اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/m/100.htm?print_it=1

مع ( الشيوعي ) ( الليبرالي ) ( الإصلاحي ) ! الدميني .. في كتابه الأخير

سليمان بن صالح الخراشي

 
أرجو أن لا يتعجب القارئ من اجتماع " الشيوعية " و " الليبرالية " في شخص واحد ؛ لأننا في زمن تحولات من يسمون بالمثقفين العرب من أقصى اليمين - إن كان يمينًا حقًا - إلى أقصى اليسار ، فينما ترى الواحد منهم يساريًا يترنم بـ " متون " ماركس وصاحبه ، إذا به عن قريب يتحول إلى داعية من دعاة العولمة والأمركة !  فهم كما قيل :

يومًا يمانٍ إذا لاقيتَ ذا يمنٍ *** وإن لقيتَ معديّا فعـدناني

- والأعجب من هذا أن الجميع - مهما تنقل أو تحول أو تناقض - يدعي " الإصلاح " !  وقد أخبرنا تعالى في كتابه عن إصلاحين : إصلاح المفسدين ، وإصلاح الأنبياء وأتباعهم . وتفصيله في هذا الرابط.

والبعض للأسف يغتر بما يراه من إصلاح ضئيل عند المفسدين في مجال " المال " ، ويتغافل عن " انحرافات " بل " كفريات " تخفيها دعواتهم البراقة .
وإسلام مع شيئ من " الأثرة " خيرٌ من " إصلاح مالي " - موعود ! - مع " كفر " و " علمنة " .

- ويجد القارئ في كتاب " خيانة المثقفين " للدكتور عبدالحكيم بدران نماذج محزنة لهؤلاء . وأقول " محزنة " لأن معظمهم من أبناء المسلمين الذين بحثوا عن سعادتهم في الاقتيات على موائد الشرق والغرب ، راضين أن يكونوا مجرد " وكلاء " له  ، فرارًا من دين الله الذي ارتضاه لهم ، وجعله سبب فلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة . ولو عملوا بقوله تعالى : ( ففروا إلى الله ) لارتاحوا وأراحوا . ومن كان منهم من أهل هذه البلاد فيا حسرته عندما يفرّط في نعمة الله التي أتته بيضاء نقية كما أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم . فإن كان البعضُ يعذر مثقفي البلاد الأخرى الذين ضاقت عليهم الخيارات حتى غدت : إما العلمنة أو الصوفية الخرافية ، فما عذر أصحابنا ؟ سوى التقليد و " تكلف " المعاناة محاكاة للآخرين !

 

***************
 

لقد قدِم  الدميني " ابن القرية الجنوبية الهادئة " - بعد الثانوية  - إلى المنطقة الشرقية للدراسة في جامعة البترول والمعادن ، فكان الاحتكاك الأول بـمجتمع " أرامكو " المنفتح ، حيث " السينما " و الاختلاط .. الخ  مما أصابه بصدمة حضارية !  أثرت على توجهه إلى هذه الساعة ، وجعلته " صيدًا " سهلا للمتربصين . يقول الدميني : " هزتني تجربة الحياة الجامعية الاجتماعية في تلك السنوات الغنية من عمر تجربة كلية البترول والمعادن ؛ فخرجت من ثيابي القروية " ( أعلام الأدب العربي المعاصر ، كامبل ) . ثم يحكي تعرفه على أشعار أدباء الحداثة ، وتأثره بهم  .

احتضن الأديب " الشيعي " محمد العلي : الدميني مبكرًا - عام 1972م - ، " ففتح - كما يقول الدميني - نافذة الشعر أمامي على العديد من الشعراء .... - إلى أن يقول - وكان لأستاذي الكبير محمد العلي من قبل ومن بعد فضيلة المطر ورائحة الماء " ! ( المصدر السابق ) .


وللفائدة :
من تأمل بدايات تكوين الأحزاب في عالمنا العربي وجدها تبدأ - غالبًا - من " نصارى أو يهود العرب " أو من " الأقليات الشيعية - بأقسامها - " ؛ لأنهم يجدون فيها متنفسًا ومنفذًا متسترًا للوصول إلى حكم أي بلد يتشكلون فيه ، وللتمويه فإنهم يحرصون على ضم من يأمنونه من أبناء المسلمين المغفلين ، والمنخدعين بالأوهام . ( قارن بتسلط النصيريين على حكم سوريا بواسطة حزب البعث ) .
 

************
 

صدر للدميني كتاب صغير بعنوان " زمن للسجن .. أزمنة للحرية " يحكي فيه - بإطالة مملة - تجربته مع السجن ( مرة عندما كان شيوعيًا  ومرة عندما أصبح ليبراليًا إصلاحيًا ! ) ، وتجربته في ارتباطه بما يسمى الحزب الشيوعي في السعودية ! وقد هوّل أمره حتى أوهم القارئ أنه يعيش في كوبا أو الصين ! والأمر لا يعدو أن يكون مجرد عشرات من الشباب الطامحين ، ثلاثة أرباعهم من " الشيعة " !  ، ثم حديث عن دعوته الأخيرة للإصلاح ! مع نقولات مطولة للبيانات التي صدرت في السنوات الأخيرة ، تطالبُ - كما تزعم - بهذا الإصلاح . ثم ذكر التحقيق الذي تم معه ، وختم بمجموعة قصائد له .  وهذه مقتطفات لفتت نظري مع تعليق موجز :

- في ص 18 يقول عن الأمن السعودي : ( إنني أتساءل عن سر نجاحهم في إلقاء القبض على أحد عشر مثقفاً من المهتمين بالشأن العام في نفس اليوم والساعة، وعن عدم نجاحهم مع الإرهابيين؟ )  ! وفي هذا لمزٌ مبطن برجال الأمن ومن يقودهم أنهم متواطؤون مع المفجرين ، والواقع يُخالف هذا اللمز .

- في ص 78 قال واصفًا أحد أئمة المساجد : ( رافعاً صوته بالبكاء تارة، وبالدعاء للمجاهدين في أفغانستان، والشيشان، وتارة بالدعاء على أعداء الأمة من الكفرة والصليبيين، ولكنه لم يتعرض ببنت شفة للإرهاب والإرهابيين في بلادنا، الذين استحلوا دماء الأبرياء من مواطنين ومقيمين ) !  وهذا الانتقاء - إن كان كلامه صادقًا - له مقاصده التي لا تخفى على القارئ .

- في ص 30 قال : ( وقد عمت تلك المظاهرات المنطقة الشرقية، والرياض، مما شجع الحكومة على قطع البترول عن الدول الغربية وأمريكا لمدة ثلاثة أشهر ) ! وفي هذا نسبة الفضل - قطع البترول عن الغرب زمن الملك فيصل رحمه الله - لغير أهله .

- في ص 46 يقول معترفًا بشيوعيته : ( عرفت أن " الشيوعية " ، هي إحدى المراحل التاريخية في سياق تطور المجتمعات، التي ينعم فيها الناس بالحرية وتقاسم الخيرات )  ! ومصداق هذه الحرية ما رأيناه في " الاتحاد السوفيتي " !

- في ص 162 : يعترف بليبراليته - متحدثًا عن أحد خطاباتهم - ( وبكونه صياغة واضحة تعبر عن التيار الليبرالي العريض ) ! ووصف " العريض " مقحم للتكثر ، وإلا فهم يعلمون أنهم مجرد شرذمة محدودة ، تمردت على الدين قبل الوطن .

- في ص 65 يقول : (  إن الخط الإصلاحي في القيادة يحتاج إلى الدعم الذي تقدمه له خطاباتنا للمضي في الإصلاح ) . ومثلها  قوله في ص 165  : (  رأت بعض الأطياف الليبرالية، أن الحكمة تستدعي مساندة الطرف الأكثر قبولاً بالإصلاح السياسي ) .

وهذا ذمٌ للملك عبدالله بما يُشبه المدح ، أو ذم  لأبيه الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ولإخوانه الملوك من قبله ؛ لأن  هذا الإصلاح السياسي المؤمل منه إن كان يتعارض مع الشرع فهو ذمٌ لا مدح ، وإن كان لا يتعارض فهو ذمٌ  لأبيه ولإخوانه .

- في ص 82  وصف صاحبه " الأديب " عبدالله الحامد - هداه الله - بأنه : ( الوطني الغيور والباحث الأكاديمي والذي يعد رائداً لتجديد الخطاب الديني في بلادنا ) ! ولا أدري ما هي مؤهلات الحامد ليُجدد لنا الخطاب الديني ! أو أن تجديده المزعوم وافق هوى الدميني ورفاقه ؛ فاستمتع بعضهم ببعض ؟ ولمعرفة ماعند الحامد - رده الله - يُنظر
( هذا الرابط ) و (
هذا الرابط ) . وعن تجديد الخطاب الديني انظر ( هذا الرابط ) .

- في ص 87 قال : ( المسلسل المحلي (طاش ما طاش) الذي تعرّض وباستمرار، إلى نقد خطباء المساجد وضيوف البرامج الدينية، وكان أكثر ما يغيظني تركيزهم على الفنانة زينب العسكري، لأنها الوحيدة التي تمتلك بعض مواصفات الجمال في كل برامج " طاش ما طاش " ) ! وهذه الكذبة لا تحتاج لتعليق ؛ حيث ربط التحريم بجمال العسكري !

- في ص 98 قال متحدثًا عن المحققَيْن اللذيْن حققا معه في " هيئة التحقيق " : ( وهنا سمح الشيخان لي بكتابة إجابتي، التي اختصرتها في إحالتهم إلى ما تنشره الصحف هذه الأيام، وإلى البحث الذي قدمه الشيخ عبدالعزيز القاسم والشيخ السكران، إلى مؤتمر الحوار الوطني، وإلى كتابات الدكتور حمزة المزيني، وإلى أبحاث الشيخ حسن فرحان المالكي ) !  أما القاسم والسكران - هداهما الله - فقد أخطأآ خطأ شنيعًا عندما اتهما مناهجنا بما هي بريئة منه بلغة انتقائية مغرضة ؛ لم يستفد منها سوى المنحرفين من أهل الأهواء والعلمنة . فلعلهما يُعيدان النظر في بحثهما . وتجد على
( هذا الرابط ) مناقشة لهما .  وأما المزيني والمالكي فلا قيمة لأقوالهما .

- في ص 146 أبدى تعاطفًا مع أحبابه الشيعة بقوله : ( ومما يعانيه ذلك " الشارع " من محاربة الخطاب الديني المتشدد لعقيدته ويصل إلى تكفيره أيضاً ) . وفاته - هداه الله - إن تنـزلنا معه في ادعائه أن أهل السنة غلوا في تكفيرهم للشيعة بغير مكفر - أن الشيعة لم يقتصروا على تكفير أهل السنة ، بل كفروا معهم معظم الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا . فلماذا لم تأخذه الحمية لهم كما أخذته على الشيعة ؟! وتجد على
( هذا الرابط ) المزيد .والعجيب أنه يعترف ص 167 أن جموع الشيعة في مظاهرة عام 1400 هـ : ( رفعت شعارات المطالبة بالانفصال، حيث رددت الجماهير " يا ابن سعود شيل إيدك .. ترى إحنا ما نريدك" ) ! فأين الوطنية ؟!

- في ص 157 تحدث عن اعتراض الليبراليين على أحد الخطابات التي وقعوها مع من يسمون " التنويريين " ،وهي اعتراضات مهمة لمن أراد معرفة حقيقة فكرهم وأهدافهم  ، يقول الدميني : ( حملنا "الخطاب" إلى الأصدقاء في الشرقية، واعترض بعضهم على تلك التعديلات، التي من أهمها:

أ- النص على اختيار مجلس الشورى من أهل "الحل والعقد" ، لأنه مصطلح فقهي يحصر المشاركة في رجال الدين أو المتخصصين في العلوم الشرعية، واقترحنا إضافة " أهل الرأي والخبرة " إلى تلك العبارة.

ب- تعديل حقوق الإنسان إلى حقوق الإنسان الشرعية، وهذا يخل بمفهوم توقيع المملكة على مواثيق حقوق الإنسان التي وقعتها المملكة.

ت- إلغاء كلمة " الطائفية " من عبارة إزالة كافة أشكال التمييز... وأصررنا على إضافتها.

ث-حصر حقوق المرأة في مصطلح الحقوق الشرعية، وذلك لا يشمل الحقوق السياسية للمرأة، وكذلك إلغاء ما ورد في الخطاب بشأن ضرورة العمل بما تضمنته وثيقة "عدم التمييز ضد المرأة"  من قائمة المواثيق الدولية التي وقعتها حكومة المملكة.

ج-إلغاء المحاكم الخاصة وربطها بالقضاء، ومن المعروف أن القضاة لا يمتلكون المعارف الكافية للحكم في القضايا التجارية والمالية، بل يرفضون الفصل في المنازعات البنكية، مما حدا بالدولة للخروج من المأزق، باستحداث هذه المحاكم الخاصة المستقلة عن هيمنة القضاة.

وقد عملت كل هذه الملاحظات على تأجيل التوقيع على الخطاب في الشرقية، مما استدعى حضور بعض الأصدقاء من الوسطى لحل هذه المشكلة ) .


يتضح من الاعتراضات :


1- استعمالهم لمصطلح " رجال الدين " الكنسي الذي تزامن مع العلمنة . وهو مصطلح لم يعرفه الإسلام - ولله الحمد - .

2- اعتراضهم على كلمة " الشرعية " في حقوق الإنسان ؛ وهذا دليلٌ على أن الشرع لا يُحقق لهم ما يريدونه مما يسمونه " الحقوق " ! وحكم هذا معلوم لكل مسلم .

3- تعاطفهم مع الشيعة .

4- اعتراضهم على كلمة " الشرعية " في حقوق المرأة ، وهذا دليلٌ على أن الشرع لا يُحقق لهم ما يريدونه مما يسمونه " حقوق المرأة " ! وحكم هذا معلوم لكل مسلم . وأيضًا مطالبتهم بتطبيق وثيقة " عدم التمييز .. " ، وقد علم المسلمون ما فيها من مخالفات صريحة للإسلام .

5- لمزهم وطعنهم بالقضاة . وبدلا من الاعتراف بجريمة الربا المحرم أرادوا أن يوافقهم القضاء على الرضا به .

- في ص 158 نقل قول تركي الحمد : ( إذا لم نبدأ الآن فمتى نبدأ ؟ ) . وسبق أن هذا إما ذم للملك  عبدالله أو ذمٌ لأبيه وإخوانه من قبله .

- في ص 159 أخبر بأن صاحبيه الفالح والحامد : ( زارا الشيخ عبدالعزيز التويجري - مستشار ولي العهد-، لإقناعه بإيصال النسخة إلى سمو الأمير عبدالله، فرفض، محتجاً بالأزمة المتوقعة جراء اعتزام الولايات المتحدة غزو العراق، وأنهما قاما ثانيةً بالاتصال بالشيخ التويجري، فلم يستجب ) .

- في ص 202 أثنى على منتدى " طوى " البائد ، الذي كان ينشر الكفر البواح .

- بقي أن أشير إلى كلام جيد للدميني - عسى أن يعيه أصحابه - قاله في ص 83-84 معلقًا على زيارة " كولن باول " للسعودية ومطالبته الدولة أن تُحسن معاملته وصاحبيه ! قال : " أعلن رفضي لذلك الموقف الأمريكي الانتهازي ، ذلك أن معظم المظالم الأمريكية ، وسياسة الكيل بمكيالين في التعاطي مع القضايا العربية والإسلامية تدفع بأي وطني - حتى ولو عانى من أنظمة بلاده القمعية - لكي يُعلن أن الجنة التي تعدني بها أمريكا أو تحملني إليها على بساط الريح مرفوضة ، وإن نار بلادي أرحم . ألا يخجل كولن باول من التحدث عن اعتقال الإصلاحيين في السعودية ، وهو الذي قاد حملة الأكاذيب في مجلس الأمن لإقناعه بوجود أسلحة الدمار الشامل لدى الطاغية صدام ؟ .. " . أتمنى أن يستفيد من كلام الدميني مَن استنصر بالغرب على دينه وبلاده وأهله من الليبراليين الجدد والباطنيين .


أسأل الله الهداية للدميني ومن وافقه ، وأن يردهم إليه ردًا جميلا . وأن يؤلف بين قلوبنا على " الحق " .


 

سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية