اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/17.htm?print_it=1

تلوث البيئة... و مصنع سافكو

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لأنني ممن يؤمنون بقول القائل... إن خطورة التلوث الهوائي تكمن في صعوبة التحكم فيه، فبينما يستطيع الإنسان التحكم في نوعيه المياه والغذاء اللذين يتناولهما، يقف حائراً أمام الهواء الذي يتنفسه، إذ لن يتمكن من اختيار استنشاق هذا الهواء وترك ذاك، إلا إذا اختار ملازمة أجهزة التنفس الصناعية ليل نهار.
ولأن الإحصائيات العالمية تؤكد أن نصف الأمراض التي يعانيها الجهاز التنفسي، و كذا أمراض القلب وسرطان الرئة ناتجة عن التلوث، ولأ ن هذا التلوث يتسع ليضم تلوث الحيوان والنبات بل حتى المنشآت الخرسانية.

ولأن التوصيات العالمية تطالب دول العالم بضرورة فصل القطاع الصناعي عن المدن، أو التكتلات السكانية، كنقطة أساسية لتجنب الآثار المباشرة للتلوث بشكله العام.
لهذا كله كان لا بد من أن أنقل معاناة مواطنين أنهكهم التلوث، أنهكهم تصاعد أبخرة محملة بالسموم خنقت أجوائهم وما زالت على حالها، سموم شاركتهم حياتهم مكرهين دون اختيار، كان لا بد من أن أضع تلك المعاناة أمام سمو الأمير تركي بن ناصر آل سعود، الرئيس العام للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة... وهو الذي تسلم زمام الأمور في هذه المؤسسة منذ أشهر عدة... لعل وعسى يتحقق المأمول على يده... بعون الله
سأبدأ القصة من حيث انتهت... فقد حدث ذلك منذ قرابة العامين، حيث تلقى سكان حي بترومين ببشر وتفاؤل، وكذا سكان حي الراكة، وحي الجامعة في محافظة الدمام، وهي المناطق التي تشمل أيضا سكن الحرس الوطني، ومعهد الدراسات الفنية للقوات البحرية، ومقر جامعة الملك فيصل، وسكن أعضاء هيئة تدريسه، خبراً نشر في إحدى الصحف المحلية، وبالذات في يوم الثلاثاء الموافق 18 /8/1421هـ، 20/ 4/ 2001 م، يحوي بين أطرافه توصيات لجنة تقصي الحقائق النهائية لدراسة استمرت 15 عاما، للتأثيرات البيئية لمصنع( سافكو ) فرع الدمام، لجنة وقع على بنودها الدكتور يوسف بن محمد الجندان، مدير جامعة الملك فيصل رئيساً، و (15) عضواً من أهل الاختصاص في مجال الصحة وحماية البيئة.
أما سبب سرور أهالي تلك المنطقة بتلك التوصيات فلأن الأخذ بها سيضمن بإذن الله حماية صحة أسرهم، كما سيضمن حماية بيئة عانت الأمرين من وجود مصنع( سافكو) للأسمدة كجار بغيض، أبى إلا الإضرار بمن حوله.
فقد أوصت هذه اللجنة صراحة بضرورة نقل مصنع الأسمدة ( سافكو)، وهو الرابض على أرض تلك المنطقة منذ عام 1965 م، على أن يكون النقل خلال (12) شهراً من تاريخه، إلى موقع آخر مناسب.

بل إن الخبر تكفل ببيان بعض الحيثيات التي استند عليها أعضاء تلك اللجنة في قرارهم ذاك، ( فقد أشارت تلك التوصيات إلى أن هذا المصنع يعد مصدراً للتلوث البيئي، فالأبخرة المتصاعدة منه تحمل مواد من تركيبات الأمونيا (N H 3 )، وثاني أكسيد النتروجين N.2) ) وهي بمجملها تسبب تأثيرات صحية على الجهاز التنفسي)... وغني عن البيان أن هذا التلوث لا تقتصر أثاره السلبية فقط على صحة الإنسان، بل يتسع ليشمل الإنسان والحيوان والنبات بل حتى المنشآت الخرسانية.
وبما أن المدة المحددة لنقل المصنع بعام انتهت، بل تضاعفت لتزيد على عاميين من تاريخه... وبما أن مصنع سافكو كما أظن يطمع في حياة بلا موت وهو محال بإذن الله، ولأن معاناة سكان الأحياء المحيطة به ما زالت كما كانت، بل هي في ازدياد مطرد في أحوال بيئية مخصوصة يدركها سكان المنطقة، فالمصنع قد أخذ على عاتقه كما يبدو بزيادة نسبة تسربات مادة الأمونيا زيادة مطردة مع زيادة الرطوبة، إذ إن من شأن رطوبة الجو بشكل مكثف خفض مادة الأمونيا لمستوى سطح الأرض وبالتالي إخفاء معالمه بشكل أسرع... لكن فاتهم أن الأحياء المجاورة التي يعاني سكانها من هذه الزيادة يؤكدون تزايد تسرب الأمونيا ليلاً، وفي مواسم ازدياد الرطوبة بالذات.

وجدير بالملاحظة أنه عندما بدأ الإعداد لإنشاء هذا المصنع حرص القائمون على الأمر، على بنائه في منطقة نائية محاطة بالرمال، وذلك حرصاً منهم على صحة المواطنين، وذلك قبل ما يزيد على ثلاثين عاماً، وقد تحولت اليوم تلك المنطقة التي كانت نائية... إلى منطقة آهلة بالسكان، تحتوي أرضها كما تبين آنفا مؤسسات تعليمية هامة، وكثافة سكانية لا يجدر التهاون بها، وعليه أرى أنه ما كان بالأمس مباحاً أصبح اليوم في حكم الحرام.
كما لا بد من الإشارة إلى أن المصنع خلال تلك العقود الثلاث أجرى بعض التوسعات الإنشائية لتتناسب مع ازدياد إنتاجه، دون الأخذ في الاعتبار مدى إمكانية السيطرة على ما يصاحب هذه الزيادة الإنتاجية من تأثيرات بيئية.

وهناك تساؤل أوجهه للقائمين على المصنع ما الهدف من وراء هجر معظم كوادركم الإدارية وأخص العليا منها بالذات، للمجمع السكني المجاور للمصنع؟ وما الحكمة من اختياركم تأجير المباني السكنية المخصصة لتلك الكوادر، للقطاع الخاص و المجمع أسس في أصله لسكن موظفي المصنع دون غيرهم.
وإلى أن يصلني جواب شاف... أترك أمر هذا المصنع و توصيات لجنة تقصي الحقائق المشار إليها، بل أترك صحة أطفالنا ونسائنا ورجالنا شيوخاً وشباباً، بين يد الله سبحانه ثم بيد الأمير تركي بن ناصر آل سعود أعانه الله وسدد خطاه لما فيه الخير.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط