صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







(فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) ثمّ (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)

كتبته : فجر الأمل

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

في قصة يوسف – عليه السلام – مع إخوته ، يذكُر الله تعالى لنا حوارًا حدث بينهم بعدما اُتهـِـم أخوهم بالسرقة ..

قال سبحانه { قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) }

إنّ المتأمـّـل لهذه الآية يعجَبُ مِن تناقض الأوصاف الموجهة لنفس الشخص .

فالذي يـُـقال عنه أنه (فَقَدْ سَرَقَ) هو نفسه يُقال عنه ( إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )

ألسنا في تعاملنا مع الناس نصنع ذات الفِعل ؟؟

إنّ إخوة يوسف حين قالوا عنه (فَقَدْ سَرَقَ) ، حكموا مِن خلال رواسب في أنفسهم و مِن خلال مشاعِر في دواخلهم ..
الوصف و الحُكم لم يكن صادقًا ، لكنه قيل .. بسبب مشاعِر البُغض التي كانوا يجدونها على أخيهم .

و لمّا التقوا به – عليه السلام – و لم يعرفوه قالوا عنه ( إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)
لأن وصفهم كان مجرّدًا مِن كل ( رواسب ) و مِن كل مشاعِر قد ( تشوش ) الحقيقة و تلقي بها جانبًا .

ألسنا نطبّق هذا الفِعل مع الناس في بعض الأحيان ؟؟

ألسنا نحكُم على الناس و نبني تعاملاتنا معهم وِفق تصوراتنا الشخصية و ما تكنّـه أنفسنا تجاههم مِن مشاعِر؟؟

فقد نحِبُّ ، فنبالِغ في المدح حتى يصِل لحد الكذِب !
و قد نُبغِض ، فنبالِغ في الذم حتى يصل لدرجة البُهتان !

و قد قيل :
و عينُ الرِضا عن كِل عيبٍ كليلةٌ = كما أنّ عينَ السُخْطِ تُـبدي المساويا


إنّ الحُـكم على الناس ، أمانة ..
و وصفهم بما ليس فيهم ، قد يجرّ ذنبًا يعقبه ذنب .

فمِن الكذِب .. إلى الظُلم .. إلى البُهتان .. إلى الإيذاء باللسان و الجسد .

و الله عزّ و جلّ حين جعلنا شهوده سبحانه في أرضه ، فإنَّ هذه الشهادة لن تخرَج مِن نفس إنسان متحيـّـز !
و قد يحمِل مشاعِرًا تدفعه لظُلم أخيه المسلم أو اتـّـهامه بما ليس فيه .

( و الحقُّ أحقّ أن يـُـتبـّـع ) مهما كان قائله .


إن نعجب مِن إخوة يوسف فيزداد العجب مِن قوم موسى ..
حين أُومـِـروا بالاجتماع كي يروا المناظرة بين موسى – عليه السلام – و بين السحرة ..

فقالوا { لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ }

إذن ..
هـُـم مقررون في داخلهم أن يتـّـبعوا السحرة و ليس الحق !

و هذا نِتاج ما في أنفسهم مِن مشاعِر ( غير متّــزنة ) تِجاه موسى و تِجاه السحرة .

قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية :
(( فلوا وُقـّـــقوا للحق لقالوا : لعلنا نتـّـبـِـع المُحـِـقَّ منهم ، و لِـنعرِف الصواب ، فلذلك ما أفاد فيهم ذلك ، إلا قيام الحُــجّــة عليهم . )) أهـ .


إننا بحاجة لمراجعة أنفسنا و إنصاف الناس حين نحكُم عليهم ( إن كان هُناك حاجة للحُكم ) ..

ثم إنّ الله أعلمُ بسرائر الناس ..
و لم يوكّلنا سبحانه كي نتتبع الناس و نحكم عليهم و ( نحاكمهم )
{ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ }

و بعض الناس جعل مِن نفسه حاكِمًا قاضيًا !
يحكم بما يشاء و كيفما يشاء ..

و هذا – والله – ظـُـلم ، لا يقبله إنسان .

أسأل الله العظيم أن يحمي أسماعنا و أبصارنا و ألسنتنا عن كل حرام و يوفقنا لنيل رِضاه بعملٍ صادقٍ خالص .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فجر الأمل
  • الحياة الأسرية والزوجية
  • العام
  • خواطر مِن فيض قلبي
  • همسات للقوارير
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط