صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تربية عبر الهاتف!!

هيا الرشيد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


من المعروف أن من الشغل الشاغل لكل أب سَوِيٍّ تحصيل لقمة العيش له ولأفراد أسرته في هذه الحياة.

وتتفاوت أعمال الآباء حسب الظروف التي يعيشونها والمناطق التي ينتمون إليها، بالإضافة إلى الشهادات والتخصصات التي حصلوا عليها، فمنهم من يشغل منصباً عالياً من خلال وظيفة مرموقة، ويحصل على راتب كبير، ومنهم من تكون وظيفته متواضعة أو أقل من ذلك، وبالتالي يكون دخلها يسيراً، يكاد لا يغطي نفقات البيت والأسرة.

وسواء كان هذا الأب موظفاً كبير المنصب والدخل، أو موظفاً بسيطاً قليل المنصب والدخل، فالعمل الشريف الذي لا يعتريه أي نوع من المحاذير الشرعية يعتبر عملاً مشرفاً أياً كان نوعه ومقدار الدخل المترتب عليه.

نجد أحياناً بعض الوظائف والأعمال التي يشغلها الآباء تتناسب بشكل كبير مع نظام حياة الأبناء، حيث يخرج الأب صباحاً مع أبنائه، ومن ثم يعود ظهراً بعد حضورهم من مدارسهم بوقت يسير، وهذا شأن الوظائف الحكومية المتوسطة، ومن خلال هذا النظام يكون للأب فرصة كافية للعناية بأبنائه، والقيام بواجباته تجاههم، أما بعض الوظائف العالية سواء كانت حكومية أم خاصة فنجد النظام على النقيض تماماً، حيث يغادر الأب البيت بعد خروج الأبناء في الصباح ومن ثم يبقى الساعات الطوال في أعمال لا آخر لها.

وقد يكون الموظف أو العامل البسيط يعيش الأسلوب نفسه من الانهماك التام في طلب الرزق، وتكون النتيجة الحتمية لذلك هو التقصير الكبير في حق الأبناء، ولكن للعامل أو الموظف البسيط العذر في التقصير؛ لأنه مضطر لتأمين مستلزمات الحياة، ولكن اللوم كل اللوم على تقصير أصحاب المناصب العالية والوظائف الكبيرة، ورجال الأعمال وغيرهم، فالأم وإن عملت الليل والنهار على رعاية الأبناء، فلن تستطيع أن تحل محل الأب كما ينبغي، خاصة في وجود الأبناء الذكور في سن المراهقة، وإن كانت المتابعة عبر الهاتف كما يفعل كثير من الآباء، فهي متابعة مبتورة خالية من النصح والتوجيه، وبوادر الحزم والشدة التي تتطلبها الظروف أحياناً!

كثير من الأبناء في هذا الزمان المليء بالمغريات بحاجة إلى وقفة صادقة من آبائهم معهم أكثر من حاجتهم إلى مزيد من المال أو توفير أدوات الرفاهية والكماليات، فما الفائدة من الرواتب العالية أو المشاريع الكبيرة، ووفرة المال، والنشء يعيش الفراغ، ويلاحق رفاق السوء، ويلهو قدر طاقته من خلال أشياء قد تؤدي بمستقبله إلى الدمار!

كلمة من الأعماق:
إلى كل صاحب منصب كبير، أو وظيفة مرموقة، أو أعمال خاصة وناجحة، إلى كل من أشغلته الحياة الوظيفية عن فلذات كبده، وإلى من أغرته المادة عن أسمى عمل قد يقوم به، أقول لهؤلاء: أبناؤكم بحاجة إليكم، وحياتهم لن تقوم على مجرد طعام أو شراب، أو تأمين لمستلزمات المدرسة، فواجبكم نحوهم أسمى وأكبر من ذلك بكثير، تابعوا بناتكم وانظروا إلى أين يذهبن وبمن يتصلن، ولا تغفلوا عن أولادكم وتأكدوا من سلوكهم، والأهم من ذلك تعرفوا على نوعية الرفقة التي يحرصون عليها، ولا تكن الغفلة منكم؛ حتى لا يقع ما لم يكن في الحسبان، فالعمل الآن والمتابعة ووقاية الأبناء من أولاد وبنات من الشرور المحتملة المحيطة بهم، خير من جرعات الندم في المستقبل عندما تزل أقدامهم أو يقع لهم مكروه لا قدر الله.!
 

 
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
هيا الرشيد
  • الأسرة والمجتمع
  • الفكر والثقافة
  • القصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط