اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/108.htm?print_it=1

هنا.. أخطأت الدكتورة ريم الطويرقي

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لم يكن هذا تكريماً لعلم الفيزياء والمنتسبين له من أهل الوطن فقط! بل كان لي ولطالباتي وللوطن كله، ألا يحق لنا بعد هذا كله.. أن نتباهى بك يا دكتورة ريم؟

لا أدري ما الذي شدني لتلك المواطنة الفاضلة والأستاذة المتميزة.. انتماؤها لدينها، أم اعتزازها بوطنها، أم وفاؤها لتخصصها، أم هذا الخلق الإسلامي الذي ظهر من خلال تحركاتها وكلماتها، أم ذلك كله؟ لقد كانت سيرتها تفرض علي فرضا، فلا أجد نفسي إلا مشيدة بها داعية لها، ولو كان الأمر بيدي لقرعت باب معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري لأطلب منه تكريمها وأمثالها من خلال مهرجان وطني يستحدث لهذا الغرض بالذات، وحبذا لو تم عقده تحت مظلة وزارة التعليم العالي بشكل دوري، فهذا أقل ما يمكن أن يقدم للدكتورة ريم بنت محمد الطويرقي.. وأمثالها..

لقد كرمت الدكتورة ريم مؤخرا خارج حدود الوطن من قبل معهد العالم العربي في باريس وجامعة إنترديسبلن، وذلك بمناسبة العام الدولي للفيزياء، معهد أدرك أنه من غير الإنصاف في احتفائه بعلم الفيزياء تجاهل الفيزيائية السعودية الشابة التي استطاعت أن تضع بصمات واضحة في هذا العلم على حداثة سنها..
ولن أبالغ إن قلت إن هذه الابنة البارة فخر لهذا الوطن رجالا ونساء، شبابا وشيوخا، لقد كانت وما زالت البارة الوفية لوالديها وأسرتها، البارة لوطنها الذي احتضن وساند طموحاتها، البارة بعلمها الذي عشقت طلاسمه وألغازه!، وهي قبل هذا وذاك المسلمة التي أعلنت إيمانها بأفعالها قبل أقوالها..

ولمن لم يحالفه الحظ بالاطلاع على حيثيات برنامج الاحتفال الباريسي، أنقل له بعض لقطات لعل النشوة تعتري فؤاده كما اعترت مشاعرنا، لقد وقفت الدكتورة ريم على منصة التكريم في باريس، حاملة كبرياء الإنسان المسلم، معلنة أن إيمانها وما يتطلبه هذا الإيمان من تنفيذ لشعائره السمحة، ومنها الحجاب، لم يكن عائقا في سبيل تطلعاتها العلمية الدقيقة، ولنسمع معا جزءاً من حديث أجرته صحيفة الحياة معها: (للأسف الشديد يعتقد البعض أنه عندما تغطي المرأة رأسها فهي تغطي عقلها أيضا، ومن خلال مشاركتي باللباس الأسود والنقاب، كانت رسالتي، التي أدعو الله أنها وصلت، هي أن هذه الصورة التي يسعى الإعلام الغربي لرسمها عن المرأة المسلمة السعودية المحتشمة بالسواد، والتي يسعى لربطها دائما بالتخلف والإرهاب والسلبية، هي الصورة نفسها التي رأوها ذلك اليوم أثناء التكريم، فلعل المرة القادمة عندما يرى العالم الغربي تلك المرأة المحتشمة بالسواد في التلفزيون أو في الطريق.. قد يتوقفون للحظة، ويقولون لعل هذه المرأة طبيبة أو عالمة فترتبط بصورة إيجابية).

أما عن منهاج التعليم في المملكة العربية السعودية الذي اعتمد للفصل بين الطلبة والطالبات في مختلف مراحل التعليم، فتظهر الدكتورة ريم قناعتها التامة بهذا المنهاج بقولها: (قد يرى البعض أن هذه رجعية، ِإلا أن بعض الدراسات الحالية في الغرب تعيد النظر في نظام دمج الذكور والإناث في المدارس، إذ لوحظ أنه عند فصل الذكور عن الإناث تكون نتيجة التحصيل عند الجنسين أعلى)، ولم تكتف الدكتورة ريم بيقينها بجدوى هذه السياسة التعليمية، بل تحدثت عنها في الكلمة التي ألقتها في حفل التكريم - في فرنسا - والتي جاء فيها: (إن فصل تعليم الإناث عن الذكور في السعودية، لم يكن وبالا على المرأة السعودية، وإنما وفر لها مجالا أرحب للاستزادة من العلم والمعرفة.. فهي نتاج هذا النمط من التعليم، هي وقرابة ألفي امرأة في جامعة الملك عبد العزيز، عدا الأكاديميات السعوديات العاملات في بقية الجامعات السعودية).

هذه العالمة الفتية العزيزة علينا جميعا تطمح لأن تعيش وفق قوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) أما على المستوى العلمي فتطمح لأن تعيش وفق منهاج الحسن بن الهيثم، إذ تتطلع لبذل جهدها وعقلها مستخدمة طاقتها وعلمها لثلاث أمور: إفادة من يطلب الحق في حياتها وبعد مماتها، وذخيرة لها في قبرها ويوم الحساب.. ولرفعة سلطان المسلمين) أما على المستوى العملي فوفقا لقوله تعالى: (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) اللهم لا تردنا ولا تردها خائبين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ومع هذا كله أجد أن الدكتورة ريم أخطأت في قولها (لا أعد تكريمي تكريما لشخص "ريم الطويرقي" ولكن هو تكريم لكل امرأة سعودية درست أو تدرس الفيزياء، وتعمل في مجال نشره وتحبب الطالبات فيه)، لا يا دكتورة ريم.. فلم يكن هذا تكريماً لعلم الفيزياء والمنتسبين له من أهل الوطن فقط! بل كان لي ولطالباتي وللوطن كله.. ألا يحق لنا بعد هذا كله أن نتباهى بك يا دكتورة ريم؟.. حفظك الله وسدد خطاك لما يحبه سبحانه.
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط