اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/nohakatergi/93.htm?print_it=1

المرأة في اعيادها

د. نهى عدنان قاطرجي

 
بسم الله الرحمن الرحيم


تتوالى المناسبات العالمية التي تهتم بالمرأة وقضاياها ، من بينها يوم المراة العالمي في الثامن آذار، واليوم العالمي للقضاء على العنف في الخامس والعشرين من تشرين الثاني، وهما يومان يحتفل بهما على صعيد العالم ككل. إضافة إلى عيد الأم الذي يختلف تاريخ الاحتفال به من بلد إلى الآخر، ففيما تحتفل به اميركا في الأول من شهر ايار ، يحتفل به العالم العربي في الواحد والعشرين من آذار من كل عام. وتعود الفكرة في هذا الاحتفال إلى الصحافي "علي أمين" الذي اقترح هذه المناسبة في العام 1955م, بعد ان وصلته رسالة عقوق من إحدى الأمهات تشكو له اهمال ابنها لها .
ويعود السبب في رغبتي بالكتابة حول هذا الموضوع هو هذا التضارب في أهداف هذه المناسبات، من وجهة نظري، إذ إن الاحتفال بالمرأة يقوم على مبدأ الفردية والانانية حيث ينظر إلى المرأة بغض النظر عن وضعها الاجتماعي زوجة كانت أم اما، بينما نجد ان تكريم الأم في عيدها يقوم على الفكرة الجماعية وعلى مبدأ التضحية والعطاء المقرونين دائما بغريزة الأمومة التي يطالب الآخرون بانكارها وتجاهلها واعتبارها وظيفة اجتماعية يمكن ان يقوم بها أي كان ...

إن من الملاحظات التي يمكن تسجيلها حول هذه المناسبات ما يلي:


1- الضجة الذي شهدها ويشهدها يوم المراة العالمي حيث تخرج النساء في مظاهرات يطالبن فيها بحقوقهن المهدورة، والتي قد يكون بعضها محقة، كما في دعوتهن إلى وقف عمليات العنف التي تتعرض لها النساء في العالم ومن بينها الاغتصاب والعنف الأسري والقتل، والمطالبة بحق المرأة في التعليم والعمل بما يتناسب مع ظروفها الاجتماعية والصحية، إضافة إلى حق المراة في اعطاء الجنسية لأبنائها وما إلى ذلك من حقوق اعطاها الإسلام للمرأة قبل ان تعطيها اياها الاتفاقيات والمواثيق الدولية ...
اما المطالب غير المحقة والمخالفة للدين والخلق فهي عديدة منها: الدعوة إلى المساواة بين المرأة والرجل بغض النظر عن الطبيعة الفطرية التي ميز بها الله سبحانه وتعالى كل واحد منهما، المطالبة بتشريع التحول الجنسي والزواج المثلي، شرعنة الإجهاض والحرية الجنسية... وما إلى ذلك من قضايا يعود السبب في وجودها أو تفاقمها إلى تردي وضع المراة الغربية التي اصبحت سلعة تباع وتشرى، بهدف إرضاء رغبات الرجل الغربي وتفريغ شحناته الجنسية المؤججة من قبل وسائل الاعلام ..

2- الموقف المتضارب بين ابناء المسلمين حول شرعية الاحتفال بعيد الأم، فقد انقسمت الاراء في هذا المجال إلى قسمين: قسم يرفض الاعتراف بهذه المناسبة على اعتبار ان الأعياد في الإسلام لا تتعدى العيدين: عيد الأضحى وعيد الفطر، وأن أي احتفال آخر بغير هاتين المناسبتين يعد من البدع التي يجب محاربتها لما فيها من تشبه بالغرب الذي يحتفل بهذه المناسبة كتعويض عن البعد والجفاء الحاصل بين الأهل والأبناء ، حيث أن الأبناء يبرون امهاتهم في هذا اليوم وينسونهم باقي ايام السنة.... بينما نجد أن الإسلام يدعو إلى هذا البر في كل ساعة بل وكل لحظة، وهو لا يحتاج إلى هذا اليوم من أجل تقرير هذا البر...
اما الفريق الثاني فهو يعتقد بأن الاحتفال بهذه المناسبة هو من البدع الحسنة لما فيها من تقدير للأم التي ضحت من اجل أبنائها، وتحتاج منهم في المقابل للفتة تكريم واظهار لهذه المحبة . كما أن هذا اليوم أصبح يوما مهماً في حياة الأمهات ينتظرنه في كل عام. والأم التي لا تتلق من ابنائها الهدية في هذه المناسبة تشعر بانها أقل من سواها من الأمهات، لذا نجدها تتباهى امام الناس بما قدم لها ابناؤها من هدايا . ...
إن هذا الاختلاف في الآراء لا يفسد للود قضية، وخاصة أن الجميع متفقون على أن البر بالأم لا يقف عند حد الاحتفال بهذا باليوم، بل إن نماذج العقوق تشمل أنواعها أشد خطورة، من بينها : الترفع على الأم والتكبر عليها، تركها من دون معيل، عدم السؤال عنها وتلبية حاجاتها، عدم تقديرها والاستهزاء بها، رفع الصوت عليها ، تفضيل الزوجة أو الزوج عليها، تركها في دار العجزة من دون ان يسأل عنها او يفكر فيها ... وما إلى ذلك من تصرفات يمكن ان يقوم بها الولد عن قصد أومن دون قصد . فهذه الأنواع من العقوق هي اعظم خطرا من عدم اهداء الولد أمه هدية في هذه المناسبة، وهي أيضا لا ينتهي مفعولها بمجرد تذكر الولد لأمه في هذا اليوم . فحق الأم لا يمكن أن يوف مهما فعل الابن. ومما يروى في هذا المجال أن " عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رأى رجلاً يحمل أمّه على ظهره وهو يطوف بها حول الكعبة فقال: "يا ابن عمر أتراني وفّيتها حقّها، قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها، ولكن قد أحسنت والله يثيبك على القليل كثيراً " .

3- التركيز على قضية المرأة على أنها المظلومة دوما، فهي التي يمارس العنف ضدها، وهي التي يسلب حقوقها، وهي التي تحتاج إلى تعديل القوانين من اجل انصافها، وقد تجاهل هؤلاء بأن هناك فئة كبيرة من هؤلاء النسوة ظالمات، عنيفات ، يسئن إلى أزواجهن وعائلاتهن، ومن بين هؤلاء كثير من الأمهات للأسف... ولقد استوقفني، قبل كتابة هذا المقال، أحد هذه النماذج، وهو يتمثل في تلك الفتاة، ابنة العشرين ربيعا، التي لم تتمالك نفسها امامي، فانهمرت دموعها بكثافة لتخبرني عن سوء معاملة والدتها، وضربها إياها، وتمييزها في المعاملة بينها وبين شقيقها ، وتهديدها بالقتل والذبح، وما إلى ذلك من تصرفات حولت حياة تلك الفتاة الصبية إلى جحيم لا يطاق، ودفعتها إلى تمني الموت في كل لحظة لتتخلص من عذاباتها التي لا تنتهي ...

أخيرا ،
إن الحديث عن المرأة حديث لا ينتهي، فهي مثلها مثل الرجل تماما، يمكن ان تكون من افضل خلق الله عز وجل إذا التزمت بشرع الله سبحانه وتعالى وبأوامره ونواهيه ، كما يقول الله عز وجل " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " [النحل/97] ، ويمكن ان تكون من اسوأ خلق الله فينطبق عليها قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر اهلها النساء" رواه البخاري .

إن تكريم الإسلام للمرأة بنتا وزوجة واما أمر يمكن ان نقرأه في كثير من الايات والحاديث النبوية الشريفة ، منها قوله تعالى :" وعاشرونهن بالمعروف" ، وقوله " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" .

 

د.نهى قاطرجي
  • مـقـالات عامة
  • مـقـالات نسائية
  • مـقـالات موسمية
  • مـقـالات الأمة
  • المكتبة
  • القصة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط