صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مغالطات
القاسم والسكران
في بحثهما عن المناهج الشرعية بالمملكة العربية السعودية
المقدم إلى مؤتمر الحوار الوطني الثاني

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد   اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

سليمان بن صالح الخراشي

 
قال تعالى : ( أو لم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنًا ويُتخطف الناس من حولهم ، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ).

قال تعالى : ( أولم نمكن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كل شيئ رزقًا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون ).

قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا وأحلوا قومهم دار البوار ).

قال تعالى : ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يُصلحون ).

ولاتحـتقر كيد الضعــيف فربما *** تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد عرش بلـقيـس هدهد *** وخـرّب فأر قبل ذا سـد مأرب


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعد، وآله وصحبه .. وبعد:
فلم يعد يخفى على عاقل ما منَّ الله عز وجل به على بلادنا (المملكة العربية السعودية) من نعمة الإيمان والأمن الذي تفردت به بين العالمين:
أما الإيمان: فبتوفيقها إلى اتخاذ الإسلام منهج حياة عليه تحيا وعليه تموت؛ والتزام عقيدة أهل السنة، ونشرها في الآفاق مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين" (متفق عليه).
وأما الأمان: فهو نتيجة حتمية للأمر الأول، يزيد بزيادته، وينقص بنقصه؛ كما قال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن).
ولا زالت هذه البلاد الكريمة منذ نشأتها قبل حوالي 270 سنة باللقاء العظيم بين المحمدين: الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله- تسير على هذا المنوال، فخورة بما حباها الله وشرفها به من حمل دين الله كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم دون زيادة أو انحراف أو عبودية لغير الله، يوصي سابقها لاحقها بمواصلة المسير على هذا الدرب العظيم والمقام الرفيع.
فكانت مناهجها تقوم على نشر عقيدة السلف الصالح، ومحاربة البدع والانحرافات، وربط المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع شؤونهم، مع عدم تفريط بأمور الدنيا النافعة.
وكانت كتب الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب وعلماء الدعوة -رحمهم الله- محل عناية واعتماد هذه الدولة السلفية في مراحلها الثلاث في تلك المناهج تدريساً وطباعة ونشراً؛ لما احتوت عليه من بيان وتوضيح لأمور التوحيد ومهمات العقيدة.
يقول الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في رسالته لأهل القصيم: "ثم تفهمون أن الله سبحانه منَّ علينا وعليكم بدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب –رحمه الله- وإظهاره لدين الإسلام، وإيضاح ذلك بالأدلة والبراهين من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"(1).
ويقول –رحمه الله-: "قد أظهر الله في آخر الأمر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ثم من بعدهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب –رحمهم الله تعالى- ونفع بهم الإسلام والمسلمين.
ولما ندرت أعلام الإسلام وكثرت الشبهات والبدع، خصوصاً أيام الشيخ محمد بن عبدالوهاب، قام أسلافنا بأقوالهم وأفعالهم بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قبلوا ذلك وقاموا به وأظهره الله على أيديهم. ونحن إن شاء الله على سبيلهم ومعتقدهم، نرجو أن يحيينا الله ويميتنا على ذلك"(2) .
ويقول -رحمه الله- في رسالته لفيصل الدويش- مبيناً ضرر أهل البدع: "ولا يقطع عقلك يا فيصل يا أخي أن على الإسلام وأهله أضر من أهل الجهل والبدع إذا صاروا في قلب المجتمع"(3).
ويقول –أيضاً-: "إنني رجل سلفي، وعقيدتي هي السلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة"(4).
ويقول -رحمه الله- في خطاب صريح وواضح: "يسموننا "الوهابيين"، ويسمون مذهبنا "الوهابي" باعتبار أنه مذهب خاص.. وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثها أهل الأغراض.. نحن لسنا أصحاب مذهب جديد أو عقيدة جديدة، ولم يأت محمد بن عبدالوهاب بالجديد، فعقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح.
ونحن نحترم الأئمة الأربعة ولا فرق عندنا بين مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة.. كلهم محترمون في نظرنا.
هذه هي العقيدة التي قام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب يدعو إليها. وهذه هي عقيدتنا، وهي عقيدة مبنية على توحيد الله عز وجل خالصة من كل شائبة منـزّهة من كل بدعة، فعقيدة التوحيد هذه هي التي ندعو إليها، وهي التي تنجينا مما نحن فيه من محن وأوصاب"(5).
قلت: وهكذا سار أبناؤه من بعده إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -حفظه الله-. الذي كان أول وزير للمعارف(6) يفخرون بحمل هذه العقيدة السلفية، ولا يفكرون بالتفريط بها -ولله الحمد-.
يقول خادم الحرمين الشريفين: "قد سعد المسلمون بشريعة الإسلام حين حكموها في حياتهم وشؤنهم جميعاً. وفي التاريخ الحديث قامت الدولة السعودية الأولى منذ أكثر من قرنين ونصف: على الإسلام؛ حينما تعاهد على ذلك رجلان صالحان هما: الإمام محمد بن سعود، والشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله- قامت هذه الدولة على منهاج واضح في السياسة والحكم والدعوة والاجتماع. هذا المنهاج هو الإسلام: عقيدة وشريعة"(7)
ويقول –حفظه الله-: "إن التربية الإسلامية موجودة في كل بيت في هذه البلاد؛ وهي التربية الصحيحة التي لا تمنعنا من أي شيء فيه فائدة لنا ديناً ودنيا"(8).
ويقول –سلمه الله- في خطاب صريح: "لقد وجدت من المناسب ولو أن الموضوع الذي سوف أقوله للإخوة ليس له علاقة بمؤتمركم، إلا أنها مناسبة طيبة لإيضاح أمر يتردد، ورأيت أن من المفيد إذا سمح الإخوة وسامحوني في نفس الوقت أن أتحدث عنه، رغم أنه لا يتعلق بعملهم.
لقد درجت كثير من الصحافة في عالمنا الإسلامي أو في عالمنا العربي أو العالم الغربي أو العالم الشرقي على نعت هذه الدولة بأنها "وهابية".
إن منهم من يعتبر هذا مديحاً إذا رضي، ويعتبره ذماً إذا غضب، ويرى أن "الوهابية" مذهب يخالف مذهب أهل السنة والكتاب، ويخالف مذهب السلف الصالح.
هذا الأمر قد لا يعنيكم كثيراً، ولكن إذا سمحتم لي أن أعتبر هذه المناسبة فرصة لكي يعلم إخواننا الإعلاميون أو كتابنا ويدركوا تماماً، أنه ليس هناك شيء اسمه "وهابية".
إذا أراد أحد يهين هذه البلاد وأهلها، فإنه يطلق عليهم "وهابيين".
وهذا معناه إذا تقبلناه أن لنا مذهباً آخر يختلف عن العقيدة الإسلامية.
أولاً: ليس هناك شيء اسمه "وهابية"، وإذا أراد أحد أن يكيل لنا شيئاً لا يوجد فينا أو يهين كرامة إمام من أئمة المسلمين، هو الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فإنه يلصق بهذه الدولة اسم "وهابية"، وأنا أقول ليس هناك شيء اسمه "وهابية" في هذه البلاد.
ومن اطلع على مؤلفات شيخنا الكبير في هذه البلاد الإمام محمد بن عبدالوهاب يجد أنه درّس في صغره الأئمة في هذه البلاد، ثم انتقل للدراسة في الحرمين الشريفين. وبعد ما تشبّع بالدراسة على أيدي العلماء المسلمين الذين كانوا موجودين آنذاك هنا، أو ممن يفدون إلى بيت الله الحرام سواء للعمرة أو للحج، ذهب إلى البصرة واستفاد من كثير من العلماء الأفاضل.
وبعدها ذهب إلى الإحساء، واستفاد كذلك من طلاب العلم الموجودين في ذلك الوقت، ثم عاد إلى وسط المملكة العربية السعودية.
كانت العقيدة الإسلامية موجودة، ولكن كانت تشوبها شوائب كثيرة، وأدخلت عليها بعض الأمور التي لا تتفق مع نص العقيدة الإسلامية الصحيحة.
فكان تفكير الإمام محمد بن عبدالوهاب ينصب على اختيار الوسيلة التي يستطيع أن يوضح بها هذا الإمام الجليل، لشعب هذه الجزيرة في ذلك الوقت، المفهوم الصحيح للعقيدة الإسلامية." (9).
ويقول –حفظه الله- راداً على أهل البدع: "العقيدة الإسلامية –والحمدلله- أبانت الأمور بشكل غير قابل للنقاش؛ إلا من أراد أن يوهم بأشياء أخرى. والدين الإسلامي وسط، فلا رهبنة في الإسلام، وقد يعتقد البعض أن التصوف أو بعض النواحي الأخرى البعيدة عن منطق الإسلام هي الإسلام. إنه على العكس؛ فالإسلام فيه المرونة والمحبة والتقوى والعمل والجد والنشاط، ولم تأمر العقيدة الإسلامية بالكسل أو التكاسل أو التصوف على غير معنى"(10).
قلت: ولا زالت بلادنا –حرسها الله- تسير على هذا المنهج السلفي الراشد، غير عابئة بكيد الكائدين وحسد الحاسدين من أعداء الإسلام، الذين أخبرنا الله بما يضمرونه لنا إن نحن سرنا على الصراط المستقيم بقوله (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) وقال سبحانه (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) وقال سبحانه (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) وقال تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)... إلى آيات أخرى كثيرة. ولكن هذا الكيد والحسد غير ضارنا –بإذن الله- إن نحن ثبتنا واعتصمنا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (بلى إن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً).
فليس العجب إذاً من كيد الكافرين وحسدهم لهذه البلاد؛ لأن هذا أمر متقرر وسنة إلهية لمن تمسك بشرع الله. ولكن العجب من أقوام من بني جلدتنا، يتكلمون بلساننا، ويلبسون ثيابنا رضوا لأنفسهم أن يكونوا ظهيراً للمجرمين في حملاتهم على بلاد التوحيد ومناهجها بغية زحزحتها عن مصدر عزها وفخرها وسعادتها ونجاتها.

أقول هذا بعد أن اطلعت على بحث قدمه عبدالعزيز القاسم وإبراهيم السكران لمؤتمر الحوار الوطني الثاني للنيل من مناهجنا الشرعية وتصويرها بأبشع صورة محاولين تحميلها إثم غيرها من الجهلة والغالين في دين الله افتراء وبهتاناً -كما سيأتي إن شاء الله-
ولقد ساء بحثهما كل غيور على هذه البلاد ومناهجها الصافية؛ لما رأوا فيه من تجنيات وافتراءات وكذبات، وسُرَّ به المنافقون وأهل البدع وأمثالهم من مرضى القلوب وطاروا به كل مطار، واتخذوه سلاحاً يقاتلون به أهل الإسلام(11).
فصدق في القاسم والسكران قول الشاعر:

وإخوانٌ حسبتهموا دروعاً *** فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهمو سهاماً صائبات *** فكانوها ولكن في فؤادي

ولقد كنت عازماً على الرد على بحثهما منذ أن اطلعت عليه خشية أن يغتر به من يجهل حقيقة ما قام به الباحثان من عبث متعمد وخيانة علمية، فيسلم لكلامهما عن المناهج. إلا أن عزمي انتقض عند علمي بقيام أحد طلبة العلم بهذه المهمة.
ولكن مرت الأيام تلو الأيام ولم يظهر هذا الرد المنتظر ! فلما تبينتُ حقيقة الحال علمت أن ذاك الرد قد يتأخر نظراً لانشغال صاحبه بظروف طارئة، فصح العزم مني على التصدي لبحثهما وتفنيد ما جاء فيه من أخطاء وشناعات ألصقوها بمناهجنا الشرعية تلبيساً على عقول الآخرين ممن قد لا يتنبه لصنيعهما(12).

وقد أحببت أن أقدم بتنبيهات ومهمات؛ كتوطئة للرد قبل الشروع فيه:

(التنبيه الأول) :
أن من يطعن في مناهجنا الشرعية فإنما هو يطعن –شاء أم أبى- في الكتاب والسنة! وقد يستغرب البعض هذا القول. ولكن سيزول استغرابهم حينما يرون أن الطعونات التي وجهها الباحثان لمناهجنا تتعلق بأمور جاءت بها النصوص الشرعية –كما سيأتي-. وما من مسألة وجها إليها سهام نقدهما إلا ودليلها حاضر من الكتاب أو من السنة، وقد ذكره المقرر!
ولكنهما لم يجرؤا على التصريح بهذا لخطورته على دينهما. وارتضيا بسذاجة حصر نقدهما في المناهج أو المقرر، وهذا لا يغير من الحقيقة شيئاً عند العقلاء.

(التنبيه الثاني) :
أن من يطعن في مناهجنا فإنما هو يطعن ويقوض –شاء أم أبى- الأساسات التي قامت عليها هذه البلاد.
لماذا ؟
لأن مناهجنا الشرعية (أعني مقرر التوحيد) هي من كتب الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب وعلماء الدعوة، وهي الكتب التي قامت عليها هذه البلاد –بعد الله- منذ نشأتها وارتضاها ملوكها -سابقاً ولاحقاً- منهجاً لهم؛ كما مضى في كلماتهم وخطاباتهم.
فمناهج التوحيد للصفوف الابتدائية هي من الرسائل والقواعد القصيرة للشيخ الإمام.
ومناهج التوحيد للصفوف المتوسطة هي كتاب التوحيد للشيخ الإمام.
ومناهج التوحيد للصفوف الثانوية هي من مسائل علماء الدعوة قديماً وحديثاً.
فالطاعن في هذه المناهج إنما هو طاعن في مؤلفيها وواضعيها والراضين بها من أئمة وملوك هذه البلاد.

(التنبيه الثالث) :
أن كاتبي البحث -حسب علمي- لم يمارسا مهنة التعليم، وليست عندهما تجربة كافية للحكم على مناهجنا الشرعية وتقويمها، فمثلهما كما قيل:
"ما أنت بالحكم الترضى حكومته"
ويتأكد لك ذلك عندما ترى شيئاً من مقترحاتهما الخيالية التي جعلوها بديلاً لما يريدون حذفه من مناهجنا.

(التنبيه الرابع) :
أن تاريخ الباحثَيْن (ومن شابههما) لا يؤهلهم لهذا المرتقى الصعب الذي ارتقوه؛ وهو الكتابة عن مناهجنا، ثم اتهامها بالنـزوع إلى التكفير والتهوين منه! لأن بعضهم قبل سنين قليلة كان من المشغبين على بلادنا، المثيرين عليها الفتن، بل الغالين في التكفير والساعين في التفجير! (13) وقد سجن منهم من سجن؛ وعلى رأسهم أحد كاتبي هذا البحث (القاسم) .
فكيف لم يستح هؤلاء من تغيير مسوحهم، والظهور من السجن بوجه آخر يزعم (الإصلاح) و(الوسطية) ويسدد رميه نحو مناهجنا الشرعية، وهو قبل سنوات يرميها بالتهاون ومداهنة الظلمة !!
فكيف يريدنا هؤلاء أن نثق ببحثهما وهذا تاريخهم شاهد على اضطراب عقولهم، وتناقض مواقفهم، والتقلب ذات اليمين واليسار.
وليعذرنا هؤلاء إن قلنا لهم نحن وحكومتنا ومناهجنا ما قاله المثل العربي القديم:
"كيف أعاودك وهذا أثر فأسك" !

مناهجنا ومسائل التكفير:
بما أن مناهجنا الشرعية -ولله الحمد- نابعة من عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة السلف الصالح التي ارتضاها الله لعباده المؤمنين؛ فإنها كانت وسطاً بين الغالين والجافين في جميع مسائل العقيدة، وعلى رأسها مسألة التكفير؛ فهي وسط بين الغلاة من الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالذنوب والكبائر، وبين المفرطين من المرجئة والعصريين الذين لم يكفروا من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وجاءت محذرة من التهاون في إطلاق الكفر على من ثبت إسلامه، وعدم التساهل في هذا الأمر الخطير.
ثم جاءت أخيراً بالحث على لزوم جماعة المسلمين، والسمع والطاعة لولاة الأمر، والزجر والتخويف لمن نازع الأمر أهله.
فإليك نماذج وأمثلة تبين هذا من مناهجنا؛ ليتضح لك مقدار الجناية والجرم والافتراء الذي خطته يدا كاتبي البحث عندما زعما زوراً أن مناهجنا ذات نزعة تكفيرية !:

المثال الأول : جاء في مادة (الحديث) للصف الأول المتوسط الحديث التالي تحت عنوان: النهي عن تكفير المسلم: "عن عبدالله بن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه".
إرشادات الحديث:
1- التحذير الشديد من تكفير المسلم بدون سبب يكفره.
2- من كفّر مسلماً بدون سبب فإن التكفير قد يرجع عليه.
3- تحريم الإسلام لجميع الأمور التي تفرق بين المسلمين ومنها نسبة المسلم إلى الكفر.
4- دل الحديث على تحريم عرض المسلم والاعتداء عليه بأي وصف من الأوصاف التي تخرجه عن دينه.
5- وجوب تطهير اللسان والمحافظة عليه من الألفاظ والكلمات التي توقع في الكفر.
6- على المسلم أن ينصح أخاه المسلم إذا رأى منه أمراً يخل بالدين، بدل أن يسارع إلى رميه بالكفر".

المثال الثاني : جاء في مادة (التوحيد) للصف الثالث الثانوي: "التكفير: التكفير هو الحكم على شخص بأنه كافر.
أحوال الناس في الحكم عليهم: الإنسان، إما أن يكون كافراً أصلياً كاليهود والنصارى والوثنيين وتكفير هؤلاء واجب بل إن من لم يكفرهم أو شك في كفرهم فهو كافر، وإما أن يكون مسلماً فهذا لا يجوز تكفيره إلا إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع.
خطورة تكفير المسلم: تكفير المسلم أمر عظيم وخطير لا يجوز الإقدام عليه إلا إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا).
وقال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" وعن أسامة رضي الله عنه قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبّحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلاً فقال: لا إله إلا الله فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال: قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟! فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ"، فأجرى صلى الله عليه وسلم أمرهم في هذه الدنيا على الظاهر وهو ما أقروا به من الإسلام، وهذا هو الأصل بقاء المسلم على إسلامه حتى يأتي ما ينقله عنه ببرهان صحيح، وقد ورد في السنة التشديد في تكفير المسلم لأخيه المسلم. قال صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما".
التكفير حق لله: فلا نكفر إلا من كفّره الله ورسوله. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله، لأن الزنا والكذب حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق لله فلا نكفر إلا من كفره الله ورسوله".
أنواع التكفير: للتكفير أنواع ثلاثة؛ تكفير بالعموم، وتكفير أوصاف، وتكفير أشخاص وسنعرض لهذه الأنواع بالتفصيل التالي:
‌أ- التكفير بالعموم: ومعناه تكفير الناس كلهم عالمهم وجاهلهم من قامت عليه الحجة ومن لم تقم. وهذه طريقة أهل البدع وقد برأ الله أهل السنة منها.
‌ب- تكفير أوصاف: وهذا كقول أهل العلم في كتب العقائد في باب الردة من كتب الفقه: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم كفر، ومن سب الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم كفر، ومن كذب بالبعث كفر. وإطلاق أهل العلم هذا يقصدون به أن هذا الفعل كفر يخرج من الإسلام أما صاحبه فلا يكفرونه حتى تتوفر الشروط وتنتفي الموانع، فليس من لازم كون الفعل كفراً أن يكون فاعله كافراً (14).
‌ج- تكفير المعين: والمقصود به الحكم على الشخص الذي وقع في أمر يخرج من الملة بالكفر.
ومذهب أهل السنة والجماعة في ذلك وسط بين من يقول: لا نكفر أحداً من المسلمين ولو ارتكب ما ارتكب من نواقض الإسلام.. وبين من يكفر المسلم بكل ذنب دون النظر إلى أن هذا الذنب مما يكفر به فاعله أم لا ودون النظر إلى توفر شروط التكفير وانتقاء موانعه.
شروط التكفير : يشترط للتكفير شرطان :
أحدهما : أن يقوم الدليل على أن هذا الشيء مما يكفر به فاعله.
الثاني: انطباق الحكم على من فعل ذلك بحيث يكون عالماً بذلك قاصداً له مختاراً، فإن كان جاهلاً أو متأولاً أو مخطئاً أو مكرهاً فقد قام به مانع من موانع التكفير فلا يكفر على حسب التفصيل الآتي في موانع التكفير.
موانع التكفير: (أ) الجهل: والجهل يكون مانعاً من موانع التكفير في حالات دون حالات وإليك تفصيل ذلك فيما يأتي:
1- من كان حديث عهد بالإسلام أو من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان فأنكر شيئاً مما هو معلوم من الدين بالضرورة كالصلاة أو تحريم شرب الخمر وكذا من نشأ في بلاد يكثر فيها الشرك ولا يوجد من ينكر عليهم ما يقعون فيه من الشرك فلا يكفرون إلا بعد أن تقام عليهم الحجة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بعد أن ذكر بعض أنواع الشرك "... وإن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول مما يخالفه" وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "... وإذ كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم"
2- من أنكر الأمور المعلومة من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة والزكاة وتحريم شرب الخمر مع كونه في دار إسلامٍ وعلمٍ، ولم يكن حديث عهدٍ بإسلام فإنه يكفر بمجرد ذلك.
3- هناك أحكام ظاهرة متواترة مجمع عليها ومسائل خفية غير ظاهرة لا تعرف إلا من طريق الخاصة من أهل العلم كإرث بنت الابن السدس مع بنتٍ وارثة النصف تكملة للثلثين. فمن أنكر شيئاً من هذه الأحكام من العامة فلا يكفر إلا بعد أن تبين له ثم يصر على إنكاره، أما من أنكرها من أهل العلم فيكفر إذا كان مثله لا يجهلها.
(ب) الخطأ : بأن يعمل عملاً أو يعتقد اعتقاداً يكون مخالفاً للإسلام كمن حكم بغير ما أنزل الله مخطئاً وهو يريد أن يحكم بما أنزل الله أو فعل شيئاً من الشرك يظنه جائزاً أو أنكر شيئاً من الدين ظاناً أنه ليس منه والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة".
(ج) التأويل: وهو صرف اللفظ عن ظاهره الذي يدل عليه إلى ما يخالفه لدليل منفصل، وهو قسمان:
القسم الأول: قسم يعذر صاحبه بتأويله، وهو ما كان مبنياً على شبهة، بأن كان له وجه من لغة العرب، وخلصت نية صاحبه؛ كمن تأول في صفات الله تعالى وكان تأويله مبنياً على شبهة وخلصت نية صاحبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن سبب عدم تكفير الإمام أحمد وغيره لمن قال بخلق القرآن بعينه: "إن التكفير له شروط وموانع وقد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه". وقال في موضع آخر عن نفس المسألة: "فالإمام أحمد رضي الله عنه ترحم عليهم واستغفر لهم لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فاخطاؤا وقلدوا من قال ذلك لهم".
والقسم الثاني: تأويل لا يعذر أصحابه كتأويلات الباطنية والفلاسفة ونحوهم ممن حقيقة أمرهم تكذيب للدين جملة وتفصيلا أو تكذيب لأصل لا يقوم الدين إلا به كتأويل الفرائض والأحكام بما يخرجها عن حقيقتها وظاهرها. فهذا كفر مخرج عن الإسلام.
(د‌) الإكراه : من أكره على الكفر بأن ضُرب وعذب، بأن يرتد عن دينه أو يسب الإسلام.. أو هدد بالقتل والمهدِّد قادر على فعل ما هدد به، فكفر ظاهراً مع اطمئنان قلبه بالإيمان فهذا معذور ولا يكفر بفعله ذلك، قال تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضبٌ من الله ولهم عذاب عظيم).

كيفية قيام الحجة : لا يحكم على معين بالكفر إلا بعد قيام الحجة عليه وإصراره على الكفر الذي وقع منه، وإقامة الحجة يختلف من بلد إلى آخر ومن زمان إلى آخر ومن شخص إلى آخر ومن كونه كلاماً نظرياً إلى تطبيق على شخص معين ويتلخص ذلك: ببلوغ الحجة للمعين وثبوتها، وتمكنه من معرفتها وكل ذلك لا يتم إلا بوجود من يحسن إقامة الحجة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "... وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها: قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائناً ما كان". وقال الشيخ سليمان بن سحمان: "الذي يظهر لي والله أعلم أنها لا تقوم الحجة إلا بمن يحسن إقامتها وأما من لا يحسن إقامتها كالجاهل الذي لا يعرف أحكام دينه ولا ما ذكره العلماء في ذلك، فإنه لا تقوم به الحجة").

المثال الثالث : جاء في كتاب (التوحيد) للصف الثالث الثانوي فصل عن (الفتنة) ورد فيه في بيان موقف المسلم من الفتنة:
((ج) لزوم جماعة المسلمين وإمامهم إذا وقعت الفتنة، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فيعتزل تلك الفرقة كلها.
عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دخن" قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها": قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: "هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا". قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".
(د) الصبر على جور الولاة وعدم الخروج عليهم إلا إن وقع منهم كفر بواحٌ، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا: "أنْ بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان".
(هـ) ترك السعي في الفتنة بأي طريق وكلما كان الإنسان أبعد منها كان أسلم من الوقوع فيها:
فعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون فتن ألا ثُمَّ تكون فتنةٌ القاعدُ فيها خير من الماشي إليها والماشي فيها خير من الساعي إليها. ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه"، قال: فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: "يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر، ثم لينج إن استطاع النجاء. اللهم! هل بلغت؟ اللهم! هل بلغت؟ اللهم! هل بلغت؟" قال: فقال رجل: يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجئ سهم فيقتلني ؟ قال: "يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار").

المثال الرابع : جاء في كتاب (الحديث) للصف الثاني الثانوي: فصل بعنوان (حقوق الراعي والرعية) ورد فيه:
(1-السمع والطاعة:
والمراد بها الانقياد له والتنفيذ لأمره، والانتهاء عما ينهى عنه ما لم تكن في معصية الله تعالى. وقد جاءت النصوص الكثيرة في ذلك، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). وهذه الطاعة تكون في جميع أحوال الإنسان، من العسر واليسر، والمنشط والمكره، وفي حال المحبة والكره، ومهما كان الوالي .
أخرج البخاري وغيره عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة".
وأخرج مسلم وغيره، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك".
وروى الشيخان عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".
وهذه الطاعة لها أجر وثواب، إذ هي من طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، روى الشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني".

2-الاجتماع على الوالي:
من أهم الحقوق: الاجتماع على الوالي، وعدم الفرقة والاختلاف عليه، فالاجتماع رحمة، والفرقة شر، وكلما اجتمعت الأمة على الوالي قويت شوكتها، وشاع الأمن فيها، واطمأن الناس، وهابها أعداؤها، واستقام أمرها.
عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دخن" قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر"، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها": قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: "هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا". قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".

3-النصرة والجهاد معه والدعاء له :
وهذا من حقوق الوالي، إذ إنه من مقتضى السمع والطاعة، والاجتماع عليه أن يجاهدوا معه ولا يخذلوه، وأن يدعوا له بالصلاح والتوفيق والتسديد، ففي ذلك مصلحة الأمة بأفرادها ومجموعها، قال الطحاوي رحمه الله: "والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين، برّهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما".
وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "لو أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للإمام؛ لأن به صلاح الرعية، فإذا صلحت أمن العباد والبلاد".

4-النصيحة له :
وهذه من أجل الحقوق، إذ بها يكمل الخير، ويتعاون الجميع على البر والتقوى، أخرج مسلم وغيره، عن تميم بن أوس الداري –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة" ثلاثاً، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم".
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم..." الحديث.

5-عدم الخروج عليه :
ولا شك أن مقتضى الاجتماع عليه والطاعة له: عدم الخروج أو منابذته بالسيف وغيره. ولو كان جائراً؛ لما يترتب على الخروج عليه من المفاسد العظيمة كالتفرق والتشتت، وعدم الأمن والطمأنينة، وغير ذلك، وقد تقدم ما يدل على ذلك من حديث حذيفة وغيره.
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإن من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية".
وروى مسلم عن عوف بن مالك –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم" فقلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال: "لا، ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه والٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينـزعنّ يداً من طاعته").

المثال الخامس :
جاء في كتاب (الفقه) للصف الأول الثانوي: فصل بعنوان (حد قطاع الطرق: الحرابة) ورد فيه:
(ويدخل في الحرابة: ما يقع من ذلك في طائرة أو سفينة، أو سيارة، وسواء كان تهديداً بسلاح، أو زرعاً لمتفجرات، أو نسفاً لأبنيه".
وورد فيه –أيضاً-: "ومن صور الحرابة التي مُنِيَتْ بها الأمة في العصر الحاضر ما يسمى بـ(الاختطاف) الذي كثر وقوعه وتفنن المجرمون في أسالبيه.
لذا فإن جرائم الخطف لانتهاك الحرمات على سبيل المجاهرة من الحرابة والفساد في الأرض، ويستحق فاعلها العقاب الذي ذكره الله تعالى في آية المائدة وسبق بيانه.
وسواء في ذلك أن يكون الخاطف قد قتل، أو جنى جناية دون القتل، أو أخذ المال، أو انتهك العرض، أو لم يكن منه إلا الإخافة والتهديد. وسواء كان الخطف في المدن والقرى أو في الصحاري، في السيارات أو الطائرات أو القطارات أو غيرها، وسواء كان تهديداً بسلاح أو وضعاً لمتفجرات أو أخذاً لرهائن أو احتجازاً لهم في أماكنهم والتهديد بقتلهم أو نحو ذلك".
وورد فيه –أيضاً- : "وجوب السمع والطاعة لإمام المسلمين في غير معصية الله:
إن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين وضرورياته، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصالحهم إلا باجتماعهم، ولابد عند الاجتماع من أمير، وقد أوجبه الشارع في الاجتماع القليل العارض كالسفر تنبيهاً بذلك على ما هو أهم وهو اجتماع الناس تحت إمام واحد.
ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد، والعدل، ونصر المظلوم، وإقامة الحدود، ولا يتم ذلك إلا بالقوة والإمارة.
وقد أمر الله جل وعلا بطاعة ولاة الأمر فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
وأمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني" متفق عليه. وهذا ما لم يأمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا يطاع فيها.
عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" متفق عليه.
والسمع والطاعة لولاة الأمر في غير معصية الله أمر مجمع عليه عند أهل السنة والجماعة، وأصل من أصولهم التي باينوا بها أهل البدع والأهواء.
تحريم الخروج عليه: إذا تمت البيعة للإمام بأن بايعه أهل الحل والعقد ثبتت ولايته ووجبت طاعته ويكفي عامة الناس أن يعتقدوا دخولهم تحت طاعة الإمام، وأن يسمعوا ويطيعوا، فمن مات وليس في عنقه بيعةٌ مات ميتة جاهلية، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" رواه مسلم.
ولا يجوز الخروج على ولي الأمر، ولا نزع يدٍ من طاعته ولو جار وظلم، ولا الدعاء عليه، وإنما الواجب على المسلم أن يكره ظلمه ومعصيته، ويصبر عليه ويناصحه، ويجب على أهل العلم والفضل الاجتهاد في مناصحته سرّاً، من غير إثارة فتنة، أو تحريض عليه.
فعن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم" قلنا: يا رسول الله؛ أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنـزعوا يداً من طاعة" رواه مسلم.
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية" متفق عليه.
ولذا أمر صلى الله عليه وسلم الأنصار بالصبر لما أخبرهم أن الأمراء سيستأثرون عليهم ويمنعونهم حقوقهم. أما الخروج على الإمام فلا يجوز إلا إذا أتى كفراً صريحاً.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان مما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان" متفق عليه).

المثال السادس: جاء في كتاب (الحديث) للصف الثالث الثانوي فصل بعنوان "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ورد فيه: تحت شروط إنكار المنكر: (أن يكون ظاهراً دون تجسس، فإن كان إنكار المنكر متوقفاً على التجسس فلا يجوز الإنكار؛ لقوله تعالى (ولا تجسسوا) ولأن للبيوت وما شابهها حرمة لا يجوز انتهاكها بغير مبرر شرعي).
قلت: هذه مجرد نماذج وأمثلة واضحة وسهلة لبعض ما ورد في مناهجنا الشرعية مما يتعلق بأمور التكفير والسياسة الشرعية وإنكار المنكر أوردتها لتكون حاضرة في ذهن قارئ هذه الرسالة يتبين له من خلالها مدى الجناية والرمي بالباطل والبهتان الذي قام به الباحثان –هداهما الله-.
وليتبين له أن مناهجنا ومن وضعها من العلماء الأفاضل ليست زاداً مناسباً للغلاة في التكفير، ودعاة التفجير والتخريب، فلهذا لجأوا إلى غيرها مما يوافق تشددهم.
بل كان علماؤنا -خلال مسيرتهم- يقفون بالمرصاد لكل تيار يغلو أو يتشدد فيخالف هذه المناهج السلفية الواضحة.
وما مواقفهم تجاه فتنة "الإخوان" زمن الملك عبدالعزيز -رحمه الله-(15)، وفتنة "جهيمان"، وفتنة "دعاة التهييج"، وفتنة "غلاة التكفير بين المعاصرين" إلا شاهد على هذا.
فما مثل من يرميهم ومناهجهم -بعد هذا- بالتكفير إلا كما قيل: "رمتني بدائها وانسلت".

موجز بحث القاسم والسكران : 
صاغ الباحثان بحثهما في مدخل وخمسة فصول ثم توصيات:
-أما المدخل (الخطاب الديني: الوظيفة والأهداف): فهو عبارة عن قواعد عامة تطالب بأن لا نغلب أحد جوانب النص على الجوانب الأخرى وأن نقرر مبادئ العدل في التعامل مع الآخرين والحضارات الأخرى! وأن نهتم بالمشاركة المدنية في مناهجنا. وكل هذه عموميات ستأتي حقيقة المراد منها في فصول البحث الخمسة.
-الفصل الأول (الموقف من المخالف بين العدل والتعبئة): وهو عبارة عن هجوم على مناهجنا لإبرازها عقيدة السلف الصالح وتحذيرها من البدعة وأهلها بدعوى أن هذا فيه تحاملاً على الآخرين! مع ذكر نماذج (تم تشويهها بتعمد!) من مناهجنا يزعمان أنها تدل على مقدار ظلمنا للمسلم المخالف.
وأعجب ما في هذا الفصل دفاع الباحثَيْن عن المشركين والقوميين والوطنيين وأصحاب المبادئ المنحرفة تحت مزاعم العدل (الكاذب).
ثم خلط الباحثَيْن بين عقيدة البراءة من الكفار التي جاءت بها نصوص الكتاب والسنة وبين التعامل المشروع معهم. فكانت نتيجة هذا الخلط رمي مناهجنا بظلم الكفار والتجني عليهم.
-الفصل الثاني (المقررات والموقف من الواقع بين الرؤية الموضوعية وتهويل الفساد): وملخصه أن المناهج تهول أمر الفساد الإعلامي والانحراف العقدي الموجود في بلاد المسلمين.
-الفصل الثالث (الموقف من التدين بين القلق والطمأنينة): وملخصه أن مناهجنا تبعث القلق في نفوس الطلاب! بسبب تحذيرها المبالغ فيه من الشرك والنفاق وأسبابهما!
-الفصل الرابع (الموقف من الحضارة بين قواعد التواصل وخطاب الإدانة) وملخصه: الزعم الكاذب أن مناهجنا تقف من الحضارة موقفاً مضاداً، في خلط متعمد بين الحضارة المادية النافعة التي امتلأت بها مناهجنا والحضارة الزائفة القائمة على الأفكار المنحرفة المعارضة لدين الإسلام. وهي التي يتضايق الباحثان من محاربة مناهجنا لها.
-الفصل الخامس (المنهج العلمي بين الموضوعية والتهويل) وملخصه: اتهام مناهجنا بأنها تهون أمر تكفير الآخرين دون مراعاة لشروط وضوابط التكفير! وأنها تبالغ في أمر التحذير من الشركيات اللفظية ونحوها.
-الخاتمة والتوصيات: وأبرزها (تنقية المقررات من النـزعات التكفيرية)!! والعدل في التعامل مع المخالف! و(توعية المتلقي بواجباته في المشاركة السياسية الشعبية)!!

الخيانة العلمية لدى الباحثَيْن !
يؤسفني أن أقول لك –أخي القارئ- بأن الباحثَيْن يصدق فيهما ما قاله مؤلفو كتاب "خطاب إلى الغرب: رؤية من السعودية" في أمثالهما من أصحاب الخيانة العلمية عند الحديث عن مناهجنا؛ حيث قالوا فيهم: "إن المناهج في المملكة العربية السعودية بُنيتْ على أسس لا تخرج عما سبق ذكره من الأسس التي تقوم عليها سياسة التعليم. فاتهام التعليم الديني بأنه يزرع الكراهية ضد أهل الكتاب ومحاولة اختزال النصوص أو بترها من سياقها ليست من العلم في شيء وإنما هي نتاج الهوى أو الجهل. فالاختزال والبتر وتعمّد التشويه وعدم التحقق والتسرع في إصدار الأحكام القاطعة على أمور أساسية يؤكد أن هؤلاء الكتاب ليسوا منصفين ولا باحثين عن الحقيقة، بل كانوا مدفوعين بانفعالات الحدث، إذ إن كُتُب التربية الإسلامية احتوت على نصوص كثيرة تؤكد التسامح ووجوب حسن التعامل مع أهل الكتاب، فلماذا تجاهلوها وركَّزوا على ما يوهم بالعكس مما هو مبتور عن سياقه ؟!" (16).

وقد سار الباحثان (القاسم والسكران) على منوال أولئك للوصول إلى أهدافهما الدنيئة فبترا عبارات المناهج، وحذفا منها ما يريانه معارضاً لفكرتهما، وصرفا دلالة بعضها عن وجهته، وحمَّلا بعض ألفاظها ما لا تحتمل .. الخ عبثهما، وهذه ليست طريقة أهل الأمانة والتقوى، إنما عُهد هذا من أهل الزيغ والأهواء(17). وإليك شيئاً مما يشهد لهذا –باختصار- لأنني بينت أكثره عند الحديث عن مغالطاتهما:
1- نقلا عن المنهج (ص18) أنه يقول: (لابد من الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه.. في سائر الحقوق، لا في الأحوال الشخصية فقط كما في بعض الدول التي تنتسب إلى الإسلام).
وعبارة المنهج: (ت3ث 70) (18) : (لابد من الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه في جميع موارد النـزاع في الأقوال الاجتهادية بين العلماء، فلا يقبل منها إلا ما دل عليه الكتاب والسنة من غير تعصب لمذهب ولا تحيز لإمام، وفي المرافعات والخصومات في سائر الحقوق... الخ).
فحذفا ما تحته خط ! لماذا ؟ لأنه يتعارض مع تهمة يريدان إلصاقها بمناهجنا؛ وهي أنها تنصر مذهباً في مقابل المذاهب الأخرى !! وهذا ما يفتح لهما باباً لترديد مقولات من مثل: (وجوب التعددية، احترام الرأي الآخر...الخ)! أما إذا أحيلت الاجتهادات إلى الكتاب والسنة –وهو ما تقرره مناهجنا- فقد أسقط في أيديهما!
2- نقلا عن المنهج (ص27) أنه: (يعتبر أن الانبهار بالحضارة المادية من أسباب انحراف العقيدة. أما العلاج الذي يمارسه فهو : "تجاهل منجزات هذه الحضارة" أو جهدها)! وهذا كذب على المنهج.
فعبارة المنهج (ت1ث12-14) (الانحراف عن العقيدة الصحيحة له أسباب تجب معرفتها وعلاجها؛ ومن أهمها: -ثم ذكروا:- 5- الغفلة عن تدبر آيات الله الكونية وآيات الله القرآنية، والانبهار بمعطيات الحضارة المادية، حتى ظنوا أنها من مقدور البشر وحده، فصاروا يعظمون البشر ويضيفون هذه المعطيات إلى مجهوده واختراعه وحده).
فلم يدع المنهج إلى (تجاهل) منجزات الحضارة كما ادعى الباحثان إنما دعا إلى عدم الانبهار بها والغفلة عن الله الذي سخرها. وشتان بين الأمرين لمن عقل.
وأما علاج الانحراف عن العقيدة فقال المنهج: (1-الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله.. 2-العناية بتدريس العقيدة الصحيحة.. 3-أن تقرر دراسة الكتب السلفية.. 4-قيام دعاة مصلحين يجددون للناس عقيدة السلف).
فأين (تجاهل منجزات الحضارة) الذي افتراه الباحثان على المنهج ؟!
3- قولهما (ص29): (كما يتجاهل -أي المنهج- عذر المتأول فيوحي بإطلاق الكفر على كثير من المذاهب المخالفة) !! وهذا كذب وافتراء على المنهج -كما سيأتي-. ولعل هذا الإيحاء الذي جال بذهن الباحثَيْن من الإيحاء الشيطاني لا الإيماني !
4- نقلا في (ص7) ما ذكره المنهج عن بدعة المولد النبوي ببتر وحذف لكثير من الألفاظ التي توضح لماذا حرمت هذه البدعة وما أوجه مشابهتها للنصارى. (انظر منهج التوحيد للصف الثالث الثانوي، ص 126-127).
5- أوهم الباحثان القارئ (ص 9) أن المنهج يدعو إلى هجر أهل المعاصي مباشرة دون مناصحة أو أمر بمعروف! -وسيأتي بيان ما حذفاه-.
6- نقل الباحثان عن المنهج (ص10) أنه يقول: (إن ما ينذره جهلة المسلمين من نذور للأولياء والصالحين من أموات المسلمين، كأن يقول: يا سيد فلان إن رزقني الله كذا أجعل لك كذا.. فهو شرك أكبر).
فحذفا كلمات جعلا بدلها النقط! وهي (فهو نذر لغير الله وعبادة صرفت لغيره تعالى فهو شرك أكبر) الدالة على سبب جعل هذا العمل شركاً أكبراً!
7- نقل الباحثان (ص 13) عن المنهج قوله (ومحبة الله لها علامات تدل عليها.. ومنها: العزة على الكافرين بأن يظهروا لهم الغلظة والشدة والترفع عليهم). ثم قالا -مستنكرين ما جاء في المنهج-: (إن القرآن خص الغلظة بالمعتدين)!
وهذا كذب على كتاب الله عز وجل القائل (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) وقال واصفاً صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم بأنهم (أشداء على الكفار رحماء بينهم) ولم يخص كافراً دون كافر. وهذه الغلظة والشدة لا تنافي العدل كما قد يتوهم الباحثان.
 
الباحثان و"الهذر" الكلامي !
أول ما يلفت نظر القارئ في بحث القاسم والسكران: التشدق اللفظي، والتكلف الواضح في رص الكلمات العصرية اللامعة التي هي كالطبل الفارغ، بصورة تثير الشفقة وتدعو إلى الرثاء لحال كاتبيها؛ حيث حشرا نفسيهما في لباس ليس لهما. وإليك شيئاً من عباراتهما العجيبة التي تشهد لهذا :
-(الشاب المتدين بحاجة إلى رؤية واضحة لمشروعية الاندماج الاجتماعي، سيما المحافظة على مشروعية المجتمع و مؤسساته، ذلك أن اهتزاز الشرعية يوهن دوافع المشاركة والانتماء لديه لتأخذ في الانكماش، وتتزايد النـزعة السلبية حتى يصل إلى إيثار الهروب والانسحاب من مسئولياته الاجتماعية بحثاً عن تحقيق التطهر والنقاء عن الامتزاج بفساد الواقع الذي جرى تصويره له، وقد يلجأ الشاب إلى إعلان المواجهة والصدام كتعبير عن الاحتجاج بدلاً من المشاركة الإيجابية الفاعلة) (ص16) .
-(إن أي ناصح للمجتمع الإسلامي يؤرقه التخطيط لمؤسساته، ونظمه، ومستقبله، والتبشير برسالته، لا يمكنه تجاهل أهمية الانفتاح المعرفي في بناء الأرضية المدنية والإطار الحضاري للواقع الإسلامي، خصوصاً في هذا العصر الذي تعقدت نظم الحياة فيه، وترابطت أجزاؤه، وأصبحت نسيجاً واحداً يؤثر بعض في بعض، وأصبح الحراك الاجتماعي يحتاج لأدوات حديثة، ومعايير دقيقة، واستيعاب لنظم الحياة المعقدة، وتنمية تدريبية للمهارات المدنية، لكي يستطيع الشاب المشاركة في المجتمع بصورة إيجابية تضمن تراكم الجهود في اتجاه البناء) (ص21).
-(الخطاب العلمي هو الخطاب الذي يتوخى العدل الشرعي في التقييم والتفسير، عبر رؤية الواقع واستيعابه كما هو، ومحاولة فرز ألوانه، والميل الشديد للتفصيل في موضعه، وتنظيم المعطيات، وإصدار الأحكام الهادئة، التي تحتفظ بهامش من النسبية، ولا يتورط في مجازفات تمليها عليه الإغراءات الكلامية، مع الاحترام المستمر للبرهان، ومحاولة تفهم دوافع المخالف، والبحث عن اعتباراته سواءً المعلنة أم الضمنية.
أما الخطاب الانفعالي الذي يحتوي على قدر عالٍ من التهويل والمبالغة، والمجازفة بالأحكام العامة، وتأكيدها بمفردات الحسم والقطع، وتجويز [هكذا!] من المغالطات في سبيل التعبئة للفكرة) (ص28).
قلت: والأمثلة على هذا "الهذر الكلامي" و"الشقاشق اللفظية" ليست قليلة في بحثهما. والسبب في ظني هو إدمان صاحبي البحث قراءة كتب العصريين التي لا تسمن من جوع، والاقتباس منها، رغم أن العقلاء من بني البشر هم الذين لا تسلب لبهم الألفاظ دون أن يتأملوا حقيقة ما تحتها من معاني.
ويحضرني في هذا المقام حكاية لطيفة للشاعر صفي الدين الحلي الذي اطلع أحدهم على ديوانه فقال: لا عيب فيه سوى أنه خالٍ من الألفاظ الغريبة ! فكتب إليه الحلي هذه الأبيات:

إنما الحيزبون والدردبيس    والطََّخا والنُقَاح والعلطبيس
والغطاريس والشقَطحب والصقـ    ـب والحربصيص والعيظموس
والحراجيج والعفنقس والعفـ   لق والطرفاسان والعسطوس
لغةٌ تنفر المسامع منها    حين تروى وتشمئز النفوس
وقبيح أن يُسلك النافر الو       حشي منها ويُترك المأنوس
إن خير الألفاظ ما طرب السا    مع منه وطاب فيه الجليس

فبعض الباحثين -ومنهم كاتبا البحث- مولع بالمصطلحات العصرية، والألفاظ المفخمة التي لا ثمرة فيها لمن تدبرها؛ مصداقاً لقوله تعالى (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا)، فهي من قبيل (الزخرف) لا غير.
 
مغالطات الباحثَيْن(19) :
 المغالطة الأولى :

تابع مغالطات القاسم والسكران على ملف وورد  اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد   اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

----------------
(1) لسراة الليل هتف الصباح؛ عبدالعزيز التويجري، (ص 389).
(2) السابق، (ص 527).
(3) السابق، (ص 402).
(4) المصحف والسيف، (ص 135).
(5) السابق، (ص 52-53).
(6) استلم –حفظه الله- الوزارة من عام 1373هـ إلى عام 1380هـ. انظر: "لمحات عن التعليم وبداياته في المملكة العربية السعودية" للأستاذ عبدالعزيز آل الشيخ –رحمه الله-.
(7) "خادم الحرمين الشريفين: خطب وكلمات"، إصدار: دارة الملك عبدالعزيز، (ص281).
(8) السابق، (ص 88).
(9) السابق، (ص 140-141).
(10) السابق، (ص 24 – 25).
(11) قام موقع (إسلام أون لاين)! بالاحتفاء ببحث القاسم والسكران ونشره بكامله! محادة لأهل هذه البلاد. وأيضاً قامت جريدة الأحداث المغربية بنشر البحث تحت عنوان "هذا ما يتعلمه التلاميذ في السعودية: الحضارة المعاصرة حظيرة بهائم حيوانية!"!! فتأمل هذه السخرية والإفتراء. وحق لنا أن نقول لهذه الجريدة الحقيرة:
    وإن ترفع الوضعاء يوماً     على الرفعاء من إحدى الرزايا
ونقول لهم أيضاً:
    ولو أني بليت بهاشمـي     خـؤلته بنو عبـد المدان
     لـهان ما ألقى ولكن     تعالوا وانظروا بمن ابتلاني
 ألا تنظر هذه الجريدة الحقيرة إلى أحوال بلادها المتردية ديناً ودنيا فتصلحها قبل أن تسخر بمن هم فوقها؟
 وأما فرح الرافضة والعلمانيين بالبحث فقد علمه كل متابع لمنتديات الإنترنت. فهنيئاً للقاسم والسكران!
(12) وقد شرعت في الرد يوم الثلاثاء الموافق 18 محرم 1425هـ .
(13) بعض هذه الفئة المخذولة كان قبل سنوات يكفر الدولة السعودية وعلماءها !! ويتبجح بتوزيع كتاب المقدسي "الكواشف الجلية" ! ثم انقلب بين عشية وضحاها إلى "مفكر إسلامي" يعالج ظاهرة الإرهاب بين الشباب! وكان هو وإخوانه أولى بالمعالجة لدى المصحات النفسية التي تقي شبابنا من تقلباتهم واضطرابهم.
(14) قلت: وهذا –كما سيأتي- لم يفهمه كاتبا البحث: فخلطا بين تكفير الفعل وتكفير المعين! واتهما مناهجنا زوراً بأنها تكفر المسلمين!
وكم من عائب قولاً صحيحاً       وآفته من الفهم السقيم
(15) لمعرفة جهود العلماء ونماذج من فتاواهم وكتاباتهم تجاه أول فتنة غلو حدثت في هذه البلاد زمن الملك عبدالعزيز، انظر: "الدرر السنية"، و "الدعوة في عهد الملك عبدالعزيز" للدكتور محمد بن ناصر الشثري، و"لسراه الليل هتف الصباح" لعبد العزيز التويجري.

(16) "خطاب إلى الغرب.." (ص 145-146). وهو كتاب نافع كتبه مجموعة من الدعاة والمثقفين للرد على الافتراءات الموجهة إلى بلادنا في قضايا: (الإرهاب، الاتهام بالوهابية، تعليم المرأة، الجهاد، حقوق الإنسان، الجمعيات الخيرية..). ولكن كاتبي بحث الإرهاب جعلا من أسس التواصل بين الحضارات "الأخوة الإنسانية" ! (ص80). وهذه زلة ما كان ينبغي أن تصدر منهما؛ لأن الأخوة لا تكون إلا بين المؤمنين (إنما المؤمنون أخوة)، فلا أخوة بين مسلم وكافر، ولم يعهد هذا عند المسلمين، وإنما هو مصطلح عصري نشره من يريد تذويب الفوارق بين المسلم والكافر؛ لأنك لو تأملته لوجدت أن كلمة "الإنسانية" مقحمة فيه! لأننا نسأل أصحاب هذا المصطلح: ماذا تريدون بهذه الأخوة؟ إن أردتم أنها تستلزم المحبة والمودة والولاء فهذا محرم لا يجوز. وإن أردتم غير ذلك فوضحوه لنا! وسموا الأمور بمسمياتها الشرعية، وقد كانت لكم فسحة. فهلا قلتم –مثلاً- "التعاون على الحق"، بدلاً من تداول هذه المصطلحات غير الشرعية ؟!
(17)  ينظر رسالة العلامة الشيخ بكر أبو زيد "تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء".
(18) الرمز الأول للمادة، والثاني للصف، والثالث للمرحلة، والرابع للصفحة.
(19) التزمت ترتيب المغالطات حسب ترتيب صفحات بحثهما .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية