صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يا سهيلة......حقوقنا محفوظة !

فوزية الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

 
أطلت علينا الكاتبة سهيلة زين العابدين بمقال ضمن أطروحاتها عن حقوق المرأة الضائعة ، والمفاهيم الخاطئة !! وللكاتبة رأى جانبت فيه المشهور من رأى العلماء والأئمة الفضلاء ، تعرضت فيه للثوابت الدينية ، والأحاديث النبوية ، وبادئ ذي بدء أحببت أن أنوة عن عدة أمور :
1. يجب على المرأة المسلمة التسليم التام بالنصوص " فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ " ( سورة النساء : 59 ) قال الشافعي : في قوله : " فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ " : أي إلى ما قاله الله والرسول " .ا.هـ ( الرسالة / فقره 264 ) .
2. لا يجوز لمن تناول هذه المواضيع الاعتماد على رأى متأخر ، بل إلى إجماع السلف والفقهاء الأوائل الموثوق بعلمهم وديانتهم " عن ابن عمر رضي الله عنه ان عمر رضي الله عنه خطب بالجابية فقال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال : "من أراد منكم بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فان الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد " ( رواه الترمذي 4 / 465) ، وحث السلف الصالح على إتباع الأمر الأول فقال أبو العالية : عليكم بالأمر الأول, الذي كانوا عليه قبل ان يفترقوا. ( شرح السنة للالكائى 1/56 ) .
وقال الأوزاعى : " واصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم ، وقل بما قالوا ، وكف عما كفوا عنه ، واسلك سبيل سلفك ، فانه يسعك ما وسعهم " ( شرح السنة اللالكائى 1/154 ) .
وهذا ما وقعت فيه الكاتبة من ردّ لأقوال السلف واختياراتهم واجماعاتهم التي حفلت بها كتب الفقه ، ومحاولة الانتصار لرأى شاذ متأخر وهو قول " محمد عمارة " ؟؟!!
قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " الإجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص" ( الفتاوى 19/270 ) .

- " حصرت مدلول آية الدين في حالة المداينة دون سائر المعاملات المالية:
حصرت الكاتبة تفسير الآية " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ ... " إلى قوله تعالى " وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى " فقالت : فهذه الآية تتحدث عن امر آخرغير الشهادة أمام القضاء ، تتحدث عن " الأشهاد " الذى يقوم به صاحب الدين للأستيثاق من الحفاظ على دينه ، وليس عن الشهادة التى يعتمد عليها القاضي فى حكمه بين المتنازعين ، فهى موجهه لنصيحة صاحب الدّين ، وليس إلى القاضي الحاكم فى النزاع ." الى هنا كلامها وهذا أمر جانبت فيه الكاتبة آراء العلماء!! وحصرت مدلول الآيه فى حالة المداينة خاصة دون سائر المعاملات المالية والمتقرر عند الفقهاء ان الآيه أصل فى جميع المعاملات المالية, وتخصيص الآية فى المداينة فقط قول شاذ خارج عن قواعد اهل العلم :
قال ابن قدامه : " وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ . وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ ، بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ " إلَى قَوْلِهِ : " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ } . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ " ، وقال أيضاً : وَجُمْلَةُ ذَلِكَ ، أَنَّ الْمَالَ كَالْقَرْضِ ، وَالْغَصْبِ ، وَالدُّيُونِ كُلِّهَا ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ كَالْبَيْعِ ، وَالْوَقْفِ ، وَالْإِجَارَةِ ، وَالْهِبَةِ ، وَالصُّلْحِ ، وَالْمُسَاقَاةِ ، وَالْمُضَارَبَةِ ، وَالشَّرِكَةِ ، وَالْوَصِيَّةِ لَهُ ، وَالْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ ؛ كَجِنَايَةِ الْخَطَأِ ، وَعَمْدِ الْخَطَأِ ، وَالْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ ، كَالْجَائِفَةِ ، وَمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الشِّجَاجِ ، يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ " .ا.هـ. ( المغنى / لابن قدامة 14/129 ) .
وقال النووي : ويثبت المال وما يقصد به كالبيع والأجارة والهبة والوصية والرهن والضمان بشاهد وامرأتين لقوله تعالى " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان" اهـ . ( شرح المهذب للنووي 20/254 ) .
وقال ابن رشد : واتفقوا على أنه تثبت الأموال بشاهد عدل ذكر وامرأتين .اهـ ( بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد / 772 ) .

- تحريفٌ لرأى شيخ الأسلام ابن تيمية
فى محاولة من الكاتبة لإثبات أن ابن تيمية له رأى موافق لما تراه بنقل حديثه عن تفسير معنى البينة التى وردت فى الحديث : " البينة على المدعى ، واليمين على المدعى عليه " فنقلت قوله : " إن البينة فى الشرع ، اسم لما يبين الحق ويظهره ، وهى تارة تكون أربعة شهود وتارة ثلاثة ، بالنص فى بينة المفلس ، وتارة شاهدين ، وشاهد واحد ، وامراة واحدة ، وتكون نكولا ، النكول الأمتناع عن اليمين ، ويميناً ، او خمسين يميناً أو اربعة ايمان ، وتكون شاهد الحال.
ويظن القارئ أن ابن تيمية يوافق الكاتبة فى تخصيص الآية وهذا تحريف في الاستدلال لأن ابن تيمية في هذا المقام لم يتعرض لمسألتنا هذه انما كان مقصوده بيان حقيقة البينة الشرعية التي تثبت بها الدعوى والسياق يدل على ذلك . وكذلك فعلت الكاتبة – هداها الله - في النقل عن ابن القيم !!

مطالبتها بمساواة شهادة المرأة بالرجل:

تقول الكاتبه : وأقول هنا مما يؤكد على شهادة امرأتين برجل واحد فى المداينة لذاك السبب مساواة المرأة بالرجل فى اللعان بأربعة شهداء من الرجال او من النساء ، بل نجد الشرع اكتفى بشهادة امرأة واحدة فى الأمور المختصة بالنساء كاثبات البكورة وغيرها ، ولم يكتف بشهادة رجل واحد فى الأمور المختص بها الرجال ، كل هذا يؤكد على كمال اهلية المرأة بل الذى يؤكدها روايه المرأة للحديث التى تعد شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم " .ا.هــ.
والجواب على ذلك ان نقول: هناك فرق بين شهادة المرأة فى باب المال والشهادة وفى باب اللعان ، لأن شهادة المرأة فى باب الأموال من باب الأخبار عن حقوق الغير ، وأما شهادتها فى اللعان فهى شهادة متضمنة للقسم, فهى بمعنى اليمين ، قال ابن قدامة : " وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ ... وَدَلِيلُ أَنَّهُ يَمِينٌ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْلَا الْأَيْمَانُ ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ " . وَأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى . وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ شَهَادَةً ، فَلِقَوْلِهِ فِي يَمِينِهِ : أَشْهَدُ بِاَللَّهِ . فَسَمَّى ذَلِكَ شَهَادَةً وَإِنْ كَانَ يَمِينًا ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ " .ا.هــ ( المغنى 11/123 ) .
فلا يمكن قياس الأول على الثاني لوجود الفرق بينهما ومع ذلك فانه قياس فاسد الاعتبار لأنه مقابل النص الصريح .
وقد أغفلت الكاتبة الكلام عن شهادة المرأة فى كثير من الأبواب كباب الزنا ، وباب العقوبات ، وباب المعاملات النكاحية فان المشهور عند الفقهاء عدم قبول شهادة المرأة فى هذه الأبواب فقد حكى ابن قدامه قائلا : " أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ . وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ : " لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ " ... وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا رِجَالًا أَحْرَارًا ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَا الْعَبِيدِ " .ا.هـ. ( المغنى 14/125 ) .
وبهذا يتبين ان إحكام شهادة المرأة تتفاوت فى المسائل والأحوال ، وان شهادة المرأة لا تساوى شهادة الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" : مارأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من احداكن ، قلن : وما نقصان ديننا وعقلنا يارسول الله ؟ قال : اليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ قلن : بلى قال : فذاك من نقصان عقلها ، اليس اذا حاضت لم تصل ولم تصم . قلن :بلى قال : فذ لك من نقصان دينها " ( رواه البخاري كتاب الحيض 304 )

- تعتبر الكاتبة عدم قبول شهادة المرأة فى الجنايات من الأحكام الفقهية التي بنيت على مفاهيم خاطئة ؟؟؟

لا يحق للكاتبة ان تعترض على مذاهب الفقهاء الذين بنوا آراءهم على دلالة الكتاب والسنة والقواعد الشرعية برأيها المجرد وتصف التراث الفقهي بأنه مفاهيم خاطئة وهذا فيه تطاول وجرأة على أئمتنا الأعلام ( انظر الإجماع لابن المنذر، ص64-65 ) .
تعتبر الكاتبة مفهوم الآية " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ " من المفاهيم الخاطئة لأن الكثير اعتبروها هى القاعدة الأساسية للميراث ، فانتقصوا المرأة واعتبروها نصف الرجل ...."
لا شك ان هذه الآية عامة في تفضيل الرجل على المرأة فى الميراث إذا كانا فى منزلة ودرجة واحدة كالأبن مع البنت والأخ مع الأخت ، وابن الأخ وابنة الأخ ، وابن الأبن وابنة الأبن وهذا أمر مجمع عليه عند الفقهاء ، اما ما استدلت به فى تفضيل المرأة على الرجل فهذه حالات لم تستوى فيه المرأة بالرجل فى المنزلة والدرجة ، ففضلت عليه لكونها اقرب إلى الميت منه !! وبهذا يتبين خلط الكاتبة فى ما بين المسائل واستدلالها بالمتشابه على الأمر المحكم .
تقول الكاتبة : لايوجد نص قرآنى او حديث نبوى ينص على ان دية المرأة نصف دية الرجل لأن عقلها نصف عقله ... وتطالب الكاتبة بالمساواة فى الدية كالرجل كما قال به الشيخ القرضاوى .
فأقول : الكاتبة فى قولها هذا خالفت إجماعا ثابتا عن فقهاء المسلمين ، ونصا صريحا عن رسول الله وهذه جرأة أخرى ، ولا يجوز لنا ان نتهم السنة الثابتة بالظلم أو ان نعتقد أنها تنافى العدل فالله أبصر منا بمصالحنا " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " وقال ابن المنذر ، وابن عبد البر : أجمع أهل العلم على ان دية المرأة نصف دية الرجل ، وهو إجماع الصحابة ، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فان فى كتاب عمرو بن حزم : " دية المراة على النصف من دية الرجل " ( رواه البيهقى 8/95 ) .

تورد الكاتبة رأى أبى حنيفة " لا يقطع الكامل بالناقص ، ولا الناقص بالكامل ، ولا الرجل بالمرأة " في عدم المكافأة في القصاص .

قلت: فهذا من باب تلبيس الحقائق على القراء والجمع بين ما هو متفق عليه وبين ما هو مخالف للأدلة الشرعية !! ، ولا شك ان رأى أبى حنيفة ضعيف في هذه المسألة والصواب مع الجمهور الذين لم يفرقوا بين الرجل والمرأة فى باب القصاص ولكن هذا لايدل بحال على مساواة المرأة للرجل فى باقي الأبواب .
قالت الكاتبة : إن من الأحكام الفقهية التى بنيت عليها مفاهيم خاطئة: حرمان المرأة من حقها فى الولاية العامة والقضاء .
فأقول ورد الحديث الصحيح " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " ( رواه البخاري : ( يلغي حق الولاية للمرأة ، وقد أكده صلى الله عليه وسلم (بلن) الدالة على التأبيد المطلق للنفي .
أما القضاء فالجمهور على عدم جواز ذلك ( انظر رسالة : ولاية المرأة في الفقه الإسلامي ، للباحث حافظ أنور ، ص 222 وما بعدها ) .


فوزيه الخليوى
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
نشر فى جريدة المدينة /ملحق الرسالة الجمعة 15-جمادى الأولى 1428
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فوزية الخليوي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط