اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/jawaher/27.htm?print_it=1

اغتيال البراءة

د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

 
حينما استقطبني للكتابة الإعلاميُّ القدير، والصحفيّ النشِطْ سعادة الأستاذ سلمان العُمري قال مبرراً حرصه على هذه المشاركة إنه يريد أن يُسمع العالم أجمع صوت المرأة المسلمة الواعية أينما كانت، وكذلك يتمنى أن يكون (للطفل المسلم) زاوية تهتم بأمره؛ لأن الأسرة عبارة عن (رجل وامرأة وطفل)، وقد انتشر صوت الرجل واسعاً، ولكن ما زال صوت المرأة ولا سيما الصالحة يبدو أقرب إلى الضعف، أما الطفل المسلم بالذات فما زال الاهتمام به ضئيلاً جداً؛ لذا فإني أنادي من خلال هذا المنبر ضامّة صوتي إلى صوت الأستاذ سلمان العُمري المشرف على ملحق (آفاق إسلامية) بأن تكون هناك (زاوية أسبوعية) تنطلق من هذا الملحق عن الطفل واحتياجاته المعنوية والفكرية والنفسية (في ظلال الدين) وتحت مظلته الواسعة العظيمة، ولا سيما أننا في زمن حيّر الكبار علماً وعمراً، فكيف بالصغار الذين ما زالوا عجائن طرية في طور التشكيل والتكوين؟.

وبهذه المناسبة فإني أدعو كبار المتخصصين والمتخصصات والموهوبين والموهوبات لكي يشرف أحدهم على زاوية الطفولة، أو يتولى إعدادها، أو أن تكون بالتناوب بين المبدعين والمبدعات ممّن يُتوسّم فيهم الخير والصلاح والرؤية البعيدة والتفكير العميق، في شتى شؤون الدين والدنيا عامة.
وأبدأ بموضوع في غاية الأهمية رغم استهانتنا به، وهو أمر إعطائنا الثقة التامة بل والعمياء (للخدم والسائقين) أن يتولوا أمور أطفالنا كلها صغيرها وكبيرها إلى حدّ لافت للنظر ومثير للاستغراب، متناسين أن هؤلاء العمالة (نساء ورجالاً) على حدّ سواء هم بشر لهم غرائزهم ومشاعرهم ومتطلباتهم ونفسياتهم المختلفة التي تتأثر بتعامل الأهل معهم، إضافة إلى أنهم يرون أنفسهم محرومين مغبونين.

وإذا أخذنا بنظرية أن (المال السائب يعلم السرقة)، فإننا جميعاً جعلنا أطفالنا مالاً سائباً يشجع على سرقته، وهذا يساعد الخدم على الاعتداء، وهم مطمئنون إلى أن (الأهالي المتواكلين) قد سلّموا الخيط والمخيط إليهم، فرحين مسرورين أنهم قد وجدوا من يخدمهم في كل أمورهم بتراب الفلوس، متناسين أنهم مجرد وسيلة لتخفيف الأعباء.

والشواهد على برهنة هذا الرأي عديدة تحتاج إلى (مجلدات ضخمة)، وأكبر شيء يعنينا هو (الناحية الخلقية) التي تؤثر على نفسيات الأشخاص حتى بعد نضجهم، فأذكر على سبيل المثال لا الحصر قصة مؤلمة روتها لي إحدى الأخوات الثقات بأنها كانت في مشوار تسوّق فرأت طفلاً خارجاً من (روضته) ومعه سائقه وقد اختلى به في إحدى دورات المياه بحجة أنه يساعده على قضاء حاجته، ولكنها سمعت بكاء الطفل وصراخه قائلاً: ألم تقلْ لي أن هذه آخر مرة تفعل بي هذه (أي فاحشة اللواط)، والسائق يضربه ويسكته بحجة أنه طفل مشاغب طويل اللسان. كما تروي لي قريبة عاقلة ولا تخطر على بالها مثل هذه الأمور أنها كانت في سيارتها المظللة تنتظر سائقها في إحدى محطات البنزين فرأت طفلاً مع أحد العمال وهو يطلب منه أن ينفخ له العجل، ولكن العامل القذر أشار إلى مؤخرة الطفل وهو يقول: (أولاً هذا) ولم يكن يعلم بوجود المرأة الكبيرة في السيارة التي أصابها الغثيان وما يشبه الإغماء.

أما (البنات الصغيرات) فليس حالهن بأفضل من حال إخوتهن الصبيان، فحينما أخبرتْ إحدى المتسوقات امرأة ذهبت للشراء تاركة طفلتها مع السائق: (بأنه يداعبها مداعبات شيطانية تغتال براءة الطفلة) محذّرة والدتها من مغبة ذلك صاحت فيها الأم حينئذ قائلة: وأنت ما دخلك نحن نعرفه من مدة طويلة ونثق فيه!. ورغم أن هذه (الجملة الأخيرة) قد تتكرر من كثير من الأهل سواء بأسلوب مباشر أو غير مباشر، إلاّ أني أسائلهم: ما رأيكم في الخبر الذي نشرته (الصحف المحلية) مؤخراً باستدراج أحد العمال (طفلة ذات تسع سنوات) ثم الاعتداء عليها؟ فإذا كان الحمو على المحارم في المنزل خطراً فكيف بخطورة الغريب؟!.
 

جواهر آل الشيخ
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط