اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/arabic/majed/110.htm?print_it=1

((أحلام تركي الحمد من الشيوعية إلى التغييرات الوزارية))

ماجد بن محمد الجهني
الظهران


استضاف النادي الأدبي بالشرقية قبل أيام الدكتور تركي الحمد في محاضرةٍ بدأت مضطربةً في موعدها حين أعلن النادي الأدبي عن موعدها مساء الثلاثاء الماضي ثم عاد وسرب خبرا نشرته صحيفة اليوم عن موعد آخر للمحاضرة وهو يوم الإثنين فضلا عن كونها بدأت قبل موعدها توقيتا بحوالي ساعة إلا ربع تقريبا.

العجيب في هذه المحاضرة أن تركي الحمد جاء واعظا هذه المرة وحذر من تيار الصحوة حين عنون لمحاضرته بالعنوان التالي:"ماذا فعلت بنا الصحوة وإلى أين قادتنا الطفرة؟".

وأنا هنا لن أقف عند المصطلحات كثيرا بقدر وقوفي عند دلالتها فتركي الحمد وغيره ممن لفَّ لفه يتخفون وراء مصطلحات الصحوة والإسلاموية ويهاجمون من ورائها المشروع الدعوي لدولتنا التي تبنت الشريعة منهج حكم وحياة ، ومن ثم كان من لوازم تبني الدولة لهذا المنهج أن تبنت الدعوة إليه بوسائل عديدة ومن ضمن ذلك المحاضرات والندوات ودعم المؤسسات الدعوية الخيرية في سبيل نشر ما تراه منهجا صالحا لعموم البشرية ودليل ذلك أنها مارست الدفاع عن الإسلام ونشر محاسنه من خلال مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية في الداخل والخارج.

إن هذا المشروع الدعوي الكبير الذي يسميه تركي الحمد وجماعته بالصحوة والإسلاموية لم يكن منهج أفراد ، بل هو منهجٌ قامت عليه دولةٌ ورعته من خلال مؤسساتها الرسمية والأهلية فلماذا لا تكون عند تركي الحمد الشجاعة ولو ليومٍ واحد ويصرح بتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية التي يخفيها خلف منهجه المتلون بحسب الظروف الداخلية والخارجية؟.

إنني أدعو تركي الحمد إلى أن يكون صادقاً وأن يسمي الأشياء بمسمياتها الصريحة لأنه يعلم أن ما يسميه بالصحوة لم تفرض على الدولة أن تختار الإسلام منهجاً تحتكم إليه يوم كان تركي الحمد ينافح عن فكر ماركس ولينين ، والصحوة لم تفرض على الملك فيصل رحمه الله أن يرفع لواء الإسلام في مقابل الناصرية التي بُح حلق تركي الحمد وهو يصرخ بحياتها وحياة قائدها الملهم!!!.

لماذا لا يقول تركي الحمد ما يختلج في نفسه صراحةً بدلاً من أسلوب المداورة خلف عبارات حمالة أوجه خصوصاً أنه أتحف الحضور بأنه كان يائساً من مسألة الإصلاح في بلادنا حتى حدثت الإصلاحات الوزارية التي يرى أنها تبشر بحتمية وجود تغييرات إصلاحية كبيرة في قادم الأيام!!.

يحق لي ولغيري في هذا السياق التساؤل عن سر هذا التفاؤل ، وهل يحلم تركي الحمد بأن تعود الشيوعية مثلاً إلى سابق عهدها؟أو أنه يرى إمكانية انبعاث القومية الناصرية في بلادنا في قادم الأيام؟ أم هناك أحلاماً وردية تداعب الحمد بتمكن الليبرالية من توجيه بوصلة المجتمع إلى ما تؤمن به من رؤى؟.

هذه المحاضرة التي اتهم من خلالها تركي الحمد المشروع الدعوي في بلادنا هي في الحقيقة تعبيرٌ من إدارة النادي الأدبي ومن تركي الحمد نفسه عن حالة الاحتقان الشديدة التي تعتري مجموعة من أصحاب التوجهات الشيوعية والحداثية السابقين بسبب وقوف المشروع الدعوي في هذه البلاد سداً منيعاً أمام الشيوعية التي تبناها تركي الحمد كمشروع منذ أن كان يافعا حين سُلك في تنظيماتها السرية الأمر الذي كلفه مكوثه في السجن سنتين.

وهذا المشروع الذي يحاربه رجيع الشيوعية والبعثية والناصرية والعلمانية ، ودهاقنة المشروع الليبرالي الغربي اليوم هو الذي جعل من مثل هذه التوجهات المشبوهة وأصحابها منبوذين في مجتمعنا إلى اليوم وسيظلون كذلك رغم زخم الهجمة وتعاظم أدواتها.

إن تركي الحمد في محاضرته المتهافتة هذه والمليئة بالأكاذيب وتلفيق التهم قد نصب نفسه شاهد زور من خلال منبر النادي الأدبي الذي تقوده إدارةٌ فاشلةٌ إلى الهاوية بطريقة أحادية فجة ، والأمر في كون هذه الشهادة هي شهادة زور يعود لأسباب ثلاثة:

الأول: أن المتحدث انطلق في محاضرته من منطلقات عدائية تغذيها أيديولوجيا فكرية وجدت حلها في كل توجه منحرف بدايةً بالشيوعية ونهايةً بالليبرالية ، ومثل هذه التوجهات عداؤها مع الدين أمرٌ بدهي.

الثاني: أن ما ذكره تركي الحمد افتقد إلى الموضوعية والمنهجية العلمية ، وهو عبارة عن مشاعر انطباعية مخلوطة بأكاذيب يُراد تحويلها إلى حقائق وهذا النهج المعتمد على الكذب والتهويل هو خلاصة توصية مؤسسات بحثية أمريكية وغربية مشبوهة في التعامل مع المسلمين الرافضين للمشروع الأمريكي في المنطقة والتي يقود طليعتها المشروع الدعوي بعلمائه ودعاته ومفكريه.

الثالث: أن تركي الحمد في شهادته هذه كان شاهداً أحاديا وقد وجد فرصته من خلال منبر افتقد لأبسط معاني العدل والموضوعية ، ولو كانت إدارة النادي الأدبي صادقةً في تبجحها بأنها تفتح المجال أمام جميع الأطياف لرأينا ضيفاً مقابلاً لتوجه تركي الحمد وعندها يكون للحوار معناه الصحيح بدلاً من التشدق بمبادئ أول من يحاربها تركي الحمد وإدارة المؤسسة الأدبية التي استضافته.

هذه الأسباب وربما غيرها أرى من وجهة نظري أنها كافيةٌ لبيان تهافت المحاضرة والمحاضر والمستضيف على الصعيد العلمي لتبقى في سياقها المتوقع لأن هذه المرحلة هي مرحلة التنفيس الكبيرة ، وهي مرحلة تصفية الحسابات التي يقوم بها الرموز الفكرية المنتمية لتوجهات كانت وما زالت منبوذةً من قبل مجتمعنا المتدين بالفطرة.

إنني أريد أن أسأل الدكتور الحمد حين ينتقد توجهنا إلى الإسلام وأقول : ما الذي يريده من خلال تنفيسه في تلك المحاضرة التي تضمنت نقداً لمنهجٍ دعوي حملته دولتنا ، وارتضيناه لأنفسنا كشعب رغم وجود قلة شاذة وشاذة جداً لا ترضى بذلك؟.

هل يريد منا تركي الحمد مثلاً أن نتربى على منهج ميشيل عفلق ، ومنيف الرزاز ، وإلياس فرح؟ أم يريدنا أن نرتقي بالفكر الاجتماعي إلى خلاصة اتجاهات ماركس وانجلز واسبينوزا؟.

إنني أدعو تركي الحمد أن يقترح علينا المنهج الذي يريدنا أن نتبناه في حياتنا بعيداً عن اللف والدوران ، وأدعوه إلى تقديم محاضرة عن مخاطر الفكرة الشيوعية والقومية الناصرية والبعثية التي جربها وعرف طريقها ، وأسأله وهو خريج تنظيمات سرية وقديمة مشهورة أن يبين لنا بكل صراحة على أي بوصلة توقف فكره اليوم وإلى أين ستتجه هذه البوصلة في قادم الأيام حسب توقعاته.

خلاصة القول في هذا السياق أننا سنظل نقاوم المشاريع التغريبية الضالة لآخر نفس ، وكما كبح سلفنا جماح التوجهات الفكرية الشيوعية والبعثية والقومية الناصرية فإننا سنفعل ذلك مع كل التوجهات المشبوهة وسنغذي أبناءنا روح المقاومة لجميع التيارات الفكرية الهدامة التي خرجت لنا من أمثال تركي الحمد ومن هم على سجيته ونهجه.


ماجد بن محمد الجهني- الظهران

 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية