اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/173.htm?print_it=1

العدو خاوي الوفاض إلا من..

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لقد كان جديرا بأمثال هؤلاء إدراك أنه من الصعب إخماد همم أكثر من مليار مسلم، بخطط فشلت على أرض الواقع في فلسطين ولبنان وأفغانستان، وستفشل في غيرها بإذن الله

وصلني منذ أيام مقال تكررت معلوماته على مسامع العالم، فما ورد فيه لم يكن جديدا، إلا أن الغريب فيه يكمن في التوقيت الحالي لإعادة طرحه، وأيضا في العنوان الذي اختير له وهو (حدود الدم)، والغرابة متحققة أيضا في النافذة التي اختيرت لظهوره، فقد نشر عبر مجلة القوة العسكرية الأمريكية منذ أسابيع، ليتناول بإسهاب -ممل- تفاصيل تتعلق بخارطة الشرق الأوسط الجديد كما يراها صاحب المقال ومؤيدوه، وهنا لا بد لي من التوقف وشكر الأستاذ "خليل السعيد" مترجم المقال، وكل من عمل على إيصاله لي من أساتذة وزملاء وأبناء..

"فرق تسد" قاعدة اعتمد عليها كاتب المقال ومن قبله من خطط لهذه الخارطة.. وأنا هنا لن أناقش جهل هذا الكاتب بطبيعة الشعوب العربية، ولن أناقشه في فشل بل تقاعس سياسة بلاده عن سعي لتحقيق عراق وأفغانستان جديدين،غنيين، مستقرين وآمنين.. !! كما تغنى ساستهم، ولن أتوقف عند فشل بلاده مع العالم أجمع والذي بات كارها لهذه السياسة وللقائمين عليها..ولن أناقشه في فلذات أكبادهم.. ودمائها التي تراق يوميا على أرض غريبة وسط غرباء كارهين..

ولكن سأناقشه في سلامة ابنهم المدلل..سلامة كيانه الصهيوني، والتي لن تتحقق إلا بتقديم الأرض مقابل السلام، لا بنزع الأرض مقابل السلام، فالمعادلة التي يراد تحقيقها لن تتحقق، فما هو ممكن بالنسبة لهم غير ممكن بالنسبة لنا، ودعمكم المتهور لأطماع إسرائيل الكبرى، في ظل دويلات صغيرة ضعيفة متفككة متناحرة لن يتحقق، فقد تعلمنا الدرس، وما زلنا متلهفين للمزيد من دروس الماضي والحاضر، وما حدث للعراق وأفغانستان لن يتحقق في لبنان، شئتم أم أبيتم، والأوضاع التي كانت قبل هذه الحرب لن نقبل أن تكون بيننا بعدها..

ولكم أن تتخيلوا كيف هو حالنا ونحن نشاهد وعلى مدار الساعة جثث أطفالنا الصغار وقد مزقت قنابلكم الذكية أجسادهم الطاهرة..لقد نزعتم فرحتنا التي كانت بيننا، وأوقفتم ابتسامة كانت هي ملاذنا بعد الله.. وهنا أتساءل: كيف تتوقعون أن نقابل كرمكم !؟ أبالترحيب والتهليل الذي قوبلتم به في العراق الجريح حيث فرقتم شمله، وروعتم أهله، وجوعتموه وهو الذي كان الغني بخيراته على حرمانه..

ولأني على يقين أنكم تريدون السلامة والاستقرار لشعب صهيون أضع بين أيديكم نصيحة خرجت من عقلية صهيونية معتبرة عند أهله، "ناحوم جولدمان" مؤسس ورئيس المؤتمر الصهيوني لسنوات: أكد "أن دولة إسرائيل سوف تختفي من الوجود إن هي ظلت تمارس الإرهاب اليومي، ولا تعترف بوجود دولة فلسطينية" معلّلا استنتاجه ذاك بقوله: "إذ إنها ستضيع مستقبلاً في بحر العرب الواسع " كما بين أن الاعتراف بدولة فلسطينية يجنب الكيان الصهيوني هذه النهاية المأساوية وذلك بقوله: "عليها أن تعترف بحق الشعب الفلسطيني في الوجود، وأن تنصهر معه في علاقات اقتصادية".

أما البروفيسور اليهودي (إسرائيل شاحاك) وهو كما نعلم جميعا أستاذ جامعي، ولد في العهد النازي في بولندا، فقال في هذا الشأن: "إني متأكد أن الصهيونية ستندثر في المستقبل..فهي تعمل بعكس الآراء المشتركة لمعظم شعوب العالم.. ولأنها - وفي الشرق الأوسط بالذات - ستجلب كارثة على المنطقة، وقبل كل شيء على اليهود أنفسهم، فالاضطهاد والتفرقة التي تنتهجها الصهيونية في إسرائيل - فلسطين المحتلة - أصبحت واضحة ومفهومة لدى أوساط واسعة في العالم، وبسببها ينتهج قسم كبير من الصهاينة طريق عدم الاعتراف بأي من حقوق الفلسطينيين، أو حتى بالحقوق الإنسانية الخاصة "،أما نحن فنرى أن الاضطهاد والتفرقة التي تنتهجها السياسة الأمريكية وبيد كيانها الصهيوني - سواء فيما يحدث في فلسطين المحتلة، أو ما تعمد لتثبيت أركانه على الأرض اللبنانية وفيما حولها من دول - أصبحت واضحة ومفهومة للعالم أجمع...

لقد كان جديرا بأمثال هؤلاء الجهابذة إدراك أنه من الصعب إخماد همم أكثر من مليار مسلم، بخطط فشلت على أرض الواقع في فلسطين ولبنان وأفغانستان، وستفشل في غيرها بإذن الله.

كان جديراً بهم أن يدركوا أن هذا الكيان لو أريد له البقاء فإنه في حاجة لمقومات أساسية لا يملكها ولن يملكها إلا بتقديم"الأرض مقابل السلام" فقلة موارده المائية وافتقاده للنفط ومنتجاته، وافتقاده للأيدي العاملة الفنية، وافتقاده للموارد المالية أمر جلي واضح، فهو إلى اليوم عاجز تماماً عن الحياة، دون المساعدات الخارجية..
وإن كنا سنستفيد من عملية صلح عادلة تعيد الأرض مقابل السلام فالكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من ذلك،إذ لا يمكن له البقاء في ظل الظروف المحيطة به،فلا الناحية الأمنية تساعده،ولا الناحية الاقتصادية تحميه.

وبالتالي لم يكن غريباً تبنّي كتّاب صهاينة لأيّ خُطة مهما حملت في طياتها من إرهاب لتحقيق الصلح مع الدول العربية،، فتحت عنوان (سياسة القصاص الإسرائيلية) كتب (موشى برليانت) قائلاً: "إن حوادث الحدود الدموية قلّما تكون عرضية.. وإنما هي من بعض جوانبها قصاص وأخذ بالثأر، ومن الجانب الآخر خُطة مدبرة لسوْق العرب كرها إلى مائدة الصلح، ومن الناس من يصفها بالواقعيّة، ومنهم من يصفها بالخبث، ولكنها تؤذن بأن تنجح وتفيد"، ثم عمد الكاتب لتبيان الفائدة التي نالها هذا الكيان من سياسة القصاص هذه، فأشار إلى أن الموقف الأول هو إكراه العرب على وقف القتال، والثاني إكراههم على الهدنة، ثم قال: "إن هذه الخطة بعينها ستكرههم على الموقف الأخير، وهو قبول الصلح مرغمين"!

والغريب أن هذا الكاتب الصهيوني لم يتردّد في توضيح سياسة حكومته التي اعتمدتها في هذا التطبيق مع ما تحمله من معايير تتناقض والقانون الدولي، وحقوق الإنسان فقال: "إن إسرائيل تختلق المعاذير والتعليلات لقتل من تقتلهم باسم الثأر على سنة العين بالعين". هذا العبارات سُطّرت منذ ما يزيد عن نصف قرن، وما زالت كما يبدو حية في أذهان هؤلاء، وما زالوا يختلقون الأعذار لا لقتل البشر بل للقيام بعمليات إبادة أغمضت أعين الإعلام عنها مكرهة، ألا تعتقدون أن التاريخ يعيد نفسه، تاريخ آمل أن نتعظ من أيامه خيرا كانت أم شرا، وعند جلوسنا إلى طاولة المفاوضات آمل ألا ننسى أن العدو خاوي الوفاض إلا من الخوف والفقر والضعف..

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط