بسم الله الرحمن الرحيم

هوامش على دفتر العدوان
طارق حميدة : فلسطين


عملاء بالمجان !

أكثر ما يغيظني في الفضائيات العربية ، إفساحها الساعات الطوال للمسئولين الأمريكيين والبريطانيين ليبثوا سمومهم وحربهم النفسية ضد العراق والجماهير العربية، ومسارعتهم في بث الشائعات الكاذبة عن سقوط المدن والمواقع ، واستسلام الجنود واغتيال القادة .
وأبرز مثال على ذلك الشائعة التى تلقفها بعض المراسلين عن انتفاضة شعبية في البصرة ضد القيادة العراقية ، أذاعتها فضائية معينة عدة مرات ، ثم قالت إن الصحاف نفى هذه الأخبار ، وفيما بعد كذب مراسلها في البصرة هذه الشائعة، والغريب أن هذه الفضائية ، ظلت تعيد الفرية ثم نفي الصحاف ثم شهادة مراسلها ، وقد كان الأحرى بها على الأقل بعد تحققها من كذب الشائعة، أن تكتفي بالحقيقة التي وضحها المراسل في البصرة، أم أن وراء الأكمة ما وراءها.
ويغيظني كذلك ، مرافقة مراسليها لقوات العدوان ليستعرضوا لنا الدبابات والطائرات ويستفيضوا في الحديث عن ضخامتها وقدراتها التدميرية والتغزل فيها، حتى إن مراسلاً عربياً قدم تقريره من على ظهر حاملة طائرات أمريكية في البحر. فيما اعتاد مراسل آخر أن يزف لنا طائرات بي 52 ، منذ تشغيل محركاتها وإقلاعها من قواعدها وحتى وصولها العراق بعد ساعات !!
ولنا أن نتساءل:
هل كل ذلك من أجل سبق صحفي ؟
يا صحافيينا العرب .. يا فضائياتنا العربية .. لا تكونوا خنجراً بيد الأعداء يقتل به إخوانكم .. وتذكروا يوماً تردون فيه إلى الله .. أو على الأقل تذكروا يوماً قريباً يندحر فيه العدوان وتتحرر الأوطان ، ويلاحقكم الخزي والعار .

مدنيون ... أو عسكريون ؟

كلما سقط شهداء مدنيون جراء القصف العدواني على موقع عراقي يبادر مذيعو الفضائيات إلى سؤال المراسلين عما إذا كان هناك ثكنات عسكرية في تلك المنطقة ،أو هل هو حادث أو عمل مقصود ؟. أو قد يسأل المذيع هل القتلى مدنيون أم عسكريون .. وكأن وجود مواقع عسكرية أو ثكنات يسوغ قصف المنطقة ، وكأن قتل العسكريين العراقيين جائز ولا غبار عليه ، ناسين أو متناسين أن هذه الحرب عدوانية إجرامية بدءاً وانتهاءً .
ثم لماذا كل هذا "الحياد" و" الموضوعية " بتسمية العدوان حرباً ؟، وباستخدام لفظة"القتل" بدلاً من "الشهادة"، بشأن إخواننا العراقيين من ضحايا الحرب؟

إعادة بناء العراق !!

البريطانيون يخشون أن تنفرد الشركات الأمريكية الكعكة العراقية ، والفرنسيون يحتجون ويرفضون فكرة ألا يكون لهم دور في" إعادة إعمار العراق" وأن تنفرد أمريكا وبريطانيا بذلك .
الساسة الفرنسيون لا يقلقهم إزهاق النفوس البريئة ، وتدمير بلد بأكمله ، ولا يهمهم وقف الحرب ، بل إنهم كما يبدو، مع استمرارها حتى النهاية ، المهم أن تتاح لهم المشاركة ب"إعادة إعمار العراق " .. أو بتعبير أصح المشاركة في سرقة ثرواته ونهب خيراته ..

التسمين قبل الذبح

ركزت فضائيات عربية بغباء أو تواطؤ على السفينة البريطانية المحملة ب"مواد الإغاثة الإنسانية " ، بهدف تقديمها للشعب العراقي !! وكانت السفينة قد تأخرت لبعض الوقت بسبب قيام القوات البريطانية بنزع الألغام من الميناء !!.
الخبر يريد الإيحاء بأن البريطانيين والأمريكان قد جاءوا لإغاثة وإنقاذ الشعب العراقي . ، وليس لاحتلاله ونهب خيراته!! وأن السبب في تأخير هذه " المعونات الإنسانية " هي القيادة العراقية التي زرعت الألغام في الميناء ، لولا ما تكرم به الإنجليز من نزعها؟! .
وإذا كانوا إنسانيين إلى هذا الحد ، فلماذا يقتلونهم؟؟

ومما يدعو إلى السخرية أن القوات البريطانية نفسها قد قصفت مستودعات غذائية في البصرة ، بشهادة طاقم الجزيرة ، الذين قالوا إن المصور الذي كان معهم ما زال محتجزاً في المستودعات ، فهل يريد الغزاة أن يضطروا العراقيين إلى الخضوع والاستسلام لهم ، تحت ضغط الحاجة؟؟.

العراق يعرض اللجوء !!

تقول آخر نكتة بأن القيادة العراقية قد بعثت إلى حكام الجوار، تعرض استعدادها لاستقبال من يرغب منهم بالتنحي واللجوء... وذلك رداً على الدعوة المماثلة التي وجهها البعض للعراق قبل أيام .
المزاج الشعبي الذي صدرت عنه هذه النكتة التهكمية ، يريد أن يقول بأن من يريد حماية نفسه فإنه يفعل ذلك بالمقاومة والدفاع وليس بالارتماء في أحضان الأعداء. وأن الذين يعرضون الحماية على غيرهم ، استجابة لضغوطات أو "نصائح" خارجية ، لن يقدروا على حماية ضيوفهم ، إذا ما صدرت إليهم الأوامر بضرورة تسليمهم ، فضلاً عن أنهم سيحتاجون إلى "ملجأ آمن" لحماية أنفسهم لأنهم لم يستعدوا للمواجهة.
إن الحياة توهب لمن يطلبون الموت. أما الواهنون الذين يؤثرون الحياة الذليلة على الموت الكريم فأولئك الذين لن يكتب لهم طول البقاء .

الصفحة الرئيسة