اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/lubna/73.htm?print_it=1

لم تستأثر امرأة واحدة بزوج كهذا؟!!

 لبنى شرف - الأردن


-1-

أعرف أن موضوع التعدد طُرق كثيراً، ونوقش كثيراً، وكُتب عنه كثيراً، وربما ملّ البعض من كثرة الحديث عنه وكأنه قضية العصر، وما يكاد يذكر إلا وتنشب المعارك الضارية بين النساء والرجال!! ولكنني أريد هنا أن أطرح فكرة لمعت في ذهني حول الموضوع، وأظن أن عنوان مقالتي هذه قد استثار حفيظة الكثيرات من الأخوات، وأنا أدعوهن أن يتريثن وألا يتعجلن بإصدار الحكم قبل قراءة الفكرة والتفكير فيها وإبعاد النظر في عواقبها، فأنا ما أظن إلا أن فيها خيراً كثيراً سيعود على النساء قبل الرجال، بل على الأمة جمعاء والله أعلم.

-2-

هناك رجال حباهم الله بصفات وميزات في الشخصية والعقلية، وعلى درجة عالية من حسن الرعاية والتدبير والإدارة والقوامة، ولديهم حكمة في التربية والتوجيه، فلماذا تستأثر امرأة واحدة بزوج كهذا؟!! وخاصة إذا كان الزوج نفسه لديه رغبة في الزواج بأكثر من امرأة؟! ولماذا نحصر ونحجر هذه المنافع والميزات في بيت واحد وأسرة واحدة، طالما أنه بالإمكان أن تعم وتشمل أكثر من بيت، وهذا الزوج مؤهل لإدارة أكثر من أسرة؟ وهذا طبعاً مع وجود التقوى والعدل.

-3-

لست أدري.. ربما تكون الفكرة غريبة نوعاً ما بهذه الصورة بالذات، ولكن لولا أنني أعتقد أن فيها نفعاً كما ذكرت للنساء والرجال والأمة جمعاء لما ذكرتها، فالتاجر الذكي الماهر يسعى لتوسيع تجارته وتحقيق أعظم الأرباح، فلماذا لا نفكر بالزواج بهذه الطريقة الربحية؟ تكثير الأسر الناجحة، والذرية الصالحة، وإعفاف أكبر عدد من النساء، والإعانة على غض البصر، ونشر الفضيلة وسد أبواب الفاحشة، وغيرها من الثمار النافعة التي تقطف في الدنيا قبل الآخرة.. سيكون الزواج مشروعاً ضخماً بهذه الطريقة.

-4-

أخواتي الطيبات، أعلم أنه ليس من السهل أن تقبل المرأة بالضرة، وخاصة إذا كانت تحب زوجها، والغيرة أمر فطرت وجبلت عليه المرأة، وإن الزوجة لتغار أحياناً من حماتها، والحماة تغار أحياناً من كنتها، هذا أمر طبيعي ويجب أن يتفهمه الزوج ويراعيه ويتصرف تجاهه بحكمة، فليست المشكلة في الغيرة، وإنما فيما قد يصدر عنها من أقوال وأفعال خارجة عن الجادة وتصب في معصية الله.
ولكن على المرأة في المقابل أن تراعي فطرة الرجل في حاجته للتعدد أحياناً وعدم اكتفائه بزوجة واحدة، وأنا أظن أن معظم الرجال يرغبون في قرارة أنفسهم بالتعدد، وأن تنظر كذلك لحاجة أخواتها غير المتزوجات للزواج والإحصان والسكن النفسي، والذرية، فتحب لهن ما تحب لنفسها.

-5-

الحساسية تجاه التعدد ليست فقط عند النساء، وإنما هناك رجال يرفضون تزويج بناتهم لرجال متزوجين، بل إن هناك من يقول أن المشغول بقضايا أمته ليس لديه وقت للتمتع بالنساء! والأمر ليس كذلك بالضبط، وإنما يختلف الحال وتختلف الحاجة والقدرة على إدارة أكثر من أسرة من رجل لآخر، وإلا فهل هناك أكثر همّاً وشغلاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وماذا نقول عن الصحابة –رضي الله عنهم- الذين أعطوا نماذج مضيئة للتعدد بصلاحهم وعدلهم وتقواهم وخوفهم من الله؟! وأين نحن منهم ومن فضائلهم وتضحياتهم وما قدموه من أجل الدين؟!!

أعطوا ضريبتهم للدين من دمهـم *** ونحن نزعم نصر الدين مجانا
أعطوا ضريبتهم صبرًا على محن *** صاغت بلالاً وعمارًا وسلمانا
عاشوا على الحب أفواهًا وأفئدةً *** باتوا على البؤس والنعماء إخوانا
الله يعرفهم أنصـار دعوتـه *** والناس تعرفهـم للحـق أعوانــا
والليل يعرفهم يبكون في وجلٍ *** والحرب تعرفهم في الخطب فرسانا

-6-

ربما سيحتاج الأمر إلى وقت طويل وجهد كبير لتعديل الصورة التي شوهها الإعلام الفاسد والمفسد وأعداء الإسلام عن التعدد، ورؤيتها كما كانت عليه في قرون الخيرية المباركة التي لم يكن فيها فقط التعدد بصورته الوضيئة، وإنما كان أيضاً الزواج المبكر الناضج وإعداد الذكور والإناث لتحمل المسئولية في سن مبكرة، وهذا الذي نحن بحاجة إليه لإعفاف بناتنا وأبنائنا في زمن كثر فيه الفساد والفتن، ثم لا ننسى أن هناك من أساء للتعدد من بعض المعددين أنفسهم بسلوكياتهم المنفرة البعيدة عن منهج الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 

لبنى شرف
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط