اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/162.htm?print_it=1

برمجة عقول الساسة باسم القداسة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
اليمين المسيحي المتطرف الذي يحاول توجيه ساسة الولايات المتحدة الأمريكية لمصلحة الكيان الصهيوني، وللدعم التام لكل جرائم إسرائيل الوحشية ضد فلسطين وأهلها بتفسيرات كتابية يرى أنها مقدسة، يعلن في الوقت نفسه أن عداءه للإسلام نابع من هذه النصوص الكتابية...

سيداتي سادتي: (لا يخطئن أحد في تقييم موضوعنا هذا، فالعالم بأسره ينتفض بسبب الصراع الديني، والمعركة ليست معركة مال أو أرض، ولا هي معركة فقر وغنى. والحرب ليست حرب "قديم جديد"، لأن الذين يشنونها يدعون أن "هبل" مكة، إله القمر، الذي يسمونه الله، متفوق على يهوا اليهودية المسيحية إله التوراة، فإذا استسلم شعب الرب المختار لـ(الله) ومنحه السيطرة على الأماكن المقدسة، إذا استسلم هذا "الشعب للمسلمين الهمج ومنحهم السيطرة على قبور راحيل ويوسف والآباء، وصدق أن ادعاء الأحقية في السيطرة على الأرض المقدسة نابع من وعد أطلقه اللورد الإنجليزي بلفور وأيدته الأمم المتحدة الدائمة التقلب وليس من وعد قطعه الرب الجبار، فعندئذ يكون الإسلام قد انتصر في المعركة، وعلى امتداد العالم المسلم سوف يرتفع صوت يقول إن الله أعظم من يهوا، وإن الوعود التي قطعها يهوا لليهود ليست ذات معنى. والآن نستطيع أن نزحف لسحق اليهود باسم الله ونخرجهم من الأرض التي هي أرض الله...)!.

عبارات أعلنها الدكتور بات روبرتسون رئيس شبكة الإرسال المسيحية الأمريكي الجنسية في خطابه أمام مؤتمر هرتزيليا الرابع الذي انعقد عام 2003م تحت اسم "ميزان المناعة والأمن القومي في إسرائيل"، المؤتمر الذي ينال الدعم الكامل من المؤسسات الرسمية الصهيونية.

وقد يتساءل البعض عن أهمية "بات روبرستون" هذا وهو الأمريكي الجنسية المسيحي الديانة ليوجه له دعوة للمشاركة في مؤتمر صهيوني الأرض والمنشأ، روبرستون هذا زعيم ديني يميني له شهرة كبيرة في أمريكا وفي خارجها، رجل أعمال وسياسي نشط، رئيس مؤسسة دينية ومالية كبيرة، يعمل في التبشير منذ خمسين عاما، له برنامجان يبث كل منهما يومياً، وقد بينت إحصاءات أجريت عام 1984م، أن شبكته الإعلامية تدر عليه 250 مليون دولار سنوياً، كما حصلت جامعته الدينية في العام نفسه على 233 مليون دولار على شكل أقساط وتبرعات، فضلا عن التبرعات الأخرى التي تأتي إليه تباعاً، هذا الرجل الذي له تأثير قوي على شريحة كبيرة من اليمين المسيحي كثيراً ما يتباهى بأنه (صهيوني)!،هذا الرجل رشح نفسه عن الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية. هذا الرجل وبشهادة الكثيرين لا يتورع عن اللجوء للكذب للوصول إلى أهدافه. وهو الذي أكد حق إسرائيل التاريخي في القدس وفي الأراضي المحيطة بدولة إسرائيل.

هذا الزعيم الديني الصهيوني التوجه الأمريكي الجنسية ليس فريداً من نوعه في أمريكا، ففي حين تحاول بلاده بكل ما أوتيت من قوة تقليص الحس الديني من العالم خاصة الإسلامي منه، تسعى من جهة أخرى بخطى ثابتة لدعم رجال الدين المسيحي الذين أصبحوا دعاة للصهيونية بكل ما تحمل هذه الكلمة من دلالة، فالقس "جيري فاليول" يترأس إمبراطورية أصولية تكاد تكون ثروتها ونفوذها من أكبر الإمبراطوريات الفردية سيطرة وقوة في العالم، أما دعمه للصهيونية فغير محدود كما أن عداءه صارخ للعرب والمسلمين، ولبيان أهمية دعمه للصهيونية أذكر هنا أنه تلقى دعوات عدة لزيارة فلسطين المحتلة، وأنه عام 1980م، منح على أرضها جائزة جابوتينسكي لقاء خدماته ودعمه لسياساتها الصهيونية، كما أنه يتنقل في رحلاته على متن طائرة نفاثة أهديت له من قبل إسرائيل!.

كما صرح هو بدوره أنه صهيوني وأن في أمريكا 70 مليونا من الإنجيليين ممن يصفون أنفسهم بالصهيونية، وفي عام 2002م، ظهر من خلال برنامج تلفزيوني ليقول: (نحن جميعاً صهيونيون.. نحن أفضل أصدقاء إسرائيل..) أما عداؤه السافر للإسلام ولنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام فيكفينا أن نذكر هنا تطاوله السافر على نبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام عام 2002م، وإصراره على هذا التطاول.

ما ذكر هنا يعد نموذجاً لزعماء أمريكيين دأبوا على شن حملات عنيفة على الإسلام والمسلمين بهدف تشويه صورته وتقديمه على أنه عدوا لله وحليف للشيطان، ومن ثم إعطاء شرعية لشن حرب على المسلمين، وهما كغيرهما يتمتعان بقدرة فائقة على استخدام وسائل الإعلام للترويج لأفكارهما والتأثير على عقول الناس وتوجيههم، كما لهما الصلاحيات للتصرف بملايين الدولارات ومعظمهم يتحكم بمحطات إذاعية وتلفزيونية ودور نشر ومواقع على الشبكة العالمية. كما أن لبعضهم تأثيراً معلناً على رؤساء أمريكا، وعلى سياساتها الخارجية بوجه خاص، وعلى سبيل المثال (بيلي جراهام) أكثر القادة المسيحيين نفوذاً وتأثيراً على الإطلاق منح أوسمة وميداليات من الكونجرس الأمريكي ورئاسة الجمهورية ومنظمات دينية وإعلامية كثيرة، عمل منذ عهد الرئيس أيزنهاور مستشاراً دينياً غير رسمي للبيت الأبيض، وهو من المقربين لجورج بوش الأب والابن على السواء، ومع ما ناله من هجوم يهودي بدعوى محاولته نشر المسيحية في أوساط يهودية، إلاّ أنه كان دائماً يعلن ولاء الطاعة للصهيونية وبالتالي لم يكن غريباً أن يتم تكريمه على أيدٍ يهودية وصهيونية عالمية.

إن اليمين المسيحي المتطرف الذي يحاول توجيه ساسة الولايات المتحدة الأمريكية لمصلحة الكيان الصهيوني، وللدعم التام لكل جرائم إسرائيل الوحشية ضد فلسطين وأهلها بتفسيرات كتابية يرى أنها مقدسة، يعلن في الوقت نفسه أن عداءه للإسلام نابع من هذه النصوص الكتابية، وبالتالي قدم مبررات لعمليات مأساوية أخفق الجميع في إيجاد مبرر سياسي أو أخلاقي لها، وبذلك تصبح الاعتبارات السياسية والإنسانية غير ذات أهمية، بل غير واردة أمام إرادة الله، فلترتاح الضمائر، فهم يحققون إرادة الله الداعية لرعاية شعب - دموي سفاك - أطلق عليه شعب الله المختار!. فالإبادة والمجاعة الجماعية اللتان يشهدهما الشعب الفلسطيني على مدار الساعة، لا تظهران على قنواتهم التلفزيونية ولا على صفحات جرائدهم وأنى لها ذلك، فضمائرهم مستكينة ودموعهم مستقرة. تبريرات برمجت عقول الساسة قبل العامة في أمريكا وغيرها من دول العالم التي تروج لتبريرات جوفاء لا معنى لها إلاّ في عقول ميتة.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط