اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/arabic/majed/66.htm?print_it=1

انفلونزا الأكاذيب

ماجد بن محمد الجهني
الظهران

 
يبدو أن حُمى انفلونزا الطيور القاتلة قد انتقلت إلى بعض مُحرري وكتاب صحفنا ولكن بصورة لا علاقة لها بهذا المرض الخطير الذي يقضي على الإنسان ولكن لا يقضي على قيمه وأخلاقه ومصداقيته كما يفعل مرض انفلونزا الأكاذيب.
لقد كتب الساخر أبو الجعافر قبل فترة في جريدة اليوم مقالاً جميلاً حول قناة الجزيرة وأكاذيبها التي لا تنتهي وكم كنت أتمنى لو أنه توج مقاله الجميل بالإشارة إلى العدوى التي انتقلت بقوة لبعض صحفنا وبعض محرريها وكتابها الذين لربما سافر أحدهم قاطعاً الفيافيَ والقفار ليضرب في النهاية وبقوة فولاذية مزودجة على أم هاماتنا بكذبة يتزلزل بسببها بنيان المصداقية دهوراً لا شهوراً.

نحن في الحقيقة أمام مجموعة من الصحف والكتاب يقومون بممارسة أسلوبٍ منظمٍ ومُخططٍ يعتمدُ على الكذب والكذب والكذب حتى تتحول تلك الأكاذيب إلى حقائق يُصدقها الناس بعد تطاول العهد بالكذب فـ(كثرة الدق-كما قيل-تفك اللحام).

حرب الكلمات في أحايين كثيرة تكون أشد فتكاً من وقع الحُسام المهند،ولذا يحرصُ أعداء هذه الأمة كثيراً على البعد الإعلامي في حربهم للمسلمين ولكل ما ينتمي لهم وهذا ولاشك ليس بمستغرب على من حملوا رايات حرب هذه الأمة ولكن المحزن حقاً حين ينبري لتمثيل هذا الدور فئامٌ من أبناء جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا وليتهم حين قالوا صدقوا،أو بحثوا فعلاً وبأمانة عما يفيد هذه الأمة من خلال نقد هادف يرصد مواطن الخلل والزلل ، فيشخص الداء ويصف الدواء.

إن الذي سمعناه وقراناه للأسف الشديد ما هو إلا سقوطٌ مخيفٌ في حمأة ركوب موجة الاستعداء على الجمعيات الخيرية والمساجد وحلقات تحفيظ القرآن الكريم وكل ما يتصل بها من أشخاص وهيئات وفق أسلوب يعتمدُ الكذب كرأس حربة في هجومه الذي يُغلف بغلاف الحرب على الإرهاب والحرص على المصلحة الوطنية.

لقد سقط في هذا الوادي السحيق- أعني وادي الكذب- كتابٌ ومحررون كان دافعهم الأول إلى ذلك تصفية حسابات قديمة مع كل ماله علاقة بالمؤسسات الإسلامية ومن يمثلها ولا علاقة لما كتبوه أو قالوه هم بالحرب على الإرهاب فقد أبانت الأيام أن الإرهاب عند أمثال هؤلاء هو "الإسلام" ككل وإن حاولوا تزييف الواقع الكذوب الذي يعيشونه ويريدون أن يغمسوا الناس معهم في وحله.

مرضى انفلونزا الكذب لم يشعروا بعد أن وعي الأمة قد نما وتغير بالفعل وأن رجل الشارع العادي اليوم أصبح يميز بين الغث والسمين، ولم يعلم هؤلاء المساكين أن زمن الوصاية على عقول الناس قد ولى وأن الواضح للعيان أن الصفوف أصبحت تتمايز لكي تعرف الأمة بمجملها من هو العدو ومن هو الصديق،ومن هو الحريص فعلا على مصلحة العباد والبلاد،وقد أرانا الله عز وجل وهو العليم الحكيم نماذج للكذب تريد أن تلقي بنا كأفراد ودول ومجتمعات في أتون حروب كلامية وتراشق باتهام النيات والطعن في التوجهات لكي يخلو لها الجو الذي تمارس فيه التضليل والدعاية لمشاريعها التغريبية الانهزامية التي تروج فقط للاختلاط والتبرج والسفور دون أن يستطيع أجرؤهم أن ينبس ببنت شفة فيما يتعلق بتوطين التقنية والصناعات الثقيلة كالصناعات الحربية أو تكنلوجيا علوم الفضاء أو غيرها مما ينفع البلاد والعباد لأنهم أجبن من أن يتحدثوا في ذلك فمبلغ علمهم ومنتهى حلمهم المرأة وكل ما يتعلق بسبل فسادها.

لقد أصبحت التقارير التي تنال من الجهات الخيرية مثار سخرية واستهزاء على وزن السخرية والاستهزاء الذي نالته كذبة تلك الصحيفة التي نشرت فتوى مشبوهة ومضحكة حول تحريم لعب كرة القدم وقد حاولت بكل قواها أن تنسب ذلك للجهات الشرعية ولمن ينتمون لها،وهذه السخرية أيضاً تستمر على تلك المطبوعات وأولئك المحررين والكتاب الذين لم يتأدبوا إلى الآن فحملهم ذلك على استباحة أعراض الناس واتهامهم بما ليس فيهم ولعل قصة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالصرار التي بُهتت هكذا وفي وضح النهار وبأسلوب إعلامي رخيص يستحق الإدانة والتوبيخ-أقول- لعل هذه القصة مازالت ماثلةً للعيان كشاهد من الشواهد التي بدأت منذ فترة ولن تقف مالم يجد أصحابها رادعاً يردعهم عن الكذب.

إننا ننتظر من وزارة الإعلام ألا تكتفي فقط بدور المتفرج على مثل هذه التجاوزات وعليها أن تقتدي بوزارة الصحة التي سعت وتسعى لتوفير الأمصال المناسبة لمرض انفلونزا الطيور لأن مرض الكذب أشد فتكاً ويكفي أنه يلقي بمصداقية صحفنا إلى واد سحيق.
 

صليل القلم
  • صليل القلم
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية