صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ملف/ أوراق متناثرة .. د. عبد الرحمن السميط (2)

إعداد حورية الدعوة
@huria_alddaewaa

 
بسم الله الرحمن الرحيم

 

(27)

ربع قرن في إفريقيا


خلال سنوات عملي لأكثر من ربع قرن في إفريقيا كان أكثر ما يدخل السرور في قلبي، أن أرى شخصاً يرفع السبابة إلى أعلى ويعلن شهادة التوحيد، ويسلم، فهم بهذا يزيدون إيماني بهذا الدين وعادة ما أسأل هؤلاء عن سبب اقتناعهم بهذا الدين وسمعت منهم آراء مختلفة منها :

* تربيت على يدي قسيس يصلي في البيت صلاة المسلمين خفية ولا يدرس هذه الصلاة لأتباعه.


* المسلمون لا توجد بينهم خلافات حادة في موضوع الإرث لأن الموضوع محسوم عندهم بالقرآن والسنة.


* أعجبني حفاظ المسلمين على النظافة والاغتسال والوضوء بينما أصحاب العقائد الأخرى في إفريقيا تجد الملح يتجمع على أطرافهم.


* عشت في نكد من الحياة ولم أعرف الراحة وهدوء البال إلا منذ أن أسلمت.


* تزوجت بفتاة مسلمة رغم أنف عائلتها وكانا يصران على أن أسلم قبل الزواج ولكني رفضت وبشدة .. أنجبنا سبعة أولاد كلهم ماتوا في أيامهم الأولى. دعاني والد زوجتي وقال لقد آذيتني كثيراً في ابنتي وإذ لم تقبل بالدخول بالإسلام أو تطلقها تخليت عنها وأعلنت براءتي منها وحسابنا جميعاً أمام الله يوم القيامة، خفت من هذا التهديد وتأثرت بكلامه وبعد تفكير قررت أن أسلم، وأحببت الإسلام، وحسن إسلامي وأنجبت ولداً عمره الآن 12 سنة.


* أسلمت لأنني منذ مدة وأنا أراقب المسلمين ودينهم لا يأمر إلا بخير.


* عقيدة الإسلام في التوحيد سهلة سلسة لا تعقيد فيها يقبلها العقل مقارنة بعقائد أخرى.


* كل ما قلتموه لنا عن الإسلام طيب فلم تأمرونا بأي شيئ سيئ فكيف لا أسلم.


* الفساد الذي رأيته في الكنيسة سواء كان فساداً أخلاقياً واعتداءات جنسية أو سرقات مالية يقوم بها رجال الكنيسة.


* كل يوم يمر علي في الإسلام أزداد علماً وأزداد حباً لهذا الدين وأنا نادم على كل يوم عشته قبل أن أعرف هذا الدين العظيم.


* اكتشفت أن كل ما كنت أسمعه عن الإسلام من أعدائه أكاذيب.


مجلة حياة العدد (60) ربيع ثاني 1426هـ



(28)

بيوت طينية

عندما يزور الإنسان بعض مناطق المسلمين في إفريقيا يتساءل بينه وبين نفسه هل حقاً نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، إن وضع المسلمين في إفريقيا لا يبكي المقلتين بل يبكي القلب دماً.


أتذكر زيارتي إلى ضاحية الرحمة من ضواحي عاصمة السودان التي يسكنها أشخاص أغلبهم من نازحي منطقة جبال النوبة في جنوب غرب السودان من المسلمين .. هربوا من الحرب الأهلية التي كانت هناك ولديهم آلاف الأيتام الذين فقدوا عائلهم.


زعيم المنطقة السلطان عبد الله كافي قائد قوي ورئيس قبيلة محترم تألم بشدة لإهمال منطقته في جبال النوبة من قبل الحكومات المتعاقبة والتحق بالتمرد مع العقيد جون غارنغ ولكنه رأى أن التمرد لا يلبي تطلعاته وهو المسلم فعاد إلى السلام وترك التمرد ليقود قبيلته في مسيرة التنمية، ورغم اتساع الحي الذي يسكنه إلا أنه رفض بناء كنيسة من قبل المنظمات الغربية الكنسية رغم كل المغريات التي قدموها له، وبدأ برنامجاً دعوياً وسط النازحين مما شجعنا على أن نجمع له تبرعات ونرسله للحج فهذا منهجنا مع القادة التقليديين من أمثاله، وزاده الحج حماساً.


المدرسة الوحيدة هناك فيها أقل بقليل من 2000 طالب وطالبة والمدرسة أشبه بخرابة بل هي كذلك فالحوائط من الطين الذي هدمه المطر والطلبة أغلبهم بلا مقاعد يجلسون على التراب والفصول بلا سقف .. إلخ ولم يزد هذا السلطان عبد الله إلا إيماناً وإصراراً على السير في طريق الإسلام والسلام، المدرسة بلا قرطاسية ولا سبورات ولا كتب للمناهج ولا .. إلخ .. فهم نازحون فقراء لا يستطيعون تدبير طعام لهم فكيف بالكتب والدفاتر والأقلام.


قدمنا لهم شيئاً قليلاً من الكتب المنهجية للمدرسين وفرحوا بها فرحاً شديداً، ما رأينا هناك صورة من حياة المسلمين في إفريقيا .. ما رأيناه زادنا إيماناً فهؤلاء رغم فقرهم وجوعهم لم يساوموا على دينهم، لله درك من قوم إيمانهم غير قابل للمساومة رغم أوضاعهم المادية المزرية ... لقد تعلمنا منهم دروس في الإعتزاز بالإيمان وهم الذين يسكنون في بيوت طينية ينام ليلة بعد عشاء بسيط وليلة على الطوى ورغم هذا يركلون المساعدات التي تعرضها الكنيسة لأنهم يعلمون أن هناك شروطاً ظاهرة أو غير ظاهرة لإخضاعهم، بل إنهم أنشأوا 12 من كتاتيب القرآن من القش أو الطين.


كثير منهم ساروا أياماً في وسط الغابات والصحاري هرباً من الحروب لأنهم لم يكونوا يملكون تكاليف المواصلات أو لأنه لا توجد مواصلات وبينهم الآلاف من الأيتام الصغار...


جمعية العون المباشر- لجنة مسلمي أفريقيا

المركز الرئيسي 866888

بيت التمويل الكويتي

الزكاة 54696 – الصدقات 54686

ص.ب 1414 الصفاة 13015

المرجع: مجلة حياة العدد (63) رجب 1426هـ



(29)

للباحثين عن السعادة

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

كلنا ننصح الآخرين ونطلب منهم التضحية بالمال والوقت في سبيل الخير ولكن في خضم الاندماج في ذلك ننسى أن ننصح أنفسنا بما نصحنا به الآخرين وشعوراً مني بأنني قضيت عمري ركضاً وراء الدنيا، وأن الموت قد لا يكون بعيداً وزادنا قليل ناقشت مع زوجتي موضوع هجرتنا إلى أفريقيا والتفرغ للعمل الخيري وخاصة الدعوة ووافقت أم صهيب على الفور واخترنا جنوب شرق مدغشقر حيث تقطن قبيلة الانتيمور التي هاجرت من الحجاز قبل 800 سنة والتي كانت قبيلة عربية مسلمة إلى عهد قريب، وبسبب وفاة العلماء وعدم اهتمامنا نحن العرب بإخواننا في أفريقيا تحولوا تدريجياً إلى الوثنية والمسيحية، ونسوا هويتهم العربية والإسلامية وعددهم أكثر من نصف مليون نسمة يضاف لهم مثل هذا العدد من قبائل أخرى استقرت هنا واختلطت بالانتيمور.

شعرت أنا وزوجتي أنه قد آن الآوان أن نفعل ما ندعو الناس إليه ليفعلوه وذهبنا هناك مع أهلي يزورني ابني الأصغر عبد الله وهو طالب جامعي في كل إجازة حتى يدعو .. ولا يمر يوم دون أن يسلم ثلاثة إلى خمسة أشخاص.


قبيلة الانتيمور لا تأكل الخنزير ولا تحب الكلاب والنساء عندهم يحبون الحجاب وكتابتهم بالحرف العربي ويتذكرون المكان الذي جاؤوا منه ويقولون إنه جده ولا يعرفون أين هو .. لم يسمعوا بالمملكة العربية السعودية ولكنهم 
يعرفون قرية مباركة قرب جدة اسمها (مكة) ..!


فقدت هنا الكثير مما تعارفنا عليه في بلادنا واعتبرناه من أساسيات الحياة المرفهة لكن الله عوضنا راحة نفسية لم نذق مثلها في حياتنا.


أعيش في مركز للأيتام ومعهد شرعي ومدرسة ومستوصف وأشعر بلذة كبيرة حينما أشارك الأيتام لعبهم رغم الفارق بين شخص تعدى الخامسة والخمسين من عمره مقارنة بالأيتام الصغار. لا تصلني الأخبار السياسية إطلاقا فلا تلفاز ولا مذياع ولا جرائد وحتى الإنترنت يستحيل فتح بريدي فيه.


ملخص ما كتبت أعلاه للباحثين عن السعادة .. لن تجدوها في المال ولا في البيوت الفارهة ولا السيارة والملابس ولكن في مسح رأس يتيم وفي شعورك بأن حياتك قد قضيتها في خدمة إخوانك وفي مساهمتك في هدايتهم.


المرجع: مجلة حياة العدد (71) ربيع أول 1427هـ



(30)

نموذج الداعية المطلوب

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

في أوائل الثمانينيات قمت بزيارة لموزمبيق، وكان ذلك في عهد الحكومة الشيوعية التي جاءت بعد الاستعمار البرتغالي الكاثوليكي الذي استمر لأكثر من 500 سنة، استعبد خلالها الناس، واستخدمهم بأسلوب السخرة الإجبارية، حتى مات مئات الألوف منهم، وجعل الرجال من المواطنين المحليين يهربون من بيوتهم وقراهم ليلاً، وينامون في الحقول في أكواخ صغيرة جداً خوفاً من هجمات القوات البرتغالية عند الفجر لأخذهم قسراً للعمل مجاناً في مشاريع البرتغاليين،

 خلال زيارتي كنت أمر على الكثير من القرى المسلمة، فأسلم على أهلها فلا أسمع جواباً، لأن أياً منهم لم يكن يعرف كلمة (السلام عليكم)، بل وإن غالبيتهم لم يكونوا يعرفون شهادة لا إله إلا الله،
 تأملت وضعهم وبكيت بحرارة، حتى رزقنا الله باثنين من الأطباء الدعاة قاما بتدريب شخص من كل قرية وعلماه مبادئ الإسلام واللغة العربية، ورغم الحرب الأهلية التي كانت غير بعيدة عن مكانهما، إلا أنهما استمرا في الدعوة والتطبيب.

انشغلت بعملي في دول أخرى في إفريقيا وزرت موزمبيق مرة أخرى بعد سنوات عدة، وفوجئت بأعداد غفيرة من الأطفال يستقبلونني في معظم القرى وهم يرددون 
(طلع البدر علينا من ثنيات الوداع) بلغة عربية سليمة، ووجدت الكثيرين منهم يحفظون جزء عم، ويعرفون أركان الإسلام والوضوء والصلاة، لم أصدق أنهم سكان القرى نفسها التي زرتها من قبل، والتي لم تكن تعرف شيئاً عن الإسلام.

الحقيقة أن المطلوب هو دعاة ينذرون أنفسهم لله ويبيعون دنياهم بآخرتهم، وأن يتخذوا هذا القرار بتأن بعيداً عن العاطفة والحماس، وعندئذ نستطيع أن نحمل رسالة الإسلام إلى كل مكان.


وللعلم فإن هناك أثاراً إسلامية في موزمبيق تدل على أن المسلمين والعرب قد سكنوا هذه المناطق منذ أكثر من 1000 سنة، ويدعي وزير العدل الموزمبيقي (وهو مسلم) أن أصل اسم موزمبيق هو موسى بن بيك، وعملتهم لا تزال حتى الآن تسمى مثقال.


المرجع: مجلة حياة العدد (90) شوال 1428هـ



(31)

البعوض الجامبو ودعاة الكنيسة

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

عندما أرى أحد الغربيين وقد هجر حياة الرفاهية في دياره وجاء ليعيش في إفريقيا وأدغالها بعيداً عن الحياة المدنية والراحة، أحس بالغصة لأنني مع الأسف أرى أحفاد حملة الرسالة الإسلامية يتمسكون بزخرف الدنيا، ويرفضون التفرغ لمساعدة إخوانهم.

قابلت قسيساً كاثوليكياً من مالطة – يعيش في قرية نسبة الإسلام بين سكانها مائة في المائة – منذ 30 سنة بدون كهرباء ولا ماء ولا أبسط أساسيات الحياة المعقولة، البعوض فيها لم أجد مثله في مكان آخر من حيث الحجم وحبه لمص الدماء،

 سألته عن راتبه 
فأجاب بابتسامة وكأنه يقول لي كم تتوقع راتباً لمن يرضى بالبقاء هنا؟
 إنه لا يتسلم أي راتب ولا يأخذ أجازة إلا كل 7 أو 10 سنوات، ليس له طموحات في الدنيا غير خدمة الكنيسة، راض بمعيشته في هذه المنطقة التي يكثر فيها اللصوص المسلحون ولا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة،
أصيب بالملاريا مئات المرات، وأقرب مكان يحصل فيه على حبة أسبرين يبعد عنه عدة ساعات بالسيارة، ورغم هذا هو سعيد بحياته! التقيت بالمئات من مثله من الغربيين ولكن يندر أن أقابل مسلماً عربياً واحداً في مثل هذه الأماكن، أين أنتم أيها العرب المسلمون؟

التقيت بمجموعة من القساوسة الغربيين البروتستانت مع عائلاتهم يعيشون في قرى مسلمة نائية في وسط كينيا داخل حاويات لنقل البضائع لأن الأهالي رفضوا السماح لهم ببناء منازل لهم بل رفضوا بناء مستشفى أو مدرسة.


أخبرني قس أمريكي أنه يذهب بالسيارة كل أسبوع مسافة خمس ساعات مع أهله لكي يغتسلوا فالماء نادر جداً في هذه القرية ورغم هذا فإنه عاش عدة سنوات وسط الأهالي رغم أنهم يرفضونه.


المرجع: مجلة حياة العدد (91) ذو القعدة 1428هـ



(32)

دعوة إبراهيم عليه السلام لمكة

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

من عادتنا أن نجمع كل عام تبرعات لإرسال بعض شيوخ القبائل ورؤساء القرى والقيادات التقليدية من إفريقيا إلى الحج.


وفي إحدى السنوات أرسلنا أحد زعماء قبيلة الأنتيمور في جنوب شرق مدغشقر (وهي قبيلة وثنية ذات أصول عربية إسلامية) وعندما عاد من مكة سألناه عن أكثر ما أعجبه فقال:


أولاً دخلت مكة ثم المسجد الحرام، ولم أكن أرى حولي سوى الجبال الجرداء، فقلت في نفسي إننا سنظل جياعاً هنا، فلا أشجار ولا زراعة، ولكنني فوجئت بأنواع من الفواكه والخضروات ومختلف أصناف الطعام مما لم أكن أحلم به أبداً، وتساءلت في نفسي: لماذا لا يتوفر عندنا في مدغشقر، رغم ما فيها من خيرات وأشجار وأنهار، نصف ما يتوفر في مكة المكرمة؟


وثانياً لم أصدق أن أتباع الإسلام بهذه الكثرة، إذ رأيت مئات الألوف وربما الملايين كلهم يلبسون نفس الإحرام، سواء من كان منهم ملكاً أو خادماً، ويؤدون نفس المناسك. مما زاد من إيماني.


لكن صاحبنا نسي دعوة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لمكة 
(رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [سورة إبراهيم – 37].

وقال ضيفنا الحاج إن أمنيته أن يصبح أفراد قريته مسلمين، يفهمون دينهم كما يفهمه أولئك الذين رآهم في مكة، وأنه يتمنى أن يتبنى أحد المحسنين بناء مدرسة لهم يتعلمون فيها علوم الدين والدنيا حتى يكونوا مسلمين صالحين.


المرجع: مجلة حياة العدد (92) ذو الحجة 1428هـ



(33)

دعاتنا والقساوسة

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

في كل عام يسلم عشرات القسس المسيحيين،

والكثيرون منهم تحولوا إلى دعاة، بل إن بعض أفضل الدعاة في مكاتبنا هم من القسس السابقين.

بإسلامهم يفقدون الكثير من المزايا، السكن، الراتب والحياة الهادئة. وكم من قسيس رأيته وقد قذف به إلى الشارع.

ما زلت أذكر قصة أحدهم في ليبيريا. فقد ولد مسلماً، وبسبب وفاة والده وعدم وجود من يكفله استطاعت الكنيسة أن تقنع أهله الفقراء بأنها ستوفر له حياة أفضل، وبسبب جهلهم وافقوا.


كبر الطفل وقضى أكثر من عشر سنوات في المدارس والكليات المسيحية في فرنسا والولايات المتحدة.


وفي يوم من الأيام، استمع إلى أحد دعاتنا يتحدث عن الموت، فتأثر بحديثه وبقي كلام الداعية يرن في أذنيه. وبعد عدة أيام قرر أن يقابل رئيسه في الكنيسة ويخبره بأنه سوف يدخل الإسلام. استقبله القس الكبير برحابة صدر، وقال له إن جميع الناس يمرون بفترات نفسية صعبة، وإن عليه الانتظار والدعاء، وأنه هو نفسه يصلي إلى المسيح لمساعدته في العودة إلى النصرانية. لكن صاحبنا كان قد اتخذ قراره الذي حاول القس الكبير أن يثنيه عنه بكل الوسائل من دون جدوى.


لما شعر القس الكبير بالفشل، حذر صاحبنا من أنه سيفقد الكثير، فسحب منه مفتاح المنزل ومفتاح سيارته وكل شيء حتى ملابسه الخارجية وتركه في ملابسه الداخلية وكنت آنذاك في زيارة إلى ليبيريا. وجاءنا يوم جمعة قبل الخطبة. وليس عليه إلا ما يستر عورته ليعلن أمام المصلين في المسجد عن فرحته بدخول الإسلام. فقام أحد المسلمين ونزع قطعة من ملابسه وأعطاه إياها. وقام ثان وفعل نفس الشيء. وقام ثالث في منزله.


سمعت عنه بعد مدة أنه مجتهد في دعوة المسيحيين وتحذير المسلمين من الابتعاد عن عقيدتهم.


المرجع: مجلة حياة العدد (93) محرم 1429هـ



(34)

الحكمة في الدعوة

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

قبيلة الغبرا من أثيوبيا وكينيا قريبة جداً للإسلام وقد زرنا قرية عيل روبا في شمال كينيا للدعوة فأسلمت عائلة كاملة (الأب والأم والأولاد) ما عدا بنت عمرها 19 سنة، أعلنت أنها ستكون مسيحية!

استغربنا ذلك لأن كل إخوانها أسلموا، ولم يدعها أحد إلى المسيحية..! فقالوا لنا إنها مخطوبة وخطيبها مسيحي. وتقضي تقاليدنا أن المرأة على دين زوجها، وقد استلمنا من الرجل المهر أبقاراً ولا نستطيع أن نفسخ الخطبة، ولا سبيل أمامنا، وأمام البنت سوى أن تقترن بهذا الرجل وتتبعه على دينه.

ناقشناهم في ذلك، وقلنا إن رد أموال الرجل أهون من إهدار حق البنت في اختيار الدين الذي تقتنع به.

وبعد نقاش معهم اقتنعوا وردوا أموال الخاطب وفسخت الخطبة، وأسلمت البنت فرحة مسرورة وقد سميناها خديجة.

هذه الحادثة توضح الحاجة إلى سعة الصدر في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما تبين استعداد معظم الناس لقبول رسالة الإسلام إذا ما وجدوا من يقدمه بصورة محببة للنفوس.


إن مشكلتنا الكبرى ليست في إعلاء الإسلام بقدر ما هي من بعض شباب الإسلام الذين يستعجلون النتائج ويطلبون أن يتغير الناس إلى أمثال الصحابة رضوان الله عليهم.


والله لقد رأينا إقبال مئات الألوف على الإسلام خلال السنوات الماضية. لأننا لم نحاول أن نجبرهم إجباراً على اعتناقه، وحاولنا أن نكون نحن في تعاملنا معهم صورة صادقة من تعاليم الإسلام. وتسلحنا بالحكمة في الدعوة، ووجدنا النتائج في أكثر من 1/2 6 مليون شخص غير مسلم يدخلون في دين الله أفواجاً خلال 27 سنة من عملنا، بعضهم أنهوا دراستهم في كليات الشريعة والكليات والجامعات الأخرى بفضل الله وتحولوا إلى دعاة للإسلام.


يا شباب الإسلام 
الله الله في الالتزام بالدعوة بالحكمة كما أمرنا القرآن، والصبر على الأشواك في طريق الدعوة، فالجنة هي سلعة الله.. وسلعة الله غالية.

أقمنا في قرية عيل روبا خمسة أيام وبقينا ننتظر المواصلات، وكنا نسكن في المسجد نعيش على الحليب وقليل جداً من دقيق الذرة نطبخه.

انقطعت بنا السبل، ويئسنا من المواصلات فذهبنا إلى القسيس المسيحي، وحاولنا التفاوض معه في أن يؤجر لنا سيارته لأخذنا إلى أقرب مكان توجد فيه مواصلات عامة مقابل مبلغ من المال ولكنه رفض بشدة قائلاً: لماذا أتيتم إلى هنا، أما رأيتم الكنائس في كل مكان.. لقد تركنا لكم مدينة مرسابيت، ولكننا لن نترك هذه المنطقة أبداً.

عقدنا جلسة للتشاور بعدها مشينا على أقدامنا ثماني ساعات كاملة من بدون راحة قطعنا فيها 42 كيلو متراً إلى قرية كلتشا وعطشنا عطشاً شديداً، تفطرت أقدام البعض منا ولكن ترحيب إخواننا في كلتشا أنسانا كل التعب فلله الحمد والمنة.


المرجع: مجلة حياة العدد (89) رمضان 1428هـ



(35)

مواليد القرية أسموهم عبد الرحمن

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

خرجنا للدعوة في القرى الواقعة بشمال كينيا عبر طرق غير معبّدة، وليس عليها أثر لحركة المرور، إلى درجة أنك إذا سألت شخصاً عن الطريق إلى مقصدك دلك على طريق للمشاة.


فالكثير منهم لا يعرف الفرق بين الطريق الذي يصلح لسير السيارة أو للراجلين.


وصلنا القرية التي كان أهلها على علم بقدومنا فلما حدثناهم عن فرائض الإسلام، ووضحنا لهم نقاط الالتقاء بين ما يؤمنون به وبين الإسلام، طلبنا منهم أن يسألوا عما لا يعرفون عن أمور هذا الدين، ولكننا استغربنا من بعض الأسئلة البسيطة، التي تحتاج إلى حكمة في الإجابة.


وزعنا هدايا على كبار أهلها ثم أعلن بعضهم الإسلام وبدؤوا يسألون عن مصير آبائهم الذين ماتوا على دين العادة كما يسمونه، قلنا لهم: إن من يموت على غير الإسلام، فأمره لله سبحانه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.


سألونا: عن الطريقة التي يكفرون بها عما مضى من أعمارهم، فقلنا لهم بالعمل الصالح ودعوة الآخرين إلى الإسلام. ومن علامات حسن إسلامهم أنهم قاموا ببناء مسجد من القش وطلبوا تعيين إمام له أو داعية يعلمهم مبادئ دينهم. سألت عنهم بعد عدة سنوات فعلمت أن القرية كلها أسلمت ولله الحمد، ما عدا اثنين من كبار السن أسأل الله لهما الهداية.


ما حدث في هذه القرية هو نتيجة للتعامل بالحسنى والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، التي مكنتنا من استمالة قلوب هؤلاء الناس إلى دين التوحيد. إنهم لا يزالون يذكرون اسمي، وبلغني أنهم سموا مواليدهم الذين ولدوا في سنة لقائي بهم باسمي ’’ عبد الرحمن ,, !.


المرجع: مجلة حياة العدد (95) ربيع أول 1429هـ



(36)

الفجر قادم لا محالة

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

يستغرب الإنسان حينما يؤتى من حيث لا يتوقع، أذكر أننا كنا في قافلة دعوية خرجنا لدعوة بعض القرى، وجاءنا طفل مسلم صغير عمره 4 سنوات، اسمه هارون ملاووزي ومعه طفل آخر عمره 10 سنوات اسمه يوحنا سكالا لكي يدخل في الإسلام، ولا أدري ماذا قال الطفل المسلم للطفل الآخر حتى أقنعه بالإسلام المهم أننا أعطيناهم قطعاً من الحلويات ورحبنا بهم ولقنا الطفل الكبير الشهادتين.


وفي قرية تشاسانغا جاءتنا امرأة كبيرة في العمر قالت أنها سمعت إشاعات بوصولنا إلى المسجد ثلاث مرات وأنها جاءت 3 مرات حتى تلقانا وتسمع عن الإسلام ولكنها لم تجدنا يوماً، وأنها مسرورة اليوم جداً، أن جئنا إلى قريتها.

بدأت تسألنا ونحن نجيب، ثم قررت أن تلتحق بركب المهتدين، لقناها الشهادتين، وفي اليوم التالي جاءت بعد صلاة الفجر إلى المسجد حتى تلتحق بدورة المهتدين الجدد وتتعلم أمور دينها من الدعاة الذين تركناهم بالمسجد لهذه المهمة.

هذه القصص وأمثالها علمتني أن لا أقنط إذا ادلهمت الأمور وزاد الليل ظلمة ويجب أن أتيقن أن الفجر قادم لا محالة، وأن الله يفعل ما يريد، وأنه لا يحدث إلا ما كتب الله وقدره.


وكم من مرة قضينا وقتاً كثيراً في بعض القرى دون أن نحصل على أي نتيجة لنفاجأ بأن الله سبحانه ساق أهل القرية بعد ذلك إلى الخير، فأسلموا بعد أن غادرناهم، وعلى المسلم أن يوطن نفسه، فيوم كله خير ونجاح وآخر لا نرى فيه نتيجة، وأفضل المسلمين من رضي الله عنه ورضي هو عن ربه.


 

وإذا كان الإسلام يعني الاستسلام الكامل لله، فإن مقتضى ذلك أن نرضى بما كتب الله لنا، وأن نرضى بما قدره الله علينا. وليس معنى ذلك أن نرضى بالدون، ولا أن نضعف عن طلب المعالي أو أن نقتل طموحنا في حياة أفضل. فنسبة اليأس في حياتنا تتناسب عكسياً مع مقدار إيماننا وثقتنا بالله.

المرجع: مجلة حياة العدد (79) ذو القعدة 1427هـ



(37)

كيس من الدقيق

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

من يتصفح تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم يرى قصصاً أقرب إلى الخيال خاصة فيما يتعلق بكرمهم وعطائهم. فكم من صحابي أو صحابية أعطوا كل ما يملكون ونسوا أنفسهم وأولادهم.

على هذا المنهج نحاول أن نربي أيتامنا وطلابنا ودعاتنا، فهو منهج الذين فتحوا الشرق والغرب، وهو منهج الذين رفعوا رايات التوحيد في العالم.


أذكر في الصومال أن أحد الدعاة المتعاونين معنا كان متوجهاً إلى صلاة الجمعة خطيباً في المسجد وعندما وصل وجد أن هناك شخصان يتشاجران أحدهما كان شرطياً في عهد الطاغية الهالك سياد بري والآخر يمسك به يقسم أن يقتله انتقاماً منه، لأنه ألقى القبض عليه آنذاك! وكل الناس يحاولون تهدئة الشخص دون جدوى

 قال له الداعية: ماذا ستستفيد لو قتلته؟ 
سكت الرجل ولم يجب
 فعرض عليه الداعية كيساً من الدقيق إذا أطلق سراح الشرطي السابق
 وبعد تفكير وافق الرجل
ولكن داعيتنا كان خالي الوفاض لا يملك شروى نقير، فاستلف مالاً من أحد المصلين واشترى به كيساً من الدقيق وأعطاه الشخص، 
ويشاء الله أن يأتي أحد الفقراء يطلب مساعدة من داعيتنا ويسهل الله شخصاً يعطي داعيتنا ما يعادل ريال سعودي هدية فيعطيه للفقير، ويبقى الداعية ذلك اليوم مع زوجته وأولاده بلا طعام من الفقر.

أذكر اليوم واليومين كنا نقضيها في الدعوة بلا طعام وكنت أقضي مع أولادي خمسة أيام أو أكثر في الغابات لا نأكل إلا الموز لأننا لا نريد أن نتأخر حتى نطبخ ونأكل، ووالله كنت أتمنى من أولئك الذين يبحثون عن السعادة في غير ما يرضي الله لو كان معنا ينام في المساجد، ويأكل ما يجده مما تنبت الأرض حتى يذوق السعادة الحقيقية في ظل طاعة الله سعادة لا تعادلها أموال الدنيا كلها.


أولئك الذين ينظرون إلى وفرة المال وكثرة المتاع كأنها هي السعادة يعيشون القلق، ولا يؤمنون بالقضاء والقدر، فلا يعيشون في أمان، ولا يسيرون مع ما كتب الله بسهولة وهين، تتجاذبهم نزعات الطمع والحرص ناسين قوله تعالى: (‏‏وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى‏). ولم يقرؤوا حديثه صلى الله عليه وسلم: (فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وأن أبطأ عنها).


أنظر إلى هؤلاء الفقراء البسطاء في إفريقيا يملؤهم الرضا ويغشاهم الأمن النفسي رغم الجوع والفقر والمرض لذا فلا مرض السكري ولا ارتفاع الضغط ولا أمراض القلب .. إلخ.


ذات مرة حدثني أحدهم عن قريته فقال لي: الحمد لله فيها كل شيء ولما سألته عن الكهرباء

قال: غير متوفرة
 والمياه، قال: غير موجودة
والطريق قال: لا بأس إلا أنه كله حفر وينقطع في وقت المطر ولا توجد بها بقالة يشترون منها حاجياتهم
ورغم هذا يقول بفخر: إن فيها كل شيء! ..
دخل أولادي عشة فاكتشفوا أن صاحبة الكوخ لم يدخل جوفها طعام منذ ثلاثة أيام لا هي ولا أولادها، ولما حاولوا إعطائها بعض الطحين رفضت بشدة، قائلة: إنهم أغنياء! وإذا كنا نريد مساعدة الفقراء فعلينا بالكوخ الذي خلفنا، والذين وجدناهم لم يأكلوا منذ 8 أيام.

كم مرة في المجاعات ألتقي بامرأة مع أطفالها سارت في الصحراء شهرين كاملين يأكلون العشب إن وجدوه فإن لم يجدوا رضوا بما قدر الله، وعلموا أنه لا يصيب الفرد إلا ما كتب الله له بدون تواكل ولا تكاسل عن السعي.


علمني هؤلاء كيف العيش برضا الله وكيف يكون الرضا بما قسم الله.


المرجع: مجلة حياة العدد (80) ذو الحجة 1427هـ



(38)

فضائع ضد العبيد المسلمين

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

من يقرأ التاريخ يصدم
 بفظاعة المدنية الأوروبية والكنيسة المسيحية ومن شاء فليقرأ ماذا كتب المؤرخون الفرنسيون أيام نابليون عما رأوه في سراديب الكنائس لمحاكم التفتيش في أسبانيا.

ويكتب القس الكاثوليكي الأسباني بروتولومي دي لاس كازاس عن فظائع الأسبان ضد الهنود الحمر في المكسيك في القرن السادس عشر:

ذات يوم خرج أسباني مسيحي لصيد الغزلان والأرانب ومعه كلاب الصيد، لكنه لم يصطد شيئاً، فاعتقد أن كلابه جائعة فانتزع طفلاً رضيعاً من أمه وقطع أطرافه بالسكين ورمى لكل كلب حصة من لحم الطفل الصغير ثم رمى باقي جسده كي تلتهمه الكلاب أمام أنظار أمه.

ذلك هو بطش المسيحيين رسل الحضارة الأوروبية وتلك هي فظائعهم. وليس عنا ببعيد ما فعلته الكنيسة الكاثوليكية في شمال البرازيل من فظائع ضد العبيد المسلمين الذي تم اختطافهم من أفريقيا، ورفضوا التنصر بالقوة ولجأوا إلى الغابات بقيادة مسلم اسمه محمود هرباً بدينهم فأفتت، الكنيسة بأن أي عبد مسلم يجب قتله، وإذا شاء مالكه في تعويض فإن الكنيسة تدفع التعويض، وقتلت منهم عشرات الآلاف، ولا زال أحفادهم يعيشون في إقليم باهيا شمال البرازيل حتى اليوم يخلطون الوثنية بالإسلام لم تصلهم الدعوة الإسلامية في زماننا هذا وجميعنا نتحمل مسؤولية الاهتمام بهم.


في الوقت الذي نفخر فيه بتاريخنا الإسلامي وسماحة المسلمين ونتذكر بالخير رفض شيخ الإسلام الشيخ مصطفى لاقتراح السلطان العثماني بأن يدخل كل النصارى في الإسلام بالقوة إلا أن علماء المسلمين رفضوا ذلك لأنه لا إكراه في الدين .. لقد كان منطلق السلطان العثماني سياسياً لأنه يريد شعباً متجانساً، وكان منطلق شيخ الإسلام وعلماء المسلمين من واقع كتاب ربهم. 

هذا هو الإسلام الذي نعرفه، ونحن ملتزمون بأحكامه سواء رضينا بها أم لم نشتهيها. وسواء رضيت به عقولنا الناقصة أم لم ترض بهذا الحكم أو ذاك، إنه استسلام كامل لله عز وجل وهو العارف بما هو خير لنا في الدنيا والآخرة.

مجلة حياة العدد (81) محرم 1428هـ



(39)

أم الخير

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

كل يوم يمر علي في أفريقيا أزداد إعجاباً بهذه الدعوة المحمدية، وأزداد ألماً عندما أرى الملايين من أتباعها لا يقومون بواجبهم تجاه دينهم، أشعر بالنفس اللوامة ورائي دائماً تسألني لماذا أرضى بأن أرتاح أو أنام في الليل؟ والملايين من الناس بحاجة إلى سماع كلمة التوحيد، وهم على أتم استعداد للإيمان بها ربما أكثر وأعمق من إيماننا نحن.


أذكر أننا بدأنا العمل في قبائل الماساي الوثنية البدائية المعتدة بنفسها وبعقيدتها الوثنية، والتي كانت تقاوم الإسلام حتى بنينا مركزاً للأيتام، أدخلنا مجموعة من أولادهم ولكنهم كانوا غير مسلمين.. لم يسلم الأيتام وحدهم، بل تأثرت بهم عائلاتهم، من بينهم أم أحد الأيتام أسلمت وتحمست بهذا الدين، وكانت تكثر من زيارة المركز بملابسها التقليدية ذات الألوان الحمراء الزاهية لتتعلم المزيد عن هذا الدين.

وكلما جاءت لزيارة المركز أحضرت معها مجموعة جديدة من نساء الماساي حتى يدخلن في الإسلام على يد الدعاة في مركزنا حتى سماها الأيتام”أم الخير“ نظراً للعدد الكبير من نساء الماساي اللواتي اقتنعن باعتناق الإسلام.

عشرات من أمثالها أسلمن عن قناعة بعد أن رأين المعاملة الحسنة من الدعاة والكلمة الطيبة.


للعلم قبيلة الماساي قبيلة بدائية تعيش على شرب دم الأبقار وتخلطه أحياناً بالحليب ويعتقدون أن كل الأبقار في العالم إنما هي هدية لهم من آلهتهم وأن عليهم واجب شرعي لسرقتها وإعادتها إلى الماساي.


وقد أسلمت عشرات القرى عن طريق أبنائهم من الأيتام.


المرجع: مجلة حياة العدد (83) ربيع أول 1428هـ



(40)

طريق الأشواك

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

من الأمور التي تعلمتها من عملي في إفريقيا منذ أكثر من 27 عاماً أن طريق عمل الخير هو طريق الشوك!!!


فقد يظن البعض أنه عندما يذهب لإقامة مشروع يخدم فئة من الناس في قرية أو مدينة في أفريقيا سيجد الطريق مفروشة بالورود وأنه ستذلل له كل الصعاب وتسهل له كافة الإجراءات وسيجد عبارات الترحيب والثناء تملأ له جنبات الطريق (وإن كان المفترض أن يكون ذلك لأنه ما خرج من بيته وترك أهله وأبناءه إلا لأجل هذا العمل خدمة للآخرين).


لكن الحقيقة المرة التي قد تصدم البعض أن من ذهبت إليهم لتقدم لهم هذه الخدمة هم أول من يقف في طريقك ويتفنن في وضع العراقيل أمامك وكأنهم قدر الله عز وجل في تمحيص فاعل الخير لتخلص نيته لله وحده سبحانه فقد يصاب فاعل الخير بالذهول عندما يجد أن تلك الصعاب لم تأت إلا من الجهات المستفيدة من المشاريع نفسها لا سيما الجهات الرسمية، ولأننا نتعامل مع رب الناس وليس الناس فإننا نكون أحرص على إقامة المشاريع من غيرنا من الناس خاصة وذلك لأننا على يقين أن مشاريعنا تصب في النهاية في خدمة دين الله ونشر الدعوة الصحيحة بين البشر.


من هذا الباب ومن خلال تجاربنا المريرة تعلمت أن طريق عمل الخير ليس مفروشاً بالزهور أو أنه طريق سهل ميسور وإنما هو طريق وعر مليء بالعقبات الكؤود التي ما أن تفك من واحدة إلا وكانت تاليتها أصعب وأشق من سابقتها بل تشعر أن 
الشيطان لا يمل من التفنن في مجابهتك لإثنائك عن عملك، لكن نصر الله تعالى وفرجه وتأييده سرعان ما يأتيك فتجرف حلاوة الإيمان كل ما أصابك من هم وتنسى كل لحظات الأسى بعدما تجد أن مشروعك قد اكتمل وأن غرسك الخير بدأ يؤتي ثماره وساعتها يزداد يقينك في قول الله تعالى: (أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال) [سورة النحل].

مجلة حياة العدد (87) رجب 1428هـ



(41)

دعاء الاستسقاء أدخل النصارى الإسلام

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

في محافظة أروى والمناطق المحيطة بها في شمال أوغندا، استمر الجفاف أكثر من سبعة أشهر، وتأثر الناس عامة والمسلمون خاصة بهذا الجفاف بما تسبب فيه من جوع وفقر، حيث إن أغلب سكان المنطقة من المسلمين،
وجاء الدعاة إلى مكتب لجنة مسلمي إفريقيا يستغيثون،
 وكان قدر الله أنه لم يكن في حوزة المكتب أي شيء آنذاك؛ فنصحهم العاملون بالعودة إلى أقاليمهم ودعوة المسلمين للصلاة والاستغاثة برب العالمين، والإكثار من النوافل من صلاة وصيام،
وعندما عادوا وجدوا أن القساوسة جمعوا النصارى ودعوا الله في كنائسهم أن ينزل عليهم الأمطار، ولكن الجفاف استمر؛
 فأرسل دعاتنا رسائل لجميع الأئمة في المحافظة يحثون فيها المسلمين على صيام ثلاثة أيام، ثم يصلون صلاة جماعية في عاصمة المحافظة، واجتمعت جموع غفيرة من المسلمين وبدؤوا في صلاة الاستسقاء في الحادية عشرة صباحا حتى صلاة الظهر، ثم الدعاء وهم صائمون، وقبل صلاة العصر انهمر المطر بشدة؛ فكبر المسلمون وهللوا في كل مكان،
وجاء النصارى يتساءلون عن هذه الضجة، وكان ذلك سبباً في دخول عشرات النصارى في الإسلام بعد أن قالوا (إن الرب يستجيب للمسلمين ولا يستجيب لنا).

مجلة حياة العدد (97) جمادى الأولى 1429هـ



(42)

وزراء يتعلمون الأبجدية العربية

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

عندما زرت أبيدجان عاصمة ساحل العاج، وجدت أمراً مثيراً للنظر، وهو أن المناطق الساحلية إما وثنية وإما مسيحية، والمناطق الداخلية مسلمة، والمسلمون فيها يعتزون بإسلامهم،

وعندما فكرت في سبب هذه التقسيمة، أحسست أن السبب هو أن المسلمين الذين هاجروا عبر مئات السنين من مناطق مالي والسنغال وغيرها بسبب الاضطهاد السياسي أو المجاعة؛

فتوقفوا بسبب الحزام الكثيف من الغابات الذي يمتد بمحاذاة الساحل، وبالطبع كان من السهل على البعثات التنصيرية الآتية عن طريق البحر أن تتمركز وتستقر في المناطق الساحلية وتنشر المسيحية فيها دون مقاومة.

الطريف أنني عندما زرت أحد الدعاة في بيته دون موعد وجدت عدداً من الأشخاص ممن يرتدون الملابس الأنيقة يجلسون حوله وهو يعلمهم الحروف الأبجدية العربية وتلاوة القرآن الكريم، عندما سألت بعد ذلك، عرفت أن هؤلاء من كبار المسؤولين من وزراء ووكلاء وزارات ومديري بنوك وشركات، وأنهم تعلموا في مدارس فرنسية، وشعروا في سن متأخرة بأنهم خسروا هويتهم؛ لأنهم لم يتعلموا دينهم؛ فبدؤوا على الرغم من مشاغلهم في حضور دروس للعربية والدين.


مجلة حياة العدد (98) جمادى الآخر 1429هـ



(43)

في مالي.. أين نخوة المعتصم

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

كنت أسير في شوارع عاصمة مالي أثناء زيارة لها خلال مجاعة الثمانينيات، وبسبب ثوبي العربي أثرت انتباه فتاة؛ فاقتربت مني وألقت عليّ السلام ثم قالت متسائلة: أين إخواننا العرب؟ فأنا من القبائل العربية في شمال مالي، توفيت أمي منذ مدة، وفي هذا الجفاف ماتت كل حيواناتنا، ثم ذهب أبي يبحث عن لقمة عيش منذ مدة طويلة ولم نسمع عنه شيئاً.


وواصلت: كان يمضي عليّ اليومان والثلاثة والأربعة دون طعام على الإطلاق، حتى اضطررت إلى أن أعمل عملاً أعلم أنه عمل سوء، ولكن لم يكن أمامي إلا الموت جوعاً أنا وإخوتي الصغار، أو أنحرف إلى السير في طريق الرذيلة، 


وأردفت: إننا جهلة بديننا رغم أننا حافظنا على لغتنا العربية منذ مئات السنين ونحن فقراء، وكنا نتمنى منكم – إخواننا العرب – أن تساعدونا ولا تتركونا نفرط في شرفنا الذي هو شرفكم كذلك؛ لأننا منكم. قل لأهلك العرب أن ينجدوا الآلاف من بناتنا قبل أن يقعن فيما وقعت فيه. ومني إلى كل عربي مسلم..!.


مجلة حياة العدد (99) رجب 1429هـ



(44)

إسلام ساحر بنين

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

يسكن إفريقيا 700 مليون نسمة، منهم حوالي مائتي مليون شخص على الأقل أقرب ما يكونون للوثنية

وبعضهم وثنيون 100% وآخرون جمعوا بين النصرانية والوثنية أو بين الإسلام والوثنية. يخلطون بين الخزعبلات والسحر والشركيات والأديان السماوية وبعضهم يعبد الأصنام جهاراً نهاراً أو يعبد أرواح الأجداد.

والوثنيون أسهل في تقبل الإسلام إذا ما أحسنا طريقة عرضه عليهم دون استفزاز أو استثارة رفضاً قاطعاً وعادة نزور قادتهم وسحرتهم ونقدم لهم الهدايا أولاً ونتقرب إليهم قبل أن نبدأ بالدعوة مع أحدهم أو مع أتباعه. ولكن أحياناً نصادف رفض قاطع ومعارضة من بعض هؤلاء الوثنيين رغم كل ما نفعله لهم، ولكن من رحمة الله بنا أن هناك من دعاتنا من أصبحوا يحبون التحدي في النجاح في أمور الدعوة ويصرون على أن يكسبوا قلوب الوثنيين.


وأذكر في جمهورية بنين في غرب إفريقيا حيث يكثر الوثنيون خاصة في القرى النائية ومن بينها قرية فيها صنم يعبده أهلها ويقدمون لها القرابين في كل مناسبة ذهبنا إليهم ورفضوا الإسلام وأصر الساحر ومعه أهل القرية على وثنيتهم وفي إحدى زياراتنا لهم كان لديهم احتفال ديني من ضمنه أن يحملوا القرابين ويسيروا في مسيرة في وسط القرية إلى الصنم ويذبحون القرابين ويقدمونها للصنم وحملوا على رؤوسهم ديكاً أسوداً لتقديمه قرباناً وأثناء المسيرة التي كان يراقبها نسر جائع، هجم النسر واختطف الديك قبل أن يصلوا إلى الصنم وصعق الأهالي وقمنا باستغلال هذه المناسبة وحدثناهم عن الله وقدرته اللامحدودة وأنه يحيي ويميت ويُطعم ويرزق وأنه قادر على أن يفعل ما يريد وأنه ذو قوة شديد ينزل المطر من السماء وينبت الزرع من الأرض ففهم الأهالي ما نرمي إليه دون هجوم أو استفزاز لاعتقاداتهم الباطلة وكان أن قرر الساحر أن يسلم وأسلم معه أهل القرية وفرحنا بذلك وقمنا معهم لبناء مسجد مؤقت حتى نثبتهم على الدين الجديد ونأمل أن نرسل الساحر السابق إلى الحج إن شاء الله حتى يكون إماماً للمسجد الجديد.


مجلة حياة العدد (45) محرم 1425هـ



(45)

فصل تحت الشجرة

د. عبد الرحمن حمود السميط

رئيس مجلس إدارة جمعية العون المباشر

العمل في القارة السمراء (أفريقيا) مُتعب جسدياً لكن اللذة التي نشعر بها ونحن نحمد الله على أن سخرنا لخدمة إخواننا المحتاجين هناك تنسينا كل جهد وتعب، كم من مرة نمنا مع زوجاتنا وأولادنا في الغابات أو المستنقعات أو الصحاري وبين الأفاعي السامة والتماسيح القاتلة والحيوانات المتوحشة عشنا أياماً على القليل من الطعام والأقل من الراحة الجسدية لكن الله كان يعوضنا براحة نفسية بعد أن نمتلئ عزة وفخراً أننا ما فعلنا ذلك إلا لمساعدة يتيم أو إطعام جائع أو هداية ضال. كانت شنط السفر التي نأخذها معنا ليس فيها إلا أقل القليل والضروري جداً من الحاجيات الشخصية والملابس وأكثر من ثلاثة أرباع الشنطة فيها هدايا رمزية نحملها للدعاة وشيوخ القرى وزعماء القبائل.

وعندما أتذكر ما مر بي من تجارب أبتسم لهذه الذكريات ففي أحد الأيام كنت في زيارة لمدرسة أنشأناها لأبناء الطوارق الملثمين في قرية مناسا في طريق لمدة ثلاثة أيام من العاصمة في جمهورية مالي اعترضتنا مجموعات من الذئاب الجائعة ومن ثم عدد من مسلحي المتمردين الطوارق

ووصلنا المدرسة وعرضوا علينا أن يجهزوا لنا عشاء ولكنني اعتذرت بحجة أنني شبعان رغم أن الحقيقة أنني لم أتناول طعاماً منذ الصباح ولكنني نظرت إلى ملابس أولادهم من طلاب المدرسة الذين تجمعوا حولنا فهي المرة الأولى التي يرون فيها عربياً من أحفاد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم! كانت ملابسهم ممزقة بعضهم تظهر عورتهم من خلال الشقوق والملابس البالية
وكوني اعتذرت عن الطعام لم أقاوم الاعتذار عن تقديم السجادة الوحيدة لي حتى أنام عليها (الحقيقة أنها أقرب إلى الحصير وأسميها سجادة تجاوزاً) ونام الجميع على الرمل بدون فراش ولا غطاء ولا مخدة وحاولت النوم على هذا الحصير ولم أستطع بسبب البرد والجوع حتى نمت على التراب وجعلته غطاء على بعض جسمي إذ لا يكفي لتغطية كل الجسم 
ورغم أن نومي كان قليلاً، لكني فرحت في الصباح وأنا أرى أبناء الطوارق وهم يجلسون على التراب في الفصول الدراسية المؤقتة التي بنيناها لهم وحمدت الله وشكرته أن بعض الفصول لم تتسع لكل الطلبة فانتقل الأستاذ بهم إلى تحت الشجرة يدرسهم وعلق السبورة على الشجرة سمعت بعد ذلك أن حكومة مالي اضطرت لبناء مدرسة حديثة في القرية بعد ذلك.

لقد كان الأهالي يرفضون أن يترك أولادهم رعي الأغنام والزراعة من أجل التعليم وبذلنا جهداً كبيراً استخدمنا فيه علماء الدين وزعماء المنطقة إضافة إلى وعود بتعليمهم القرآن الكريم حتى استطعنا إقناع الأهالي بإرسال أولادهم إلى المدرسة شريطة أن نقدم لهم وجبة واحدة يومياً بسبب الفقر.


 

مجلة حياة العدد (46) صفر 1425هـ


ملف/ أوراق متناثرة .. د. عبد الرحمن السميط (1)
 

تحرير: حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حورية الدعوة
  • المقالات
  • قصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط