صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إغْفَـاءَةُ ضَمِيـْـر ..

نور الجندلي

 
حينَ ينسَرِقُ القلبُ منكَ ، ويتوقف العقل أمام مشهدِ فرح ، تشتعلُ نجوم السّماءِ في ليلكَ قناديلاً ، تضيء لك الدّرب ، بنبضٍ مرحٍ لذيذ ..
وتشعرُ بتوحّدٍ مع كُلِّ جمال ، فينسجم عبقُ النجاح بعطور الورد والياسمين والليلك ..
وتغدو الحياة أكثر ألقاً ..

تتحلقُ قلوبهم حولك ، تهنئ وتثني وتعربُ عن إعجاب .. فيخطِفُ قلبكَ بعض مديح ..
وتنسى بأنك ما صعدت درجات السلم ، وما وصلت إلى القمة بجدارتك ..
تنطفئ شمعة الإيمان ، وتبقى أنتَ كما أنتَ ..
تقبعُ طويلاً في ظُلمة نفس ..
من أين أتت ؟ وكيف أتت ؟ وماذا حصل ؟!
ألم يكن قبلاً يتردد في داخلك : ( هذا من فضل ربي ) كلما خطوت خطوة ، أو يممت وجهكَ شطر نجاح .
وكُنتَ تُسألُ من أين حصلت على هذا الألق ، ومن ساعدك ؟ وكيف وصلت ؟!
فكنت تجيبُ واثقاً ، إنه المُعطي الوهّاب ، من قادني للخير ودلّني على دربه ، ورزقني القوة كي أسلكه حتى القمة ، وأعطاني العزم كي أتابع فلا أعود يائساً في منتصف الطريق ..
( إنه ربي أحسن مثواي ) .. فكانت شمعة الإيمان شُعلة تنير قلبكَ إن هبّت عليه رياح الغرور لتنسف فيه اليقين .

وكنت تعكفُ إلى عملك ، فلا تتركه حتى تتقنه ، ولا تبدأ بغيره حتى تنهيه ، ولا تعمل به حتى تتعلم أسسه ، وكان ديدنك دائماً : ( وقُل رب زدني عِلماً ) ...
فرفعكَ العلمُ إلى أعلى عليين ، وارتقى بكَ فارتقيتَ بعملك ، واستزدت فزاد قدرك ، وتفتحت مغاليق فكرك ، فأبدعت وتميّزت ولمع نجمك .. فكان بريقه الدائم التوهج ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )
يزيدكَ تواضعاً في عينك ، وهيبة في عيونهم ..

ووجدت نفسكَ قد بلغت غايتك ، وحققت مناك ، فها أنت علم يُشارُ إليه بالبنان ، وها هو عملك تحفة في عيون المعجبين ، وقبلة لقلوب الطامحين ، منه يتعلمون الهمة والإتقان والتميز والنجاح ..
فغرّك منهم ما قالوه ، وصدّقت بأنك صانعه ، ونفيتَ عن عملك أحد سواك ، فأرديت بنفسكِ في جحيم الهاوية .

تسيرُ يقطر من ثيابكَ رجس الغرور ، وتقف فتفوح منك رائحة العُجب المنتنة ، ويفرُّ الناسُ منك ويتعوّذون كلما سمعوا باسمك ، ولا دليل يريحهم بأنك على باطل ، لكنه شعورٌ ينتابهم ، وقلقٌ يباغتهم كلما لمحوك ..
لقد نفّرهم من حببكَ إليهم آنفاً ، وأبعدهم الذي قرّبهم ، وبغّضهم منك الذي قرّبهم إليك ..
فليكن اليوم علمك وبالاً لك ، وليكن عملك شاهداً عليك ، ولتتألم وحدكَ في غياهب ظلمتك ، ولتتخبط في جحيم معصيتك ، فقد كانت بين يديك نعمة كبرى .. لو تواضعت لسابقت النسور إلى القمم ..

لكنك تجبّرت على من وهبك ، فأرداك أسفل سافلين ..
فلتراجع رصيدك ، ولتدقق حساباتك ، مستدعياً فيك الضميــر ، لعلها تكون الصحوة ، بعد طول رقاد .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
نُورٌ ومِسك
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط