صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سفر الحوالي... نموذج للوعي المبكر

د.محمد العوضي

 
في عام 1987 رحلت إلى مكة المكرمة لأكمل دراساتي العليا في العقيدة الإسلامية والمذاهب الفكرية، في جامعة أم القرى,,,، وكانت تلك الفترة من أكثر المراحل الزمنية التي أثْرَت عقلي معرفيا بسبب التفرغ التام في مكة المكرمة التي تزخر جامعتها بأساتذة وطلبة وعلماء من أقطار العالم الإسلامي، فيحصل التفاعل الثقافي على مدار الساعة، اضافة الى ان مكة مهوى العابدين والمؤتمرات الإسلامية الكبرى، ما يمكن المرء من الالتقاء بالنخب المتنوعة، التي سمعنا عن بعضهم وقرأنا لبعضهم وتعرفنا على ما لم نعرفه من قبل,,, ومن هؤلاء كان الدكتور سفر الحوالي، استاذ العقيدة في جامعة أم القرى، وكان شابا يتدفق نشاطا في الدعوة والقراءة، تجمع ثقافته بين الأصالة والمعاصرة، حيث كانت رسالته في الماجستير عن العلمانية، أشرف عليها محمد قطب وكان أحد أعضاء لجنة المناقشة الشيخ محمد الغزالي وقد نال عنها درجة الامتياز مع التوصية بالطبع، وطبعتها جامعة أم القرى، وموضوع الدكتوراه كان في دقائق مسائل العقائد وعلم الكلام (فكر الإرجاء),,, في تلك المرحلة كان الجهاد الأفغاني في أوج مراحله، وكانت مشاعر المسلمين، وبالأخص جماعات العمل الإسلامي، تدفع باتجاه أفغانستان، وكانت الحكومات تبارك هذا الخط، وكان رمز تلك المرحلة في عالمنا الاسلامي الدكتور عبدالله عزام رحمة الله عليه,,, الذي يطوف بلاد المسلمين ويدعو الناس لنصرة الأفغان ورد جحافل الروس، وجاء عزام الى مكة في عام (88 - 90) وحضرت وليمة كبيرة في منطقة العوالي بمكة لعبدالله عزام حضرها المئات، ولأول مرة أسمع فيها جدلا علميا سياسيا قويا على هامش اللقاء مع عزام وكان يدور حول رأي الدكتور سفر الحوالي في تجنيد الشباب لأرض الأفغان، حيث كان الحوالي - شفاه الله - يدعو الى استيعاب الأوضاع السياسية ومعرفة دور القوى الدولية المتنافسة واستشراف ما بعد خروج الروس، وكان يتوقع الاشكالات التي سوف تحل بأرض الأفغان، والمشاريع التنموية الغربية المرسومة لبناء افغاني علماني هش,,, وكان يناقش مسألة وجوب الجهاد هناك مناقشة علمية مطولة,,, ولقد حصل أكثر مما توقعه الشيخ الحوالي,,, كان منطلقه في تلك المناقشات من باب الحرص على الدعوة والدعاة وخشية وقوع الشباب والجهاد برمته في فخ خطير، وهذا ان دل على شيء فـإنما يدل على وعي مبكر فات أكثر الدعاة والجماعات,,, بقي ان أروي ما سمعته من الشيخ ونشرت بعضه قديما حول العمل الاسلامي المسلح، واساءة البعض فهمه في موقفه من الاستعانة بالأجانب في حرب الخليج, لقد بلغ عدد الاستفسارات عن الشيخ بعد مرضه مليونين، وهكذا يكشف المرض علو قدر العلماء من أهل البصيرة والوعي في قلوب المؤمنين.


المصدر - صحيفة الرأي العام الكويتية
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سفر الحوالي
  • كتب ومحاضرات
  • مقالات ورسائل
  • مطويات دعوية
  • الصفحة الرئيسية