صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قبور ومشاهد مكذوبة ( 3 ) : مسجد ( السيدة زينب ) بمصر

سليمان بن صالح الخراشي

 
يجد القارئ الكريم الحلقتين السابقتين تحت هذين الرابطين :

بطلانِ نسبةِ القبرِ في النجفِ إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ

قبور ومشاهد مكذوبة ( 2 ) : مسجد ( الحسين ) بمصر ..!


أما هذه الحلقة فستكون عن ما يسمى قبر السيدة زينب بنت علي  - رضي الله عنهما - المزعوم وجوده في مصر ، وهو من القبور التي يُعظمها دعاة الخرافة ، ويصرفون من خلالها وماينسجونه عنها بعضَ جهلة المسلمين عن توحيد ربهم إلى الوقوع في البدع والشركيات ، اتباعًا للهوى ، أو طلبًا للاسترزاق المحرم .

حتى قال قائلهم - وهو  الصوفي أحمد فهمي ، صاحب كتاب " العقيلة الطاهرة السيدة زينب " في كتابه ص 61 - : " كم من مكروب نفّس الله كربته بنفحتها ، وكم من مريض عميد توالت عليه الأوصاب ، وتواترت عليه الأسقام ، وترادفت عليه الأوجاع ، فتقمص بزيارتها ثوب العافية .. " !

وقال عن " حرمها " ! ص 71  : " مازال هذا الحرم قبلة العارفين ، وأمن الخائفين ، بركاته مشاهدة مرئية ، ونفحاته عائدة على زائريه بلا مرية ... " !  وبمثل هذا الخداع وقعت أمة التوحيد فيما حُذرت عنه . "

وقد كفانا الشيخ محمود المراكبي - وفقه الله - مؤنة إبطال هذا القبر المكذوب وغيره في كتابه الصادر حديثًا بعنوان : " القول الصريح عن حقيقة الضريح " ، وألخص منه هنا مايتعلق بقبر السيدة زينب ، مع قليل من الإضافات .
 



لم يرد ذكر قبر السيدة زينب الكبرى في العديد من روايات شهود العيان من الرحالة الذين رحلوا إلى مصر، وكتبوا عن آثارها، وتحدثوا عن مزاراتها، وبالطبع أهمها مشاهد تخص آل البيت، ومن أبرز هؤلاء الرحالة : ابن جبير ، والهروي ، وياقوت الحموي ، و ابن بطوطة ، وابن دقماق المصري ، وخليل بن شاهين الزاهري ، وغيرهم .

فلا نجد عند كل هؤلاء أي ذكر لقبر يُنسب إلى زينب بنت علي بن أبي طالب، فمن أين جاء هذا القبر؟

لقد جاء ممن يسمى الرحالة الكوهيني الذي دخل القاهرة في 14 محرم 369هـ في فترة حكم المعز العبيدي ( أثناء استيلاء الدولة العبيدية الرافضية على مصر ) ، حيث زار عدة مشاهد ، وقال: " دخلنا مشهد زينب بنت علي فوجدناه داخل دار كبيرة، وهو في طرفها البحري ليشرف على الخليج، فنـزلنا إليه بدرج، وعاينا الضريح، فوجدنا عليه دربوزا،... ومكتوب على باب الحجرة هذا ما أمر به عبدالله ووليه أبو تميم أمير المؤمنين الإمام العزيز بالله صلوات الله عليه وعليه آبائه الطاهرين وأبنائه المكرمين بعمارة هذا المشهد على مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما وعلى آبائها الطاهرين وأبنائها المكرمين " .


وقد أنكر العلماء ما ورد على لسان الرحالة الكوهيني
لسبب يبرزه لنا البحاثة السابقي في كتابه " مرقد العقيلة ، ص 58 " بقوله: "إن هذا المشهد ليس للسيدة زينب ؛ إذ لو كان لها مشهد بمصر بهذه الأبهة والفخامة التي يذكرها، فلماذا اختفى عن بقية الرحالين والمؤرخين ؟ ولماذا اختفى أمره على معاصر الكوهيني : المؤرخ الكبير الذي صرف همه في تحرير حوادث مصر خاصة، وهو ابن زولاق المتوفى 388هـ، الذي كان حيا في مصر وقت زيارة الكوهيني، بينما ينكر دخول أي ولد لعلي لصلبه في مصر، ويقول إن أول من دخلها سكينة بن علي بن الحسين ؟ فالظاهر أن ما رآه الكوهيني هو مشهد زينب بنت يحيى المتوج بن الحسن الأنور ابن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب، وبه قال شيخ الأزهر الشيخ محمد بخيت المطيعي".

وتعليقًا على هذا التحليل :
إن ما رآه الكوهيني يُـثبت بما لا يدع مجالاً للشك التزوير المتعمد الذي تخطط وتنفذ له الدولة العبيدية الرافضية كي تروج لدى الشعب المصري زيارة الأضرحة ، وهي تعلم يقيناً كذب دعواها ؛ أي أن الكوهيني اطلع على لوحة كتبها الحاكم نزار بن المعز  العبيدي للترويج لحب آل البيت، كما فعل الوزير طلائع بن زريك بعد ذلك بمائتي سنة في مشهد رأس الحسين، والخطأ الذي وقع فيه الكوهيني هو تصديقه لهذه الخدعة، وترديده لها دون أن يتأملها، أو يراجعها مع علماء عصره.
 



لقد اتفقت كلمة المؤرخين على أن السيدة زينب بنت علي لم تدخل مصر، وبالتالي لم تدفن فيها، ومن هؤلاء ابن ميسر [677هـ] ، وابن تغري بردي [704هـ] ، وابن الزيات المصري [814هـ] الذي ذكر جميع المسميات بزينب المدفونات بمصر في قائمة تضم [11] ممن أسمهن زينب، وليس فيهن زينب بنت علي بن أبي طالب، وكذا تلميذه نور الدين السخاوي [814هـ] ترجم للمدفونات بمصر، وذكر منهن [4] اسمهن زينب، وليست منهن زينب الكبرى، وكذلك ابن ظهيرة المصري [891هـ]، والحافظ  السخاوي [902هـ] ، وله تأليف منفرد عن السيدة زينب الكبرى، ولم يذكر أنها دفنت في مصر، والحافظ السيوطي [911هـ] له رسالة " العجاجة الزرنبية في السلالة الزينبية " لم يشر فيها إلى سفر زينب الكبرى إلى مصر، ودفنها في أراضيها .

ولقد ذكر المقريزي [845هـ] مشهد زين العابدين يعني مشهد رأس زيد بن علي، ومشهد أم كلثوم بنت محمد بن جعفر الصادق، ومشهد السيدة نفيسة، وقال في موضع آخر: "وفي خارج باب النصر في أوائل المقابر قبر السيدة زينب بنت أحمد بن جعفر بن محمد بن الحنفية .. وتسميه العامة مشهد السيدة زينب"، وهذا التصريح منه يكشف منشأ خطأ العامة وانتشار هذا الوهم.

ولقد تأسس بناء المشهد المنسوب لزينب بعد ذلك بناء على رؤيا رآها الصوفي علي الخواص شيخ الصوفي الشهير عبدالوهاب الشعراني في القرن العاشر الهجري !

قال الشعراني: "أخبرني علي الخواص أن السيدة زينب المدفونة بقناطر السباع ابنة الإمام علي رضي الله عنه ،  وأنها في هذا المكان بلا شك" !!  ثم تابعه الصوفية الخرافيون على هذا الكذب والكشف الشيطاني .

لقد اعتمد المثبتون لرواية دخول السيدة زينب القاهرة على ما روي عن الرحالة الكوهيني – كما سبق - ، و على رسالة منسوبة للمؤرخ العبيدلي مكذوبة عليه .


ومضمون هذا :
أن زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنها، لما قدمت إلى المدينة عائدة من دمشق، جعلت تخطب في الناس وتؤلبهم على خلع يزيد والأخذ بثأر الحسين، فكتب والي المدينة عمرو بن سعيد بن العاص – الأشدق - إلى يزيد يعلمه الخبر، فرد عليه أن فرّق بينها وبينهم، فأمرها بالخروج فاختارت مصر، ودخلتها في شعبان سنة [61هـ] ، ومعها فاطمة، وسكينة، وعلي أبناء الحسين، واستقبلها الناس في بلبيس، وتقدم إليها واليها مسلمة بن مخلد الأنصاري، واستضافها في داره الحمراء، فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشرة يوماً، وتوفيت يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة [62هـ] ، وصلى عليها مسلمة بن مخلد ورجع بها فدفنوها بالحمراء بمخدعها من الدار حسب وصيتها " .

وجوابًا عن هذا يُقال :  
1- استبعاد تصدي السيدة زينب رضوان الله عليها للخطابة في الناس ،  وهي التي لم يرَ أحد من الأجانب شخصها في نور النهار، وأيضاً في وجود زوجها عبدالله بن جعفر وابن أخيها علي بن الحسين، وهو الولي الوحيد لدم أبيه، وأحق الناس به.

2-    انشغال المدينة وأهلها بأحداث عبدالله بن الزبير عن المطالبة بثأر الحسين.

3- أن مصر في ذلك الوقت كان بها مسلمة بن مخلد ومعاوية بن خديج على وجه الخصوص، وقد كانا رأس المطالبين بدم عثمان، ولم يبايعا علياً ولم يأتمرا بأمر نوابه بمصر؛ ولذلك تعدهما الشيعة من ألد أعداء علي ومن أخلص أحباء معاوية، فكيف طابت مصر لزينب أن تتخذها مسكناً لها، ثم تنـزل في داره، وتموت عنده، بل ويصلي عليها !!

4- لم يذكر أي مصدر أن زوجها عبدالله بن جعفر الطيار سافر معها، أو أذن لها بالسفر، أو زارها بعد بعد استقرارها في مصر، ولا أن أحداً من بني هاشم زارها في حياتها، ولا بعد مماتها.

5- أن كتب العبيدلي الأخرى ؛ مثل أخبار المدينة، وكتاب النسب لم تشر لما نسب إليه في وريقات رسالته " أخبار الزينبيات " ، وكثير من المؤلفين نقلوا عن كتبه كثيراً كأبي الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين، وشيخ الشرف العبيدلي في تهذيب الأنساب، وابن طقطقي في النسب الأصيلي، والنسابة العمري في المجدي، وأكثرهم تعرض لترجمة زينب الكبرى ولكن لم ينقل أحد عنه أنها ذهبت إلى مصر وماتت بها.

6- أقوال كبار المؤرخين لم تُثبت دخول زينب الكبرى مصر، ومنهم: عبدالرحمن بن الحكم ، المعاصر للعبيدلي، والمتوفى سنة 257هـ الذي ألف عدة كتب في أخبار مصر وذكر جملة من الصحابة الذين دخلوا مصر، وليس فيهم ذكر زينب الكبرى ورحلتها إلى مصر، ومعاصرة، محمد ابن الربيع الجيزي ترجم للصحابة والصحابيات الذين دخلوا مصر، وكذا القضاعي [ت:453] ، وله تأليف في مزارات مصر سماه أنس الزائرين، وابن جبير الأندلسي أثناء رحلته إلى القاهرة عام 578هـ، وهكذا ابن أسعد الجواني [ ت:600] ، وله مزارات الأشراف، وابن ميسر المصري [ت:677] ، وله كتاب في تاريخ مصر، وابن تغري بردي [ت:704] ، وكتابه النجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة، وابن دقماق [ت:792] ، وله في أخبار مصر وخططها كتاب الانتصار لواسطة عقد الأمصار، وابن الناسخ المصري [ت:800] وكتابه مصابيح الدياجي وغوث الراجي، وهو مخطوط لم يطبع بعد، وابن الزيات الأنصاري [ت:814] ، وكتابه الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة، ونور الدين السخاوي [ت:814] ، وله كتاب تحفة الأحباب، والمقريزي [ت:845] ، وكتبه الخطط وإتعاظ الحنفاء ، والقاضي ابن ظهيرة [ت:891]، وكتابه الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة، والحافظ السخاوي [ت:902] ، وله كتاب مفرد في ترجمة زينب الكبرى، والسيوطي [ت:911] ، وله كتاب حسن المحاضرة،وكتاب در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة ، ترجم فيه مئات الصحابة، وسبع صحابيات ليس فيهن زينب الكبرى، وأحمد بن محمد السلفي [ت576]  يصرح بأنه لم يمت لعلي بن أبي طالب ولد لصلبه في مصر.

 



قلت: وقد أقر بهذا الشيعي حسن الصفار في كتابه " المرأة العظيمة - قراءة في حياة السيدة زينب " ص 295وبيّن " ضعف مستند القائلين بسفر السيدة زينب الكبرى إلى مصر ، وموتها فيها " .

 وقال ص 298 : " المصدر الأساس لدعوى هجرة السيدة زينب الكبرى إلى مصر وموتها ودفنها فيها : رسالة " أخبار الزينبيات " للنسابة العبيدلي ، وحول هذه الرسالة ومؤلفها ورواتها ، وبالخصوص الرواية المتعلقة بهذا الموضوع ، حولها كلام عند أهل التحقيق سندًا ومتنًا " . ويُنظر كتاب " مجموعة وفيات الأئمة " لمجموعة من علماء الشيعة ، ص 468-469 اعترافهم - أيضًا - ببطلان دفنها في مصر .


 أخيرًا :
قال الشيخ محمد بخيت المطيعي – مفتي مصر في عصره - : " جزم كلٌ من ابن الأثير في تاريخه 4/48والطبري 6/264ومابعدها – بأن السيدة زينب بنت علي رضي الله عنه وأخت الحسين رضي الله عنه قد عادت مع نساء الحسين أخيها ، ومع أخوات الحسين بعد مقتله إلى المدينة .. ولا عبرة بمن يشذ عنهما – أي الطبري وابن الأثير - .. وعليه : فلا مدفن لها في مصر ، ولا جامع ، ولا مشهد " . ( مجلة الفتح )  . 
 



السيدة زينب حفيدة رسول الله ليست مدفونة في مصر
بل في المدينة المنورة
فتحي حافظ الحديدي
جريدة القاهرة 27/8/2004


قرأت في العدد الماضي من "القاهرة" مقالاً بعنوان: "السيدة زينب المصرية والسيدة زينب السورية" للدكتور أحمد راسم النفيس, حيث لخص فيه الرأي في موضوع دفن السيدة زينب في مصر بقوله: "كان للإمام علي بنت هي زينب الكبرى المدفونة في القاهرة على أرجح الأقوال". وحيث إني سبق وقمت بدراسة تاريخية مطولة لهذا الموضوع بحثاً عن الحقيقة المجردة وبدون أي أحكام سابقة.
الخلاصة التي خرجت بها من هذا البحث في أن "السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب لم يكن لها في مصر أي مدفن حتى القرن العاشر الهجري (16 الميلادي) والأدلة على ذلك كثيرة (رغم أن دليلاً واحداً منها يكفي لإثبات ذلك), وهي:
1- آخر ما سجله قدامى المؤرخين عن السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب هو ما أورده المؤرخ الحافظ بن عساكر في كتابه الموسوعي: (تاريخ دمشق) بأن الخليفة الأموي يزيد بن معاوية أمر نعمان بن بشر بترحيل السيدة زينب ورفاقها من الشام إلى الحجاز ويبعث معهم رجلاً من أهل الشام أميناً صالحاً في خيل وأعوان فيسير بهم إلى المدينة المنورة وقد دفنت بها كما هو ثابت في التاريخ وفي الواقع الحالي هناك, (لاحظ أن المؤرخ ابن عساكر مثل غيره من قدامى المؤرخين لم يذكر وجود شخصيتين باسم السيدة زينب).
2- أن السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب والمتوفاة في سنة 62هـ/681م, لم يكن آنذاك مكان ضريحها الحالي بالقاهرة أرضاً, بل كان جزءاً من نهر النيل, وبعد أن انتقل نهر النيل من هنا ظل مكانه مليئاً بالبرك والمستنقعات لمدة حوالي 300 سنة, فكان المكان الحالي لمسجد السيدة زينب في عصر الدولة الأموية جزءاً من بركة قارون وهي التي أخذت في التقلص, وكانت بقيتها موجودة حتى نهاية القرن 19 باسم بركة البغالة, كما أن بركة قارون كانت في موسم الفيضان تتصل ببركة الفيل, حيث كانت تسير فيهما المراكب في هذا الموسم. ولم تستعمل هذه المنطقة للسكن والمقابر إلا في عصور متأخرة نتيجة لتقوية جسور شاطئ نهر النيل, فتوقف غمرها بمياه النيل في موسم الفيضان وقد ذكر علي باشا مبارك في الجزء الأول من الخُطط التوفيقية أن خُط السيدة زينب يقع (في عصره) تحت مستوى فيضان نهر النيل بمقدار من متر إلى متر وثلث.
ومن التقاليد الثابتة في مصر منذ العصر الفرعوني وحتى العصر الحاضر أن الناس يتجنبون دفن موتاهم في المناطق الرطبة القريبة من شاطئ النيل, فكانوا يبتعدون إلى حواف الصحارى الجافة.
3- أن ثمة ضريحاً للسيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب لم يذكر في المراجع التاريخية, سواء في المراجع العامة (وبعضها موسوعي), والتي لن أذكرها هنا لكثرتها, ولا في المراجع المتخصصة في موضوع الخطط والمزارات القاهرية وهي (علي سبيل الحصر).
أ-كتاب: (مرشد الزوار إلى قبور الأبرار) لموفق الدين بن عثمان المتوفى سنة 615هـ/1218م.
ب-كتاب (مصباح الدياجي وغوث الراجي وكهف اللاجي) لابن الناسخ, الذي عاش في عصر السلطان المنصور قلاوون في عصر دولة المماليك البحرية في أواخر القرن السابع الهجري.
ج-كتاب: (الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة) لابن الزيات, المتوفى سنة 814هـ/1442م.
هـ-كتاب: (تحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطط والمزارات والتراجم والبقاع المباركات) لعلي السخاوي.
و-كتاب: (الكوكب السيار إلى قبور الأبرار) لعلي بن جوهر السكري.
وذلك رغم أن كتب الخطط والمزارات هذه قد أسهبت في وصف منطقة قناطر السباع (والمعروفة حالياً بحي ميدان السيدة زينب).
كما أن الرحالة المسلمين الذين زاروا مصر في العصور الوسطى كانوا حريصين على زيارة المشاهد (الأضرحة) الشهيرة سواء لغرض السياحة أو لغرض التبرك بها, ومنهم:
أ-الرحالة ابن جبير: وقد عدد في كتابه عن رحلته التي كانت في القرن السادس الهجري مشاهد الشريفات العلويات المدفونات بالقاهرة, لم يذكر بينهما ضريح السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب, رغم أنه ذكر ضريحاً آخر للسيدة زينب بنت يحيى المتوج بن زيد.
ب-الرحالة محمد العبدري: وقد جاء مصر في سنة 688هـ/1289م. حيث زار مزارات: الإمام الشافعي والسيدة نفيسة والجمجمة المنسوبة للحسين بن علي.
ولكنه مثل غيره من زوار مصر لم يذكر ضريح السيدة زينب بنت الإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء.
4- حدث في أواخر عصر دولة المماليك الجراكسة أن نشات مقولة شعبية بأن السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب مدفونة بالقاهرة. وقد قام بنشر هذه المقولة طائفة الأدباتية والمداحين الذين يجوبون المقاهي والموالد للارتزاق, وهذه الطائفة كانت تقوم بتأليف المواويل التي تجذب الناس إليهم.
ولكن اختلفت الأقاويل في تحديد مكانها (مثلما فعلوا أيضاً في الأضرحة الوهمية للسيدة فاطمة النبوية) فكانت هناك مقولة بأن السيدة زينب مدفونة بقبر قرب قناطر السباع, ومقولة أخرى بأنها مدفونة بقبر في جبانة باب النصر.
وقد أرجع هذه الأوقاويل مؤرخ المزارات المسمى ابن الناسخ إلى الرؤيا أي الحلم, فقال في صفحة 304 من كتابه المخطوط: (مصباح الدياجي وغوث الراجي وكهف اللاجي): (قبور الرؤيا من النساء مثل زينب الذي بقناطر السباع وزينب الذي بباب النصر وخديجة وعاتكة وصفية..).
5- أما أول نص مكتوب يعلن عن نسبة هذا الضريح إلى السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب فقد ورد في حكاية سجلها الشيخ عبد الوهاب الشعراني (المتوفى سنة 973هـ/1565م) في بعض كتبه مثل كتاب المنن الكبرى, أي بعد حوالي تسعة قرون من وفاة السيدة زينب!!! فقد حدث في سنة 935هـ/1528م أن حلم أحد الأشخاص وهو علي الخواص بأن السيدة زينب بنت السيدة فاطمة الزهراء والإمام علي بن أبي طالب مدفونة قرب قناطر السباع, فأخبر الناس بذلك وأصبح يداوم على زيارة هذا القبر البسيط وتنظيفه والعناية به.
وهكذا بدأ هذا الضريح في الازدهار ببطء بينما أخذ الضريح المنافس له والموجود بجبانة باب النصر في الاندثار بعد أن حسم علي الخواص المنافسة بينهما.
6- بعد ذلك ابتدئ في تأليف مرويات حديثة لتتفق مع الوضع الجديد بغرض تدعيمه, وأرجعوا هذه المرويات والتي طبعت في كتيبات شعبية إلى عصور قديمة, بل حدث إدعاء بوجود مخطوط (لا وجود له) للعبيدلي, يشرح فيه رحلة السيدة زينب إلى هذه المنطقة.
علماً بأنه لم يذكر أحد من الباحثين) رغم كثرتهم في مصر وخارجها) أنه قرأ هذا المخطوط نفسه والتحقق منه, بمن فيهم المصدر الوحيد لهذا الكلام المزيف وهو حسن قاسم, وربما قد دس عليه, علماً بأن فهارس المكتبات العامة التي بها مخطوطات أصبحت معروفة ومتداولة ومتاحة تماماً لكافة الباحثين دون حاجة إلى الترحال كما كان يحدث سابقاً.
7-منطقة حي السيدة زينب الحالي, بالإضافة إلى كونها جزءاً من نهر النيل إبان وفاة السيدة زينب فإنها كانت تتناثر حول شاطئها هنا الكنائس القبطية والتي كانت تعرف بكنائس الحمراء (مثل كنيسة الزهري الشهيرة), رغم المعروف عن العرب المسلمين في العصور الأولى من الفتح الإسلامي أنهم التزموا بالسكنى في أحياء إسلامية خاصة بهم (الفسطاط –العسكر – القطائع – القاهرة الفاطمية). كما أنه من الثابت أن دار والي مصر آنذاك مسلم بن مخلد الأنصاري كانت في مدينة الفسطاط عاصمة مصر آنذاك, والتي تبعد كثيراً عن المكان الحالي لضريح السيدة زينب. (قال مؤلفو المخطوط المزعوم إن السيدة زينب دفنت في دار والي مصر المذكور).
8- في القرن 19 لخص العلامة علي باشا مبارك هذا الموضوع, عند حديثه عن مسجد السيدة زينب في الجزء الخامس من الخطط التوفيقية, في قوله: (ثم إني لم أر في كتب التواريخ أن السيدة زينب بنت علي رضي الله عنهما جاءت إلى مصر في الحياة أو بعد الممات). والمقصود بعبارة بعد الممات هو نقل وفاتها.

والجدير بالذكر أن التاريخ قد سجل الكثير من مثل هذه الواقعة, حتى أنه لتكرارها نشات تسمية مصطلح, مشاهد الرؤيا (أي أضرحة الأحلام) وقد أخذ الناس بها لأنها تتفق مع تمنياتهم فمن مشاهد الرؤيا أيضاً:

1-ضريح الإمام جعفر الصادق, بشارع الصنادقية, قرب الأزهر, وذلك رغم وقوع المقريزي ومن بعده علي باشا مبارك في وهم أنه مدفون به, والحقيقة أنه مدفون في المدينة بالحجاز.
2-ضريح السيدة فاطمة أم الغلام بنت الحسين بن علي, بمسجد أم الغلام, بالجمالية والحقيقة أن المدفون به هو السيدة بدرية, وقد أنشأه لها ابنها محمد بن بردبك.
3-ضريح للسيدة رقية بنت الإمام علي, بشارع الخليفة.
4-ضريح لأبوأيوب الأنصاري بشارع البيومي والحقيقة أنه مدفون بالقسطنطينية (استنابول).
5-ثلاثة أضرحة للسيدة فاطمة النبوية في منطقة قسم الدرب الأحمر لوحدها:
الأول: بحارة فاطمة النبوية, قرب السور الشرقي لمدينة القاهرة.
الثاني: بشارع تحت الريع, كما ذكر علي مبارك في الجزء الخامس من الخطط التوفيقية.
والحقيقة أن المدفون به امرأة تدعى فاطمة الشقراء, وقد أخذت بهذا الرأي مؤخراً هيئة الآثار.
الثالث: بسكة النبوية, المتفرعة من درب سعادة, شرق مديرية أمن القاهرة, هذا بالإضافة إلى أضرحة أخرى للسيدة فاطمة النبوية في قسم الوايلي وغيره, كما توجد مشاهد رؤيا أخرى كثيرة في مصر نسبت إلى شخصيات أخرى.
 



يحسن بالمسلم أن يطلع على هذه الكتب :

1- عبرات تُسكب على التوحيد .. للشيخ ممدوح الحربي  :
لمعرفة أثر القبورية السيئ على الأمة الإسلامية .
2- القـبـوريـة .. للشيخ أحمد المعلم  :
لمعرفة دور الرافضة والصوفية في نشر القبورية بين المسلمين . 
3- اركب معـنا .. للدكتور محمد العريفي  :
لمعرفة أهمية التوحيد وخطر الشرك .
4- المسالك والحلول ..  للدكتور عبدالعزيز  آل عبداللطيف :
لمعرفة كيفية علاج القبورية .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية