفعل ذلك.
رجل ادعى أنه "ها ما شيخ" (المسيح بلغتهم) و قد لاقى جزاؤه حسب زعمهم و إنتي الأمر
لماذا يلعنوه؟ لا أحد يعلم.
أيضًا فإنهم رغم عدم ذكر الغرقد في التوراه فإنهم يؤمنون بأنه شجر يهودي يجب إكثاره
و هو الشجر الذي ذكره الرسول صلى الله عليه و سلم و قال أنه يحمي اليهود.
و يقول الكثير بأن ذلك الشجر لم يدخله الرابايز في الدين إلا عملًا بقول الرسول عليه الصلاة و السلام.
و من ذلك فإن ترى اليهود يعبدون الرابايز و ليس خالقهم.
مآثر الرابايز و مناسكهم التي كتبوها على يهود مدونة جميعها في كتاب اسمه التلمود
Talmud و هو كتاب من تأليف الخلق و ليس كتابًا ربانيًا.
فبالرغم من إعتقاد البعض بأن اليهود يؤمنون بالتوراه , إلا أن ذلك زعم باطل.
إنهم يؤمنون بالتلمود أولًا و أخيرًا لذلك تجد يهود الفلاشا و بعض يهود المغرب و بعض يهود اليمن
لا يحظون بمحبة و تقدير المجتمع اليهود و خصوصًا الفلاشا.
يحتقرهم المجتمع اليهود أيما احتقار و يعملون دائمًا على إبعادهم عن المناصب العليا
كما يجدر بي أن أذكر وجود إختلاف جذري في معاملة يهود لبعضهم البعض من حيث الجنس
فيهود الغرب الأشكيناز لا يتساوون مع يهود الشرق السفرديم من حيث الحقوق و الواجبات
لا يتزاوجون و لا يتعاملون اشتراكيًا (لا يتداخلون في مشاريع مشتركة) و لا يتجاورون في السكن إلا نادرًا.
(ذلك الحال كما كان عليه فترة تواجدي)
و يعتبر كل من كان من أم يهودية , مواطنًا في دولة إسرائيل المزعومة ؛
على العكس من حال بلاد العرب فبينما يعامل المسلم الكويتي مثلًا كأجنبي في مصر
فإن اليهودي الروسي الذي لم يرى إسرائيل في حياته و لا حتى في الأحلام يعد مواطنًا إسرائيلي كامل الحقوق.
و ذلك ما حدث معي شخصيًا, لما نويت السفر لإسرائيل , كنت مواطنًا إسرائيليًا مع إيقاف التنفيذ.
كمواطن إنكليزي كنت أظن إسرائيل بلد سيئ الحظ , قدر الله له أن يعيش في وسط أعداؤه
فكما أن تلك الأيام التي نعيشها حاليًا تتفوق الدول الغربية على غيرها في العلم و التكنولوجيا و الرخاء
فإن في غابر الزمان و بينما الدين النصراني الفاسد يعيث في الأرض فسادًا في أوروبا
فإن العرب كانت لهم الغلبة و هذا التفوق أدى إلى أن العرب ضموا أرض الميعاد لهم.
فلما إنفصل الدين عن الدولة في أوروبا فإنها صارت أقوى من العرب و طردتهم من أرضنا
و هم ككل, يُعَدُّون شعوب متخلفة تعيش على أحلام الماضي و لا يجيدون شئ سوى خطف الطائرات و تدمير الحضارات.
و لذلك تشترك الحضارة الإنسانية جميعًا في عون يهود على هؤلاء البربر الهمجيين.
ذلك ما كنت أعتقد و ليسامحني الله في ما كنت أظن.
و لكن أتمنى أن يستفيد العرب من ذلك بشكلٍ ما أو بآخر.
لما قعدت عن العمل في عام 1993 و رحت لأعيش في إسرائيل كنت أحلم باليوتوبيا
و لكن المثالب التي ذكرت بدأت تتسلل إلى خاطري فبدأت أخشى أن أستمر هناك بغير حد
عشت تلك الفترة أتأرجح بين حب الحياة الروحية و كره البلد.
فإنضممت إلى كيبوتس كي أتعلم شيئًا عن الحياة الإسرائيلية يفيدني في التأقلم .

يتم توزيع القادمين للبلاد من راغبي الإنضام إلى الكيبوتس حسب السن و الخلفية
فاكتشفت أن القادمون للبلاد من أوروبا و في سن يسمح لهم بالتجنيد أو لديهم معلومات قد تفيد في المجال العسكري ,
يتم توزيعهم على أماكن محددة و يُدَرَّس لهم بعض علوم العسكرية و يختبروا ولائهم بعدة طرق.
عندما عرضوا علي الإنضمام للجيش وافقت على الفور و في يناير عام 1994 قررت أن أنظم لأسخف مؤسسة عرفها البشر ...
جيش الدفاع الإسرائيلي.
بدأت حياتي في الجيش بأن انضممت لمعسكر إعداد مدته ستة أشهر.
في هذا المعسكر كانت الحياة سريعة الأحداث و مليئة بالجديد كانوا يعلمونا تاريخ يهود الديني و الإجتماعي و العسكري.
و يدربونا على السلاح من حيث تدقيق الرماية و التصويب و كيفية عمل الأسلحة البسيطة
من حيث النظرية و الفك و التركيب و بعض المعلومات عن المدفعية و الصواريخ و الأسلحة الأخرى.
ثم درسنا معلومات عن جيوجرافيا البلاد من حيث الجبال و الوديان و الهضاب و الأنهار
و الحدود و كيفية الحياة في الظروف الصعبة.
و فوق كل ذلك كنا نتدرب تدريبات يومية لرفع اللياقة البدنية و الدفاع عن النفس.
بعد أن قضيت الستة أشهر أجروا اختبارات في عدة مجالات كان نصيبي أن لا أجتازها.
و لذلك فإني لم أكمل الطريق و أنضم للجيش كما كنت أظن.
حدث ذلك في شهر سبتمبر من عام 1994 و كان له تأثير سئ على معنوياتي ,
مما دعاني لأن أترك البلاد و أذهب إلى مصر لكي أُرَوِّحْ عن نفسي .
و في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر ضرب مصر زلزالًا متوسط الشدة
فلما حدث ذلك و أعقبه توابعه فإن البلاد صارت حسب ما ارتئيت تتوجه إلى الله أكثر؛
كنت أرى على وجه الناس في الشوارع نظرة خوف غير مخفية و بينما أنا أسير في أحد الميادين قابلت شاب مصري يتعلم الإنجليزية و يهوى اصطحاب السياح.
كنا نذهب معًا كل يوم لمكان جديد حتى قال لي في أحد الأيام أنه لن يستطيع اصطحابي
في تلك الليلة فسألته عن السبب فقال أنه مرتبط بحضور أحد الدروس الدينية.
لم يأل الشاب جهدًا في تأكيد أهمية ذلك الدرس , حيث أن المحاضر كان شيخًا قد منعه
الحاكم من الخطابة منذ عام 1981 و كانت تلك الخطبة أول خطبة له منذئذٍ بمناسبة الزلزال.
فاستهواني الأمر و قلت له أني أتمنى أن أحضر الدرس معه فوافق .

كان الشيخ يخطب من وضع الوقوف و كان صوته يكاد يخترق الآذان و لكنه محبب للقلب.
دخلنا المسجد و ذهبنا إلى محل الوضوء و طلب مني المرافق أن أفعل كما يفعل ففعلت
ثم قال لي نبذة قصيرة عن الوضوء و عن الحاجة لتجديده إن أحدث المرء.
استمعت للمحاضرة بعدها و رغم أنه ليس من عاداتي أن أتفكر كثيرًا في المحاضرات الدينية فكنت أنساها بعد سويعات قليلة
لكن ذلك الشيخ الضرير جعلني أركز في كل كلمة يقولها رغم جهلي باللغة.
كان من الواضح أنه كان يتحدث عن الزلزال . فكلمة "زلزال" كانت قد تكررت على مسامعي مئات إن لم يكن الآف المرات في تلك الأيام.
أستطيع أن ألخص ما سمعت في ذلك اليوم في الآتي :
"لو أن الله كان قد قدر أن مصر سوف يصيبها زلزال آخر ؛ و عمل الحضور بقول الشيخ , فسوف يرفع الله القضاء و لن يصيب مصر أي زلازل"
كنت أشعر أن ذلك الرجل يوصل صوته إلى الله عز و جل من شدة إخلاصه و حماسته.
بعد المحاضرة طلبت من مرافقي أن يقدمني للشيخ لأهنئه على حسن عمله,
فلما حدث ذلك و بينما يقول المرافق للشيخ من أنا , مددت يدي فسلمت على الشيخ ,
فسحب الشيخ يده من يدي بسرعة و طلب من دليله أن يعيده إلى المسجد ليتوضأ.
قلت لمرافقي لماذا حدث ذلك؟ فقال لعله أحدث .
كنت لم أخبر الأخ الذي اصطحبني بأني يهودي عاد الشيخ الأسطورة لاحظت أنه أخفى يده عني
فسألت من كان معي أن يسأل الشيخ عن سبب ما فعل فقال الشيخ له لأنه يهودي.
لم يترجم لي المرافق ذلك و لكن الشيخ عقَّب بقوله "و لكنه إبن حلال"
فقلت للمرافق , قل له أني لست شحاذا و لا لصًا فلماذا يفعل ذلك؟
فقال الشيخ لا بل هو شحاذا جاء ليأخذ إحسانًا و إن شاء الله سوف يدركه الإحسان.
فقلت له كيف , سله ماذا يعني , فقال مرافقي إنه يظنك سوف تدخل الدين.
شعرت ساعتها بصدق الرجل و أني مسلم لكني جاهل.
بعد ذلك مباشرة سافرت إلى لندن عائدًا و كلي تصميم على تحصيل العلم ؛ لو لكن لم أكن واثق من كيفية ذلك.
كان أفضل حل عندي في ذلك الوقت هو الإنتقال إلى أحد الدول الإسلامية للعيش هناك و التعلم
و لما كنت متفوق في مجال عملي و الحمد لله فقد كانت لدي رفاهية إمكان إختيار العمل و مكانه وقتما أحب.
فحدثت وكيلي برغبتي في العمل بدولة عربية و يفضل دولة من دول الخليج حيث أنني لم أكن معجبًا بالحياة في مصر.
و كما أردت , جاءني عقد للعمل بدولة القطر في عام 1995 و كان مما حدث هناك أني تعرفت على أحد الأخوة الكرام القطريين و أخ مصري
كانا يعلماني اللغة العربية و بعض أمور الدين .
في أحد الأيام قال لي أحدهم أني في أكسب شهر ما يكسبه في ثلاثة أعوام و مع ذلك فإنه يتبرع بجزء من دخله للمجاهدين في الشيشان.
فقلت له و كيف أستطيع المساعدة؟ قال تبرع ببعض مالك , فقلت له سأتبرع بمرتب سنة ؛ كيف أفعل ذلك؟ قال دعني أفكر في الأمر.
لما سألت في الأمر قال لي أحد الأخوة أن بعض المسلمون يأخذون أموال التبرع لأنفسهم و لا تصل للمجاهدين.
فقررت أن أسافر بنفسي كي أتبرع بما أستطيع للمجاهدين و بذلك فإني سافرت لأمرة مرة للشيشان في ذلك العام عام 1995.
لما تبرعت بقدر بسيط جدًا من المال لإخواني في الشيشان رحبوا بي كثيرًا حتى أن أحدهم
و هو أخونا أحمد مسلم حفظه الله زكاني لدى القيادة و قدمني إلى القائد جوهر دودايف رحمه الله
فلما حدثته تكلم بالروسية فأجبته بالروسية أيضًا فقال لي كيف عبريتك؟ فقلت جيدة
فقال نريدك أن تعمل معنا فسألته ماذا عساي أن أفعل فقال ستعرف.
فانضممت حينها لسرايا الجهاد الإسلامي.
تضمن عملي الكثير من الأمور التي يمكن الإستفادة من الروسية و العبرية حيث كان كثير من الأسرى من يهود الروس .
و كانت لدينا أسلحة كثيرة أمريكية أنا على علم كامل بها لأني تدربت عليها بإسرائيل.
كما اشتركت في تطوير كثير من الأسلحة الخفيفة بمعرفتي التي حصلت عليها هناك أيضًا.
لست أذكر صراحة كثير من التفاصيل عن حياتي بالشيشان لكن في عام 1996 طبعًا
كنت ضمن مجموعة القائد خطاب حفظه الله و ذلك شرف يا يماثله شرف ,
ثم خدمت مع الشيخ أبو الوليد ثم مع عربي براييف ثم مع أحمد المصري (أحمد مسلم)
حفظهم الله جميعًا و رحمهم.
ثم كنت ضمن فرقة الأخير مع طلائع الفتح الذين طهروا جروزني من المنافقين.
بعد ذلك عدت لبريطانيا و الشيخ أحمد لنكون معًا شركة لإستشارات أمن الحاسبات
من ذلك الوقت و حتى شهر يوليو الماضي .
في يوليو جاءنا الشيخ الشهيد إن شاء الله عمر المصري (أبو حفصة) إبن عم أحمد ,
و ذلك لتلقي العلاج بعد أن بترت رجله في الشيشان ,
و كنت أزوره دوريا حتى جائتني أختي رحمها الله بعد أن إنفصلت عن زوجها, و بينما
هي عندي للزيارة في يوم لم أستطع معاودة عمر فأرستلها مكاني لتعوده و لأنها طبيبة طلبت منها أن تتعرف على حالته الطبية.
في ذلك اليوم عادت أختي و معها طلب من عمر أن أتصل به ,
فلما فعلت قال لي أن هيلين تنوي أن تدخل الإسلام و هو يطلب يدها للزواج.
فسألتها فوافقت على ذلك فقلت له أني وافقت على الفور.

فاتني أن أذكر أنه في عام 1999 سافرت مع أحمد مسلم للجهاد مرة أخرى في الشيشان,
و لكن لم نوفق في الدوام كثيرًا إذ أصيب الحاج بإصابة بالغة السوء كما أصبت أيضًا
برصاصة في أسفل العمود الفقري كادت تسبب لي شللًا مستديمًا لكن الله سلم.
أعود لعرس هيلين أختي التي تغير اسمها في ذلك الوقت
من "هيلين روبنسون" إلى "هانم عمر"
(يلاحظ أن إسم أختي كان قد تغير إلى روبنسون بزواجها من رجل بذلك الإسم
أقول ذلك لأن ذلك الإسم ليس إسمي أنا)
و دخلنا دوامة زوجها و رغبته في السفر لبلده الأصلي لزيارة أهله و كي ترى والدته العروس.
قيل لنا في ذلك الوقت أن ذهاب العروسين لمصر سوف يشكل كارثة لأن الحكومة المصرية لن تدعهما يهنئان فعمر مطلوب للقضاء.
في نهاية الأمر إقترح الشيخ أحمد مسلم أن يذهبا للشيشان ليعيشا هناك ؛
فلما سمعت كلمة الشيشان هاجت أعصابي .. الشيشان؟ الروس .. الكفرة .. الدم .. الشرف
الله أكبر ... حي على الجهاد.
في أول سبتمبر حزمت حقائبي و خرجت قاصدًا أرض الجهاد,
و وصلت يوم السابع منه , ثم بعد يومين , جائني البطل عمر المصري و زوجته.
قضينا ثلاث أيام قبل أن يأذن الله بغزوة سبتمبر المباركة ,
و كنت مثل كل العالم لا أعلم شيئ عن كنهها ,
كان قد حدث في هذه الفترة أن استشهد أحد القادة و على إثر ذلك تم تعيين عمر قائدًا لمجموعة.
فالتحقت بتلك المجموعة و اشتركت في كثير من المعارك و الأكمنة التي لم أكن فيها صاحب دور فعال .
فقط يذكر أن المرحومة قد عملت بالتمريض و أدت دورًا طيبًا جازاها الله عنا خير جزاء.
و أنني تحت قيادة الشهيد عمر اشتركت في عملية داخل فيدينو إنتهت بأن تم أسر نائب قاعد المدفعية الروسي بالشيشان.
لسبب مما أجهله أتت أوامر لنا بالإنسحاب من فيدينو بعد ذلك و قد تزامن ذلك مع وقت أو عاصفة ثلجية بالشيشان.
و في وقت ما لا أذكره تحت ظروف ما لا أذكرها وجدت نفسي و أختي و زوجها في أفغانستان
في أرض العزة لا أذكر الكثير مما حدث في أفغانستان سواء أماكن أو أوقات سوى الآتي:
وصلنا قبل بداية القصف بأيام و لوجود معرفة سابقة بين الأخ عمر رحمه الله و القيادات الحربيةو إلتحقنا مباشرة بمعسكرات .
و لكن حدث في تلك الفترة حدثًا هامًا سأظل أذكره ما حييت ,
لقد إلتقيت شخصيًا بأبو عبد الله الأسامة بن لادن حفظه الله و رعاه و قتل ما عاداه.
و كذلك إلتقت به أختي أم حفصة و أذكر حدثًا هامًا لن أنساه.
لما كنا في طريقنا لمغادرة دار الأسامة , التفتت إليه أم حفصة و قالت له بعربية ركيكة,
أخي ادع لنا بالنصر و الشهادة,
فقال لها ناظرًا في إتجاه زوجها "زوجتك طماعة يا عمر , اللهم اكتب لك و لها النصر و الشهادة معًا"
قال ذلك رغم أنني كنت واقفًا عن شمال الشيخ و كان يمسك بكفي بعد أن تصافحنا.
فلما خرجنا قلت لعمر يا عمر , سوف أُقتل في هذه الحرب ,
فقال "يا أخي ما تقول كده ؛ كيف عرفت" فقلت له لقد دعى لكما الأسامة و لم يدع لي.
فنصحني ألا أفكر كثيرًا في الأمر و أن أستعيذ بالله من الشيطان ؛ ففعلت.
بعد ذلك حدث ما يعلمه الجميع و عدت لبريطانيا.
بمجرد عودتي علمت أن المخابرات البريطانية في أثري فخرجت من هناك إلى بلد آخر
فآخر فآخر و في نهاية الأمر , إستقر بي الحال في الشيشان مرة أخرى.
حتى جاء يوم قال فيه قائدي أن أحد أصحاب القلوب الرحيمة قد تفضل بأن تكفل بتسفيري لأداء الحج على نفقته.
فاشترطت حضور أحمد معي ليدلني على الطريق لكوني كفيف البصر فوافق.
لما سافرت لبلاد الحرمين كان أول ما حدث هو أن التقيت بمضيفي و بينما نحن هنالك
قال الشيخ أحمد لمضيفي مازحًا , الحل الوحيد لعبد الله كي يبقى في بلادكم هو أن يتزوج
فقال لي مضيفي , هل تبغي الزواج؟ فقلت له أستطيع البآءة و لكن من هي التي ترضى بزواج رجل كفيف.
فقال إبنتي , وهي الآن زوجتي منذ أول ذو الحجة عام 1423.
تمت بحمد الله

عبد الله الوليد في
أرض الحرمين 65 محرم عام 1423 هـ
الموافق الإثنين الثامن من أبريل 2002 م

أصل الموضوع مع إضافات مهمه

الصفحة الرئيسة