صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مخاطر تجاسر الصحفيين على العلماء..!

د.حمزة بن فايع الفتحي


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


غالباً ما يكون المنطق والقلم كاشفَين عن مد العقول ومداها،وخيرها وشرها، ولذلك لو صمت بعض الصحفيين لكان خيرا لهم، وقد قيل في الحكمة : (الصمت نوم العقل، والمنطق يقظته) .!!
واستثماراً لمحن الأمة ورزاياها، يعمد بعض المهرجين والمشوشين الى التشكيك في العلماء الكبار وفقههم وخطابهم ووطنيتهم،،،! فتنجلي عقولهم، وتبين رؤاهم ،،!
فبدلاً من ان يُوحد الخطاب، ونُدعى الى كلمة سواء، وتُعمّق اللحمة، ويُترك الانتقاص والاتهام، ونزعات الانتقام، يصر هؤلاء على مسالك التشكيك والحط من قيمة العلماء الربانيين، والذين هم مصدر امان الامة واستقرارها،،،! وكأنه ليس هناك حلقات حوار مسبقة وساخنة في مركز الحوار الوطني ،،! وقد أحدثت تقدما على مستوى الدراسات والبحث لا باس به ،،!
فمن نقد النصوص او فكرة تجديد تفسيرها ، الى نقد العلماء، وامتهان قدرهم، وأنهم لم يقوموا بدورهم الشرعي والوطني، في كبح جماح التيارات المنحرفة،،،،!
وكثيراً ما يطنطن هؤلاء بمصطلحات التسامح والوفاق، والمواطنة والدولة المدنية، ولم يطبقوها البتة في خطاباتهم، لاسيما تجاه العلماء والخطاب الديني،،!
ويدعون الحوار والحرص على التآخي والوئام، وأنهم ليسوا صداميين،،،!
ولكن ماذا بعد،،؟!
إن لم نتسامح في مجتمع واحد، فلا اقل من ان نكف السنتنا عن بعض، لا سيما الأفاضل القدوات، وإذا تكلمنا تكلمنا في لطف وملاينه،،! وكما قال غاندي ( لا أحب كلمة التسامح، ولكن لا اجد أفضل منها )!!
والمقصد من ذلك كله، نقد الدين او تقليله او تهميشه في حس أهل الاسلام ،،،!
ولكن مثل هذه النقدات مطايا للوصول الى المقصود،،،،!
قال تعالى (( أم حسب الذين في قلوبهم مرض ان لن يخرج الله اضغانهم، ولو نشاء لاريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ، ولتعرفنهم في لحن القول، والله يعلم أعمالكم )) سورة محمد.

ولذا كُشف أكثر الصحفيين، وبانت ضغائنهم، وأن الامر أكبر من مجرد رأي، او توجيه، او مقال عابر، او خربشة صحفية،،،! بل مخطط تغريبي شنيع،،،! ابتُدئ ضد المشيخة الرسمية، بعد أعقاب الحادي عشر من سبتمبر، وقد كان من آثاره ومخاطره ما يلي:

1/ إسقاط القدوات:
فبرغم اتساع قدواتهم الإعلامية والتهريجية، إلا أن الناس لا يثقون الا في المشايخ والعلماء، ويدركون ان الدين عاصم من كل شطط وغلط،،،!
يتهمون الخطاب الديني، ولا يتهمون الخطاب الإعلامي التصعيدي، الذي مارس الاستبداد والإقصاء لعقود طويلة، وأصل لقضايا تنافي القيم الشرعية والوطنية، حتى بدا إعلامنا شكلا من أشكال التخلف الحضاري،،،!
يزعم كاتب ان... ( هيئة كبار الوطنيين ).. ليسوا بوطنيين،،! وأنهم يحتاجون الى وطنية جديدة، يجددون معها إسلامهم وتفانيهم الوطني، فخطابهم لا يتعدى مسائل الحيض والنفاس والجمرات،،،،!
وكأنها ليست بذات الأهمية، وهو محتاج اليها في أسرته وبيته،،،!
يقلل من الدين بطريقة عجيبة وماكرة،،،،،!!
وآخر في مقالة،،،( بين الكاتب وفضيلة الشيخ ).. ينتصر لزميل المهنة والهوى،- وما أحلا الكتابة على الهوى - يعزف على نفس الوتر، وان المشايخ الكبار وطنيتهم منقوصة، وانتماؤهم خداج،،،! وما درى هو وذاك، ان هؤلاء الجهاديين او الداعشيين يحذرون من الهيئة الموقرة، ويلمزونها بكل النقائص، بما في ذلك العمالة، وبيع الدين، كما اتهامهم لهؤلاء الصحفيين بالعمالة للخارج والسفارات، والولوغ في مستنقع النفاق والبوار، والخلو من المبادئ والأصول ،،!
2/ توهين الخطاب الديني العام: واقصد المهيمن على مرافق المجتمع والحياة، لأن جمهور الصحفيين، يَضيقون من هيمنة الدين، وودوا لو تم إقصاؤه في المساجد فحسب، وبالشروط الصحفية،،،! فيأخذون منه ما يريدون، ويَذرون ما يكرهون،،!
لان الأغلب الا ما رحم الله يحمل التلوث العَلماني والليبرالي، ويرفع عقيرته بحب حرية التعبير، ولكن على القيم والمقدسات الدينية،،،! وليس في كبح سعار الفساد وتفشي المحسوبية والبطالة، واستغلال النفوذ ،،!
ويخشون من محاكمتهم بنُظم الشريعة، على تجاوزاتهم،،!!

3/ تجرئة الصغار:
يعتبرون أنفسهم نخبة وطنية، يحق لها الدفاع، وحماية الوطن،،! ولكن بالطريقة التي تستهويها،،،،!
طيب سلمنا لكم جدلا بذلك،،،!
علاوة على أنكم لم تلتزموا بأدب النصيحة الشرعية، وشوشرتم تجاه صرح علمي شاهق، ومؤسسة وطنيه عملاقة، هي من أعلا المؤسسات الشرعية في البلد،،،،!
وهي ملاذ الناس في الفتن والمدلهمات،،!!
فأنتم بهذا الأسلوب، تجرئون الصغار، فمن كاتب صحفي مشهور، الى محرر، ودكتور، ثم مراسل وساعي، ورسام كاريكتور،،،،! يفتح فمه على قامات علمية رفيعة ،،،،،!
فأين إنزال الناس منازلهم، ومناصحة أكابر القوم من طرف خفي ،،؟! وقد اعتبرهم بعض المفسرين انهم داخلون في آية الطاعة (( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم )) سورة النساء .
في حين لا تذكرون أنتم الا تفسيرا أحاديا مدى الصحافة، ومدى الحياة،،،!
في محاولة لتغييب العقل العربي عن مكانه العلماء ومصابيح الشريعة،،،!! وأنهم ممن تجب طاعتهم واحترام فتاويهم ومكانتهم،،،!
قال سهل بن عبدالله التُستري رحمه الله( لا يزال الناس بخير، ما عظّموا السلطان والعلماء، فاذا عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإذا استخفوا بهذين فسد دنياهم وأخراهم )،،، وأنتم لا تحترمون او لا تمارسون الا التعظيم الاول فقط،،،،!

4/ رهبنة الاسلام: وإنكم يا إسلاميون لا تصلح لكم الا المساجد، وما يتفرع منها، مما لا يمس الناس او الشأن العام،،،! وبرغم ان التحرك المطلوب منهم الآن، يمس الشباب والفكر المتطرف، الا أنهم لا يحبذونه الا في مثل هاتيك الظروف،،،،!
كما قال الله (( وإن يكن لهم الحق يأتوا اليه مذعنين )) سورة النور.
ونحن دعوتنا تحرك العالم الشرعي في كل مناحي الحياة، وبلا مزاجية او أهواء،،،! لأن الدين النصيحة، وقال تعالى (( لتبيننه للناس ولا تكتمونه )) سورة ال عمران .
وقد صدّعونا بمصطلح (الاسلام السياسي)،،! وان الاسلاميين ليسوا اهلًا بممارسة السياسة،،! اما الفتاوى الشرعية المحببة لهم، فحيهلا بها،،، وهذا الدور الوطني المفصل، الذي يقصده هؤلاء الكتاب،،،،! مواقف بالمزاج،،،!!
لقد هَزُلت حتى بدا من هزالها// كُلاها وحتى سامها كل مفلسِ !
وكأن هؤلاء الصحفيين بُصراء بالشرع والواقع والمصالح الوطنية والاجتماعية العامة، فيكيفونها ويجلونها لأهل العلم،،،!!
ويخفى عليهم ان الهيئة مؤسسة كبرى، لها برنامج ونظام ومسئوليات مدونة ومحفوظة ،تضطلع بدور إصلاحي وتوجيهي وأمني عظيم، لا نزكيهم على الله، ولكن نعتقد انهم من صفوة رجالات المجتمع، وأرباب تخصص وإتقان.....
ومحاولة نقدهم بهذه الطريقة، او تسخيف دورهم، لا يصب في المصلحة الوطنية، وتقدير الظروف الراهنة، والتشرذم العربي الكئيب ،،،!! وكما قيل:

يا للجراح عظيمات المدى نكأت// اعماقَهن جراحً غضة جددُ !


5/ زلزلة الرقابة :
حيث لا يبقى للدين حماية، ولا حراس يذبون عنه،،! لأن الذابين دائماً هم العلماء الأفذاذ، وهم حماة الجبهة الداخلية من كل اختراق، وزلزلة رقابتهم وهيبتهم، سيطرح ملفات أشنع من ملف المراة والاختلاط والشباب ،،،الخ، تمس الدين وقضاياه الجوهرية، وهذا مناهم ومبتغاهم،،،!
حيث سيُصدر الجهلة، او المرتزقة والمتاجرون بالدين، وبالتالي يحل الضلال المبين المحذر منه(( حتى اذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فافتوا بغير علم فضلوا واضلوا )). كما في الصحيحين .
والهيئة ليست ضد النقد والنصيحة والتصحيح، ولا تقول هي بعصمتها وقداستها،،،! ولكن لا يمكن نصحهم بهذا الأسلوب الصحفي المبتذل،،.!
إسقاط العلماء ورمزيتهم من الوطن، سيجر الى شرور كثيرة، ولن يخدم قضايا نهضوية وتنموية، بل سيفرح الأعداء والمنافقين ،،،!
ولكن سيخدم قضايا تنموية بالطريقة الليبرالية ،،،،!
قال ابن المبارك رحمه الله: ( من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته )!!

6/ المجاهرة بالشذوذ : وقد يسمونه خلافا سائغا،وليس الفقهي الفرعي، بل العقدي الأصولي، والمعاندة في ذلك، بسم حرية التعبير، ومنتديات الحوار الجاد، حتى تتهلهل القضايا، وتوهن الأصول والمسلمات،،،،! وتبقى الشكاية ليست من ضعف التدين، بل المجاهرة بخرق الثوابت، والتساؤل حول كبريات الكبائر ،،، والله المستعان . وهل سيُستدعى رأي كبار العلماء لذلك؟! ننتظر إجابتهم،،!!
وقول الكاتب الاول.... ان بعض الوعظ لم يثمر سوى المزيد من داعش والقاعدة،،،،!
أقول: وخطاباتكم لم تثمر الا جرأة على الدين، واستهانة بالعلماء والشرائع، ومزيدا من الطفيليين والمهرجين، والراقصين على الجراح،،،،!
مع اننا لا نحب هذا النسق من المحاورات،،،! ولكن افترض هنا مبدأ المعاملة بالمثل، حتى ننتهي واياكم ،الى نقطة وئام، وإلا الى جدار مسدود، لا يخدم المصلحة الوطنية، وتحقيق دولة المواطنة في ظل الشريعة الخالدة،،،!
تحاولون إقصاء الأغلبية الاسلامية ودينها وثقافتها، كالمثل المصري المضحك الأخير ، او الاغنية السمجة،،، احنا شعب وانتو شعب،،،! هههههه
اعيذكم من هذا المسلك، الذي طرقه وبال عليكم، وتستغلون الأحداث لصبه بكل صفاقة ، ولا تصادروا على دين الامة وثقافتها، فأنتم لا تُشاهدون الا في وسائل الاعلام، وليس لكم أدنى رصيد شعبي، بل نخبة مختبئة، او فئة مندسة، تعجز عن المواجهة في الندوات والأمسيات ،،،،!
يرعبكم مسجد، او استراحة، او نادي صيفي،،،! هههه
فأين ندواتكم ومساجدكم،وصحفكم، ووسائل إعلامكم المتغولة،،؟!

7/ الاستطالة الاجتماعية : والتي تمكن لشرذمة من الكارهين ، سياسة دين الناس، وكتابة عقائدهم ومبادئهم وأخلاقهم،،! واتهام الخطاب الديني، او مناهج التعليم بأنها الممول الحقيقي الكامل للفكر المتطرف،،! حيث يقول الكاتب الاخر...انها (منتج المصنع المحلي الضخم) ....!
وهذا اتهام خطر، فلا يرضى، مثلا ان يقال، ان طرحهم( مخزون أجنبي وافد مهول )،،!!
يبيع الهوية والثقافة والانتماء،،،!
وعلى كل ، هي نفس الأسطوانة المشروخة في غالب مقالاته، لمن تتبعه غاية التتبع،،،!
فلا جديد لديه،،،،،! إلا،،،
الخطاب الديني،،،
الصحوة الاسلامية،،،،
المنابر والمدرسة،،،،
النادي الصيفي والاستراحة،،،،،!
ولم نسمع هذا الصوت الجهوري في (حالش او عصابات الحوثية )،،،!! او (الخطاب الإعلامي المتطرف)،، الذي يغري الشاب بالتمرد، ويورثه الإحباط،،،!
مع اننا لا نزكي كل المطروح في تلكم المناشط ، ولا نقول بعصمته،،،،!
ولكن جمهور العاملين فيها وفي الدعوة والمحاضن التربوية من خيرة أبناء الوطن، وليس عندهم مشاكل مع الوطنية، كمشاكل هؤلاء الصحفيين الانتقائيين ، موقدي نيار الفتنة والخلاف ،،،!
والدليل على ذلك، اصطفاف المشايخ والأخيار مع الدولة سددها الباري، في كل الأزمات ، والحرص على التواصل وتوحيد الصف والكلمة، وهم محل ثقة ولي الامر وفقه الله،،،!

8/ مرجعية جديدة: وناتج عن ذلك كله، إبراز وجه جديد، ومرجعية وليدة، لن تكون أفضل من كتاب الأعمدة وزوار السفارات، وأركان الصحافة المخفية ، الذين تكثر تقلباتهم، وتشح ثقافتهم الشرعية، بحيث يختلط الحابل بالنابل، ويتكلم الرويبضة، ويفتي المأجور، ويشوه الدين، كما لوحظ في بعض الدول العربية ،،،!
وقد يلعب بعضهم الدور، مستحسنا إعفاء اللحية، والاستشهاد بكم نص شرعي، ليُفرح بالخلطة الجديدة، والشكل الباسم الحديث ،،!
وذكر بعضهم لأستاذ كالكواكبي صاحب (طبائع الاستبداد)، ليس في صالحهم، وكذلك المفكر الشهير مالك بن نبي صاحب (شروط النهضة) وأخواتها،،،! لأنهما لا يخدمان مقاصدهما، فهما مفكران حران، يخوضان ميادين الحرية والثقافة والإصلاح السياسي والمجتمعي ، بما لا يستطيعه اكثر هؤلاء الكتاب، بل ربما تناقصوا تماماً،،،،! لأنه فارق بين من يغرد من الفضاء، ومن يغرد من القفص،،،!!
وليعلم ان صنع المرجعية، من تداعيات هذا اللحن تجاه العلماء، ومحاولة محاكمتهم من جهات صحفية ،،،! تدعي الصدق والوعي والمصلحة،،،،!
ولكن مؤشراتهم دس السم في العسل، وصب الزيت على النار، وشق نسيج الأمة، من خلال خربشة صحفية، لا تمت لفكر ولا ترو ولا أناة،،! بدعوى الإشفاق على الوطن والشباب، والحقيقة انها.... صنع مقعد لهم، وإقصاء للشريعة، وتمكين للسلطة الرابعة،،،،!
هيهات أن يتم ذلك، وهم من وراء الكيبورد، ما دام العقل الجمعي يرفضهم ويرفض طروحاتهم، حفظ الله بلادنا من كل شر وغائلة ،،،،،! والسلام.

1435/11/2
د/ حمزة ال فتحي
جامعة الملك خالد،،

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية