صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







💕 أنوثتِكِ في "ما أهجُرُ إلا اسمك" 💕

أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت
@AmatulRahmaan


(جزء ١ من ٣)
#أنوثتك


"ما أهجُرُ إلا اسمك" جملة لامست قلبي في أعماقه، وكلما سمعتها أشعر بنبضات قلبي تدق، ولي مع تلك الجملة حكاية، فدعيني أسردها عليكِ

على مر الزمان ومع مرور السنوات، تغيرت الكثير من المفاهيم في حياتنا، واندثرت الكثير من المعاني الجميلة ومن أهمها المعنى الحقيقي للأنوثة وكل ما يتعلق بها من أقوال وأفعال.

فتلك الأنوثة كانت جزءا لا يتجزأ من كيان النساء في الضراء قبل السراء، وفي قصة أمنا عائشة رضي الله عنها وقت غيرتها، خير مثال:
فقد روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إنِّي لأعلمُ إذا كنتِ عنِّي راضيةً، وإذا كنتِ عليَّ غَضبى،
قالت: فقلتُ: مِن أين تعرِفُ ذلك؟
فقال: أمَّا إذا كنتِ عنِّي راضيةً، فإنَّكِ تقولين: لا وربِّ محمَّدٍ، وإذا كنتِ غَضبى، قلتِ: لا وربِّ إبراهيمَ،
قالت: قلتُ: أجَل واللهِ يا رسولَ اللهِ، ما أهجُرُ إلَّا اسمَك.)
[صحيح البخاري]

مثل غيري من النساء، كنت كلما مررت على هذا الحديث، يتوجه تفكيري مباشرة لفطنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفته بغضب زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
ثم مؤخرا وحينما بدأت أهتم بكل ما يخص الأنثى والأنوثة، بدأت أتنبه لأمر آخر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف بغضبها إلا من هجرها لاسمه، ولم يكن يظهر هجرها هذا إلا وقت القسم فقط، لأنها بالأوقات الأخرى كانت تناديه قائلة: يا رسول الله.

وهنا استوقفني الأمر وبشدة، وبدأت أتساءل:
كيف لم ينتبه لأعراض الغضب الأخرى؟
ألم تتغير نبرة صوتها؟
ألم يتغير أسلوبها بالكلام؟
ألم تتغير نظراتها؟
ألم يتغير وجهها؟
وغيرها الكثير من الأمور التي تحدث لنا جميعا إذا غضبنا

وفيما يخص عائشة رضي الله عنها،
كيف كانت تكتم مشاعرها؟
كيف استطاعت السيطرة على غضبها وهي في أشد غيرتها؟
كيف استطاعت التحكم في نبرة صوتها؟
كيف استطاعت السيطرة على تعابير وجهها؟
وسبحان الله وقفت عاجزة لا أدري ما الجواب

وكلما مر علي هذا الحديث، كلما عادت تساؤلاتي ووقفت حائرة لا أدري لها جوابا.

حتى حضرت دورة عن الشخصية الأنثوية الجذابة وأهمية أن تكوني أنتِ المتحكمة في مشاعرك وسلوكياتك وردود أفعالك.

وذكرت المدربة قصة فتاة تعمل كممرضة في مكان مختلط ويتم تكليف تلك الفتاة بمهام غير لطيفة لكنها مع ذلك محافظة على أنوثتها،
تتعامل برقي واحترام،
تختار ألفاظها بعناية،
تنتبه للألفاظ التي يكثر الشباب من استخدامها وتتجنبها تماما،
تمتنع عن عمل أي شيء لا يتناسب مع أنوثتها وتنادي على الأطباء والممرضين الرجال ليقوموا بها،
فإذا أتى مريض (رجل) ترفض التعامل معه وتنادي طبيب أو ممرض (رجل) ليتعامل معه
لا تتعصب أبدا مهما حدث، ولا يرتفع صوتها نهائيا،
وحتى نبرة صوتها لا تتغير مهما كانت الأسباب

لذلك ...
وبسبب رقتها وأنوثتها (التي تظهر في بساطة وعفوية سلوكياتها ورقيها واحترامها)
أصبح الجميع يحترمها ويسرع لتلبية طلباتها ومساعدتها.

هذه القصة تحديدا تركت أثرا وفهما عميقا في نفسي خاصة جملتها (حتى نبرة صوتها لا تتغير)
فهي لم تكن تسمح بمشاعرها السلبية أن تتزايد بداخلها لدرجة أن تظهر في نبرة صوتها، بل كانت تتحكم فيها وتعالجها فورا، مذكرة نفسها بأنوثتها وجمالها الداخلي.

وهنا أدركت أن الأمر كله يتعلق بنظرتنا لأنفسنا وإحساس كل واحدة فينا بجمالها الداخلي وأنوثتها.
تلك الأنوثة التي تتمثل في الرقة والبساطة والعفوية وجمال الروح.

فحينما تستشعرين دوما أنك أنثى،
وتتعاملين مع من حولك وأنتِ مستشعرة جمالك الداخلي،
وقتها فقط ستستطيعين التحكم في مشاعرك وأحساسيسك وردود أفعالك.

~ يتبع بعون الله ~

مدونة الروح والريحان
amatulrahmaan.wordpress.com
 



💕 أنوثتِكِ في "ما أهجُرُ إلا اسمك" 💕
أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت
(جزء ٢ من ٣)
#أنوثتك


ومرت الأيام بعد تلك الدورة ثم جاءتني احداهن قائلة:
"اليوم حدث خلاف بيني وبين زوجي وفوجئت به يقول أني حينما أنفعل فإني أفقد أنوثتي ورقة صوتي، ويبدأ صوتي تدريجيا للتحول إلى صوت به غلظة أشبه بصوت الرجال"
لا أنكر أني انصدمت من مقولة الزوج، وشعرت بضيق للوهلة الأولى لشعورها بالاختناق من رفضه لضيقها.
ولكني في نفس اللحظة تذكرت قول عائشة رضي الله عنها "ما أهجر إلا اسمك" وكيف أن حتى نبرة صوتها لم تكن تتغير.
ولأول مرة أنتبه لمعاني أخرى في هذا الحديث،
ولأول مرة استشعر أنوثة عائشة رضي الله عنها، تلك الأنوثة الفطرية  التي اندثرت مع مرور الزمان.

وهذه المرة أسرعت بالبحث في شروحات الحديث عن الفوائد واللطائف المذكورة فيه ووجدت معاني أعمق وأجمل بكثير مما خطرت ببالي.

وجدت أن غضب عائشة رضي الله عنها كان بسبب غيرتها الشديدة على زوجها وحبيبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذُكر في كتاب فتح الباري لابن حجر:
(وقول عائشة: "أجل يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك"
قال الطيبي: "هذا الحصر لطيف جدا لأنها أخبرت أنها إذا كانت في حال الغضب الذي يسلب العاقل اختياره، لا تتغير عن المحبة المستقرة، فهو كما قيل:
إني لأمنحك الصدود وإنني قسما إليك مع الصدود لأميل"
وقال بن المنير: "مرادها أنها كانت تترك التسمية اللفظية ولا يترك قلبها التعلق بذاته الكريمة مودة ومحبة".
وفي اختيار عائشة ذكر إبراهيم عليه الصلاة والسلام دون غيره من الأنبياء دلالة على مزيد فطنتها
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس به كما نص عليه القرآن
فلما لم يكن لها بد من هجر الاسم الشريف، أبدلته بمن هو منه بسبيل حتى لا تخرج عن دائرة التعلق في الجملة)

وقد أبهرني هذا التعليق كثيرا، فنحن كنساء نعلم كم هي الغيرة عمياء حتى أن الزوجة لا تستطيع التمييز بين الصواب والخطأ حينما تشتعل غيرتها.
ومع ذلك فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، مع شدة حبها لرسول الله، ومهما آلمتها غيرتها وآذتها، إلا أن حبه ومكانته في قلبها لم تتغير، وأقصى ما كانت تقدر عليه أن تهجر اسمه فقط (مع تألمها من هذا الهجر)،
وحتى في ردها عليه قالت في دلال: "ما أهجر إلا اسمك"
ولسان حالها يقول: لا يخطر ببالك تغير قلبي ومشاعري تجاهك أو حتى هجري لذاتك حين أغضب،
فوالله لا أهجر وقتها الا اسمك على مضض مني وتألم،
فأُظْهِر البعد بلساني
لكن قلبي متعلق بكيانك وذاتك
وحبي لك ثابت وهواك في نفسي لا يتغير.

وهنا وقفت أتأمل الموقف وقد بدأت الصورة تتضح لي رويدا رويدا
فهي لم تكن لتستطيع أن تتعامل بهذا الرقي والحب الا لو طغت أنوثتها على كل جوارحها، وكان لديها قدرة كبيرة على إدارة مشاعرها ومعالجتها قبل أن تتفاقم أكثر بداخلها.
فلقد امتلأ قلبها حبا وطهارة ونقاء، ولم تسمح لأي مشاعر أخرى أن تسيطر على سلوكها وتتحكم فيها.

تماما مثل تلك الممرضة التي ذكرُت قصتها سابقا، لم تكن تسمح لمشاعر الضيق أن تتمكن منها أبدا، بل كانت تعالج مشاعرها فورا وتتخلص من أي أثر لها قبل أن يظهر بنبرة صوتها.

وحينما حاولت البحث في ذاكرتي عن أي موقف حدث فيه خلاف شديد بين عائشة رضي الله عنها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث في بيوتنا، خاصة أن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مذكورة في السيرة بأدق التفاصيل، لكن ذاكرتي لم تذكر موقف واحد حدث بينهما وغضبت فيه، ولم أجد موقف لأي من أمهات المؤمنين ولا الصحابيات ولا نساء السلف.

ثم قلت ربما لأنهن لم يتعرضن لضغوط شديدة مثل التي تمر بها النساء هذه الأيام
لكني تذكرت أمهات المؤمنين والظروف التي كان يمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم من همّ الدعوة ومحاربة المشركين،

وتذكرتُ

~ يتبع بعون الله ~

مدونة الروح والريحان
amatulrahmaan.wordpress.com
 



💕 أنوثتِكِ في "ما أهجُرُ إلا اسمك" 💕
أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت
(جزء ٣ من ٣) والأخير
#أنوثتك


وتذكرتُ فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنها،
(حيث روي أن فاطمةَ عليها السلامُ شَكَتْ ما تَلْقَى مِن أثَرِ الرَّحَى، فأتَى النبي ﷺ سَبْيٌ، فانْطَلَقتْ فلم تَجِدْهُ، فوجَدَتْ عائِشةَ فأخْبَرَتْها، فلما جاءَ النبي ﷺ أخبَرَتْهُ عائِشَةُ بمجيءِ فاطمةَ، فجاءَ النبي ﷺ إلينا وقدْ أخذنا مضاجِعنا، فذهبتُ لأقومَ، فقال : ( على مكانِكُما ) . فقعد بيننا، حتى وجدتُ بردَ قدميهِ على صدري، وقال : ( ألا أُعَلَّمُكُما خيرًَا مما سألْتُمانِي،إذا أخَذْتُما مَضاجِعَكُما، تُكبران أربعًا وثلاثين، وتُسبحان ثلاثًا وثلاثين، وتَحمدان ثلاثًا وثلاثين، فهو خيرُ لكما من خادمٍ ) .)
[صحيح البخاري]

وكذلك أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها حيث قالت: (كنتُ أخدمُ الزبيرَ خدمةَ البيتِ . وكان لهُ فرسٌ . وكنتُ أسوسُه . فلم يكن من الخدمةِ شيٌء أشدُّ عليَّ من سياسةِ الفرسِ . كنتُ أحتشُّ لهُ وأقومُ عليهِ وأسوسُه) [رواه مسلم]

ومع ذلك، لم يُذكر أنهما غضبتا أو علا صوتهما أو تلفظا بكلام شديد مما يحدث في البيوت هذه الأيام.

فعلمت يقينا أن كل ما نتخذه من أعذار ومبررات، ما هي إلا حجج واهية لنُقنع أنفسنا أننا عاجزون عن التغيير.
وربما السبب الرئيسي هو ندرة النماذج المعاصرة والتي ممكن أن نتخذها قدوة لنا.

ويبقى السؤال الأهم
كيف يمكننا أن نتعلم الأنوثة الحقيقية التي اندثرت على مر الزمان؟؟

الجواب يتلخص في هذه النقاط:

° الاستعانة بالله واللجوء إليه بالدعاء، سائلة إياه أن يجعلك ممن قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرُكم بنسائِكم في الجنَّةِ ؟ ! كلُّ ودودٍ ولودٍ ، إذا غضبَتْ أو أُسيءَ إليها [ أو غضب زوجُها ] ؛ قالت : هذه يدي في يدك ؛ لا أَكتحلُ بغَمْضٍ حتى تَرْضى)
[السلسلة الصحيحة للألباني]

° الاكثار من الطاعات والنوافل وتلاوة القرآن وذكر الله، في قلبك قبل جوارحك لتنتشر السكينة والطمأنينة في نفسك.

° القراءة كثيرا في كل ما يتعلق بالشخصية القوية وتقدير الذات، فأغلب الانفعالات سببها ضعف تقدير للذات، والاستماع والتأثر بأقوال وأراء الآخرين.

° القراءة والتعلم عن الذكاء العاطفي لتتعلمي كيف تفهمي مشاعرك وكيف تعالجيها وتسيطري عليها وهي في المهد وقبل أن تتفاقم.

° تعلم كيفية إدارة الغضب من الجانب الشرعي والنفسي، فمن أكثر الأمراض المنتشرة حاليا، العصبية وسرعة الإنفعال.

° القراءة والاستماه كثيرا عن جمال الروح والأنوثة وكل ما يتعلق بالأنثى.

وفي الخاتمة، نعم أدرك أن التغيير ليس بالسهل خاصة أنه تغيير لأفكار ومعتقدات وسلوكيات ترسخت على مدار عشرات السنوات، لكني أعلم أيضا أنه بالاستعانة بالله وصدق اللجوء إليه، ستتتغيرين

تدريجيا على مر الأيام والشهور والسنوات المتبقية من حياتك

وتذكري دوما أن
💕 أنوثتك في "ما أهجر الا اسمك" 💕

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

مدونة الروح والريحان
amatulrahmaan.wordpress.com

 

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أم عبدالرحمن
  • مـقـالات
  • استشارات
  • همسات رمضانية
  • رفقًا بعقيدتي
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط