صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







رحم الله الشيخ عبدالله الغديان

عمر بن موسى بن محمد الحافظ


بسم الله الرحمن الرحيم


إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنه بأجل مسمى .
أنشبت المنية أظفارها بجسد شيخنا العلامة الفذ والعيلم الجهبذ/ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق الغديان التميمي – رحمه الله – والذي نشأ منذ نعومة أظفاره نشأة علمية في بيت كريم نبيل, وترقى بعدئذ في مناصب عديدة لم تشغله عن طلب العلم وبذل التعليم إلى أن وصل رحمه الله إلى منصب ازدان بالشيخ وازدهى ألا وهو عضو هيئة كبار العلماء باللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد مع مشائخه ابن باز وعفيفي – رحم الله الجميع -.

لا بأبــــــــي مــن كان نوراً مجسّدا --- يفــيـــــــــض علينا بالنـــعيـم رواؤه
ثوى برهة في الأرض حتّى إذا قضى --- لبانته منـــــــــــها دعتــــــه سمــاؤه
ومــــا كان إلا كوكبـــــا حل بالثرى --- لوقـــــــت ، فلمــــــا تم شال ضياؤه
نضـــــا عنه أثواب الفناء ، ورفرفت --- إلى الفلك الأعـــــــــلى به مضواؤه
فأصـــــــبح في لج من النور سابحاً --- سواحــــــــــــله مجهولة وفضــاؤه
تجرّد من غـــــــمد الحوادث ناصعاً --- وما الســـــــــيف إلاّ أثره ومضاؤه
فإن يك ولّى فـــــــــــــهو باق بأفقه --- كنـــــــــــجم يشوق الناظرين بهاؤه
ولولا اعـــــــــتقادي أنّه في حظيرة --- من القدس لا ستولى على الجفن ماؤه
عليــــك ســــــلام من فـــؤاد نزا به --- إليـــــــــك نزاع أعجز الطب داؤه

ورغم أنني لم أشرف بالمكث طويلاً في دروس شيخنا رحمه الله إلا أنني أفدت كثيراً من سمته وهديه أكثر من علمه رحمه الله حيث كانت دروسه التي يشرحها لم تكن لأمثالي ولا لأمثال أمثالي, لكنني كنت آبى إلا أن أكون مع العلماء وطلبة العلم لعلي أن أحشر معهم. ولسان حالي كقول القائل:-

أسير خلف ركاب النجب ذا عرج --- مؤملا كشف ما لا قيت من عوج
فإن لحقت بهم من بعدما سبقوا --- فكم لرب الورى في ذاك من فرج
و إن بقيت بظهر الأرض منقطعا ---- فما على عرج في ذاك من حرج

ولقد كان أبرز ماأثر بي في حياة الشيخ رحمه الله:-
1-الزهد والتواضع
يعرف ذلك كل من عرف الشيخ رحمه الله أو قابله وكأني به رحمه الله يمثل قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " البذاذة من الإيمان" رواه أحمد وقوله صلى الله عليه وسلم " من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه ، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها" رواه الترمذي وماذاك منه رحمه الله إلا أنه من الرعيل الأول الذين آثروا التفرغ للآخرة ولم يكن للدنيا كبير منزلة في قلوبهم ولم تكن المناصب تؤثر فيهم بل لم يكن ترقيهم في مراتب الدنيا إلا دافعا لهم للمزيد من التواضع حتى إنك لو تخبر بأن ذاك هو العلامة ابن غديان لما عرفته فما هيئته إلا كرجل من أفراد المسلمين رحمه الله.

2-بذل العلم للصغير والكبير
رغم الحدة التي كانت تعتري الشيخ رحمه الله إلا أنه كان إذا رآني ضحك في وجهي وأجابني عن كل ما أسأله رغم حداثة سني وما ذاك إلا لفضله وتواضعه ولسان حاله رحمه الله قول ابن مسعود رضي الله عنه فيما رواه عنه ابن ماجه "مرحبًا بوصية رسول الله ".. حيث كنت أتردد عليه في مكتبه بالإفتاء وفي مسجده بالافتاء بعد الصلوات وأشغله بالسؤال عن بعض المسائل فكان بادئ ذي بدء لا يعيرني اهتمامه لكنه عندما رأى صبري وعرف جديتي أصبح يستقبلني بابتسامته الأبوية الرائعة ويجلسني عنده بالمكتب ويدلني على المراجع العلمية الملائمة, ولا زلت أتذكر أول المراجع التي أحالني عليها ألا وهو ( نيل الأوطار ) الأمر الذي أثر فيّ كثيراً وزاد محبتي للعلم وأهله.كيف لا وشيخي هو العلامة الأصولي ابن غديان عضو هيئة كبار العلماء رحمه الله.

3-التأصيل والمنهجية والتقعيد

وهذا الأمر يعرفه القاصي والداني عن شيخنا الجليل رحمه الله كيف لا وهو العمدة والمرجع في علم أصول الفقه وقواعده حيث كان يفد إليه كبار طلبة العلم والقضاة إذا ما أشكل عليهم شئ في ذاك الباب أو سواه وماذاك إلا لطول باعه رحمه الله وكنت عندما أستمع إلى فتاواه عبر برنامج نور على الدرب ألمس ذلك جليا غيري فلايضع الشيخ الكلمة إلا في مكانها مدركا أبعادها ومآلاتها لا كبعض المفتين في زماننا هذا ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .

فتىً عاف المشارب من دنايا --- وصان عن القذى ماء المُحيّا
أبيُّ النفس في زمن إذا ما ---عجمت الناس لم تجد الأبيّا
تعوّد أن يراه الناس رأساً ---وليس يرونه الذنب الدنيّا
حياة معلِّمٍ طفئت وكانت ---سراجاً يعجب الساري وضَيّا
سبقتُ القابسين إلى سناها --- ورحت بنورها أحبو صبيّا
أخذت على أريبٍ ألمعيٍ --- ومن لك بالمعلم ألمعيّا

ألا رحم الله الشيخ ابن غديان رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنان, وأخلف على أمة الإسلام بالخلف الجزيل, إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها .


وكتبه
عمر بن موسى بن محمد الحافظ
داعية متعاون بوزارة الشؤون الإسلامية فرع منطقة الرياض
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
عضو جمعية المكتبات والمعلومات السعودية
oalhafiz@gmail.com




 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية