اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/hanan/9.htm?print_it=1

رحيق الحب

د.حنان لاشين أم البنين


للحب الحلال رحيق حلو,
وله زهور عطرها ثمين عتقته أشواق المحبين,
لا تنسكب زجاجاته أبدا إلا على كفوف أصحابها ،وهكذا هي زهرتنا الطاهرة،أمها خديجة،وأبوها النبي صلى الله عليه وسلّم ,إنها
زينب
كبرت زينب فزوّجها النبي من بن خالتها
أبي العاص بن الربيع ،
فأزهر قلبها وصار لحبها رحيق
وبعث النبي عليه الصلاة والسلام،وجهر بدعوته،فأراد الكفار إيذاءه فيها،
فاجتمعوا وذهبوا لأبي العاص وعرضوا عليه أجمل بناتهم ليتزوجها ويطلّق زينب ،
فالتفت إليهم قائلا:
والله ما أطلقها وما أفارقها أبدا مهما عرضتم عليّ من بنات العرب ..وكيف يتزوج غيرها وقد ذاق الرحيق
ودارت الأيام،وهاجر النبي،وبقيت زينب مع زوجها الذي لم يسلم بعد،
و ذهب مقاتلا في غزوة بدر،فوقع أسيرا،وأرسل أهل مكة المال فداء لأسراهم،
وجمعت هي ما تقدر عليه حتى تلك القلادة التي أهدتها لها أمها خديجة،
وأرسلتها معهم ووضعت أمام النبي صلى الله عليه وسلّم، فعرف القلادة ورق لها رقة شديدة وتذكر زوجته وعرف الصحابة ذلك فقرروا أن يطلقوا أبى العاص ويردوا إليه ماله والقلادة،
بعد أن وعدهم بأنه سيطلق سراح زوجته لتهاجر لأبيها،
وعاد لمكة حاملا لذكريات حلوه جمعتها قلادة حررته من أسره،
لكنها أسرت فؤاده،وهاجرت زوجته للمدينة تحمل في أحشائها جنينا فقدته في الطريق،
وتحمل في صدرها قلبا جريحا لا يكف عن الأنين.
ودارت أيام والحب لا يزال أسيرا ،وخرج أبو العاص للتجارة فوقعت قافلته في أيدي المسلمين ،
ففر هاربا يبحث عن بيت زينب وطرق بابها وهو لا يدري هل هذا صوت طرقاته على بابها أم هو صوت دقات قلبه المشتاق،
استجار بها فأوته لبيتها وخرجت للمسجد صارخة لتعلن أنها أجارته،
فأقبل النبي عليها بحنان قائلا:
(يا بنيتي أكرمي مثواه ولا يقربنّك فإنك لا تحلين له)
فالتفتت في حياء وقالت :
إنما جاء يطلب ماله
وانطلقت في طريقها ،طائعة لربها ولأبيها حتى وهي مشتاقة لحبيبها،
تلملم رحيق الحب وتحبس الأشواق،
وترفع الإبتهالات لرب رحيم أن يهدي حبيبها للإسلام،
ووصلت أخيرا ووقفت أمامه وأبت زهرتنا أن تتفتح ،
وعفّت أن تسكب عطرها الطاهر،فهي لا تحلّ له وهو لا يحلّ لها،
فعاد هو بالمال لمكة وهو يتفكر في عظمة هذا الدين،
وأعاد الأموال لأصحابها وانطلق عائدا ودخل على النبي جاهرا بالشهادتين ..وأخيرا حل الربيع و تفتحت زهرتنا وتعطركلاهما بالحب الحلال ،
وكذلكِ أنتِ حبيبتي,
فلتحفظي رحيق الحب حتى يأذن الله ويأتيكِ زوج صالح،
وحتى وإن تقلبت الأشواق في صدرك فاحفظي نفسك،
كما حفظتها زينب..
فكوني مثلها..
كوني صحابية


 

د.حنان لاشين
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط