اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/arabic/705.htm?print_it=1

السياسة التركية ودور جماعة جولن

محمد الأخرس


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


الأحداث التي شهدتها الساحة التركية مؤخراً أشاحت من جديد عن طبيعة الصراع التاريخي والعراك الحاصل حول الهوية الإسلامية في تركيا حيث رأينا يقظة الشارع العلماني والأطراف الشيوعية المتطرفة وخروجها إلى الشارع وكيف تملك الغل والحسد قلوبهم ,فكانت هذه التحركات نتاج شحن استمر عدة سنوات وإحتقان داخل ذاك الصف الذي كان يراقب إنجازات حزب العدالة والتنمية من بعيد دون أن ينبس ببنت شفة, إلا أن التطورات السياسية الأخيرة وتصلب تركيا في بعض القضايا وإنحيازها إلى بعض المواقف أثار عدم رضا وضجر بعض الدول التي وجدت نفسها معنية بتحريك الدولاب من جديد داخل الشارع التركي , لتحقيق بعض الأهداف ولإظهار صورة معينة عن الدولة التركية الصاعدة, فحاولت هذه الدول مع المعارضة العلمانية إنجاز هذا الآمر الذي يؤمن كلا الطرفان فيه بإستحالة إسقاط الحكومة، ولكن القصد هو عرقلة تطور وصعود تركيا وإشغالهابنفسها وكبح جماح السيطرة والنفوذ عند حزب العدالة والتنمية.
الشرق والغرب التقيا على إنجاز هذا الآمر، حيث دول أوروبا التي لم يرق لها المشاريع التركية الأخيرة وخاصة بناء المطار الثالث داخل إسطنبول وما سيوفره ذلك من فرصةكبيرة لشركة الطيران التركية لتوسع نفوذها ولتزيد من قدرتها على إستيعاب عدد أكبرمن المسافرين، وكذلك مشروع الجسر الثالث الذي سيشكل خرقاً للإتفاقيات التي وقعت من قبل مع أوروبا وسيرفع من بعض القيود المرفوعة على حركة الملاحة التركية , وأما أمريكا فيبدوا أنها تحبذ أن تتقوقع تركيا في زاوية معينة في ما يتعلق بالسياسة الدولية والطريق الأمثل لذلك هو إشغالها بساحتها الداخلية ، وأما عن الموقف الإيراني فسوريا تشغلها وتقض مضجعها ، فبعدما فشلت إيران في إدامة الصراع معالإرهابيين الأكراد والدولة التركية حيث كشفت بعض قيادات حزب العمل الكردستاني عنإستعداد إيران لتزويدهم بالسلاح الثقيل مقابل إفشال إتفاقات السلام التي وقعتمؤخراً , اتجهت لتلعب على وتر الأقليات من جديد بالتواصل مع العلويين الأتراك الذين يعترفون بوجود من يسعى لإشعال هذا النوع من الصراع الطائفي داخل تركيا .

في ظل هذه التطوافة السريعة حول السياسة التركية كان لا بد من الإشارة إلى طبيعة التكتلات داخل الساحة التركية وإصطفافاتها المختلفة تجاه الأحداث الأخيرة وهي بشكل عام تنقسم إلى ثلاثة أقسام أولهما معارض بالقطعية لهذه التحركات وهو متمثل بالطرف الإسلامي التركي التاريخي المتشكل من صلب الشعب التركي والذي يغلب عليه البساطة والمتمركز في القرى ومدن الشرق وكذلك الأوقاف الإسلامية المستقلة عن نفوذ الجماعات الكبرى وكذلك بعض رجال الأعمال والشخصيات التي تعمل مع حزب العدالة والتنمية وكذلكالحركة القومية التركية -وكان هذا مثيراً للإستغراب- فهي تعتبر من أشد المعارضين لسياسة العدالة والتنمية وخصوصاً فيما يتعلق بالمشكلة الكردية فقد هددت الحكومة من قبل وخرجت في مظاهرات حاشدة ضدها , أما على صعيد الحركات الإسلامية والجماعات بشكل عام لم يشارك أياً منها في التظاهر واكتفى البعض بالدعوة للتعقل وعدم التوجه للعنف .

في المقابل برز حزب الشعب الجمهوري – أكبر أحزاب المعارضة التركية – في الواجهة حيث أبدى دعمه لهذه التظاهرات وشارك رئيسه كمال كيليجدارأوغلو فيها من خلال زيارته لميدان التقسيم بإسطنبول وكذلك شهدت الإحتجاجات مشاركة الأحزاب اليسارية والتي سبب مشاركتها إنفضاض جزء من المعارضة عن هذه التحركات وشهد التقسيم حضور بعض مؤيدي حزب العمال الكردستاني .

أما الطرف الثالث الأكثر إثارة للجدل والذي لطالما فاجىءالجميع بمواقفه السياسية المختلفة فهوالجماعة التركية ذات النفوذ الأوسع داخل تركيا جماعة الخدمة أو ما تعرف بجماعة فتح الله جولن فكان موقفها يتصف بالسلبية والتحريض على سياسات أردوغان من خلال كُتابالجماعة المختلفين , فكان هذا الموقف مثار إستغراب المراقبين الذين لطالما عدواالجماعة من مساندي العدالة والتنمية ومن أسباب قوته وسيطرته داخل الدولة , ولفهم مواقف الجماعة وطبيعة العقلية الخاصة بها في التعامل مع الأحداث السياسية ففضلت ترجمة إحدى الدراسات التي تتناول الجماعة للباحث التركي خولوصي شان ترك الذي رصد أهم المواقف السياسية مع إطلالة سريعة على بنية وتاريخ الجماعة .
بعد وفاة الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي خرجت إلى الساحة التركية عدة جماعات اتخذت من منهج الأستاذ وكتبه أساساً لها تقوم وتنشئ أفرادها بناء عليه واخذت هذه الجماعات اسم " جماعات النور " وحظيت بإحتضان وإلتفاف ملحوظ من الشباب الأتراك .
إلاأن هذه الجماعات تمايزت فيما بينها واستقلت كل منها عن الأخرى لتتفرع إلى ما يزيد عن عشرة جماعات كان أبرز هذه الجماعات هي جماعة الأستاذ فتح الله جولن والتي خرجت عن جماعة القراء ( okuyucular) .

جماعة فتح الله جولن **

شهدت مدينة أزمير التركية بداية نشاط جولن الذي كان محسوباً على جماعة النور وعلى وجه التحديد جماعة آسيا الجديدة أو القراء إلا أنه ومع الوقت بدأ بالإستقلالية والعمل بشكل منفصل عن الجماعة حيث كان يعمد إلى تقديم خطبه الخاصة على رسائل النور داخل البيوت التابعة للجماعة, ما آثر امتعاض الجماعة منه إلى أن وصل بهم الأمر إلى الإنفصال التام كما سنبين ذلك في مستقبل الحديث عن الجماعة . .
ولدفتح الله جولن في السابع والعشرين من نيسان لعام 1941 في مدينة أرض الروم , وكان والده إمام القرية التي نشأ فيها , وفي عام 1958م بدأ جولن الوعظ في مدينة أدرنة ومن ثم في عام1966م تم تعيننه بشكل رسمي للعمل في مراكز القرآن بأزمير ومن هناك بدأ بوضع أساسات شبكة البيوت التابعة له بشكل منظم .
في شهر مارس من عام 1971 تم إعتقال جولن لمدة ستة أشهر بعد تدخل الجيش في الحياة السياسية فيما يعرف بـ انقلاب "بمذكرة" حيث أصدر الجيش تحذيرا للحكومة باستعادة النظام بعد أشهر من قتال الشوارع بين اليساريين والقوميين .
بعد الإفراج عن جولن عاد للعمل مجدداً في أزمير إلا أن الخلافات والاحتكاكات تواصلت بينه وبين جماعة النور مما استدعى تدخل الأستاذ محمدكوتلولار أحد القيادات التاريخية لجماعة النور ولكنه لم يوفق في الوصول بهم إلى نقطة تفاهم وإتفاق .
في العام 1973م تطورت العلاقات بين جولن وحزب السلامة الوطني – التابع لأربكان – على أثر تأييد الجماعة للحزب في الانتخابات , وكان من نتائج ذلك تقديم حزب السلامة الدعم لنشاطات جولن وجماعته , ففي العام 1976م تم تأسيس وقف معلمي تركيا ومن ثم وقف آك يازلي للتعليم العالي والمتوسط وكلاهما كانا يتبعان لجماعة جولن , وتم البدء بنشر وتوزيع مجلة "الرشْحة" من خلال وقف معلمي تركيا .
العلاقات الحميمية التي جمعت بين الطرفين سرعان ما آلت إلى الإنهيار في العام 1980م وذلك بعد أن صدر عن جولن تسجيل صوتي ينتقد فيه الحزب , مما دفع بالحزب إلى إظهار رد فعل حازم وموقف شديد من الجماعة وتبع ذلك جمع جميع نسخ ذلك التسجيل من مراكز بيع التسجيلات في تركيا .
وبعد فترة وجيزة شهدت الساحة السياسية التركية إنتكاسة جديدة بتدخل الجيش وسيطرته على الحكم في 12 أيلول من العام 1980 م .
صاحب الفعاليات والنشاط المحموم داخل أزمير جولن ما أن توارد إليه نبأ الإنقلاب حتى وصلته معلومات تفيد بوجود نية لإعتقاله فتوجه بشكل سريع إلى مدينة أرض الروم , وفي نفس العام تم نقله للعمل إلى مدينة شنكلي إلى أن قدم إستقالته من العمل في العام 1981م .

تأييد الجماعة لإنقلاب 12 أيلول . **

على الرغم مما تعرض له جولن وجماعته من العسكر إلا أنه أعلن تأييده للإنقلاب , ففي الوقت الذي كانت فيه صور جولن معلقة وموزعة على مراكزالأمن بحثاً عنه، كان جولن يعلن وقوقه إلى جانب العسكر في خطواتهم , ففي مجلة" الرشحة " الناطقة باسم الجماعة وضعت العناوين الرئيسة مادحةً للجيش وكُتبت المقالات التي تُظهر التأييد والدعم له , ففي العدد الذي صدر عن المجلة في شهر إيلول عام 1980م كتب جولن هذه الكلمات بحق الجيش " نعم هانحن الآن , في ظل ألف حب وأمل , فيما نعده إشراقة إنتظار هذا العصر , حيث الإنبعاث الأخير , في وجود وبقاء آخر محطاتنا , عند النقطة التي اُستهلك عندها جهدنا , مرة أخرى أقف لألقى بالسلام إلى أولئك المحمديين الذي هم في إمدادهم وسندهم لنا كمثل الخضر " عليه السلام " . قاصداً الجيش التركي في كلماته .
ومن ثم أعلن جولن تأييده السياسي لحزب الوطن الأم وهو حزب قومي تركي من اليمين كان يقوده تورقوت أوزال – والذي تم تسميمه لاحقاً - , وشهدت هذه الفترة تمدداً وإنتشاراً واسعاً للجماعة , فارتفعت نسبة تداول مجلة " الرشحة " , وارتفعت وتيرة إفتتاح بيوت النور التابعة للجماعة وعلى وجه الخصوص في مناطق وسط الأناضول حيث شهدت تلك المناطق بناء نفوذ قوي للجماعة .
فتح الله جولن في لقاء مع قناة دي التركية في حوار مع أحد الكُتاب القوميين الأتراك حيث كان ضيفاً عنده في البرنامج حول علاقته بنجم الدين اربكان فيجيب الأستاذ جولن بالتالي" أنا لم أتمكن من محبة هذا الشخص , الله خلق الأرواح , وبعض هذه الأرواح تتألف فيما بينها فتتحاب وتتحدث مع بعضها البعض في هذه الدنيا , إلا أن هذه الأراوح حينما خلقت لم تتوافق "
تصريحات جولن حينما أطلقها كان وقعها شديداً على حركة الرؤية الوطنية – التابعة لأربكان – إلاأن أربكان تعامل معها بشكل عقلاني وسياسي ولم يفتح جبهة ضد جولن , وبدلاً من إنتقاده أجاب للجرائد والصحف قائلاً " نحن نلتقي معه في كل يوم خمس مرات" , فكان قصد أربكان في تصريحه إن لم تكن روح جولن تلتقي معنا فنحن نلتقي معه كل يوم خمس مرات في صلواتنا .
في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة التظاهرات والإحتجاجات في تركيا ضد التضييق على لبس الحجاب خرج جولن من جديد في تصريح أعلن فيه أن الحجاب من الفروع مما دفع بالإسلاميين لإظهار ردة فعل تجاهه دفعته لتغيير بعض مقولاته , وفي تلك الفترة التي شهدت هذه الإحتجاجات أصدرت جماعة جولن أمراً للفتيات المحجبات المرتبطات بالجماعة بضرورةخلع الحجاب والدخول إلى الجامعات بدون حجاب , مما دفع بالإسلاميين الأتراك لإنتقادجولن ووصفوه بكاسر المقاطعة ومفشل الإحتجاج .

لم تكن هذه المرة الأولى التي يكون فيها الحجاب محور الخلاف بين الإسلاميين الأتراك وجماعة جولن فمن قبل وحينما كانت الإحتجاجات من أجل الحجاب في عام 1989م , خرج جولن منتقداً المظاهرات التي كانت تخرج فيها المحجبات مشياً على الأقدام وادعى حينها أن أكثر أولئك المتظاهرين هم من الرجال ممن تلبسوا بأثواب النساء والفئة الباقية نساء متبرجات , وأشار إلى أن المتواجدين في تلك المظاهرات هم من الشيوعيين , وفي إحدى خطبه في ازمير تحدث جولن حول المحجبات المتظاهرات في ميدان البيازيت قائلاً "ارفعوا الأغطية عنهم , وسيخرج من تحتها رجال بشوراب ! " , وبالتزامن مع ذلك أخذ يظهر الطلبة المنظمين لتلك الفعاليات على أنهم إستفزازيين , وبذلت جريدةالزمان – التابعة للجماعة – جهد واسع في إثبات صحة هذه الإدعاءت .
ومن ما أخذ على جولن من قبل الإسلاميين الأتراك أيضاً إحدى تصريحاته التي أدلى بها أثناء حرب الخليج حينما ألقى العراق على "إسرائيل " عدة صواريخ حيث قال جولن على أثرها " أنه بكى لحال الأطفال الإسرائليين " وحينها خرج أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في حركة الرؤية الوطنية ضد جولن قائلاً " لا يحق لأي مسلم ,ولا لأي عالم , حينما يقتل أطفال المسلمين في العراق وحينما ينتهك عرض عائشة هناك أن يبكى على أطفال اليهود , العار لمن فعل هذا !! "

فتح الله جولن في فترة التسعينيات إختار الإبتعاد عن حزب الرفاه والبقاء قريباً من سياسات الدولة, وعلى ذلك اعتبر أن حركته ستكون في مأمن من أي تحرك من قبل الجيش في المستقبل ,إلا وأنه مع ضربة وإنقلاب الـ 28 شباط أخذت الحركة نصيبها , فرفع قاضي محكمة أمن الدولة بأنقرة قضية ضد الجماعة اتهم فيها جولن بالعمل على تشكيل تنظيم سري يعمل على هدم الدولة وتحت هذه الذريعة تم طلب جولن للمحاكمة , وفي العام 2000م تم رد الدعوة والطلب من قبل المحكمة ذاتها ,هذه التطورات دفعت برئيس الأركان في ذلك الوقت للتصريح أمام الشعب بأن جماعة جولن كانت قد خططت للإضرار بالدولة وادعى أن داخل القضاء من هم مؤيدون ومساندون لهذه الجماعة حيث أنه وعلى أثر ذلك تم رد طلب إعتقال جولن من قبل المحكمة .
وفي يناير عام2003 م طلب القاضي بإنزال حكم الإعتقال لمدة 10 سنوات بحق جولن , في ظل كل هذه التطورات كان جولن مقيماً في الولايات المتحدة الأمريكية وكان في تلك الفترة ينتظر أن يناله شيئاً من التخفيف أو أن يتم التجاوز عنه بناء على ما قدمه من دعم للجيش من قبل في إنقلابه حيث أنه كان قد خرج إلى أمريكا في العام 1998 م تحت ذريعةالعلاج من مرضى السكري , ومن ذلك الوقت لم يعد إلى تركيا.

الدعوة التي رفعها قاضي أمن الدولة ضد الجماعة وأهدافها وخططها كانت على الشكل التالي :


" الهدف: تأسيس حكم ثيوقراطي إسلامي ديكتاتوري داخل كافة مؤسسات الدولة , والعمل على تمويه الأفكار الإسلامية بالأصول الديمقراطية . تتخذ الجماعة من مدارسها في الخارج والداخل وسيلة لتسويق نفسها لقسم مهم داخل المجتمع , وكذلك عبر الإلتقاء بالبابا , ومن خلال إظهار جولن كقائد روحاني وملهم للمسلمين في العالم وليس في تركيا فحسب , والسعي للسيطرة على النظام في الدولة من خلال الوصول إلى بعض الأحزاب السياسية والأفراد وبعض الهيئات والعاملين في مؤسسات الدولة, هذا وتعتمد البنية الدينية والسياسية للجماعة على مصدر دعم مالي مستمر غير معلوم , وتعتبر أكثر الجماعات الرجعية نفوذاً داخل الدولة"
"الإستراتيجية : بنية الجماعة القائمة على الأوقاف والمدارس ومراكز التعليم الخاصة تُستخدم لتخريج فئات من الشباب المتعلم. التمدد داخل مؤسسات الدولة على كافة أشكالها ومنها وزارة التعليم وتشكيلات الشرطة والأمن , في تركيا وخارج تركيا العمل على تنشئة شباب سياسي متعاطف مع الإسلام , العمل على نقل أفكار جولن للطلاب في البيوت والمدارس والمخيمات بواسطة أساليب غسل الدماغ , وكذلك جعل جولن ممثلاً عن الإسلام من خلال حوار الأديان الذي بدأه مع ممثلي الأديان السماوية حيث تم إنشاء" إتحاد الأديان " فعلى الصعيد الدولي فتح بذلك أولى صفحاته وبرز بشكل رسمي , وللوصل إلى مرحلة الشريعة أولى جولان إهتماما خاصاً بقسم الشباب حيث يتم العمل على ربط الشباب بشخصية جولن وعبر ذلك يتم تغيير المجتمع "
" البنية وجسم الجماعة : على رأس الجماعة فتح الله جولن , ومن ثم هيئة الإستشارة , أئمة المدن , الأئمة المشرفين على متابعة رجال الأعمال , الأئمة مسؤولو المناطق , الأئمة في البيوت ,والأئمة المسؤولون عن متابعة الأفراد , وهذا فقد أولى جولن أهمية خاصة لتنظيم الطلاب داخل الجماعة , فإحضار الطلبة الناشئين إلى بيوت النور ومن ثم إيصالهم لمرحلة التسليم لجولن هو جوهر وأساس العمل الذي تقوم به الجماعة "
"الأهداف السياسية : السعي للسيطرة على الدولة من خلال إستجلاب العاملين في مؤسسات الدولة لطرفهم أو عبر تغلل أفراد الجماعة إلى تلك المؤسسات خلال فترة معينة ,والعمل على إظهار نشاط مكثف في قطاع التعليم لإعادة التشكيل والتوظيف هناك بهدف الإنتشار والتمدد "
"التواصل مع الأحزاب السياسية وحتى الأتاتوركية العلمانية منها بشكل علمي وبصورة حضارية لإيجاد مساندين وداعمين لهم ,وبذلك يتم إيجاد نواب في البرلمان يتبعون لهم ليسهلوا عليهم إقامة الثيوقراطية الديكتاتورية بشكل ناعم وبدعم إقامة النظام الرئاسي في الدولة "
في العام1999م أذاع التلفزيون التركي خطاب مرئي لجولن أمام حشد من أعضاء جماعته , يتحدث فيه عن تطلعاته لتركيا التي تحكمها الشريعة الإسلامية وكيفية تحويل هذه التطلعات إلى حقائق .
وكان الخطاب الذي تحدث فيه جولن يتضمن التالي "من أجل الوصول إلى نقطة ودرجة معينة من الذي نريده لا بد أن تتواصل خدامتنا وأعمالنا بهذا الشكل , بشكل ضروري وملزم , إذا ما حدث خطأ , بدون الوصول إلى القوام والدرجة التي نريد , بدون تجمع الخواص اللازمة , بدون أخذ المسافة المطلوبة, إذا ما تعجلنا في توجهاتنا فإن الدنيا ستقمعكم وستتعرضون للأذى , فسيعملون على إعادة سيناريو الحادثة التي عاشها المسلمون في الجزائر , وسيكررون الفاجعة التي حصلت للمسلمين في سوريا 82 م , وستعايشون ما يعايشه المسلمون في مصر كل عام من فظائع , في هكذا مرحلة لا بد أن تجدوا ذواتكم بشكل كامل , إلى أن تصلوا إلى الدرجة التي نريد , إلى تلك المرحلة التي تمتلكون فيه القوة التي تعينكم على حمل هذه الدنيا على ظهوركم , إلى حين وصولكم إلى جميع مؤسسات الدستور في الدولة , أي خطوة مستعجلة , هي كما البيضة التي لم تستكمل يومها العشرين فتُكسر , كما هو صغيرالدجاج الذي يترك حضانته إلى العواصف والبرد , وهذه الأعمال التي نقوم بها هي كذلك"
وفي عام 1999م في الـ 18 من حزيران تم عرض هذه الخطبة على إحدى القنوات التركية مما استدعى جريدة الزمان لعقد لقاء مع جولن تم توجيه له فيه عدة أسئلة حول الشريط الذي تم تسريبه وكان جواب جولن كالتالي " كما الآخرون قد يطرأ على فكري وسلوكي تغييرات , ففي وقتما كنت تحت تأثير ظروف معينة وتحدثت بلغة شديدة , وبفكر وطريقة لا أحبذها اليوم ,واسأل الله أن يعفوا عني "
هذا وفي الوقت الذي كانت تستمر فيه الإتهامات للجماعة بمحاولتها التغلل داخل الدولة كان جولن بإستمرار يفند ويدحض هذه الإدعاءات ويؤكد أنه لا حاجة له بهكذا أعمال ولا علاقه له بهكذا مخططات .

وتعتمد الجماعة في بينيتها الأساسية على طبقة قوية من رجال الأعمال ممن يسندون الجماعة مالياً ومادياً بالشكل الذي أهل الجماعة لتشكل عدد واسع من الأوقاف والمدارس الخاصة .
ما بين العام 1980 – 2000 م احتفظت الجماعة ببنية ثنائية , بيوت النور التابعة للجماعة وأخرى بالشكل التقليدي لجماعة النور التي انفصلت عنها الجماعة , في تلك البيوت والسكنات الطلابية يسمى المسؤولون عند الذكور بالأخ الكبير وعند الفتيات بالأخت الكبيرة , وداخل هذه البيوت تتشكل القاعدة والبنية الأساسية لأفراد الجماعة من هؤلاء الطلبة الذين يمثلون الحلقة الأولى والصف الأول للجماعة بالإضافة إلى رجال الأعمال ممن يحملون هم العمل والبذل وآخرون من رجال الأعمال من الدرجة المتوسطة , أما الدائرة الثانية والصف الثاني للجماعة فهو يتكون من طلبة رسائل النور وفريق من المتعاطفين مع الجماعة .
بنية الجماعة هي على الشكل التالي ,على رأس الجماعة يقف فتح الله جولن ومن ثم مجلس الشورى أو هيئة الإستشارة المرتبطة بمسؤول الدولة ومن ثم مسؤولوا المدن والأحياء إلى أن تصل لمسؤولي المدارس والبيوت بشكل هرمي .
إلى بدايات العام 2000 م احتفظت الجماعة بهذه البنية وهذا الشكل التنظيمي إلا أن الأمور بدأت تتفلت , فأخذ الصف الثاني أو ما يعرف بالمتعاطفين مع الجماعة يدخلون إلى البنية الأساسية للجماعة فارتفع مستوى التأثير الخاص بهم وأخذوا يحتلون مواقع الصف الأول مما أدى إلى إضفاء صفة الشعبوية على الجماعة بعد أن كانت نخبوية بشكل ما , وعلى ذلك شهد إنخفاض معين على مستوى التأهيل والتربية لأفراد الجماعة .
قدم جولن وجماعته الدعم لحزب العدالة والتنمية , وخصوصاً في العام 2008م حينما بدأ اردوغان مواجهته لما يعرف بـ "الدولة العميقة " حيث أنه وبالتزامن مع عملية المحاكمة والمسائلة للأفراد المتورطين كانت وسائل الإعلام التابعة للجماعة تشكل سند إعلامي وتقدم دعم كامل في مواجهة المتورطين


 

مقالات الفوائد