اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/195.htm?print_it=1

من من هؤلاء يقع عليه اللوم ؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
خلال الأسبوع المنصرف واجهتني مواقف متضاربة تتعلق بفهم إدارة ومعلمات المدارس النظامية على اختلافها ابتدائي ومتوسط وثانوي، لمضامين وروح اللائحة التعليمية الجديدة والمعنونة بـ(تقويم الطالب) وهي اللائحة التي أخذت صفة الإلزام بموجب الموافقة السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز،ومن خلال إصدار معالي وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله بن صالح العبيد تعميماً ينص على العمل بموجبها بدءا من العام الدراسي الحالي...هذه اللائحة التي نالت اهتمام خادم الحرمين الشريفين نصت:(على وضع مهمة تقويم الطالب في سياقها الصحيح،على اعتبار أنها ليست غاية في حد ذاتها وليست وسيلة للعقاب وأنها مصدر للمعلومات التي يحتاجها المعلم لتصحيح مسار عمله من جهة، ومعالجة الصعوبات التي يعاني منها الطلاب ومساعدتهم وحفزهم على تطوير قدراتهم من جهة أخرى). إن هذه السياسة التعليمية الجديدة على روعتها ينقصها إعادة النظر في إقرارها تخصيص درجات للمواد الفنية (كالتفصيل والرسم والتدبير) فمواد كهذه حبذا لو اعتمدت تقييمها بالنجاح أو الرسوب دون رصد درجات، حبذا لو توجه القائمون عليها للبحث عن مواهب لا تحويلها لكابوس يفزع الأبناء والبنات وأسرهم على السواء ..هذا ما شعرت به بعد حديثي مع أم لطفلة متميزة في العاشرة من عمرها وقفت مذهولة أمام علامة ابنتها في مادة التفصيل.
والملاحظ أيضا على هذه اللائحة تضارب قناعات بعض العاملين في السلك التعليمي، فهناك من اعتقد أن تطبيقها غير مجد، في حين قد نجد من يؤمن بها ويبدع في تطبيقها .. فعلى سبيل المثال نجد مديرة مدرسة الثانوية الأولى بالظهران،الأستاذة الفاضلة هاجر بنت محمد الهوساوي وقبل تكليفها بعملها الجديد،شرحت للمعلمات والطالبات على السواء مواد هذا النظام، كما أجابت على استفسار بعضهن، وبينت للطالبات أن اللائحة الجديدة ضمنت حق الطالبات طلب إعادة تقييمهن مرة.. واثنتين.. وثلاثا.

وفي الجانب الآخر نجد مدارس تتمسك باللائحة القديمة بشكل مستميت، إذ كيف لها أن تتغاضى عن نظام صارم طبق بحزم منذ بضعة أشهر، نظام ينص على منع إعادة أي امتحان دوري، لدرجة أن إعادته كان حينها تتطلب تدخل مدير عام التربية و التعليم.. بل إن بعض المعلمين والمعلمات ما زال يرفض إظهار أوراق الامتحانات الدورية لأولياء الأمور، وبطبيعة الحال يرفضون منحهم صوراً منها،والغريب أنه مع نص اللائحة الجديدة صراحة على ضرورة إعداد تقارير دورية وإرسالها لأولياء الأمور إلا أن بعض تلك المدارس لم تعد أي منها، و مجالس الأمهات والآباء غير مجدية من الناحية العملية، إذ غالبا ما تعقد خلال الدوام الدراسي مما يكون عائقا عن حضور الآباء والأمهات العاملات.

ولأن عدم استيعاب أو عدم إدراك بعض المعلمات لمضامين هذه اللائحة لامسني كأم أقلقها وضع ابنتها طالبت بإفساح المجال لتحقيق رغبتها بإعادة تقييمها، ومع عدم إظهار أي من المدرسات قناعة بشرعية الطلب فعل بعضهن ذلك مشكورا، في حين برر البعض الآخر رفضهن إعادة أي الامتحان باستثناء الراسبات، عندها توجهت لإعداد (13) ملفا، حوى نص النظام المشمول بالمذكرة التفسيرية والقواعد التنفيذية الخاصة به،وحديث جرى في منتدى "الأربعائيات" الثقافي بالمنطقة الشرقية، نشرت مضامينه على صفحات هذه الصحيفة، وتضمن:( تفسير مديرة الإدارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة الشرقية الأستاذة "شمسة البلوشي" لعناصر الغموض في اللائحة الجديدة على المعلمات ومستوى استيعابهن والطالبات لها، وعلى أن لجنة متخصصة نفذت (9) دورات تدريبية لمديرات المدارس والمشرفات بهدف شرح بنود اللائحة وعرض إيجابياتها وأهمية التقيد بها لتحقيق المهارة للطالبة والتدرج في إزالة نظام الاختبار القديم وللعمل على إنهاء وجود جيل لا يجيد إلا التلقين) كما شمل( تأكيد المشرفة الإدارية بإدارة التربية والتعليم بالمنطقة الشرقية "موضي السبيعي"على أن النظام يتيح 20 درجة في يد الطالبة تشكلها كيفما ترى، خاصة أن الاختبار مجرد أداة واحدة من أدوات التقويم التي تشمل الأنشطة والمهارات التي تحصل عليها من خلال تواجدها اليومي في المدرسة) إضافة إلى خطاب موجه لكل معلمة من معلمات ابنتي على حدة، ورغبة في إظهار حسن النية ارتأيت إرفاق كل مغلف منها بباقة صغيرة من الورد ..متمنية أن يدركن من خلال عبيرها أن مصلحة ابنتي ومصلحة الطالبات والمعلمات والعملية التعليمية الوطنية، هي الهدف الذي علينا جميعا أن نتكاتف لأجل تحقيقه.

ولأني أعتقد أن القضية حلها لن يتحقق من جانب المدرسة فقط، توجهت للاتصال بسعادة الدكتور "سمير بن سليمان العمران" مدير عام التربية والتعليم بنات بالمنطقة الشرقية، الذي أعطاني من وقته مشكورا قرابة الساعة ،استفسرت منه عن الكيفية التي يمكن أن يطبق هذا النظام فعلى فرض أن المعلمات أدركن أبعاد السياسة التعليمية الجديدة للبلاد، فلا أعتقد أنهن قادرات على القيام بها، إذا أخذنا بعين الاعتبار الأوضاع الحالية للمدارس، فالفصول محدودة، وأعداد الطالبات اللائي يحشرن يوميا في الفصول الدراسية تزداد يوما بعد يوم، أما المعلمات فعددهن لا يتناسب وتزايد عدد الطالبات، كما بينت لسعادته أن إقرار نظام ينص على وجود امتحانات متكررة ،بحجة إعادة تسييس مفاهيم تعليمية مغلوطة، غاية سامية، إلا أنها تكاد تكون مستحيلة في ظل هذه الظروف ،كما استفسرت منه عن أسباب عدم توفير أجهزة التصحيح الذاتي في المدارس، إذ من شأن تواجد مثل هذه الأجهزة تمكين المدرسات من إنهاء تصحيح - جزء من -الامتحانات الدورية الأسبوعية المتكررة بزمن قياسي، وتفرغ المعلمات لما هو أهم كتنمية مهارات الطالبات وقدراتهن العلمية.

كما أوضحت أن إدارة التعليم في المنطقة الشرقية مع حرصها، كان عليها أن تركز أكثر على تصحيح قناعات المعلمين والمعلمات قبل البدء بتطبيق هذه اللائحة، كان عليها أن تسعى لتغيير قناعاتهم نحو إدراكهم أن المصلحة تقتضي تغيير النظام القديم، فأبناؤنا وبناتنا، أصبحوا يرددون ما لا يعقلون .

ومع أن الدكتور سمير لم يعد بمزيد من الوظائف، ولا بمزيد من المدارس، فقد أعلن تطلعه للمزيد من هذا وذاك ،إلا أن الذي لم أكن أدركه قبل تلك المكالمة يكمن في أن الدكتور سمير حين كان مدير عام كليات البنات بالمنطقة الشرقية... أدخل نظام التصحيح الذاتي ليس في كليات البنات بالدمام فقط، بل في كل مناطق المملكة، بل إنه هو نفسه من قام بتصميم نموذج الامتحانات المعتمدة عمليا لهذه الأجهزة في كليات البنات على اختلاف مناطقها...وأنه هو من كان وراء عقد دورة مدفوعة استمرت لأسبوعين، نفذت على أرض( جامعة الملك فهد للبترول والمعادن) حضرها حوالي (50) من أعضاء هيئة التدريس العاملين بكلية الآداب والعلوم، بهدف تدريبهن على كيفية إعداد وصياغة أسئلة موضوعية.

وعندها فقط اعتقدت أن الدكتور سمير بن سليمان العمران يستحق اللوم الشديد، فقد قصر تجاه قناعات طبقها في إدارته السابقة لكليات البنات، قناعات تتعامل معها كليات حاليا، في حين تئن مدارس المنطقة وتتألم ..أم إن القارئ يعتقد أن اللوم يجب أن يوجه ابتداء لوزارة التربية والتعليم التي مكنت الدكتور سمير هناك ولم تمكنه هنا، أم يجب أن يوجه أيضا لوزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة الخدمة المدنية، ولوزارة المالية والاقتصاد الوطني أيضا.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط