اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/jawaher/29.htm?print_it=1

العنوان والأمل

د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

 
مع إطلالة أعظم الشهور، وعبر نفحات سَحَره الروحانية النادية، ومن خلال شعاع شمس أصيله الذهبي، أرسل أزكى تبريكاتي، وأحر تحياتي، وأجزل دعواتي، لعموم المسلمين والمسلمات في بلادنا الحبيبة، حكومة وشعباً، موصولة إلى كل (موحّد) يقطن أيّ ركن من أركان المعمورة الفسيحة، متوسلة للخالق الكريم عبر همسات تلاوات قرآنه العظيم أن يجعله للجميع شهر صفاء ونقاء، وإعادة بناء للذات البشرية الخطاءة التي تنشد إنقاذاً من هذا التيه متعدد الأشكال والتوجيهات.

وبمناسبة شهر التواصل أود التوقف عند بعض آراء القراء والقارئات الذين يسعدونني بتواصلهم المستمر عبر منافذ عدّة، لعل أهمها مقترحاتهم بطرح بعض المواضيع التي أرى أن بعضها رغم أهميته القصوى إلاّ أنه يمنعني من تناوله إما مساحة هذه الزاوية المحدودة وكون الموضوع يحتاج لتحقيق مطوّل، أو كونه يمسّ مصالح خاصة قد تشملني، بينما هدفي: أن تكون هذه الزاوية للهموم الدينية والوطنية الكبرى، لعلي وعساي أن أرمي ولو قشّة إنقاذ اجتهادية تنقذنا من الغرق.
لذا سأتوقف في هذا الأسبوع عند أمر حيوي عام، وهو مفهوم هذه الزاوية ومضامينها المتعددة، حيث لا يختلف اثنان على (أهمية العنوان) سواء أكان عنوان كتاب أم قصة أم مقال؛ لأنه الذي يشي بما في داخله من أطروحات ويستثير القارئ لكي يطلع على مضمون التأليف، مع ضرورة التوازن الدِّعائي، وإلا انفصمت العُرى بين المظهر والجوهر.

وبما أن عنوان كل مقال منفرد يكون له اهتمام بالغ، فمن باب أولى عنوان الزاوية الدائم الذي يشمل جميع العناوين المؤقتة، لذا فقد وقع اختياري - بعد الاستخارة فالاستشارة - على عنوان (حولها ندندن)، ورغم مسارعة العديدين بالتأييد - أثابهم المولى - بيد أنه من الطريف بمكان أن مجموعات أخرى من القراء ولاسيما القارئات اللاتي ألتقي بهنّ في مناسبات مختلفة رغم إبدائهن الإعجاب بالتسمية إلا أن بعضهن لم يعرفن المقصود بالمعنى، فتحركت داخلي روح (المعلمة) التي تسأل وتريد من يجيبها، (والإعلامية) المحاورة التي تودّ أن تتابع موضة القنوات التلفازية، حيث تلاحق الناس بالتساؤلات المختلفة طالبة منهم - وعلى حين غرّة - إثبات ثقافتهم واطلاعهم، فقمت بمفاجأتهم بالاستفسار عن معنى عنوان الزاوية، وعلى ماذا يعود الضمير في كلمة (حولها) فأجابت العديدات بأنها تدور حول (الأنثى)، وأخريات رأين أن الضمير يعود على (الحياة)، وفئة أخرى توقعن أنه يعود على (السياسة) وهكذا من التخرصات المتنوعة.

ولكن لم يدرْ بخلدهن أن الإجابة الصائبة هي أن العنوان مأخوذ من (حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي سأل فيه رجلاً بقوله: كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهّد وأقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما والله إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن). أي الجنة.
والدندنة في معناها اللغوي هي الكلام البليغ الذي يدور حول هدف معين، أو هي الصوت الهامس الذي تُسمع نغماته ولكن قد لا يُفهم معناه، طالما لم يجهر به قائله.
وجنة الفردوس هي هدفنا جميعاً ندندن حولها في كلّ عباداتنا، وكتاباتنا، وأقولنا، وأفعالنا، ندور في فلكها ونطوف حول محورها، سواء أكان هدفنا مباشراً أم غير مباشر، مستدلين في ذلك بهدي الهادي الأمين حبيبنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلوات والتسليم (الذي قال لرجل سأله عن الساعة: ما الذي أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله، فقال له: إنك مع من أحببتْ. حينها تباشر صحابة رسول الله وفرحوا فرحاً شديداً).

لذا آمل أن يكون عنوان هذه الزاوية معبراً عمّا يجيء فيها من طروحات ترتئي التوجه الإسلامي في جميع الموضوعات المتناولة سواء أكانت دينية أم دنيوية، ولكن هدفها العام هو إرضاء الخالق جل شأنه، فالإسلام دين ودنيا، وعساه تعالى أن يرضى عنا أجمعين ويلهمنا رشدنا ويجعلنا من عتقائه من النار في شهر المغفرة والرحمة، ولا يحرمنا من التي حولها ندندن.
إنه سميع مجيب جواد كريم.
 

جواهر آل الشيخ
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط