صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







البطانة

د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

 
البطانة تعني في المعنى اللغوي باطن الشيء؛ أي داخله المحيط به والمساند والمقوِّي لظاهره. وتستخدم اصطلاحاً للتعريف بحاشية المسؤول، سواء أكان كبيراً أم صغيراً، وتعدُّ في نظر الناس جزءاً لا يتجزأ منه، بيد أنه الجزء الداخلي الخفي والمعروف للمحيطين على الأقل.أما في العصر الحديث الذي أضحت فيه وسائل الإعلام المختلفة تظهر كل خفي دون أي مواربة فقد أصبحت جميع (البطانات) تقريباً بادية للعيان، ولا سيما حسب أهمية المسؤول ومكانته.والإسلام الذي هو دين منهج وحياة لم يترك شاردة من أمور الدين والدنيا إلا أحصاها وأولاها أهمية تدل على أنها من لدن حكيم خبير. نراه قد أولى البطانة أهمية كبرى؛ حيث نرى جماعة المسلمين منذ القدم تلتزم بدعاء أن يرزق الله تعالى من تولَّى أمر المسلمين البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه، وتنبههم لمواطن الشرور وتحذرهم منها، وذلك لأنها العين الأخرى للمسؤول، والفكر الآخر المساند للتفكير البشري الواحد المحتاج للمحاورة والمشاورة، أو لم يقل تعالى على سبيل الثناء والتشجيع لعباده المؤمنين الصالحين: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ((الشورى)( 38)، كما قال جلّ شأنه لرسوله الكريم حاثاً له: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) (آل عمران: 159).وللبطانة شروط مهمة إن نقصت فستميل السفينة حينئذ وتهتز وتعجز عن مقاومة الرياح العاتية والأمواج المتلاطمة، فتبث روح التخاذل في غير مواضعها، أو تقاوم باندفاع مخاطرة وهمية غير موجودة في أرض الواقع، إنما هي رياح طبيعية تساعد السفينة على المسيرة السوية في طريقها السليم، فتكون النتيجة في كلتا الحالتين الغرق المؤكد لا قدَّر الله.وليس هذا مجرد رأي خاص، أو رؤية أفراد قلة، إنما هي (الشواهد التاريخية) خير إثبات في هذا المجال ذي الشأن العظيم، فكم بطانة ساهمت في تغيير دفة الأحداث إما سلباً وإما إيجاباً عبر الأزمنة والعصور؛ لذا فلعل أهم الشروط الواجب توافرها في بطانة أي إنسان أولاه الله تعالى مسؤولية الأمة أو دينها أو تراب وطنها:
أولاً: أن يكون نصب أعينها جَعْل كلمة الله هي العليا، ومصلحة دين التوحيد الباقية مقدَّمة على (كل) الأمور الدنيوية الزائلة؛ لأننا علمنا من رسول البشرية عليه الصلاة والتسليم أن مَن طلب الآخرة أتته الدنيا صاغرة.
ثانياً: أن تقدم المصالح العامة على مصالحها الخاصة، ولا نطالبهم بإلغائها، بل جعلها مرتبة ثانية على الأقل لكي تترك بصمتها المحمودة في تاريخ الوطن وأهله.
ثالثاً: أن تكون مكونة من جميع فئات البلاد الاجتماعية والثقافية، ولا تقتصر على فئة واحدة، ولكن طابعها جميعها هو: توحيد الله تعالى، والصلاح الخلقي، والتفكير المتعقل.
إذن فهي أمانة عظيمة تطوِّق عنق صاحبها، فليتقِّ أفرادها وجماعاتها الله في الحاكم والمحكوم.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
جواهر آل الشيخ
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط