صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مكة في عيونهن !!!

فوزية الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

 
لم تستطع تلك النفوس الطاهرة أن تقصر طرفها على مسؤولياتها المنـزلية, التي أوجبها الشارع الحكيم عندما قال " والمرأة راعية في بيت زوجها..." رحمةً بها, ورعايةً لحالها! فأبت إلا العلياء, وكانت تتوقد بين أضلعهن محبة الشعائر الدينية، وتخفق قلوبهن لمرأى الديار المقدسة!!! فكان أضياف الرحمن هم أضيافهن، وراحة الحجيج أكبر همهنّ، رفضن العيش في سبات، ومددن الأيدي بالهبات، في سنة خمس وستين حجت جميلة بنت صاحب الموصل, فكان معها أربع مئة جمل, وعدة محامل لا يدرى في أيها هي !!! فأعتقت خمس مئة نفس, وخلعت خمسين ألف ثوب (السير 15_120)

أما شغب أم أمير المؤمنين المقتدر بالله, كان دخلها من أملاكها في كل سنة ألف ألف دينار, فكانت تنفق أكثر من ذلك على الحجيج في أشربة وأزواد, وأطباء يكونون معهم, وفي تسهيل الطرقات والموارد (البداية 11_187) وتسير معهن في هذا الركب المعطاء زبيدة زوجة هارون الرشيد, فقد حجت وسقت أهل مكة الماء بعد أن كانت الراوية عندهم بدينار!!! وأسالت الماء عشرة أميال من الحل إلى الحرم ! وقال لها وكيلها: يلزمك نفقة كثيرة ؟ فقالت: أعملها ولو كانت ضربة الفأس بدينار!!! فبلغت النفقة ألف ألف وسبعمائة ألف دينار ؟!!! ولها آثار كثيرة في طريق مكة والمدينة من مصانع وبرك أحدثتها, ولما حجت بلغت نفقتها ألف ألف وسبعمائة ألف ألف دينار؟!!! ( وفيات الأعيان 2_314)

وتتتابع وفود الرياح المرسلات, بالعطايا والهبات ففي عام 1290 من الهجرة جاءت سيدة هندية إلى مكة المكرمة تدعى صولت النساء, وأبدت رغبتها في بناء رباط بمكة المكرمة, فأوضح لها الشيخ رحمة الله أن بمكة الكثير من الرباطات, وأن ما ينقصهم مدرسة لتعليم أبناء المسلمين! فوافقت وقدمت الأموال اللازمة, واشترى الشيخ أرضاً بحارة الباب بمكة وبنى عليها المدرسة الصولتية ( الانطلاقة التعليمية في المملكة 241) وتليهن أمونة بنت عبود من مصر التي أسست مكتبين أحدهما للغلمان والثاني للبنات, ورغم أن زوجها الذي كان قائداً عسكرياً كان راغباً في مساعدتها على النفقات إلا أنها رفضت أن يشوب إنفاقها على المدارس شائبة !! فكانت تنفق من عائد أرضها الواسعة على النيل التي كانت تزرع بالقطن, وبعد الحصاد كانت النسوة يقمن بغزله ثم استقدمت نساجين لينسجوه, وكانت تتصدق به على الحجيج المارين بها من غرب أفريقيا؟!!! وكان اهتمامها بالحجيج كبيراً ؟ وهم الذين نشروا أخبارها في كثير من بلاد أفريقيا, وبعد أن رأى الأهالي نجاحها تنازل كثير منهم عن أراضيهم لله فصارت أراضيها الزراعية واسعة, استغلتها كلها في الأنفاق وقد عاشت في الربع الأول من القرن التاسع عشر.
 

لا تمنعن يَد المعروف عـن أحد *** مادمـت مقتدراً فالسعدُ تاراتُ
قد مات قومٌ وما ماتت مكارُمهم *** وعاش قومٌ وهم فى الناس أموات
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فوزية الخليوي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط