صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







نماذج مشرفة لبنات الوطن

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لا أستطيع أن أتجاهل تلك البيئة الخاصة التي عرفت كيف تنمي الحس الديني والوطني لهذه النماذج المشرفة من بنات الوطن، وكيف تمكنت من دفعهن وتشجيعهن لبذل الوقت والجهد تطوعاً، بل شاركتهن في هذا البذل بكل أريحية...

إن الإقبال الغريب من قبل الطلبة على التسجيل في الفصل الدراسي الصيفي في جامعات المملكة بشكل عام، وفي جامعة الملك فيصل بشكل خاص جدير بالإشادة، فقد أقبلوا على ذلك مخيرين غير مسيرين وفي موسم وصموا فيه بالكسل.
إلاّ أن ما أنا بصدد إلقاء الضوء عليه يتعدى الطلبة الراغبين في الدراسة في الفصل الصيفي، ليصل الحديث عن نوع من طالبات تخرجن في جامعة الملك فيصل فرع الدمام. وما حديثي عنهن إلاّ من باب تعاملي المباشر معهن. فالمعذرة كل المعذرة عن عدم تطرقي لأبنائنا الطلبة إذ إني على غير اطلاع بنشاطهم، والذي لا أشك أنه -بفضل الله -متميز.

أما ما دعاني لهذا الحديث دون غيره فقد كان بسبب موقف حدث العام الماضي، ففي بداية الفصل الدراسي الصيفي المنصرم في جامعة الملك فيصل، فرع الدمام، فلأسباب صحية خاصة استلزم تقديم الفترة المحددة للإجازة السنوية للأخت الإدارية الوحيدة بالقسم الذي أعمل من خلاله، وبسبب هذه الظروف الطارئة وبحكم كوني منسقة للقسم ذاته، تطلعت وعلى الفور لطالبتين من طلبة الجامعة المتميزتين للعمل في القسم خلال الفصل الصيفي.
وكانت مفاجأة ظاهرة بذاك الحماس الذي وصلني وتلك الموافقة التي ارتبطت بطبيعة الحال بموافقة الأهل، بل إن إحداهن بينت أنها ستقدم اعتذاراً لجهة أخرى كانت تعتزم العمل معها خلال الفصل الصيفي. فجامعتها أولى بها.
أما وكيلة الجامعة الأستاذة الدكتورة دلال بنت محمد التميمي فقد كانت كعادتها (حفظها الله) متفهمة تماماً للأسباب الداعية لطلب اعتماد عمل الطالبتين، كما أبدت إعجابها بتفاعلهما الإيجابي، ثم بادرت بعمل كل ما يلزم لإقرار مكافآت رمزية تقدم لهن في نهاية الفصل.
ولكن ولأسباب إدارية وصل اعتذار من قبل الجهة الخاصة بعدم اعتماد هذه المكافآت، معللة ذلك بإجراءات إدارية، من أهمها ضرورة تقديم الطلب قبل فترة لدراسة إمكانية اعتماده، ولأن ذلك لم يحدث حينها بسبب الظرف الطارئة المشار إليها آنفا، انتهى الفصل الصيفي دون تقديم أي تقدير مادي رمزي لطالبتين بذلتا كل الجهد في سبيل خدمة الجامعة والقسم.

ولأن الواجب يحتم عليّ أن أتوجه أمام الملأ بالشكر لهما ولأمثالهما، ها أنا أقف إجلالاً للابنة منى بنت عمر العامر، وللابنة نادية بنت فاروق المصري المتخرجتين حالياً في كلية العلوم الإدارية والتخطيط، وأقدر لهما عملهما معي في وقت انتهت علاقتهما الأكاديمية بالقسم وبي كمدرسة. وكما أقدر ما بذلا من عطاء وإخلاص خلال الفصل الصيفي للعام الجامعي 1426هـ، فقد مرت أيامه كأروع ما يكون، وهون وجودهما بجانبي عليّ الكثير من الجهد.
وها هو التاريخ يعيد نفسه، وها هي الأيام تنبئني بصور إنسانية ولا أروع، فظروف القسم في الفصل الصيفي الحالي تشابه ظروفه في الفصل الصيفي لعام 1426هـ، وبالتالي عمدت لطلب موافقة الجامعة على عمل طالبتين من طالبات كلية العلوم الإدارية والتخطيط خلال هذا الفصل، متخذة كل الإجراءات الإدارية لاعتماد ذلك، لعلهما ينلن مكافأة ولو رمزية تكون دعماً معنوياً لهما. وكما توقعت كان رد الأستاذة الدكتورة دلال وكيلة الجامعة يتوافق مع ما عرف عنها من إيجابية وحب لطالبات الجامعة. إلا أن الاعتذار مجددا كان رد الإدارة المعنية بالأمر، وهنا قدمت طلب الموافقة على عملهما بشكل تطوعي خلال الفترة المعنية، ولأنال في النهاية - ولله الحمد- دعم وكيلة الجامعة وتشجيعها.

ولأني لا أميل لتكرار الخطأ مرتين كان لا بد أن أبين للطالبتين المعنيتين قبل بداية الفصل موقف الإدارة من اعتماد المكافأة، ومما أثلج صدري أنهما لم يوافقا فقط على العمل كمتطوعات، بل بادرن ببيان أنهما على علم بما حدث مع زميلاتهما الصيف الماضي، وأن هذا لن يفتر من حماسهما للعمل.

لا لم ينته هذا العطاء من بناتي، فمن خلال حديثي مع أفضل مديرات المنطقة الشرقية حماساً وإبداعاً وتفرداً استفسرت عن حاجتها لموظفات متطوعات ومتخرجات في جامعة الملك فيصل، كلية العلوم الإدارية والتخطيط للعمل معها العام المقبل، خاصة وأن مدرستها أصبحت مع هذا العدد المتزايد من الطالبات أشبه بالكلية.
وما إن استحسنت الفكرة حتى وجهت الطالبتين اللتين ستعملان معي الفصل الصيفي الحالي خاصة أنهن تخرجن للتو، لمقابلتها والاطلاع على العمل المطلوب منهما، في حال راق لهما العمل معها كمتطوعات للعام الدراسي المقبل، كنت أعزي نفسي بالقول: إن هذه المقابلة إن لم تنفع فلن تضر، لكن النتيجة كانت أروع مما توقعت، فقد تلقيت في اليوم المحدد لها ثلاث مكالمات، كان كل منها يلهج بالدعاء لي.

أما بناتي فقد بهرهما أسلوب تعامل المديرة واحترامها لهما، وأثار أسلوبها الإداري الذي بينت بعض جوانبه إعجابهما وحماسهما للعمل معها، أما المديرة العزيزة فقد اعتبرتهما من النماذج المشرفة لشباب الوطن، ويحق لها ذلك، فأن يعملا دون مقابل عاماً كاملاً، لا يبغيان من خلاله إلاّ خدمة المجتمع، أمر يدعو للفخر.
والحقيقة لا أستطيع أن أتجاهل تلك البيئة الخاصة التي عرفت كيف تنمي الحس الديني والوطني لهؤلاء، وكيف تمكنت من دفعهن وتشجيعهن لبذل الوقت والجهد تطوعاً، بل شاركتهن في هذا البذل بكل أريحية.

أمثال هذه الأسرة التي تنتمي إليها جمانة بنت سمير الشهري، وفرح بنت سعود الغامدي، وكذلك منى بنت عمر العمر، ونادية بنت فاروق المصري، تستحق كبناتها الشكر والتقدير، فجزاهن المولى عنا خير الجزاء.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط